يشكِّل الأكسجين، الغاز الضروري لاستمرار الحياة على الأرض، حوالي %21 من الغلاف الجوي. وهذه النسبة ليست ثابتة؛ إذ أكدت دراسة قام بها علماء من جامعة برنسيتون، ونُشرت في مجلة “ساينس”، في سبتمبر 2016م، أن مستويات الأكسجين خلال العصور الوسطى والعصر الحجري، كانت أعلى من ذلك، وهو ما سمح للمخلوقات بالنمو بشكل كبير. والخبر السيئ كما أظهرت دراسة لاحقة، نُشرت في مجلة “نيتشر جيوساينس”، في مارس 2021م، هو أن الأكسجين سينفد خلال مليار سنة من الآن.
وسبب ذلك، على الأرجح هو الشمس؛ مع تقدُّمها في العمر، تصبح أكثر سخونة، مما يؤدي إلى إطلاق مزيد من الطاقة، التي بدورها تقلل كمية ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي للأرض. بدون ثاني أكسيد الكربون، لن تتمكن النباتات من التنفس والتغذية، مما يعني أنها لن تطلق الأكسجين في الغلاف الجوي.
فهل يا ترى سيصبح ثاني أكسيد الكربون، سيئ السمعة اليوم، شيئاً حميداً لأجيال المستقبل؟ خاصة، كما أشارت مقالة في “القافلة”، عدد (سبتمبر/أكتوبر، 2021م) أن تكنولوجيا احتجاز الكربون من الهواء ودفنه في باطن الأرض قد أصبح واقعاً ملموساً؟
في هذه الأثناء، وإذا انقطع الأكسجين لعدَّة ثوانٍ، وافترضنا أن كلمة “عدَّة” لا تتجاوز رقم 10، فإن الأفراد الذين لا يستطيعون حبس أنفاسهم لعدة ثوانٍ، كبعض المدخنين والمصابين ببعض الأمراض، سيختنقون. لكن كثيرين من ذوي الصحة الجيدة باستطاعتهم حبس أنفاسهم لمدة تصل إلى 30-60 ثانية؛ وهكذا يُعدّون من الناجين.
وبما أن طبقة الأوزون، التي تمنع معظم الأشعة فوق البنفسجية من الدخول للغلاف الجوي، ستختفي في الحال، لأنها تتألف من جزيئات الأكسجين. كل شخص على الشاطئ سيصاب بحروق الشمس المميتة.
وسينخفض ضغط الهواء على الأرض بنسبة %21. وعندما ينخفض الضغط الجوي بسرعة، فهذا يعني أن الضغط خارج الأذنين ينخفض قبل أن يتأقلم الضغط داخلهما. والنتيجة هي اختلال في الضغط، الذي يمكن أن يسبب انفجارهما.
كل محرك احتراق داخلي سوف يتوقف. هذا يعني أن كل طائرة تقلع من مدرج، أو على وشك الهبوط عليه، من المحتمل أن تتحطم على الأرض، في حين أن الطائرات أثناء الطيران يمكن أن تنزلق لبعض الوقت، لكن معظمها يعود للعمل، بعد الثواني المعدودة وينجو.
وبما أن الأكسجين هو مادة رابطة في جزيئات الهياكل الخرسانية، من دونه، ستنهار منازلنا وسدودنا ومبانينا العالية وأي هيكل مصنوع منها على الفور وتصبح غباراً، لأنه لا يعود باستطاعة مركَّباتها أن تحافظ على صلابتها.
كما أن قشرة الأرض، التي تتكوَّن من %46 من الأكسجين، سوف تنهار تماماً وتندمج مع طبقة الوشاح تحتها ذات الحرارة المرتفعة. وسوف ينهار كل شيء على سطح الأرض معها، بما في ذلك كل شخص على هذا الكوكب.
فماذا لو، إزاء هذا الشؤم الكبير، نظرت الأجيال المستقبلية إلى مخلَّفات الوقود الأحفوري، وعلى رأسها ثاني أكسيد الكربون في الجو؛ الذي يُعدُّ اليوم لعنة على البيئة والحياة، والذي بدأنا ندفنه في باطن الأرض، كإكسير الحياة الوحيد لاستمرار الحياة في مستقبل بعيد، وتبدأ باستخراجه لهذه الغاية كما نستخرج اليوم الوقود الأحفوري؟
اترك تعليقاً