من المؤكد أن للعلوم والتكنولوجيا تأثيراً عميقاً على المجتمع، لكن العكس صحيحٌ أيضاً، بحيث يشكِّل المجتمع، بصورة كبيرة، الطرق التي تتطوَّر بها العلوم والتكنولوجيا. ومع ذلك، تُظهر التجربة أنه لا يمكن دائماً للعلماء، من ناحية، وعامة الناس والحكومات والشركات، من ناحية أخرى، فهم بعضهم بعضاً بوضوح، لهذا السبب كان لا بدَّ من وجود خبراء ذوي خلفية علمية، والذين لهم في الوقت نفسه القدرة على فهم الأبعاد الاجتماعية والأخلاقية والسياسية وحتى الفلسفية للتطوُّرات العلمية والتكنولوجية.
وسطاء بين العلوم والمجتمع
ومن هذا المنطلق أدخلت عديداً من الجامعات في العالم مؤخراً، تخصصاً جديداً في ماجستير العلوم والتكنولوجيا والمجمتع، يهدف إلى تزويد الطلاب بالمعرفة والأدوات والمهارات اللازمة ليكونوا وسيطاً محترفاً بين عالمي العلوم والمجتمع، ولبناء جسر بين الإنجازات العلمية والممارسات المجتمعية. تم تصميم هذا التخصص لتغطية مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك طبيعة وتنظيم المعارف والخبرات والظروف التي يتم في ظلها إنتاج وتوزيع واستخدام المعرفة العلمية والأنظمة التكنولوجية وعواقب هذه الأنشطة على مجموعات مختلفة من الناس، بالإضافة إلى سياسة العلوم والفهم العام للعلوم وكيف تشكِّل عالمنا المعاصر.
ويُعدُّ مجال العلوم والتكنولوجيا والمجتمع مجالاً متعدِّد التخصصات، يجمع بين دورات من كليات متعدِّدة يتم تدريسها في مجموعة متنوِّعة من الأقسام، التي تتضمَّن تحديداً دورات استكشاف آثار العلوم والتكنولوجيا على المجتمع والثقافة، وسياسة النظم الاجتماعية والتقنية، وسياسة العلوم في السياقات الوطنية والدولية، والمخاطر الاجتماعية والبيئية مقابل فوائد التقدُّم التكنولوجي والعلمي، والاقتصاد السياسي للتلوث، وثقافة المختبر العلمي، والهندسة الوراثية، والشبكات الاجتماعية والإنترنت، والسياسة الصحية، والتواصل العلمي والمشاركة المدنية، والاقتصاد وعلم الاجتماع وأنثروبولوجيا العلوم، وتمثيل العلوم في الأدب والفنون، بالإضافة إلى علم المواطن والعلوم المفتوحة والبحث والابتكار المسؤول.
ممارسات صنع المعرفة
ومن خلال تلك الدورات سوف يتعلم الطلاب فهم ممارسات صُنع المعرفة في تخصصات العلوم، وتجربة تلك الممارسات مباشرة من خلال علوم المختبرات والرياضيات و/ أو الهندسة، واستكشاف العلوم والتكنولوجيا كممارسات تاريخية وكمؤسسات اجتماعية، بالإضافة إلى شرح الطريقة التي تتفاعل بها الظروف الاجتماعية والثقافية مع التقدُّم في العلوم والتكنولوجيا في مجالات معيَّنة، إلى جانب تطوير الاهتمامات الفردية من خلال أطروحة أو ورقة بحثية تنطوي على جدل متعلِّق بالتطوُّر التكنولوجي أو مشكلة سياسية ذات صلة أو تطبيق معيَّن، أو البحث عن عمق فكري مشابه في تخصص معيَّن، مثل الفلسفة أو التاريخ أو الأنثروبولوجيا.
أما من ناحية المستقبل المهني، فخرّيجو هذا التخصص يكونون مؤهلين لمتابعة الدراسات العليا في مجالات علمية، كعلم الأحياء والكيمياء والفيزياء والرياضيات وغيرها من العلوم، ولديهم أيضاً أساس متين للعمل كصحافيين علميين، ومدرِّسي علوم، وباحثين، ومستشارين في وضع السياسات العامة، كما يمكنهم أن يشغلوا وظائف في الإدارة البيئية والتواصل العلمي، وأن يكونوا دعاة تغيير حول قضايا مثل الجندرة، والعلوم، والطاقة المتجدِّدة، والآثار الاجتماعية لثورة المعلومات. بالإضافة إلى ذلك؛ تُعدُّ شهادة الماجستير في العلوم والتكنولوجيا خلفية أكاديمية ممتازة للطلاب الراغبين في ممارسة وظائف في مجال الطب والقانون والأعمال والهندسة.
لمزيد من المعلومات يمكن مراجعة الرابط التالي:
اترك تعليقاً