كتب عربية
تاريخ المساجد الأثرية
تأليف: حسن عبد الوهاب
الناشر:
الهيئة العامة لقصور الثقافة، القاهرة 2014
تتضمن بداية هذا الكتاب تنويهاً بجهود الملك فاروق الأول في رعاية الآثار العربية، وخاصة المساجد التي كانت العناية تلحق بها فور وضعها على خريطة صلوات الجمعة التي كان يقوم بها الملك في مساجد شتى في أنحاء القاهرة، وهو ما أدى إلى ترميم عدد هائل منها.
ويتألف الكتاب من مجلدين، الأول دراسة مفصَّلة للمساجد التي صلى فيها الملك فاروق الجمعة وقد صدَّرها بتمهيد عن نشأتها.
أمّا القسم الثاني من الكتاب فيشمل مجموعة صور فوتوغرافية التقطها حسن عبدالوهاب بنفسه وانتقى أفضلها، وحرص فيها على إظهار العمارة الإسلامية بكلّ تفصيلها وهي تحتوي على واجهات ومناظر داخلية لتلك المساجد، كما تضم كثيراً من التفاصيل المعمارية التي تساعد على تبيان دقائقها واجتلاء محاسنها. ومن نماذج الصور التي وضعها في الكتاب نماذج للواجهات والأبواب والقباب والمنارات والمصاريع الخشبية المطعمة بالسن والمكسوة بالنحاس والزخارف المنقوشة على السن والخشب والرخام والحجر والحصى، وبجانب ذلك مجموعة كبيرة من المنابر والسقوف والمحاريب والوزرات والأرضيات الرخامية والشبابيك النحاسية.
هنا ترقد الغاوية
تأليف: محمد إقبال حرب
الناشر:
الدار العربية للعلوم ناشرون 2014
قسم الكاتب محمد حرب روايته في أبواب أعطى كل باب منها عنواناً بدءاً من عنوان الرواية «هنا ترقد الغاوية»، مروراً بعناوين أخرى مثل: معبد منسي، ذات الخمار، جريمة شرف، حديث الوحدة، زيارة ملاك،… إلخ. ومن خلال هذه العناوين طرح لنا الفكرة المركزية التي بنى عليها روايته، وهي قضية جرائم الشرف، التي ما زالت تؤرق كثيراً من مجتمعاتنا العربية التي تحكمها عادات وتقاليد يخرج بعضها عن نطاق السيطرة.
مزج الكاتب بين أسلوب السرد وأسلوب الحوار، والتشويق والترقب والقلق، وعمل على تصوير الجوانب النفسية والإنسانية لشخوصه من خلال تحركاتهم وتصرفاتهم، وترك الشخوص تحلل نفسها بنفسها سواء بالكلام أو الحركة أو التصرفات، وكذلك تصويرهم من الداخل والخارج.
وتمثل الرواية محاولة نقدية للواقع المعيش، ونقداً لبعض المجتمعات المغلقة التي تعيش في التردي، والتمسك ببعض العادات والتقاليد البالية في إلقائها اللوم على المرأة وحدها، حيث تغرق المرأة نفسها في بحر من الدموع واليأس والاستسلام، بينما هي مدعوة للمحافظة على القيم من جهة، وعلى إنسانيتها من جهة أخرى.
اللغة العربية المعاصرة في دول الخليج العربي وقضية الهوية
تأليف: أحمد محمد المعتوق
الناشر:
الدار العربية للعلوم ناشرون 2013
يشهد المجتمع الخليجي الحاضر نتيجة التحوّلات المتسارعة بفعل العولمة نوعاً من الصراع الفكري والحضاري. وانعكست آثار هذا الصراع على معظم جوانب الحياة في هذا المجتمع. وكانت اللغة من أبرز الجوانب وأكثرها تأثراً به وبتبعاته. ذلك لأن الأضرار التي لحقت بها ضربت الجذور، فأصابت الأطفال الذين يكوّنون الجيل المقبل وأساس المستقبل، إلى درجة أصبحت هويتهم اللغوية والثقافية معها مهدّدة إلى حدّ بعيد.
في هذا الإطار تأتي الدراسة المعروضة في هذا الكتاب التي تمّ خلالها إلقاء الضوء على بعض المظاهر اللغوية ومعالجة بعض الجوانب المهمة المرتبطة بها، من خلال الحديث عن التحوّلات الاجتماعية والثقافية والحضارية الجديدة التي حصلت في منطقة الخليج العربي، وتتبع ما نتج عن هذه التحوّلات من آثار وانعكاسات سلبية على لغة المجتمع الخليجي، وعلى لغة الطفل بنحو أخص، وعلى هويته القومية ومستقبله مع تنويه المؤلف أن دراسته الخاصة عن الطفل العربي الواردة في هذا الكتاب، لا تقتصر على إطار مرحلي معّين أو مستوى اجتماعي محّدد، وإنّما تشمل جميع المراحل العمرية للأطفال، وتتعلق بمستوياتهم التعليمية والاجتماعية على اختلافها، دون تخصيص.
عصور نهضة أخرى من سلسلة عالم المعرفة الشهرية
الناشر:
المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويت 2014
كتاب «عصور نهضة أخرى» هو كتاب نادر بين تلك الكثرة من الكتب والدراسات التي عالجت مصطلح النهضة سواء النهضة الأوروبية الشهيرة التي نشأت في إيطاليا إبان القرنين الخامس عشر والسادس عشر أو تلك النهضات الأخرى التي تفجرت هنا وهناك في العالم غير الأوروبي، كالصين والبنغال شرقاً ونيوزيلاندا جنوباً، وإيرلندا والمكسيك، بل والولايات المتحدة غرباً، مروراً بنهضة عربية في الشرق الأوسط وأخرى في ألمانيا.
ويدّعي محررو الكتاب أنّه يقدّم مدخلاً جديداً لدراسة الأدب العالميّ، وتحديداً ما عرف بأدب النهضة في مناطق مختلفة من العالم، مقابل أدب عصر النهضة الأوروبية المعروف. وبذلك يعيد منظور الكتاب صياغة مفهوم النهضة بحيث تصبح النهضة الأوروبية فكرة ملهمة وخلاقة، بدلاً من كونها مجرد حقبة في التاريخ. وتتقاطع أطروحات المقالات التي تتناول دراسات مفصلة لمفهوم النهضة خارج سياق النهضة الإيطالية الأوروبية التي فصلت تاريخ أوروبا وعصورها الوسطى مع مفاهيم أخرى كالحداثة والثقافة والتحديث وما بعد الكولونيالية (الاستعمار).
ركزت هذه الدراسة على الحركية متعدّدة الثقافات ومتعدّدة القوميات التي يتمتع بها مفهوم كالنهضة الأوروبية، حيث تجاوز هذا المفهوم مكان نشأته الأوروبية وزمانها، ليصل إلى ثقافات غير أوروبية استخدمت المصطلح نفسه، ولكن بمعانٍ أخرى تقترب كثيراً أو قليلاً، بل تبتعد أحياناً عما يعنيه المفهوم الأوروبي الأصلي.
دور المعمار في حضارة الإنسان
تأليف: رفعة الجادرجي
الناشر:
مركز دراسات الوحدة العربية 2014
في هذا الكتاب يقّدم الأكاديمي والمعمار العراقي رفعة الجادرجي دراسة معمَّقة تهدف إلى إظهار الدور الاجتماعي للمعمار، ويسلِّط الضوء على الرسالة الثقافية والإنسانية والفنية التي تمثلها. فيبدأ بشرح مفهوم بنيوية العمارة، ويوسع ويطوّر هذا المفهوم في مجالاته النظرية والتطبيقية. ومن ثمّ يتحدث عن الهوية والخصوصية في الفن والعمارة وذلك من خلال تفاعل فن البناء مع البيئة المحيطة به. ولذلك فهو يصبح بمنزلة التعبير المادي عن المطلب. وهنا مصدر أهمية العلاقة بين البيئة والبنيوية وترابطهما الجدلي: عندما تكون البنية هي واقعية الوجود، المادي والمعنوي، في الزمان والمكان للمقومات الفكرية والمادية فمحصلتها كيان قائم ومقترن بوظيفة اجتماعية.
ويشير الجادرجي في كتابه أيضاً إلى أنّ العمارة تؤلف مقوماً متأصلاً في سلوكيات الفرد مع البيئة الاجتماعية المتمثلة بالدار والمعبد والمخزن وغيرها من بُنى أخرى، أي إنّها أساس في تفعيل القدرات الحسية البصرية والوجدانية للفرد في معيشه اليومي.
تبقى الإشارة إلى أنّ الكاتب يتوجه في خطابه في جميع مراحل الكتاب إلى القارئ والمعمار العربيين.
ثورة الفن
تأليف: أحمد حسن مشرف
الناشر:
«نوليدجابل»، جدة 2014
كيف يعمل الفنان وكيف يعمل الآخرون؟ هذا هو السؤال الذي اتخذه المؤلف أحمد حسن مشرف عنواناً ثانياً لكتابه «ثورة الفن».
يقع هذا الكتاب في 190 صفحة تقريباً موزعة على ثلاثة أقسام رئيسة، هي:
– أن تكون إنساناً لا أن تكون مؤدياً للعمل.
– التعايش مع الفن، ثماني قناعات يعيشها كل فنان.
– ماذا بعد ثورة الفن؟
وتحت هذا التبويب جمع المؤلف عدداً من مقالاته التي كتبها على مدى فترة طويلة من الزمن. وتتضمن كثيراً من العناوين الفرعية القابلة لأن تكون موضوع نقاش، وتستحق التوسعة مثل دور الإلهام في الفن، والأثر الذي تتركه غزارة الإتناج.
حد منفوحة
تأليف: طارق الجاسر
الناشر:
دار أثر 2014
رواية جديدة من تأليف الإعلامي والإذاعي السعودي طارق الجاسر، تقع في 198 صفحة، وتتضمن عشرة فصول.
ومن الأسطر الممهدة للدخول في مناخ الرواية نقرأ للكاتب: «تسلب منا الحياة لحظات اعتدنا على العيش برتابة في تفاصيلها، ولكنها ما إن تسلبها حتى تضعنا في موسم آخر تختلف فيه الألوان والروائح.
وعلى الرغم من تذمرنا من هذا التغيير، إلا أننا مجبرون على ذلك، وبإرادتنا نرضخ لها، لا لرفضنا للتغيير، ولكن لشدة تعلقنا بها نمجد كل طرقها معنا…».
كتب من العالم
الحياة الاجتماعية للمال
The Social Life of Money
تأليف: نيجل دود
الناشر: Princeton University Press
(سبتمبر 2014)
برزت تساؤلات عديدة حول طبيعة المال لا سيما بعد الأزمة المالية العالمية الأخيرة. فقد أصبح هناك عدة أشكال للمال وأنظمة مالية مختلفة مثل العملات المحلية والإقراض الاجتماعي والمال المحمول. ولكن مفهومنا للمال وللأشكال المختلفة التي يمكن أن يتخذها ليست كافية. لذلك قام عالم الاجتماع المتخصص بالمال، نيجل دود، بإعادة صياغة كل ما يتعلق بالمال من أجل فهم عالم ما بعد الأزمة المالية بعدما دخلت عليه أشكال جديدة.
في كتابه هذا يحاول الإجابة عن الأسئلة التالية: ما الخطوات السليمة التي يمكن أن تتخذها البنوك المركزية عندما تصدر العملات وتضع السياسات المالية؟ ما الذي يعطي الحق للجهات غير الحكومية في إصدار أشكال مالية جديدة؟ وكيف يمكن للأشكال المالية الجديدة أن تتجاوز أو تلحق الضرر بالعملات التي تقرّها الدولة؟
ومن اهتمامات الكتاب الأساسية كيفية إنقاذ المال من سيطرة البنوك والحكومات وسوء إدارتها، وإعادته إلى مكانته الأساسية كـ «حق اجتماعي» كما وصفه الفيلسوف الألماني الشهير، جورج سيمل. ويستكشف هذا الكتاب الجوانب المهمة للمال والطريقة التي تؤثر فيها التحولات التي تحصل فيه على المجتمع والسياسة والاقتصاد. وكانت نتيجة الأفكار المعروضة في هذا الكتاب رسم طرق جديدة للتفكير بالمال تساعد، ليس فقط على فهمه، وإنما تغييره أيضاً.
الأخضر: تاريخ لون
Vert: Histoire d’une couleur
تأليف: ميشال باستورو
الناشر: Seuil (سبتمبر 2013)
يُعدُّ الخبير العالمي ميشال باستورو أحد أبرز الأعلام المعاصرين المتخصصين في تاريخ الألوان بدءاً من العصور القديمة وصولاً إلى وقتنا الحاضر. فقد استطاع هذا الباحث الكبير في جامعة السوربون الفرنسية عبر نصوصه الأنثروبولوجية المستفيضة، الإبحار في عالم الألوان محللاً رموزها ومعانيها المستترة وأسرارها وإيحاءاتها.
وفي هذا الكتاب يستكشف باستورو المكانة المتغيرة للّون الأخضر في الفنون والأزياء والأدب والدين والحياة اليومية. ويلاحق المسار الذي غيّرت فيه الثقافة معاني هذا اللون عبر التاريخ. والكتاب مملوء بالحكايات المسلية والمفيدة. فطالما كان هذا اللون رمز الحياة والحظ والأمل كما كان أيضاً رمز الفوضى والجشع والسموم. ومن الناحية الكيميائية، فالأصباغ الخضراء صعبة الإنتاج والتثبيت. لذلك ارتبط هذا اللون بكلّ ما هو متغير وعابر مثل الطفولة والحُب والثروة. وحتى العصر الرومنسي لم يكن اللون الأخضر قد ارتبط بشكل ثابت بالطبيعة. كما يشرح باستورو كيف ارتبط اللون الأخضر بالإمبراطور الروماني نيرون، ولماذا ربط الفيلسوف الألماني غوته هذا اللون بالطبقات الوسطى، ولماذا اعتقد بعض المفكرين في القرن التاسع عشر بأن الإغريق القدامى لم يستطيعوا تمييز اللون الأخضر.
ومن خلال تصميمه المميز ونصه المقنع، نجح هذا الكتاب في استقطاب اهتمام كل مَنْ هو مهتم بالتاريخ والثقافة والفن والموضة والإعلام.
تسوكورو تازاكي عديم اللون وسنوات رحلته
Colorless Tsukuru Tazaki and His
Years of Pilgrimage
تأليف: هاروكي موراكامي
الناشر: اليابان (2013) Viking Adult
يتميز هاروكي موراكامي، الروائي الياباني الشهير برواياته الغريبة والغامضة. ولكنّ ذلك لم يمنع رواجها وترجمتها إلى عدّة لغات عالمية. وكان من آخر رواياته «تسوكورو تازاكي عديم اللون وسنوات رحلته»، الكتاب الذي باع أكثر من مليون نسخة في اليابان في الأسبوع الأول لنزوله إلى المكتبات.
تتحدث الرواية عن الشاب تسوروكو الذي «ليس لديه أي اهتمام بالفن كما أنّ ليس لديه أية هواية أو أية مهارة خاصة… كان يخجل بسهولة، متقوقع لا يمكنه الاسترخاء مع أشخاص غرباء… لا يملك أي شخصية مميزة أو أي مزايا خاصة». باختصار هو شخص عديم اللون، وإنمّا كانت لهذا الشاب، عندما كان في المدرسة، مجموعة صغيرة من الأصدقاء، ولكنّ تلك المجموعة تركته دون أي سابق انذار، ولم تعد ترد على اتصالاته وقطع أفرادها العلاقة بتسوكورو بشكل نهائي. أمّا السبب الذي تركه من أجله أصدقاؤه هو اللغز الأساسي الذي يحرك هذه القصة. وبعد أن كبر تسوروكو وازداد شعوره بالإحباط والعزلة عاد في رحلة طويلة إلى الماضي ليستأنف البحث عن سبب ترك أصدقائه له. وتتخلل هذه الرواية لحظات من النثر التأملي الرائع ومن الأحداث المدهشة والقصص المتداخلة التي تنتقل بها من كونها قصة عادية عن شخصية غريبة تبحث عن وجودها، لتضع المألوف والخيالي جنباً إلى جنب في تداخل جذّاب.
من صفر إلى واحد: ملاحظات على الشركات الناشئة أو كيف نبني المستقبل
Zero to One: Notes on startups, or How to Build the Future by Peter Thiel, Blake Masters
تأليف: بيتر ثيل وبليك ماسترز
الناشر: Crown Business (سبتمبر 2014)
من أهم ما يميز عصرنا الحالي هو أنّه ما زالت هناك حدود مجهولة يمكن استكشافها واختراعات جديدة يمكن الوصول إليها. في كتابه «من صفر إلى واحد» يظهر رجل الأعمال الشهير بيتر ثيل كيفية إيجاد الطرق الفعّالة لابتكار هذه الأمور الجديدة.
يبدأ ثيل من الفرضية الجدلية التي تقول إنّ عصرنا الحالي هو عصر ركود تكنولوجي، حتى لو ظن البعض أنّ العكس هو الصحيح. لا شكّ في أن تكنولوجيا المعلومات قد تطورت بسرعة، وإنما ليس هناك أي سبب لتقتصر الابتكارات على مجال الكمبيوتر أو وادي السيليكون. إذ يمكن للتطور أن يطال أي صناعة أو مجال آخر. وينبع أي تطور من أهم مهارة يمكن أن يكتسبها أي فرد وهي أن يفكّر بمفرده.
يقول ثيل إن تعّلم ما يستطيع أي شخص آخر أن يفعله لا يأخذ العالم إلى أي مكان.. وإنمّا ابتكار أي شيء جديد يأخذ العالم من صفر إلى واحد أي من لا شيء إلى شيء ذي قيمة. لن ينجح أي شخص في المستقبل ولن يظهر أي بيل غيتس آخر من خلال التنافس على ما هو موجود في السوق الحالي، بل سينجح من يتجنب المنافسة بالمطلق ويفرض نفسه باختراع فريد.
يقدّم هذا الكتاب نظرة متفائلة إلى المستقبل، وطريقة جديدة للتفكير بالاختراعات حيث تبدأ بطرح الأسئلة التي تؤدي إلى إيجاد القيمة في مجالات غير متوقعة.
يوميات برلين
Ausdem Berliner Journal
تأليف: ماكس فريش
الناشر: Suhrkamp Verlag (يناير 2014)
يُعد ماكس فريش من أهم الكتّاب الأوروبيين في القرن الماضي. وقد كتب مذكراته قبل وفاته في 1994م، ولكنّه أوصى بعدم نشرها إلا بعد عشرين سنة من وفاته. وكان قد دوّن مذكراته عند إقامته في برلين بين عامي 1973 و1980م.
بالإضافة إلى حديثه عن التوتر بين قسمي المدينة الشرقي والغربي، كتب فريش كثيراً عن تأملاته حول التقدم في العمر وما يرافقه من خيارات مستقبلية محدودة. وتتميّز أبواب الكتاب بكونها مقطوعات أدبية مصاغة بدقة شديدة، طالما برز فيها التساؤل الذي طغى على مؤلفات فريش العديدة، وهو «من أنا؟» وهناك دائماً في تلك اليوميات الإحساس بالسمو ومساءلة الذات ووجهة نظر موضوعية بالإضافة إلى مشاعر قويّة ومعّبرة.
يُعد هذا الكتاب مهماً لكلّ مهتم بالأدب الألماني في القرن العشرين، ليس فقط فيما يتعلق بأفكار الكاتب الخاصة، وإنمّا أيضاً من الناحية التاريخية حيث يتضمن، من بين مواضيع أخرى، نظرة الكاتب إلى مدينة برلين الغارقة في التقسيم وكيف رأى المثقفون في كلتا الجهتين ذلك الوضع القائم.
بين كتابين
مقاييس نجاح الفن المعاصر
كتاب: 33 فناناً في 3 أعمال – تأليف: سارة ثورنتون
33Artists in 3 Acts by Sarah Thornton
الناشر: W.W. Norton & Co (نوفمبر 2014)
كتاب: طرق للنظر: كيف نختبر الفن المعاصر – تأليف: أوسيان وارد
Ways of Looking: How to Experience Contemporary Art by Ossian Ward
الناشر: Laurence King (سبتمبر 2014)
هناك من يقول إن بعض أشكال النجاح قد تكون مقلقة أو حتى مرعبة. وسوق الفن في القرن الواحد والعشرين هو واحد منها. فعلى الرغم من أنّ هذا السوق يشهد ارتفاعاً جنونياً في الأسعار وتخمة في المعارض وتدفق الزبائن، ولكنّ هواة الفن والمتعاملين به والناقدين له والقيِّمين على معارضه وحتى الفنانين أنفسهم يعملون بقلق وبتبرير دائم للنجاح الذي يشهدونه. هل يعود ذلك إلى أنّ الفن المعاصر ثوري وغامض؟ أم إلى أنّه فارغ وسطحي؟
ظهر مؤخراً كتابان حاولا إيجاد معنى للفن والعالم «المتضخم» الذي يحيط به.
في كتابه «طرق للنظر»، يقول وارد: لا أحد يحتاج إلى معرفة كبيرة بتاريخ الفن أو لخبرة فنية عالية من أجل الاستمتاع بالفن. فكلّ ما يحتاجه الأمر هو التقرُّب من الإنتاج الفني بعقل نيّر والتسلُّح بمجموعة من الأدوات التي تسمح باستيعاب الفن المعاصر من خلال الاحتكاك المطوَّل. ومن أوّل هذه الأدوات، الوقت، أي أخذ بعض الوقت للتأمل بالقطعة الفنية قبل أن ندير لها ظهرنا، وثانياً، إيجاد الرابط، أي البحث عن مدخل للقطعة كي تنفذ فيه إلى ذاتنا وذلك من خلال استكشاف المغزى أو المعنى أو المزاج الذي يمكن أن تحركه تلك القطعة في داخلنا، وثالثاً، الخلفية، الاطلاع على خلفية القطعة الفنية وخلفية صاحبها مما قد يمكننا من فهمها وتقديرها بطريقة أفضل، ورابعاً، التقييم، حيث يمكننا في المرحلة الأخيرة أن نكوّن الانطباعات الذاتية، وإعطاء رأينا النهائي بالعمل الفني.
ومن خلال استخدام تلك الأدوات حاول وارد استلهام المعاني من 14 عملاً من أعمال الفن المفاهيمي المعاصر. وعلى سبيل المثال، يقدّم العمل الفني الذي عرضه مارتن كريد بعنوان «الأضواء التي تضيء وتنطفئ»، بأنّه «الشرط الأساسي لأي عمل فني: أي أن يعبر عن فكرة معينة تنعكس من خلال تمثيل مرئي لشرارة الإبداع». أمّا عرض داميان هيرست «للجمجمة الماسية» بعنوان «رأفة بنا»، فهو يعبِّر عن فكرة أنّ العالم الذي نعيش فيه سطحي تحكمه أسواق تسيطر عليها مجموعة من الأثرياء الطغاة: كما أنّ عرض سوفي كال لمجموعة من الرسائل البريدية تسمح بإلقاء نظرة غير مباشرة على حقيقة الوجود.
ومن خلال ذلك يعطي وارد الأمل في تبديد الحيرة والإرباك الذي يدور في فلك الفن المعاصر، ولكنّ تحليله يظهر، في الوقت نفسه، بأن الفكرة وليس الشكل هو الذي يسيطر على الفن المعاصر، لذلك إذا ما تمّ تجريد نظرية ما بعد الحداثة التي تشكل بوابة فكرية لمعظم الفن المفاهيمي المعاصر، فإن ما يتبقى هو مجرد فراغ وسطحية هذا الفن المسيطر على القرن الواحد والعشرين.
وخلافاً لوارد الذي حاول تسليط الضوء على الأعمال الفنية نفسها واستلهام المعاني منها، ذهبت سارة ثورنتون في كتابها «33 فناناً في 3 أعمال» في رحلة وراء الكواليس عند أهم الفنانين في العالم من أجل «أنسنة» الفن المعاصر وإزالة الغموض الذي يحيط به. فهي تصل القارئ بمجموعة مهمة من الفنانين، الرسامين والنحاتين وأساتذة الفن، ومن خلال التقرب منهم تستكشف ما الذي يعنيه أن يكون الشخص فناناً حقيقياً. وقد تركت تورنتون هؤلاء الفنانين يتحدثون عن أنفسهم، فيقول جيف كونز، الفنان الأمريكي المعروف باستنساخه للأجسام الغريبة، بأنّه يشعر لدى إنجازه أي قطعة فنية «بسلطة الاستحواذ» ويقول عن هذه السلطة بأنها هي الطاقة الحقيقية، «هي المعنى». أمّا الرسامة والنحاتة اليابانية يايو كوساما، فتعبر عن إحساسها بقولها إنها تشعر بأنّ «كلّ ذواتها الإبداعية تعيش بانسجام في داخلها». وتضيف بأنّ الموت قريب وأنّها لا تشعر دائماً بأنّها فنانة عظيمة لذلك فهي تبقى منغمسة في رسوماتها. كما أنّ النحّات الإيطالي المعروف مورزيو كاتلان صاحب المنحوتات الساخرة يعترف بأنّه «يتحدث من خلال الصور لأنّه لا يجيد الكلام، فلطالما كان التعبير بواسطة الكلام يشكِّل إعاقة بالنسبة له»، ولكنّه، يؤكد أنّ أعماله الفنية ساعدت على تعويضه عن معاناته عندما كان صغيراً.
تستنتج ثورنتون بأنه لا يوجد هناك أي مقياس موضوعي للجودة الفنية. ولذلك، فالفنانون أنفسهم هم الذين يحددون معاييرهم الخاصة للتميز، وذلك بعد أن تحوَّلت استوديوهات هؤلاء الفنانين إلى مسارح خاصة تتم فيها تمرينات يومية في الثقة بالنفس.
ومهما كانت الأسباب وراء نجاحهم، فمما لا شك فيه أنّ الفنانين المعاصرين أصبحوا نماذج للإبداع المنقطع النظير واستطاعوا بقدرتهم على إيجاد سوق لأعمالهم وأفكارهم أن يتحوَّلوا إلى مصدر إلهام لرجال الأعمال والمخترعين والقادة في مختلف المجالات.
