الملف

الحياة الفطرية

DSC_0054خلال أقل من نصف قرن خرج الاهتمام بالحياة الفطرية من دوائر العلماء الضيقة وأبحاثهم، ليكتسح الثقافة العامة للمجتمعات، حتى تحولت حمايتها إلى شأن يشغل العالم، بعدما تأكد لنا مدى ارتباطها بحياتنا نحن، وبمستقبل الحياة على الأرض جملة وتفصيلاً.
فكيف التفت العالم المتمدن إلى العالم البرّي، وكيف هو حال العلاقة بينهما اليوم؟ وماذا في جعبة معارفنا وعلومنا من جديد بشأنها؟
في هذا الملف، يستعرض فريق القافلة بعض ما أنجزه العالم المعاصر على صعيد حماية الحياة الفطرية، بعد تاريخ طويل مهّد الطريق أمام وعينا الحاضر لأهميتها ومكوّناتها، وفيه كثير مما يؤكد أن حضورها في التاريخ الإنساني وثقافاته كان أكبر مما نعتقد.

ظن الإنسان منذ أن نشأ المجتمع البشري أنه يملك الحق والقدرة على التلاعب بهذه الطبيعة بما فيها من أنهار وبحار وجبال وحيوان وطير وغابات وهواء وماء. ورأى في نفسه أيضاً الحق والقدرة على أن يسخّر كل ما في الطبيعة لمصلحته وفائدته الأنانية، بغض النظر عما يمكن أن يُلحقه بهذه الطبيعة الفطرية التي عاش في حضنها، من أذى وفساد وتلويث.

social-awareness-powerful-animal-ads-50إلا أنه أخذ يكتشف، مع تقدم العلوم والوعي بمشكلات البيئة والتوازن الطبيعي، ومع تطوّر عمل مراكز الأبحاث البيئية، ونشاط الجمعيات الساعية في حماية الحياة الفطرية، ومع ظهور فكرة أن موارد الأرض محدودة، وأنها قابلة يوماً من الأيام للنفاد، أن تسخير الطبيعة بلا حدود مسألة لا يمكن أن تستمر إلى ما لا نهاية، وأن الأمور يمكن أن تنقلب بل أخذت تنقلب وبالاً على البشرية نفسها، مثلما يرتد «البومرانغ» على صاحبه. وبذلك وصل الإنسان إلى الاقتناع بأن تسخير الطبيعة من دون الاهتمام بصحتها وبالتوازن فيها، وبقدرتها على تجديد نفسها، بدأ يتحوّل فعلاً إلى ضرر لا يلحق بالطبيعة وحدها، بل بالمجتمع البشري نفسه. وأدرك البشر أخيراً أن مصلحتهم لا يمكن أن تكون ضد الطبيعة والحياة الفطرية، بل إن هذه المصلحة هي في حماية توازن الطبيعة والحرص على الحياة الفطرية، وعليها يتوقف مصير البشر ومجتمعاتهم.

black-widow-smallولعل أعظم فكرة توصّل إليها النضج البشري الناشئ، في هذه المسيرة المتفاعلة مع الحياة الفطرية، المستمرة منذ عشرات ألوف السنين، هي أن حياة البشر لا يمكنها أن تكون حلقة مستقلة منفصلة عما حولها من حياة فطرية وبيئة طبيعية، بل إنها من ضمن الحلقات المتصلة من حلقات هذه الحياة، فالعنكبوت السام مثلاً، الذي نُظر إليه منذ البدء، على أنه كائن كريه ضار لا فائدة منه، وأنه محكوم عليه بالفناء من أجل مصلحة الإنسان، هذا الكائن «الحقير»، لا غنى عنه في الحياة الفطرية، إذا كان لتوازن الطبيعة أن يبقى مصوناً، فلا تطغى على الكرة الأرضية أو تتكاثر فيها أو تجتاحها الحشرات التي يعتاش منها هذا العنكبوت. وقس على ذلك، في نظرة كانت شريرة، حيال الذئب، أو الثعبان أو أي كائن كرهه البشر أجيالاً خلف أجيال، وهم لا يدركون أنه حلقة في السلسلة الحيوية، لا غنى عنها، إذا كان لسلسلة الحياة على هذه الأرض أن تكتمل وتستقر وتستمر.

The_Sinhalese_Royal_Family_of_King_Devanampiya_Tissa_and_Prince_Uththiyaلقد وضع الخالق في الطبيعة حكمته التي تشاء أن يكون نظام الحياة متوازناً. ونظرية توازن الطبيعة خلاصتها أن النظم البيئية هي في المعتاد مستقرة بفضل هذا التوازن الطبيعي. أي إن كل تغير بسيط في بعض عناصر الطبيعة وعواملها (مثل نقصان تعداد جنس معين من الحيوانات مثلاً) تصححه آثار سلبية ليعود التعداد إلى ما كان فيعود معه التوازن. وهذا ينطبق على الأجناس الحيوانية التي تعتمد بعضها على بعض، مثل التوازن بين الجنس المفترس وجنس فرائسه. فإذا كثرت الأسود، تكاثرت الظباء للتعويض، وإذا كثرت الظبا، توافر للأسود مزيد من الطعام، وتزايد عدد الأسود المفترسة ليعود التوازن إلى ميزان الطبيعة بين الجنسين. وهذا المبدأ يصح، حسب نظرية التوازن، في الميزان بين تركيبة الجو، والمناخ العالمي أيضاً.

Charles-Watertonلكن نظرية التوازن الدائم، وتصحيح الطبيعة لأي خلل فيها، أو في قدرتها الدائمة على تعويض نواقصها، تراجعت في المحافل العلمية في أواسط القرن العشرين، إذ إن التدخل البشري المتخطي الحدود الطبيعية للتدخل، والذي لا يقيم وزناً للطبيعة وتوافر الموارد أو شحّها، والمبالغ في الاستنزاف، أفسد كثيراً من هذا التوازن، حتى بات أمراً ملحاً، أن يعيد البشر النظر في سلوكهم حيال الطبيعة.

Walton_Hallلقد عاث الإنسان في الأرض فساداً، فلم يضع حدوداً لاستهلاكه واستنفاده الموارد، ولم يقف عند قدرة الطبيعة على التجدد، وإعادة إنتاج نفسها. وهو ربما كان لا يدري، لكنه بات الآن يعرف تماماً، أن سلوكه إذا استمر على وضعه، من استنفاد للموارد الطبيعية والتلاعب بالحياة الفطرية، فإن النتيجة هي: التلوث الجوي والمائي والضوئي والضوضائي والبصري والوراثي والاحتباس الحراري وانحسار الأوزون وتدمير الموائل الطبيعية وقطع الشجر والتصحّر وتدمير الغابة الاستوائية المطيرة في الأمازون وتلويث التربة الزراعية بالمُركبات الكيميائية وتعديل جينات المزروعات واجتياح الأسمنت للمساحة الزراعية وانقراض الأنواع الضامنة للتوازن البيئي، وهكذا. لقد آن الأوان لوقف هذا المسار والنظر فيه بحكمة وعمق وروية.

من هنا تأتي أهمية الحياة الفطرية وإدراك دورها الحيوي الضروري، والوعي بحاجتنا إليها، ربما أكثر من حاجتها إلينا. بذلك الوعي نشأت فكرة المحميات، لحظر النشاط البشري الضار، في مناطق الكثافة الحيوية الطبيعية، والتطلّع إلى توسيع هذه المحميات، في زحف معاكس يرمي إلى انتصار الطبيعة، وبالتالي انتصار الحياة.

Rio Earth summit illustration by Daniel Pudlesالحياة الفطرية
فما هي هذه الحياة الفطرية التي يعمل الوعي البشري الجديد على حمايتها؟ تُعرّف الحياة الفطرية تعريفاً متطوراً مع الزمن. ففي البدء كانت عبارة الحياة الفطرية تعني كل حيوان غير مدجّن، يحيا في الطبيعة دون حاجة إلى تدخل بشري يسيطر عليه ويدجّنه ويكون مصدر إطعامه. لكن تعريف الحياة الفطرية، مع تقدم العلوم، واكتشاف مدى ترابط السلاسل الحيوية بعضها ببعض، صار يتضمن النبات والحشرات والكائنات البحرية وحتى الفطريات.

المحميات الطبيعية
First Phase Digitalوالمحميات الطبيعية هي مناطق معينة مقفلة غرضها حماية الحياة الفطرية من أي تدخل بشري، مثل الصيد أو البناء أو التلويث بكل أشكاله، وحتى التدجين. وتعلن الدول هذه المحميات، أو تعلنها الهيئات الخاصة المالكة للأرض، أو منظمات العمل الخيري، أو معاهد الأبحاث العلمية، وتَصدُر فيها القوانين والنظم، وتُخَطّ المعاهدات الدولية.

توضَع المحميات الطبيعية تحت إشراف هيئة رسمية في المعتاد، وتمتاز بكونها تحتوي على نباتات وأشجار وحيوانات قد تكون مهددة بالانقراض، على النحو الذي يستدعي حمايتها من تعدّي البشر والتلوث على اختلاف أنواعه. وقد يكون غرض الحماية أحافير من عصور جيولوجية سالفة، حفظاً لعاديات الأزمنة الغابرة من الزوال.

خطر الأنواع الدخيلة
DSCN8680خلال الحرب العالمية الثانية نقل الإنجليز نبتة متسلقة برِّية من المكسيك وزرعوها في غابات شمال الهند، لاستخدامها في تمويه الآليات والمواقع العسكرية، لأن لا فائدة أخرى لهذه النبتة. ولكن ما حصل بعد ذلك هو أن البيئة الآسيوية كانت ملائمة جداً لهذه النبتة، وأكثر بكثير من موطنها الأصلي في المكسيك. فراحت تتكاثر بسرعة مدهشة. ولما انتبه القيِّمون على الغابات إلى أنها تقضي تماماً على الأشجار التي تتسلقها، كان الأوان قد فات على استئصالها، فاستمر انتشارها من الهند إلى النيبال وبوتان والصين حيث قضت ولا تزال تقضي على ملايين الأشجار البرية سنوياً. ومنذ سنوات عديدة تنصبّ جهود العلماء البيئيين على اكتشاف وسيلة تسمح لهم بالقضاء على هذه النبتة، ولكن دون جدوى حتى الآن.

تاريخ محميّات الحياة الفطرية
يرجع تاريخ المحميات الطبيعية إلى العصور القديمة، فالفكرة ليست حديثة العهد. إذ أنشأ ملك سريلانكا، ديفانامبيا تيسا، أحد أقدم موائل الحياة البرية في القرن الثالث قبل الميلاد. ولا تزال سريلانكا إلى يومنا هذا من أغنى مواقع الأرض غِنى بالتنوع البيولوجي. وأنشأ الملوك والإقطاعيون المناطق المحميّة، وغرضها منع عامة الشعب من منافسة نبلاء البلاد على طرائد صيدهم، حين كان الصيد هواية النبلاء لا غير. أما أول محمية للحياة الفطرية في العصور الحديثة، فقد أنشأها سنة 1821م، عالم الطبيعة والمستكشف البريطاني تشارلز واترتون، في ممتلكاته، في والتون هول، في منطقة غرب يوركشير. وأنفق واترتون 9000 جنيه إسترليني في تشييد سور طوله 3 أميال، وارتفاعه 9 أقدام، لمنع دخول منتهكي حرمة أملاكه. وقد سعى واترتون في تعزيز حياة الطير بزرعه الشجر، وتجويف جذوعها، لتتخذ طير البوم أعشاشاً فيها.

??????????كذلك صنع واترتون علب أعشاش من خشب لإيواء طير الزرزور وغربان الزيتون وخُطّاف الرمل، وحاول بلا طائل توطين البوم الصغير، الذي استحضره من إيطاليا. وسمح واترتون للسكان المحليين بدخول أملاكه. وقد وصفه ديفيد أتنبرو، صاحب برنامج «الأرض الكوكب الحي» (The Living Planet Earth) التلفزيوني الشهير، بأنه «من أوائل الناس في كل مكان، الذين اعترفوا، ليس فقط بأن العالم الطبيعي مهم للغاية، بل أيضاً بأنه بحاجة إلى حماية، فيما كانت البشرية تبالغ في التطلب منه».

وأقيمت الحماية على الحياة الفطرية في دراخنفلز (الجبال السبعة) على أنها أول محمية طبيعية رسمية، فيما صار ألمانيا اليوم؛ وكانت الدولة البروسية هي التي اشترت الأرض سنة 1836م، لحمايتها من مواصلة عمل المقالع فيها.

لكن أول محمية طبيعية كبيرة هي المحمية الوطنية يلوستون، في ولاية وايومنغ الأمريكية، تليها المحمية الوطنية الملكية قرب سيدني، في أستراليا، ومحمية بارغوزين الطبيعية، في روسيا القيصرية، وهي أول «زابوفدنيك» في روسيا، أي أول محمية أقيمت لتبقى «على طبيعتها إلى الأبد» في البطاح الروسية الشاسعة.

يوم الحياة الفطرية
d54ecadb774ccdd575db6648a0a0c95bفي 20 ديسمبر 2012م، قررت الجمعية العمومية في الأمم المتحدة، في دورتها الثامنة والستين، أن تعلن الثالث من مارس من كل سنة، يوماً عالمياً للحياة الفطرية، بناءً على اقتراح تايلند. وقد اختير الثالث من مارس، لأنه اليوم الذي أُقرت فيه معاهدة مراقبة التجارة العالمية بالأجناس المعرّضة للانقراض من الحياة الفطرية.

وقد أقرّت الجمعية العمومية في قرارها، أهمية الحياة الفطرية على مختلف الصعد، البيئي والجيني والاجتماعي والعلمي والتربوي والثقافي والترفيهي والجمالي، ودعت إلى اعتماد التطوير المستدام للرفاه البشري. وقد عُرّف التطوير المستدام، بأنه التطوير الذي يلبي حاجة الأجيال الحاضرة، ولا يلحق ضرراً بحاجات الأجيال القادمة.

3b48810u-450x703ويرمي اليوم العالمي للحياة الفطرية إلى الاحتفال والتوعية بالحياة النباتية والحيوانية في العالم، والدعوة إلى منع التجارة الدولية من تشكيل خطر على بقاء الأجناس والتنوّع البيولوجي. ودعت الجمعية العمومية إلى التنسيق بين المنظمات المعنية في الأمم المتحدة، لتيسير تنظيم الاحتفال بيوم الحياة الفطرية.

إفساد الطبيعة وتلويثها
لا يمكن إحصاء أنماط النشاط البشري التي يمكن أن تلحق الضرر بالطبيعة وحياتها الفطرية. إذ إن هذه الأنماط من السلوك غير المتبصّر، كثيرة جداً. فالبشرية، مع الكرة الأرضية، تواجه على سبيل المثال مشكلة تزايد نسبة غازات الدفيئة، في الجو.

WWFLUNGSوغازات الدفيئة تنتج من النشاط الصناعي على الخصوص، وتسهم في إنتاج معظمها الدول الصناعية الكبرى، مثل الولايات المتحدة والصين، وغيرهما. وأخطر هذه الغازات، ثاني أكسيد الكربون والميثان. وهي تؤدي إلى الاحتباس الحراري، وزيادة حرارة الكرة الأرضية، على نحو خطر ينذر بعض العلماء، بل معظمهم، بأنه قد يصل إلى حالة اللارجوع، فتنطلق سيرورة احترار تجعل الحياة على سطح الكرة الأرضية متعذّرة، في غضون أجيال وربما عقود معدودة من السنين. وقد نُظّمت عدة مؤتمرات دولية، لمعالجة هذه المسألة الخطيرة، لعل أشهرها «قمة ريو»، التي عُقدت في ريو دو جانيرو، بين 3 و14 يونيو سنة 1992م. وكان من أهم مبادئها، أن التنمية الاقتصادية يجب أن تقترن بعدم إلحاق الأذى بالبيئة، وأن تلتزم المعايير البيئية. غير أن الدول الصناعية الكبرى الموقّعة على «إعلان قمة ريو»، تتملّص من الالتزام الدقيق بمبادئ الإعلان، إما لزيادة نشاطها الصناعي من أجل معالجة الأزمات الاقتصادية التي تواجهها، أو للحفاظ على نسبة نمو اقتصادها.

الصيد الجائر
overfishing-overview-08022012-WEB_109842وكما في الجو كذلك في البحار، ذلك أن تطوّر أساليب صيد السمك، الذي تحوّل من حرفة يمتهنها الصيادون، في مستوطناتهم الساحلية القروية في الغالب، إلى صناعة تديرها شركات عملاقة، تستخدم السفن الضخمة والشباك التي تمتد عدة كيلومترات تجرّها سفينة الصيد خلفها، فتُفرغ مناطق كاملة من الأسماك، كبيرها وصغيرها، وغالباً ما تصطاد ما يعاد إلقاؤه (ميتاً) إلى البحر، لأنه غير النوع المقصود صيده، أو من النوع الذي لا يؤكل. وقد أدت هذه الأساليب، على الرغم من المؤتمرات الدولية التي وَضعت لها قيوداً وحدوداً، إلى تناقص عدد الحيتان مثلاً في المحيطات، على نحو ينذر باختلال التوازن البيولوجي في موائلها البحرية الطبيعية.

ولا تلحق هذه الأساليب المفرطة في الصيد الجائر، الضرر بالبيئة البحرية فقط، بل إنها تلحق أذى شديداً أيضاً في مجتمعات الصيادين التقليديين، الذين يفقدون موارد رزقهم، في منافسة غير متكافئة مع شركات الصيد الكبيرة.

التجارة المحرَّمة
يبلغ حالياً عدد الدول الموقِّعة على اتفاقية الاتجار الدولي بالحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض 162 دولة. ومنذ أن دخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ، لم ينقرض أي كائن حي بفعل التجارة.
وعلى الرغم من أن التقديرات تشير إلى أن حجم التجارة بمشتقات الحياة الفطرية يصل إلى مليارات الدولارت سنوياً، وتتسم بتنوع كبير يمتد من النبات والحيوان الحي إلى أنواع مختلفة من المشتقات الجانبية بما في ذلك المواد الغذائية والجلود وصولاً إلى مستلزمات الآلات الموسيقية، فإن هذه الاتفاقية حمت نحو 5000 نوع حيواني و25000 نوع نباتي. وهي ملزمة قانونياً للدول الموقعة عليها. وهناك منظمات عالمية معروفة تعمل على مؤازرة هذه الاتفاقية وضمان تطبيقها مثل الإنتربول ومنظمة الجمارك العالمية وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومنظمات أخرى غير حكومية.

تدمير الغابات المطيرة
ومن أنماط النشاط المؤذي للحياة الفطرية، أن يدمّر البشر الغابات المطيرة، بقطع الشجر لإنشاء مزارع أو إقامة مستوطنات وقرى، أو حتى مدن، مثلما حدث عند إنشاء مدينة برازيليا، عاصمة البرازيل، عام 1960م. وليس كل قطع للشجر مخلاً بتوازن البيئة الحيوية، ففي بعض المناطق ذات المناخ المعتدل، تقطع الأشجار بوتيرة تُمكّن الطبيعة من أن تستدرك الأمر، بإنبات أشجار بديلة، على نحو يجدد الغابات. لكن ما يجري في بعض مناطق العالم، ولا سيما في غابات الأمازون المطيرة في البرازيل وأمريكا الجنوبية، وفي إندونيسيا وغيرها، يسير بمسيرة تدمير الغابة المطيرة بوتيرة وأساليب تقلّص مساحات شاسعة من هذه الغابة، لإقامة نشاط بشري يحول دون تجدد الأشجار. وهذا تطوّر خطر للغاية، ليس لأن الغابات المطيرة تنتج من الأوكسجين ما يبقي جو الأرض سليماً لتنفّس الكائنات الحية فقط، بل لأن أشجار الغابات المطيرة تمتص من الجو وتخزّن نسبة كبيرة من الكربون الموجود في الجو، وهو كربون باتت نسبته في تزايد، بسبب تعاظم بث غازات الدفيئة، جرَّاء النشاط البشري الصناعي.

أما لماذا يقطعون الشجر، فلأسباب منها إفراغ مناطق وإنشاء مزارع ومستوطنات وقرى فيها، أو قطع الشجر لاستخدام الحطب بدل الوقود، في الاستخدام المنزلي، أو مشاريع الشركات الكبيرة التي تنشئ مزارع شاسعة أو تتاجر بخشب الشجر للبناء أو لصنع الورق، أو لإفراغ مناطق في الغابة لتحويلها إلى مراعٍ لقطعان الماشية.

ولقد أدت سرعة قطع الأشجار بوتيرة تفوق قدرة الغابة المطيرة على إعادة تجديد نفسها، إلى القضاء على موائل نسبة كبيرة من حيوانات الغابة وحشراتها وطيورها، بما يمكن وصفه بأنه تدمير منهجي للحياة الفطرية في منطقة لا يملكها بلد واحد، مقدار ما تملكها الكرة الأرضية بكل شعوبها، وكائناتها الحية.

محميات في العالم
نتيجة للوعي الذي انتشر في العالم، حيال ضرورة حماية الحياة الفطرية، أنشئت في معظم أنحاء الكرة الأرضية، محميّات تؤوي نباتات وحيوانات، قد تكون معرّضة للانقراض، ولذلك يُمنع صيدها وإتلافها وتلويث بيئتها وتدمير موائلها الطبيعية.

وفيما يلي صورة بانورامية من العالم عن أوضاع المحميات في عدد من البلدان.

في أستراليا اليوم أكثر من 9700 محمية طبيعية تغطي مساحة تزيد على 103 ملايين هكتار. وتتولى شؤون إدارة هذه المحميات، ثلاثة أنواع من السلطات: الكومنولث، والحكومة الأسترالية، وحكومات الأقاليم المحلية.

في البرازيل، صنّفت الهيئة الوطنية لنظام الحماية، المحميات الطبيعية على أنها «محميات بيولوجية»، وأغراضها الأساسية هي حماية الحيوانات والنباتات والعناصر الطبيعية الأخرى، من تدخل البشر المباشر. والمحميات البيولوجية البرازيلية تتركز في منطقة الأمازون على الخصوص. ومنها أبوفاري، وكولويني وغوابوري وغوروبي ولاغو دي بيراتوبا وغيرها.

وتملك الدانمرك، في شمال أوروبا، ثلاث حدائق عامة وطنية، وعدداً من المحميات الطبيعية، بعضها في داخل الحدائق العامة. أكبر هذه المحميّات مساحة هي محميّة هانزثولم الطبيعية، ومساحتها 40 كيلومتراً مربعاً، وهي تقع في داخل حديقة ثاي الوطنية العامة.

في ألمانيا، كان عدد المحميات الطبيعية سنة 1995م، 5314 محميّة، مساحتها الإجمالية 6845 كيلومتراً مربعاً، وأكبرها في بافاريا، وتبلغ مساحتها 1416 كيلومتراً مربّعاً، وفي ساكسونيا السفلى وتبلغ مساحتها 1275 كيلومتراً مربّعاً.

في المجر 10 حدائق عامة، ونحو 15 محميّة طبيعية وأكثر من 250 منطقة محميّة. أكبر الحدائق العامة حديقة هورتوباغي، وهي أكبر منطقة متصلة مساحةً من الأعشاب الطبيعية في أوروبا. وتقع في شرق المجر في سهل ألفولد. وقد أُعلنت حديقة عامة سنة 1972م. أفضل ما يشاهَد في هذه الحديقة هجرة طير الغُرنوق الجماعية في الخريف. وتعيش في الحديقة أنواع مشهورة من الحيوان، مثل المواشي الرمادية وخرفان راكا ذات الصوف الطويل، التي لا توجد إلا في المجر، وكذلك الخيول والجواميس المجرية.

المملكة المتحدة، كانت تمتلك سنة 2004م، 215 محمية طبيعية وطنية، تنتشر تقريباً في كل مناطق المملكة. وكثير من هذه المحميات يؤوي حيوانات ونباتات مهمة على صعيد التنوع البيولوجي، مثل بعض الأزهار والسرخس والمخرزي والفراش والحشرات. وتلجأ بعض الطيور إلى هذه المحميات في إشتائها. كذلك في إنجلترا أكثر من 1050 محمية طبيعية محلية، غنية بالأشجار المعمَّرة والأزهار النادرة. وقد أخذت هذه المحميات تسترد عافيتها وتعيد توطين أنواع من الحيوان كانت قد اختفت منها.

في الفن التشكيلي
الحياة الفطرية كانت وراء نشوء فن الرسم7330lascaux1تحتل الحياة الفطرية مكانة في تاريخ الفن قد تفاجئ كثيراً بضخامتها. ويكفي للدلالة على ذلك التذكير بأنها كانت وراء نشوء فن الرسم جملة وتفصيلاً قبل نحو 18 ألف سنة، وتستعيد اليوم مكانتها في اهتمامات الفنانين بشكل متزايد، حتى باتت تشكِّل محور تيار فني متخصص ومستقل.رسوم كهف لاسكو
77_ruisdael_6484في العام 1940م، اكتُشف في فرنسا كهف لاسكو الذي فاجأ العالم باحتوائه على نحو ألفي رسم تعود إلى ما قبل 17,300 سنة، ومن ضمنها نحو 900 رسم لحيوانات برية من ثيران وغزلان وطيور وحتى وحيد القرن. وتعددت تفسيرات العلماء والمحللين لمعاني هذه الرسوم التي جاءت على مستويات مؤهلة من الإتقان. فمنهم من رأى أنها مجرد تسجيل لإنجازات مذهلة في الصيد، ومنهم من أدرجها في إطار طقوس العلاقة ما بين الإنسان والحياة البرية حصراً، بدليل غياب أي رسم لغزلان الرنة التي كانت تشكل الطعام الرئيس في تلك المنطقة وفي ذلك العصر. أما النقطة التي أجمع عليها هؤلاء، فهي أن الحياة الفطرية الحيوانية شكلت المادة الأولى لفن الرسم في تاريخ البشرية، أو على الأقل ما وصلنا منه.

Church_Heart_of_the_Andesولاحقاً، وفي بدء تشكل الحضارات، كان من الطبيعي أن ينظر الإنسان إلى الحياة الفطرية كنقيض لما يسعى إلى بنائه من مجتمعات منظمة في مدن آمنة. ولذا، فإن معظم ما وصلنا من هذه الحضارات وحتى نهاية العصر الوسيط، هو مشاهد الصيد حيث تبرز الحيوانات المفترسة كعدوة للإنسان، تُعد مواجهتها وقتلها فعلاً نبيلاً من خصال الشجعان والملوك والنبلاء، وذلك من عصر فراعنة مصر، وحتى نبلاء أوروبا في القرون الوسطى.

على الطريق إلى عصرنا
في مسيرة حضور الحياة الفطرية في فن الرسم ما بين عصر النهضة الأوروبية ووقتنا الحاضر يمكننا أن نميِّز ثلاثة أشكال مختلفة من الحضور:

1 – توثيق عصر الاكتشافات. فغداة وصول الأوروبيين إلى أمريكا في أواخر القرن الخامس عشر، ظهر نوع من الرسم يهدف إلى نقل صورة الشيء بأقصى حد ممكن من الأمانة لهيئته الحقيقية. وكان هذا الشيء في معظم الأحيان نباتاً أو حيواناً غير مألوف وفي حالات قليلة يتكون من السكان الأصليين للمناطق المكتشفة. واللافت في هذه الرسوم أنها كانت تُنجز بالأحجار أو بالألوان المائية، وغابت عنها بشكل تام الألوان الزيتية. إذ إن الغاية منها كانت مجرد نقل صورة الشيء إلى بيئة أخرى لا تعرفه لإطلاعها عليه، وأيضاً لتسهيل صناعة اللوحات الحفرية للطباعة.

استمرت هذه «الصنعة» الفنية من القرن السادس عشر وحتى ظهور آلة التصوير الفوتوغرافي في القرن التاسع عشر. وما بين هذين القرنين أنتج الفنانون المتخصصون مئات الآلاف، وربما ملايين الرسوم الورقية التي توثق طبيعة الحيوانات والنباتات البرية من زهور وأشجار في أمريكا وإفريقيا والشرق الأقصى. وكثير منها فقد قيمته العلمية اليوم، ولكنه بات موضع إعجاب بجماليته الفنية، وهو يكتسب حالياً مزيداً من الأهمية التزيينية وبات له هواة متخصصون في جمعه، ومتاحف تسعى إلى اقتناء النادر منه.

2 – توثيقها في المدارس الكلاسيكية: كان الرسام الهولندي جاكوب فان رويسدايل في القرن السابع عشر، أول فنان أوروبي يرسم طبيعة برية خالية تماماً من أي حضور للإنسان فيها، لا لشيء إلا لإظهار جمال الأشجار والأنهار البعيدة عن أي تدخل بشري. وحتى في لوحاته التي تتضمن بعض الحضور الإنساني، فإن هذا الحضور كان ثانوياً، أو مجرد حجة لرسم المنظر الطبيعي البري الجميل.

وهذا ما سيتحوَّل في القرن التاسع عشر إلى مدرسة فنية مستقلة نشأت في فرنسا بموازاة الرومنطيقية وعُرفت باسم «مدرسة باربيزون». حتى الرومنطيقية نفسها، وإن اكتفت باستخدام الطبيعة كخلفية للحدث، فإنها لعبت دوراً مهماً في رفع مستوى الحساسية الإنسانية تجاه الطبيعة والحياة الحيوانية. ويظهر هذا جلياً في الأدب من خلال قصيدة ألفرد دي فينيي «موت الذئب»، العارمة بالمشاعر المتعاطفة مع ذئب يحتضر على أيدي الصيادين.

1-its-a-hard-life-asian-lionوبموازاة هذه الاتجاهات العامة، هناك فنانون كبار يدينون بشهرتهم إلى تركيز اهتمامهم على الحياة الفطرية. وأشهرهم على الإطلاق الأمريكي فريدريك إدوين تشيرش الذي سافر في أواسط القرن التاسع عشر إلى الإكوادور بناءً على طلب من رجل أعمال يرغب في الحصول على لوحات تظهر تلك البلاد بهدف تشجيع المستثمرين الأمريكيين الانضمام إلى مشاريعه في تلك البلاد. فرسم تشيرش عدة رسوم لطبيعة الإكوادور، وعندما عاد إلى نيويورك عمل على تحويلها إلى لوحات زيتية. ومن ضمن هذه اللوحات واحدة تحمل اسم «قلب الأنديز» رسمها عام 1859م، وما أن عرضها في نيويورك حتى انتزعت فوراً الاعتراف بأنها أهم لوحة تمثل مشهداً طبيعياً في كل تاريخ الفن الأمريكي. وبالفعل، فإن هذه اللوحة ذات المقاييس الضخمة تظهر ثلاث بيئات طبيعية مختلفة: الاستوائية الخصبة في الأسفل، والزراعية المأهولة في الوسط، والجبال الجرداء المغطاة بالثلوج في أعلاها. وتتضمن الكثير من تفاصيل الأنواع النباتية والحيوانية (خاصة في قسمها الأسفل) بحيث إنها لا تزال حتى اليوم مصدر دراسة للمهتمين بدراسة البيئة الفطرية في جبال الأنديز.

3 – حضور الحياة الفطرية في الفن، وهو ما نعايشه اليوم، ويختلف تماماً عن كل ما سبق في القرون القليلة الماضية، لكنه قد يكون الأقرب إلى الشكل الذي ظهر فيه في كهف لاسكو قبل أكثر من 17,000 سنة.

اليوم: منظمات ومتخصصون
Dirk_Claesen_-_Sperm_Whaleكان لا بد للوعي المتزايد لأهمية الحياة الفطرية الذي بدأ بالانتشار على نطاق واسع خلال النصف الثاني من القرن العشرين، من أن يجد أصداء متجاوبة في صفوف عدد من كبار الفنانين. فظهر رسامون ونحاتون حصروا نشاطاتهم الفنية في مواضيع مستمدة من الحياة الفطرية. إما لتنمية حساسية المجتمعات تجاه هذه الحياة، وإما لمحاولة فهم مكانة الإنسان في الطبيعة. ومن أشهر هؤلاء عالمياً النحات الإيطالي رامبراندت بوغاتي، والنحات الفرنسي فرانسوا بومبون، والرسامة الأسترالية تيري آن جاكسون.

وفي العام 1997م، تأسست جمعية عالمية تحت اسم «فنانون للمحافظة على البيئة»، وباتت تضم اليوم 500 فنان من 30 بلداً، تنصب جهودهم على إظهار جماليات الحياة الفطرية، تحريضاً لعمل مزيد على حمايتها، مثل قيام الفنان البلجيكي ديرك كلايسن عام 2008م، ببناء مجسم دقيق لحوت يبلغ طوله 18 متراً على الشاطئ المقابل لأحد المتاحف المحلية في هولندا، بهدف تحريك مشاعر الناس تجاه ما تواجهه الحيتان من صيد جائر.

Carl_Friedrich_Deiker_Hirschختاماً، لا بد من الإشارة إلى عامل مختلف يقف وراء تعاظم حضور الحياة الفطرية في الفن، ألا وهو السياحة. فقد أدى تعاظم الوعي لأهمية البيئات الفطرية إلى انتعاش السياحة الطبيعية، الذي أدى بدوره إلى قيام صناعة إنجاز رسوم يدوية تمثل مشاهد من هذه الطبيعة وبعض كائناتها الحية، بهدف بيعها للسياح.

صحيح أن معظم ما يُنجز في هذا الإطار يبقى في إطار الفنون الحرفية البسيطة، ويفتقر إلى القيمة الفنية العالية.

ولكن حجمه بات ضخماً جداً، ويشكل مصدر رزق لعشرات آلاف الحرفيين وصغار الفنانين في العالم، وخاصة في البلدان التي تتمتع بحياة فطرية غنية مثل الهند، حيث توجد مئات قاعات العرض المتخصصة في هذا المجال.

في البلاد العربية
في مصر اليوم 29 محمية طبيعية، تغطي %12 من مساحة البلاد. وقد أنشئت هذه المحميات، بموجب القانون 102/1983، والقانون 4/1994، من أجل حماية الحياة الفطرية المصرية. وأعلنت الحكومة خطة لإنشاء 40 محمية طبيعية، بين عامي 1997 و2017م، وذلك من أجل حماية الموارد الطبيعية والنبات والتاريخ في هذه المناطق. أكبر المناطق المحميّة في مصر هي محمية جبل ألبا، ومساحتها 35 ألف كيلومتر مربّع، وهي في جنوب شرق البلاد، على ساحل البحر الأحمر.

673776191في الأردن سبع محميات طبيعية. في سنة 1966م تأسست الجمعية الملكية لحماية الطبيعة، وهي الجمعية التي بدأت فيما بعد في الأردن إنشاء المحميات الطبيعية. وقد أسهمت في إعادة توطين بعض الحيوانات التي كانت معرضة بشدة للانقراض في المملكة. ففي عام 1973م، أنيطت بالجمعية سلطة منح تراخيص الصيد، وبذلك أمسكت الجمعية بزمام الأمور في حماية الأنواع المهددة بالأنقراض. وكانت أولى خطواتها التي اتخذتها في هذا المجال هي إنشاء محمية الشومري الفطرية، سنة 1975م. ومن المهام التي قامت بها الجمعية إعادة توطين المها العربي والغزلان والنعام والأخُدر، في موائلها الطبيعية.

Seascapeفي لبنان، تغطي المحميات الطبيعية %2 من مساحة البلد، وفيه عدد من المحميات الطبيعية، ثلاث منها تعدّ «محميات نموذجية»، وواحدة تعدّ «محمية حيويّة» في منطقة الشرق الأوسط. وأهم المحميات محمية أرز الشوف الطبيعية، وهي أكبر المحميات الطبيعية وأكثرها غنى بالحياة البرية، وتعدّ محمية نموذجية وتصنَّف مع مستنقع عَمّيق على أنها محمية حيوية مهمة في الشرق الأوسط، إذ إنها تستقطب عدداً كبيراً من الطير المهاجرة المألوفة والنادرة. وتقع في الشوف وتشمل جبل الباروك. أما محمية حرج إهدن الطبيعية فهي ثاني أكبر محمية في لبنان، وتقع في الشمال بالقرب من بلدة إهدن. وهي أيضاً محمية نموذجية، وأكثر محميات لبنان غنىً بالتنوع النباتي، وفيها عدد كبير من أنواع الشجر النادر في شرق البحر المتوسط، وأنواع زهور ونباتات مستوطنة فقط في لبنان. ومحمية جزر النخيل الطبيعية هي ثالث محمية نموذجية، وتتألف من مجموعة جزر صغيرة قبالة شاطئ طرابلس. تعدّ أكثر المحميات غنى بالتنوع السمكي والطير البحرية، كذلك تُشكل الملاذ الأخير لفقمة حوض المتوسط الراهبة.

أبطالها في حقل الإعلام
Mako Sharkفي سبعينيات القرن العشرين، بدأ الاهتمام بالحياة الفطرية يكتسح وسائل الإعلام. وأطل أولاً من باب الرفق بالحيوان في حملات هادفة إلى وقف صيد الفيلة واستغلال أنيابها، وأيضاً ضد استخدم الفرو الحياني في الملابس، وبشكل خاص فرو صغار حيوان الفقمة. وعملاً بهذا الوعي الناشئ لحماية الحياة الفطرية، تأسست منظمات وهيئات ووسائل إعلام أخذت على عاتقها العمل لتعزيز هذا الوعي بقيمة الحياة الفطرية والحاجة إلى حمايتها.قناة ديسكوفري
discovery_communications__140103141657ومن أهم وأشهر المؤسسات الإعلامية العاملة في نطاق التوعية البيئية لحفظ الموائل الفطرية في العالم، قناة ديسكوفري التلفزيونية الأمريكية، التي تأسست سنة 1982م، وبدأت البث سنة 1985م، وتملكها شركة «ديسكوفري كوميونيكيشن». وقد احتلت القناة سنة 2012م المرتبة الثالثة من حيث الانتشار، بين القنوات الأمريكية العاملة بالكبل، إذ كان يشترك فيها ما يقرب من 409 ملايين منزل في 170 بلداً في العالم، وبات عدد المشتركين فيها سنة 2013م، نحو 99 مليون منزل في الولايات المتحدة وحدها.
تقدّم القناة برامج توثيقية علمية في متناول عامة الناس، كذلك تعالج مواضيع التكنولوجيا والتاريخ. وفي عام 1988م، بدأت تنتج برنامجاً سنوياً عنوانه «أسبوع القرش» اكتسب شعبية واسعة، وهو يعالج قضايا تتعلّق بأسماك القرش، التي لا تحظى بمحبة خاصة لدى الناس، لأن شهرتها هي أنها حيوانات قاتلة شرسة. ولا شك في أن البرنامج بدّل نظرة كثير من الناس حيال هذا الحيوان البحري الفريد، ضمن حركة توعية تسهم فيها القناة، غرضها حفظ هذا النوع حتى لا يؤدي الخوف منه إلى انقراضه في يوم من الأيام. وللقناة برامج بيئية كثيرة، تجتذب جمهوراً واسعاً، لا في الولايات المتحدة فقط، بل في العالم أيضاً.بي بي سي وايلدلايف
Attenborough:  60 Years in the Wildوحين تُذكر المؤسسات المدافعة عن الحياة الفطرية، لا بد من ذكر مجلة «بي بي سي وايلدلايف»، المجلة البريطانية الشهرية التي أسستها «مجلات بي بي سي»، وبدأت نشرها في يناير 1963م. وكان اسمها في البدء «مجلة الحيوان»، لكنها حملت اسمها الحالي «بي بي سي وايلدلايف»، بدءاً من سنة 1983م.
من أشهر مسؤولي التحرير فيها، ديفيد أتنبرو، البريطاني المولود سنة 1926م، الذي أعدّ وقدّم عدداً كبيراً من البرامج التلفزيونية، ولا سيما برنامج «الأرض: الكوكب الحي»، وفيه يجول مع الكاميرا على كل مناطق العالم، فيعرّف المشاهدين بجبال إفريقيا، منبع مياه النيل، وبطاح الثلوج القطبية، وما بينهما من حياة بشرية وحيوانية ونباتية وظواهر طبيعية.
ولعل أتنبرو هو أحد أهم المسهمين الأفراد، في التوعية البيئية وتقريب العلوم إلى العامة وجعل المشاهد يعشق الطبيعة، بكل وجوهها وفي كل مظاهرها المتنوّعة والغنيّة.

ناشيونال جيوغرافيك
national-geographic-march-2011ومن أبرز هذه الهيئات الإعلامية في هذا المجال أيضاً، مؤسسة «ناشيونال جيوغرافيك»، في واشنطن، التي تُصدر مجلة تنتشر في كل أنحاء العالم بنحو أربعين لغة، وقنوات تلفزيونية، وغيرها من الوسائط. تأسست «ناشيونال جيوغرافيك» سنة 1888م، «لزيادة المعرفة الجغرافية ونشرها». وجُعلت مهمتها أن تُلهم وتُنير وتُعلّم.
وتمتاز مقالات المجلة وبرامج تلفزيونها، بإظهار جمال الطبيعة، بما فيها من جبال وبحار وأنهار وحيوان وطير وشعوب وعادات وتقاليد وحرف يدوية، على نحو جذّاب قوي التأثير في القارئ والمشاهد.
71970وتنتج المؤسسة عدداً من المجلات والكتب التربوية والخرائط والأفلام، في عدد كبير من البلدان. ويدير المؤسسة مجلس أمناء من 21 عضواً، منهم مربون ومديرو أعمال ومسؤولو حكومة سابقون وبعض الناشطين في مجال حفظ البيئة. ولا تكتفي المؤسسة بالعمل الإعلامي بل تموّل البحث العلمي والاستكشاف. وقد منحت لجنتها أكثر من 11 ألف منحة بحث علمي.
ويصل إشعاع «ناشيونال جيوغرافيك» إلى أكثر من 600 مليون إنسان كل شهر. وهي تدير متحفاً للعموم في واشنطن.

الهيئة السعودية للحياة الفطرية
كانت الهيئة السعودية للحياة الفطرية تُعرف حين تأسست باسم: الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها. وقد أُنشئت عام 1986م، للمحافظة على التنوع الحيواني والنباتي وللمحافظة على الحياة الفطرية في المملكة.

???????????????????????????????وقد صدرت أربعة أنظمة لتحديد مهام الهيئات وتقنين أنظمة المحافظة على الحياة الفطرية:
• نظام الهيئة السعودية للحياة الفطرية، وقد احتوى على أهم مواد النظام لإنشاء الهيئة، وبيان غرضها الرئيس ومجالات اختصاصها.
• نظام المناطق المحمية للحياة الفطرية، ويشمل أهم مواد النظام لتحديد هدف إنشاء المناطق المحمية، وكيفية حراستها وتنظيم دخول المواطنين إليها، وتعيين عقوبات مخالفة النظام وكيفية تطبيقها.
• نظام صيد الحيوانات والطيور البرية، ويتضمن أهم مواد النظام لحظر الصيد دون ترخيص من الهيئة، ومنع صيد أنواع معينة من الحيوانات والسماح بصيد نوع أو أنواع معينة في أوقات معينة، وتحديد عقوبات مخالفة النظام وجهة النظر فيها والتظلم منها.
• نظام الاتجار بالكائنات الفطرية المهددة بالانقراض ومنتجاتها، ويتضمن أهم مواد نظام حظر الاتجار بالكائنات الفطرية إلا بترخيص من الهيئة، وبيان الكائنات الفطرية ومنتجاتها المشمولة في الحظر، وتحديد عقوبات مخالفة أحكام الأنظمة.

أهم المحميات السعودية
وقد أدى الاهتمام الرسمي بحماية الحياة الفطرية، إلى إنشاء عدد كبير من المحميّات، أهمها:
محمية التّيسيّة
red-wolf-21تقع شمال شرق منطقة الرّياض؛ مساحتها 4262 كيلومتراً مربّعاً. ويعتقد بوجود طائر الحبارى في المحمية إلا أنه نادر، والغطاء النباتي فيها جيد ويمتاز بوجود أكثر من 50 نوعاً أهمها شجر الطلح والسدر والشجيرات الأخرى مثل العوسج والعرفج والرمث.
• محميّة الجبيل للأحياء البحرية
تقع شمال مدينة الجبيل الصناعيّة من جزيرة أبو على جنوباً حتى رأس الزّور شمالاً بمساحة 2000 كيلومتر مربّع، بالإضافة إلى خمس جزر مرجانيّة؛ ودوحة الدفي ودوحة المسلمية والجزر الواقعة في تلك المنطقة. ففي البيئة البرية الثّعلب الأحمر وابن آوى وعدة أنواع من القوارض والطّيور منها القنابر والعظايا والثّعابين.
محمية الجندليّة
تقع شمال شرق الرّياض؛ مساحتها 1160 كيلومتراً مربّعاً. وتتميز بغطاء نباتي جيد مثل السدر والعوسج والشفلح والخزامى والحنظل وغيرها. وتناسب المحمية برنامج المحافظة على الطير وإعادة توطين الحبارى.
محميّة الخنفة
تقع عند الحافة الغربيّة لصحراء النّفود الكبير شمال مدينة تيماء؛ مساحتها 20450 كيلومتراً مربّعاً. تمتاز بتضاريس تتألّف غالباً من الحجر الرملي مع جبال يصل ارتفاعها إلى 1141متراً. ومن أهم شجر المحميّة الطّلح والإرطي والغضى والأثل. أما الحيوانات فأهمها ظبي الريم مع قليل من ظبي الإدمي والثّعالب والأرانب البرية واليرابيع.
محميّة الوعول
تقع في المنطقة الوسطى وتبعد عن الرّياض 180 كيلومتراً؛ مساحتها 2369 كيلومتراً مربّعاً وهي هضبة كبيرة وعرة ضمن سلسلة جبال طويق. تكثر أشجار الطّلح والسّمر والسّلم والسّدر والغضى بصورة خاصّة في أودية المحمية.
محميّة جبل شدا الأعلى
تقع شمال غرب محافظة المخواة؛ مساحتها 67 كيلومتراً مربعاً. ويرتفع الجبل نحو 2200 متر. من أهم أشجار المحمية العرعر والعتم (الزيتون البري)، بالإضافة إلى عديد من الشجيرات والأعشاب والحشائش. أما الحيوانات فأهمها النمر العربي والضبع المخطط والذئب العربي والثعالب والوشق.
محميّة حرّة الحرة
50499733_sand-cat-rabeilمحميّة حرّة الحرة هي أولى المحميّات التي أقامتها الهيئة؛ وتقع شمال غرب المملكة مع حدود المملكة الأردنيّة الهاشميّة، وتمتد شرق وادي السرحان؛ مساحة المحميّة 13775 كيلومتراً مربّعاً. تمتاز المحميّة بتنوّع غطائها النّباتي. ومن أهم الحيوانات فيها ظبي الرّيم والذّئب العربي والثّعلب الأحمر والثعلب الرّملي والضّبع المخطّط والأرنب البرّي والجربوع. ومن الطير الحبارى والعقاب الذّهبي والكروان وتسعة أنواع من القنابر.
محميّة جرف ريدة
تقع جنوب غرب المملكة ضمن جبال السّروات، ومساحتها 9 كيلومترات مربعة. تمتاز المحميّة بكثافة غطائها النباتي ففيها غابات العرعر وأشجار العتم (الزيتون البري) والطلح وعدة أنواع من الصبار. من أهم الحيوانات قرد البابون والذئب العربي والثعالب والضبع المخطط والنمس الأبيض الذنب والوشق والوبر. والمحميّة موطن لتسعة أنواع من الطّير أهمها الدراج العربي الأحمر السّاق ونقار الخشب العربي والعقعق العسيري.
محمية سجا وأم الرمث
تقع شمال غرب محمية محازة الصيد؛ مساحتها 7190 كيلومتراً مربعاً، وتمتاز بغطاء نباتي يساعد في حفظ الأصول الوراثية لبعض الثدييات والطير والزواحف المتوطنة والنادرة. وقد أطلق في المحمية عدد محدود من الحبارى لكون المحمية امتداداً طبيعياً لانتشار الحبارى بين محمية محازة الصيد ومواطن تكاثرها الأخرى.
محميّة عروق بني معارض
تقع عند الحافة الجنوبية الغربيّة للرّبع الخالي؛ مساحتها 11,980 كيلومتراً مربّعاً. وتضمّ عدداً من التّشكيلات الأرضية والمواطن الفطريّة الطّبيعية المهمة منها كثبان رمليّة مرتفعة وهضبة جيريّة متقطّعة. من أكثر النباتات شيوعاً الغضى والأثموم والطلح والبان. ومن الحيوانات الذّئب والقطّ الرّملي والثعلب الرّملي والضبع المخطط والوبر والأرنب البري، ومن الطّير الحبارى والقطا والحجل والصّرد الرّمادي والرّخمة المصرية.
محميّة جزر فرسان
تقع في القسم الجنوبي الشّرقي للبحر الأحمر، وتبعد نحو 42 كيلومتراً عن ساحل مدينة جيزان؛ مساحة المحميّة 600 كيلومتر مربّع. ومن أهم أنواع الشجر فيها السمر والبلسم والسّدر والأراك والشورة والقندل التّي تكوّن أيكات ساحليّة كثيفة. يميز المحميّة وجود ظبي الإدمي الفرساني المتوطّن؛ والنّمس الأبيض الذّنب وعدد من القوارض. أما الطّير فأهمها العقاب النّساري والبجع الرّمادي والنّورس القاتم ومالك الحزين وصقر الغروب وأنواع من القماري.
محميّة مجامع الهضب
تقع على بعد 80 كيلومتراً شرق مدينة رنية؛ مساحتها 3800 كيلومتر مربّع. سُجّل بالمحمية 48 نوعاً نباتياً وهي تحتوي على شجر السمر والطلح والسدر والسرح والبان. ويؤمل إعادة توطين بعض الأنواع الفطرية التي كانت موجودة في المحمية ثم اختفت منها.
محمية نفود العريق
تقع في المنطقة الوسطى جنوب غرب مدينة القصيم؛ مساحتها 1960 كيلومتراً مربعاً؛ وتتميز بغطاء نباتي جيد يشجع على إعادة توطين بعض الطير لا سيما الحبارى. وتعدّ المنطقة حمى قديماً لإبل الصدقة. ومن المتوقع أن تسهم عدة عوامل مثل وجود الغطاء النباتي الجيد لإعادة توطين الحبارى.
محميّة محازة الصّيد
DSC_0250تقع في المنطقة الغربيّة على بعد 180 كيلومتراً شمال شرق الطّائف؛ مساحتها 2190 كيلومتراً مربّعاً. أعلنت المنطقة محمية ثم أحيطت بسياج محيطه 220 كيلومتراً. من أهم حيوانات المحميّة الذئب العربي والثعلب الرّملي والقطّ الرّملي وعدة أنواع من القوارض، ومن الطّير أهمها النّسر الأصلع والنّسر الأسمر والرّخمة المصريّة. بدأ برنامج إعادة التوطين بإطلاق 17 مهاة عربية في المحمية في عام 1990م، تبعتها مجموعات أخرى صغيرة. وأعيد أيضاً توطين ظبي الرّيم وطائر الحبارى في عامي 1990 و1991م، والنعام الأحمر الرقبة، وهو أقرب أنواع النعام إلى النعام العربي المنقرض.

المصدر: http://al-maglo3.forumarabia.com/t2303-topic

الأنواع المهددة في عصر الانقراض الكبير
lonesome-georgeفي 24 يونيو 2012م مات «جورج الوحيد»، فحظي خبر موته بتغطية إعلامية واسعة على مستوى العالم، كما احتلت سيرته مواقع إلكترونية عديدة. والسبب في ذلك هو أن جورج، وهو سلحفاة من جزيرة بينتا، كان فعلاً وحيداً، والأخير في العالم من جنسه. الأمر الذي سلَّط الأضواء بقوة على مخاطر انقراض أجناس حيوانية ونباتية كثيرة.
الانتباه إلى مخاطر الانقراض ليس جديداً، بل اتخذ بُعداً دولياً كبيراً منذ عام 1973م، عندما وقَّعت 80 دولة على اتفاقية الاتجار الدولي بالحيوانات والنباتات المهددة بالانقراض، المعروفة باسمها المختصر (CITES). وكانت مسودة هذه الاتفاقية قد ظهرت نتيجة قرار ضاغط صدر عام 1963م عن الاتحاد الدولي لحماية البيئة، ودخلت حيز التنفيذ عام 1975م.
ولكن، على الرغم من أن الجهود المبذولة عالمياً في هذا المجال أثمرت في بعض المواضع، كما هو الحال بالنسبة إلى الفيلة الإفريقية التي عادت إلى التكاثر، ونجت من الخطر بعد حظر تجارة العاج ومنع صيدها، فإن العلماء يرون أن معدَّل انقراض الأنواع كان في عام 2014م، ضعف ما ذهبت إليه تقديرات الخبراء قبل أربعة أعوام فقط. ويضيف هؤلاء أن معدل تناقص الأنواع الحاصل حالياً هو الأكبر منذ الفترة التي شهدت انقراض الديناصورات قبل خمسة وستين مليون سنة. وبهذا، «فنحن نقترب من حالة انقراض جماعية مماثلة لما وقع من قبل. وإذا لم يتوقف التدهور الحاصل في البيئة، فإن العالم سيفقد وإلى الأبد نحو %55 من الكائنات خلال فترة تراوح ما بين 50 و100 سنة من الآن».بالأرقام
Bengal_Tiger_Karnatakaالأرقام كلها تقديرات وستبقى كذلك لفترة طويلة. إذ إن ما يتراوح بين 13 و14 في المئة فقط من الأنواع الحية تمت دراستها جينياً حتى الآن، وذلك من أصل أكثر من 13 مليون نوع. أي إن هناك ملايين الأنواع التي نجهل وجودها، ينقرض بعضها من دون أن نعرف أنها كانت بجوارنا في هذا العالم.
ما يتم إحصاؤه بسهولة أكبر هو انقراض الأجناس (الجنس يتضمن عدة أنواع ذات اختلافات جينية محدودة). وفي هذا الإطار يحدد العلماء أن 816 جنساً حيوانياً انقرض تماماً خلال القرون الخمسة الأخيرة، معظمها من الحيوانات الكبيرة، لأنها سبقت الكائنات الصغيرة والحشرات إلى الدراسة والتصنيف.
بشكل عام، تشير التقديرات إلى أن 1 من 4 أنواع من الثدييات يواجه خطر الانقراض في المستقبل القريب، و1 من 7 أنواع من النباتات يواجه الخطر نفسه. أما النسبة في عالم الطيور فتصل إلى 1 من 8 أنواع.
فاللافت للنظر أنه في مواجهة خطر الانقراض، تثير الأجناس الكبيرة تعاطفاً وضجيجاً إعلامياً أكثر من انقراض الأنواع الصغيرة والحشرات. على الرغم من إقرار الجميع بأن هذه الفئة الأخيرة لا تقل أهمية عن الثدييات الكبيرة بالنسبة لتوازن الحياة الفطرية والبيئة عموماً.
img_7606-version-2فقبل السلحفاة «جورج الوحيد» بفترة قصيرة، مات وحيد القرن الآسيوي الأخير في إندونيسيا وسط متابعة إعلامية ملحوظة. وبكثير من الضجيج أعادت أمريكا الذئب الرمادي إلى خانة الحيوانات المهددة بعدما ساد الاعتقاد لفترة أنه نجا من الخطر. وبالضجيج نفسه يدور الحديث عن النمر السيبيري الذي لم يبقَ منه في البرية أكثر من 300 نمر (إضافة إلى نحو 250 في مراكز التوليد). ولكن هناك مئات وآلاف الأنواع من الحشرات والنباتات التي تنقرض من دون أن يلحظ انقراضها غير العلماء المتخصصين.مستويات الخطر
يقسِّم العلماء المخاطر التي تحيق بالأنواع الحية إلى سبعة مستويات مختلفة، ويُرمز لكل منها بحرفين، وهي:
– نق : منقرض تماماً
– قب :
منقرض في البرية (وتوجد منه بعض عينات في حدائق الحيوان أو مراكز الإكثار)
– خق : خطر الانقراض
– خم : معرض للخطر
– خد : خطر داهم (غير محصن)
– قخ : قريب من الخطر (بحاجة للإكثار)
– غم : غير مهدد
ويمكن بسرعة أن ينتقل كائن ما من فئة إلى أخرى، وغالباً باتجاه الأعلى، من دون أن يلغي ذلك تماماً احتمال تحسن وضعه.

أخبار ومفاجآت سارَّة
تضافر العلم والوعي البيئي والجهود الحكومية في مجالات التشريع وسن القوانين، إلى تحسين أحوال بعض الأجناس، وإبعاد خطر الانقراض عنها. فإحجام دور الأزياء العالمية عن صناعة ملابس من فرو الحيوانات المهددة تحت ضغط الرأي العام، أنقذ حيوانات الفقمة وأنواعاً كثيرة من الثعالب النادرة. كما أن منع تجارة العاج في العالم أخرجت الفيل الإفريقي من دائرة الخطر. أما قصة النجاح الأبرز فهي في إنقاذ المها العربية.
ففي عام 1972م، أعلن عن انقراض المها العربية في البرية. وكل ما كان قد تبقَّى منها لا يتجاوز العشرات في الأسر. ولكن بدءاً من العام 1982م، أعيد إطلاق بعضها في البرية، في كل من عُمان والمملكة ودولة الإمارات ليرتفع عددها في البرية إلى نحو 1000 رأس تقريباً بحلول عام 2008م، تنتشر ما بين عُمان في جنوب الجزيرة العربية والصحراء الأردنية والنقب في فلسطين المحتلة، ليصبح وضعها ضمن الفئة المهددة بخطر انقراض أدنى.
وقبل أعوام قليلة، وفي محيط مدينة تدمر السورية، اكتشف شخصان كانا يعدَّان دراسة عن أحد المراعي وجود خمسة طيور من نوع «أبو منجل الأصلع» الذي لم يبق منه في العالم سوى ما يتراوح بين 200 و300 طير مبعثرين في المغرب وتركيا وسوريا واليمن والسنغال. وميزة الطيور المكتشفة في تدمر هي في أنها إضافة إلى ندرة نوعها، الوحيدة في العالم التي حافظت على خط هجرتها التقليدي الذي يبقيها في تدمر من نهاية فصل الشتاء حتى مطلع الصيف.
وفي جنوب شرق آسيا، وفيما انقرض في بنغلادش التمساح الطويل الفك المعروف باسم «الغاريال»، نجحت النيبال في إكثاره ضمن مركز متخصص وأطلقت منه المئات في أنهارها. كما أدى تعاون الهند والصين والنيبال وبنغلادش وبهوتان إلى وقف تدهور حالة نمر البنغال، وازدياد عدده في بعض الأماكن.

الغوريلا والأسد من نجومها في السينما
The_Ghost_and_the_Darknessلم يقتصر تعامل السينما مع الحياة والبيئات الفطرية على كونها من أجمل الخلفيات في أفلام المغامرات التي تجري أحداثها في الغابات والبراري. بل أدت ما يمكننا القول إنه «واجبها» في نشر الوعي حول أهمية الحياة الفطرية، ورفع مستوى الاهتمام بكائناتها من كونها مجرد طرائق إلى ما هو أهم من ذلك.ومن بواكير الأفلام السينمائية في هذا المجال فِلم كينغ كونغ الأول والشهير الذي ظهر عام 1933م، ونرى فيه الغوريلا العملاق مثيراً للعطف، أكثر مما هو مخيف وعدواني. وبازدياد الوعي لأهمية الحياة الفطرية، كان من الطبيعي أن يعاد تصوير القصة نفسها تقريباً نحو عشر مرات في صِيَغ مختلفة، من بينها «كينغ كونغ» 2005، و«جويونغ العظيم»، وغيرهما.واللافت أن السينما اختارت الغوريلا دون غيره ليكون نجمها الأول. فلائحة الأفلام التي تدور حول هذه القردة العملاقة تبدو ضخمة جداً على موسوعة ويكيبيديا.

وأشهر الأعمال الكلاسيكية في شأنها فِلم «غوريلا في الضباب» الذي مثلت فيه سيجورني ويفر دور امرأة أمريكية توقف حياتها للدفاع عن الغوريلا في إفريقيا.

وبعد الغوريلا، يأتي الأسد كنجم سينمائي في أفلام عديدة. أشهرها «السير مع الأسود» (1999م) الذي يروي قصة جورج أدامسون المدافع عن الأسود الإفريقية ضد صيَّاديها، وقام ببطولته ريتشارد هاريس.

King Kong 4_cartel para reestreno 1952ولكن السينما لم تتوقف عند حدود الأخلاقيات البيئية، بل وثَّقت أيضاً بعض الأحداث التاريخية الخاصة بالحياة الفطرية. ففِلم «الشبح والظلام» مثلاً، يصوِّر قصة حقيقية كان بطلاها ضابط وصياد (مايكل دوغلاس وفال كيلمر)، يسعيان إلى القضاء على أسدين ضخمين اعتادا افتراس الناس في منطقة تسافو في كينيا في بدايات القرن العشرين. ولعل واحداً من أجمل الأفلام التي تتناول الحياة البرية، ويعبِّر عن اتساع مجالات تلونها سينمائياً هو فِلم «مدغشقر» 2005، حيث نرى حيوانات تخرج من حديقتها في أمريكا، وتصل بالصدفة على متن سفينة مخطوفة إلى إفريقيا حيث تكتشف الحياة البرية.

أضف تعليق

التعليقات