فكرة

المبنى الموسيقي

Musical_Gutter_dresden_5عندما طُلب إلى المهندسين المعماريين الثلاثة، أنيت بول وكريستوفر روسنر وأندريه تيمبل ترميم أحد المباني القديمة في مدينة دريسدن الألمانية، أدركوا أنّه لا مفرّ من وجود أنابيب خارجية لتصريف مياه المطر. وكان السؤال الذي برز أمامهم هو لماذا لا نجعل هذه الأنابيب تعزف الموسيقى؟ وقد يكون هذا السؤال «اليوريكا» هو الذي حمل هؤلاء المصممين إلى تحويل أكثر العناصر بدائية في ذلك المبنى القديم إلى فرصة للابتكار.

استلهم هؤلاء المبدعون الفكرة من متحف سان بطرسبرغ في روسيا المجهّز بآلات قديمة تساعد على إصدار تأثيرات صوتية تشبه صوت المطر والريح والقطارات. ولكنّهم استطاعوا جعل قطرات الأمطار الفعلية تصدر أصواتاً موسيقية جذَّابة. ومن خلال نظام من المواسير والأنابيب المجهّزة برؤوس معدنية مخروطية الشكل مصممة بطريقة متداخلة على طريقة آلات روب غولدبرغ، وروب غولدبرغ هو فنان الرسوم المتحركة الشهير الذي كان يبتكر الأجهزة المعقدة التي كانت، من خلال تفاعل تسلسلي، تقوم بمهام بسيطة.
لا شك في أن صوت المطر هو من أجمل الأصوات الطبيعية المهدئة للروح، ولكن عند هطول المطر، ومن خلال هذا التصميم الذي عرف بـ «باحة العناصر»، كان يتضاعف صوت حبات المطر ويتناغم ليتحوّل إلى سيمفونية موسيقية جذّابة. ولم تكن الأنابيب والمواسير مزوّدة بأجهزة استشعار تضخم الأصوات ولكن تصميم الأنابيب نفسه وطريقة تضارب حبّات المطر مع القطع المعدنية المخروطية وحده كان مسؤولاً عن إصدار تلك الألحان الجميلة التي كانت تنبعث من ذلك المبنى العتيق.

من ناحية الشكل تحوّل ذلك المبنى إلى قطعة فنية من حيث تصميم الأنابيب على جدرانه الخارجية، ومن حيث الجدران الخلفية المدهونة باللون الأزرق الذي كان يعكس عنصر الماء. وبذلك تحوّل المبنى إلى آلة موسيقية فريدة تنبض بالحياة بمجرّد هطول المطر، آلة موسيقية مائية استقطبت إليها السياح من جميع أنحاء العالم.

قد يكون هذا الابتكار من أهم أشكال الهندسة المعمارية التفاعلية التي تسعى إلى إدخال التقنيات الذكية إلى عناصر الأبنية الأساسية، لأنّه نجح في تحويل ذلك المبنى إلى مزيج مثير للاهتمام من فنّي: الموسيقى والعمارة.

أضف تعليق

التعليقات