منتج

الصمام الثنائي الباعث للضوء LED..

نقلة نوعية في عالم الإضاءة

shutterstock_2981393لم يكن الثلاثي الحائز لجائزة نوبل في الفيزياء لعام 2014م – اليابانيان إيسامو أكازاكي وهيروشي أمانو والأمريكي-الياباني شوجي ناكامورا – أول من اكتشف الصمام الثنائي الباعث للضوء LED، لكن الجائزة العريقة منحت لهم لأنهم تمكنوا في العام 1993م من اختراع أول صمام ثنائي باعث للضوء الأزرق. فما المميز في اللون الأزرق؟ وما أهمية هذا الصمام الثنائي بالضبط؟
عُرف الصمام الثنائي الباعث (Light Emitting Diode) منذ أوائل القرن العشرين كبديل لمصباح (التوهج) الذي ينسب ابتكاره لتوماس إديسون. حيث لوحظ أول انبعاث ضوئي من أشباه الموصلات نتيجة مرور تيار كهربائي بها في تجربة قام بها هنري راوند عام 1907م في معامل ماركوني ببريطانيا، وتبعه المخترع السوفياتي أوليغ لوسيف في عام 1927م مقدماً أول مصباح LED بمفهومه الحالي. بقي هذا الاكتشاف معروفاً من دون تطبيق حقيقي واضح لاستثماره. ثم، وفي عام 1957، في عزّ ثورة الليزر، استخدم العالم براون براونستين صمام الجاليوم أرسنايد (الزرنيخيد) ليولد شعاع ليزر في أول تجربة في تطبيق الاتصالات البصرية. ومع ظهور هذا التطبيق المهم توالت الابتكارات وتنافست الشركات لإنتاج صمامات LED أكثر ملاءمة لتطبيقات الاتصالات البصرية.
وفي حين كان علماء ومهندسو شركة (جنرال إلكتريك) يركزون اهتماهم على الليزر غير المرئي –كغيرهم- لمواكبة الموجة، أصر د. نِك هولنياك الباحث في مختبرات الشركة نفسها على أن يأتي بأول LED مشع بضوء مرئي، لينجح في ذلك عام 1962م، ويعطينا صمام LED مشعاً باللون الأحمر. بعدها بعشرة أعوام، نجح طالبه جورج كرافورد في ابتكار LED مشع باللون الأصفر ممهداً لأول LED عالي الكفاءة عالي السطوع استخدم خصيصاً لتطبيقات اتصالات الألياف البصرية.
استخدم مصباح LED الأحمر كبديل للمصباح التقليدي المتوهج في منتجات وتطبيقات مختلفة كمؤشرات الأجهزة الكهربائية وشاشات عرض الأرقام الإلكترونية – كتلك التي في الآلات الحاسبة- وكان ذلك حصراً على أجهزة المختبرات والمعامل المتقدمة لتكلفتها العالية التي كانت تقارب 200 دولار أمريكي. وقد بقيت حدة الإشعاع في تلك التطبيقات منخفضة نسبياً إنما كافية لاستخدامها كمؤشرت أو كمصادر إضاءة في التطبيقات المحمولة كالساعات والآلات الحاسبة. كما شاع استخدام مصابيح LED بألوان مختلفة وانخفضت تكلفة الواحد منها إلى أقل من خمسة سنتات أمريكية نتيجة لتطوير في طريقة تصنيعها من قبل شركة فيرتشيلد للإلكترونيات الضوئية. واعتُمدت تلك الطريقة لتصنيع مصابيح LED من حينها – 1970م- حتى يومنا هذا.
الجدير بالذكر هنا أن ألوان مصابيح LED اقتصرت على الأحمر والأخضر بدرجات لون وشدة سطوع متفاوتة. وظل اللون الأزرق عصياً على العلماء والباحثين طوال عقدين، حتى العام 1994م حين تمكن كل من شوجي ناكامورا وإيسامو أكازاكي وهيروشي أمانو من شركة نتيشيا اليابانية من اختراع أول ضوء أزرق عالي السطوع مكملين بذلك حلقة ألوان الطيف. ما أدى إلى تسارع وتيرة الأحداث في مجال أبحاث مصابيح LED. وتم ابتكار أول مصباح LED لإنتاج الألوان الثلاثة الرئيسة -الأحمر والأصفر والأزرق- بنفس الحدة من شريحة أشباه موصلات واحدة لإنتاج مصباح LED أبيض بدرجات مختلفة ليحل بديلاً لمصابيح التوهج ذات الاستهلاك العالي للطاقة ومصابيح الفلوروسنت المحتوية على الزئبق والخطيرة على الصحة والبيئة، فقد تمكن الثلاثي الياباني الحائز لجائزة نوبل لأبحاثهم حول مصابيح LED من إحداث تحوّل رئيس في تكنولوجيا الإضاءة، ونجحوا في ما فشل فيه الآخرون من قبلهم (بحسب قرار لجنة جائزة نوبل).

كيف سيؤثر على حياتنا؟
تاريخياً، حلت المصابيح المتوهجة – مصابيح فتيل التنغستن- كبديل آمن للشموع ومصابيح الزيت والغاز. فالعنصر المتوهج معزول خلف البلورة الزجاجية، التي تساعد في نشر شعاع الضوء. لكن كان يعاب على مصباح التوهج قصر عمره الافتراضي والحرارة المنبعثة منه التي تزداد طردياً مع قوة توهج المصباح. قدم العلماء مصباح الغاز المفرغ (كمصابيح الفلورسنت) كبديل للمصباح المتوهج متفوقاً عليه بقوة سطوع الضوء وانخفاض استهلاك الطاقة. لكن معظم هذه المصابيح تستخدم الغازات النادرة السامة وغالباً ما تحتوي كذلك على الزئبق وغيره من المعادن الثقيلة ذات التأثير الضار على الإنسان والبيئة. الآن ومع ابتكار LED ذي اللون الأبيض، تفرض هذه المصابيح نفسها حلاً أمثل كبديل للمصابيح المتوهجة ومصابيح الغاز المفرغ.
وفيما يلي نلخص أهمية استبدال وسائل الإضاءة الحالية بنظيراتها مصابيح LED:
• توفير الطاقة: من أهم مميزات مصابيح LED قلة استهلاكها للطاقة نسبة إلى مستوى الضوء الصادر مقارنة بالمصابيح الأخرى. إذ يستطيع مصباح LED توليد إضاءة بمقدار 1000 شمعة باستهلاك 12.5 واط في حين يستهلك مصباح الفلورسنت 20 واط. وفي المجمل يحقق استخدام مصابيح LED توفيراً بمقدار 50 – %90 مقارنة بغيره.
• عمر افتراضي أطول: يستطيع مصباح LED العمل بنفس كفاءة شدة السطوع ومستوى استهلاك الطاقة المنخفض لمدة تتراوح بين 35,000 و45,000 ساعة. وهذا أطول بـ 30 ضعفاً من العمر الافتراضي للمصباح المتوهج و 25 مرة أطول من عمر مصباح الهالوجين و10 أضعاف مصباح الفلورسنت، مع الأخذ بالاعتبار أن كل التقنيات المختلفة تتغير شدة سطوعها وتنخفض كفاءة استهلاكها للطاقة مع مرور الوقت.
• طاقة حرارية مشعة منخفضة: مبدأ عمل مصابيح LED يعتمد على إطلاق الفوتونات الضوئية إذا مر التيار في الصمام الثنائي المصنّع باستخدام سبيكة من أشباه الموصلات المطعمة بمواد أخرى. هذه الآلية في إنتاج الضوء لا تعتمد على تسخين أي عنصر أو غاز بخلاف أنواع المصابيح الأخرى.
• خالٍ من المعادن الثقيلة: جاء مصباح الغاز المفرغ -الفلورسنت- كبديل لمصباح الفتيل المتوهج. يعتمد مصباح الغاز على تشبيع الأنبوب المفرغ بغاز نادر مع إضافة معدن ثقيل وغالباً ما يكون الزئبق. والزئبق معروف بسميّته وخطره فهو مادة مسرطنة شديدة السمية واحتمال انتشاره في البيئة المحيطة مع وجود احتمال عالٍ لتعرض المصباح للكسر. كل تلك المشكلات تختفي تماماً مع مصباح LED الذي يُعد صديقاً للبيئة.
إذاً، تقدم مصابيح LED طريقة سهلة واقتصادية تسهم في الإضاءة ببدائل آمنة خالية من المعادن الثقيلة، قليلة الإشعاع الحراري (أكثر برودة عند لمسها ولا ترفع الحرارة في محيطها)، اقتصادية في استهلاك الطاقة وذات عمر افتراضي يبلغ 10-40 ضعفاً من منافساته التقليدية. مصابيح LED لها شكل مدمج يسمح بوضعها في تركيبات الإضاءة المصمّمة بشكل جيّد، فضلاً عن الإضاءة في الأماكن الضيّقة ويمكن تصنيعها بأشكال وتكوينات أكثر تنوعاً من مثيلاتها. ويُتوقّع أن تصبح مصابيح LED مصدر الإضاءة الأكثر أهمية لتستحوذ على %70 من السوق الذي ستبلغ قيمته 100 مليار دولار عام 2020م.

أضف تعليق

التعليقات