قصة مبتكر
قصة ابتكار
سيث توماس
المكيف
يكاد سيث توماس أن يكون أكثر الأسماء شهرة في عالم صناعة الساعات في الولايات المتحدة الأميركية. جمع ثروته من صناعة أول ساعة من الخشب ثم من النحاس. وكان صانع الساعات الأول الذي اخترع ساعة المنبه بالشكل التقليدي الذي نعرفه، حين توفي واحداً من أغنى أغنياء ولاية كونيكتيكيت. ولد توماس في 19 أغسطس عام 1785م من أب يعمل نحّاساً، وحين بلغ الرابعة عشرة من عمره عمل لدى النجار دانيال توتيل في بليموث لتعلم الصنعة. وقرابة العام 1807م عمل توماس مع سيلاس هودلي لدى إيلي تيري في صناعة الساعات الخشبية الطويلة الشكل. بعد ذلك اشترى مصنعاً للساعات في بليموث - كونيكتيكيت قدر ثمنه في ذلك الوقت بألف وخمسمائة دولار، وتابع عمله منفرداً في صناعة صناديق الساعات الطويلة الشكل. إلا أن التطور الذي أحدثه شريكه السابق إيلي تيري على صناعة الساعات عام 1814م بصناعته ساعة الرف، ولذي اعتبر في حينه تحولاً في تاريخ هذه الصناعة، دفع توماس إلى شراء حقوق هذه الساعة وبدأ بإنتاجها بأشكال مختلفة. وفي الأربعينيات من القرن التاسع عشر باشر توماس في إنتاج الساعات النحاسية الرخيصة وأرسل ابن شقيقته ماركوس برنس إلى بريستول لتعلّم صناعة الأجزاء المحولّة للحركة داخل الساعة. وعُرف عن توماس أنه لم يكن مبادراً إلى تغيير إنتاجه أو أسلوب إنتاجه إلا إذا أُرغم على ذلك بفعل المنافسة. وفي العام 1853م أسس شركة خاصة به لصناعة الساعات. وبعد 23 سنة على تأسيس الشركة، أنتج توماس في 24 أكتوبر عام 1876م أول ساعة منبه ميكانيكية. واختراع ساعة المنبه لم يكن حكراً على الأميركي توماس وإن كان الفضل يعود إليه في ابتكار التصميم التقليدي لها. ففي القرن الرابع عشر صُنعت أول ساعة ميكانيكية في العالم، وكانت ضخمة الحجم، ولم تُعرف الساعات المنزلية حتى العام 1620م، وبعضها كان منبهاً ميكانيكياً يعمل بواسطة التعبئة كل 12 ساعة وعندما يحين الوقت يسقط ثقل معين دافعاً مطرقة في اتجاه جرس يصطدم به من دون توقف حتى انتهاء العملية أو بإسكاته يدوياً. وتوالى اختراع الأشكال البدائية من ساعات المنبه في بداية القرن الثامن عشر وصولاً إلى سيث توماس الذي كان أول من اخترع ساعة المنبه التي توضع إلى جانب السرير، وشاعت هذه الساعات وراحت شركات الساعات الأميركية تتنافس على إنتاجها وتلتها في ذلك الشركات الألمانية. توفي توماس في العام 1859م عن 73 سنة في بلدة بليمون هولو. وبعد ست سنوات على وفاته أطلق على البلدة اسم توماستون (Thomaston) تخليداً لذكراه. وفي العام 1932م توفي حفيده سيث اي. توماس، وفقدت الشركة أية صلة لآل توماس بها إلا أنها بقيت تعمل حتى العام 1982م حين اشترتها مصانع تايلي في جورجيا.
لطالما شكل الطقس الحار تحدياً للإنسان في التأقلم معه أو التخفيف من شدته، فابتكر أساليب عدة، تارة من خلال بناء المنازل من حجر رملي يحفظ البرودة أو الدفء، وتارة عبر استحداث كوىً في أعلى الجدران مفتوحة على تيارات الهواء. وجرت أول محاولة لتبريد مكان مغلق في منتصف القرن الثامن عشر حين عمد بعض مستشفيات الهند إلى طريقة بسيطة في التبريد تقوم على دفع الهواء عبر أنابيب من الثلج. في العام 1902م وبعد عام واحد على تخرج ويليس هافيلاند كارير من جامعة كرونيل الأميركية بدرجة ماجستير في الهندسة صمم أول مكيف للهواء يتحكم بالحرارة والرطوبة لمطابع بروكلين لمنع التقلبات في الحرارة والرطوبة من إفساد الألوان المطبوعة على الورق. وساعد مكيف الهواء في إيجاد بيئة مستقرة مما جعل الألوان الأربعة للطباعة ثابتة ومضمونة النتيجة. فكرة المكيف لمعت في رأس كارير فيما كان ينتظر القطار. كانت ليلة ضبابية عندها سرح بفكره في كيفية السيطرة على الحرارة والرطوبة. وحين وصل القطار، كان كارير توصل إلى فهم العلاقة بين الحرارة والرطوبة وقطرات الندى. عدّل كارير تصميم المدفأة البخارية بحيث أصبح باستطاعتها استقبال الماء البارد والهواء المبرد المدار بواسطة المروحة. وتكمن مهارته الحقيقية في حسابه الدقيق وتعديله المتقن لحرارة الهواء وتدفقه، بحيث لم يبرّد النظام الهواء وحسب بل أزال رطوبته أيضاً. إحدى براءات الاختراع الذي نالها كارير كانت لـ «آلة تعالج الهواء» وكان ذلك في العام 1906م. وعلى الرغم من أن كارير يُعرف بأنه «والد» مكيف الهواء إلا أن هذا المصطلح لم يطلق على هذا الجهاز إلا على يد المهندس النسيجي ستيوارت كرامر، الذي استخدمه في براءة ذمة لجهاز أُضيف بخار الماء إلى الهواء فيه، لـ«تكييف» خيوط القطن والصوف في معامل النسيج. وفي العام 1921م تمكن كارير مع ستة مهندسين آخرين من خلال شركة لم يتجاوز رأسمالها 35 ألف دولار، من اختراع مكيفات جديدة تعمل بالطرد المركزي مما سمح بتكييف مساحات كبيرة. وكانت آلات التبريد السابقة تعمل بواسطة جهاز ضاغط للغاز من خلال محرك ترددي، وكان الأمر يتضمن مخاطر التسمم، واحتمال اشتعال مادة الأمونيا، إلا أن الجهاز الجديد كان أكثر أماناً وفاعلية في التبريد. ولم يبدأ استخدام مكيف الهواء لراحة الإنسان إلا في العام 1924م، حين تم تركيب ثلاثة محركات تكييف من تلك التي صممها كارير في متجر هادسون في ديترويت - ميتشيغن فتدافع الزبائن أفواجاً إلى المتجر المكيف. وانتشرت المكيفات لراحة الناس في المتاجر وقاعات السينما والمسارح. وفي العام 1928م، طوّرت الشركة أول مكيف منزلي عرف بـ «صانع الطقس» (Weather Maker). وإذا كانت الحرب العالمية الثانية تسببت في تراجع هذه الصناعة لبعض الوقت، فإن المبيعات راحت ترتفع بشكل مضطرد بعد الحرب. وصار الباقي تاريخاً، تاريخ منعش ومريح.