يقع مرسم الفنانة التشكيلية السعودية الشابة فاطمة النمر في مدينة القطيف في المنطقه الشرقية، في منزل يطلّ على أزرق الخليج وأخضر الحديقة القريبة وألوان الزهور المتنوّعة النابتة فيها. والمرسم عبارة عن غرفة ملحقة بمنزل العائلة، تتمتع بالاستقلال كما يليق بمرسم يؤمِّن العزلة لفنان يحتاج إلى أن يكون وحيداً مع أفكاره وخياله وألوان وعدة الرسم التي تحوّل الأفكار المتخيّلة إلى لوحات هي خليط بين موهبة الفنانة والأدوات المستخدمة وطول الأناة التي تتمتع بها النمر، إذ إن لوحاتها بأغلبها تقوم على رسم التفاصيل من أشكال ونقوش وجزيئيات صغيرة، وكأن الرسّامة تستخدم العدسة المكبّرة في كل سنتيمتر على قماش لوحتها.
في المرسم نافذتان تدخلان نور الشمس وهواء البحر، بينهما المكتبة التي تضمّ كتباً عن الرسم والفنون التشكيلية، وأريكة سوداء ومغسلة ألوان، وتتوزّع الشموع في الزوايا، وكذلك النباتات، وكرسي هزّاز وكوب قهوة على الطاولة وأقماع الألوان مبعثرة هنا وهناك، ثم هناك اللوحات المرصوفة على الجدران، وبعض اللوحات المرصوفة فوق بعضها، وأخيراً هناك اللوحات التي لم تكتمل بعد.
العلاقة مع المحترف
تقول الفنانة فاطمة النمر إن محترفها يشعرها بالاستقلالية ويمنحها الخصوصية بعيداً عن الإزعاج الخارجي. فهي تحتاج إلى مثل هذا الانعزال كي تستلهم أفكارها بحرية. وتقول إن مرسمها هو بيتها الذي لا يدخله إلا أشخاص معيَّنون تختارهم من بين أصدقائها الكثر. «فمحترفي مملكتي التي لا أسمح لأحد بالعبث بها وفيها». والعزلة والتفكّر والوحدة والتأمل، والراحة النفسية هي ما يقدِّمه المحترف للفنان. حتى يكاد المكان وجسد الفنان يصيران واحداً، ويتكاملان ببعضهما، روح كل واحد منهما في الثاني.
عن لوحاتها تقول فاطمة النمر إنها «تحمل في طياتها تساؤلات حول ما يحدث في عالم اليوم، خصوصاً ما يتصل بالوعي الذي يبدو جريحاً جرّاء تمدّد حركات التشدّد، وكذلك بسبب المنعطفات الحادة التي يمرّ بها العالم والعالم العربي منه تحديداً. أما موضوعي الأثير على قلبي الذي أضمّنه في معظم لوحاتي فهو نقاش التقاليد التي تقيّد المرأة تحديداً. لذا يمكن للناظر إلى اللوحات أن يكتشف أهمية المرأة فيها، والتي تأخذ أشكالاً مختلفة وتحديداً في وجهها، وهي مرة مغطاة العينين ومرة مغطاة الفم، ودائماً محاطة بهالات من الألوان، بعضها إيجابي المعنى، وبعضها سلبي».
التجربة والتلاقح الثقافي
أما عن صغر سنها والتجربة الفنية التي باتت معروفة في المملكة وفي الخليج وعلى مستوى العالم العربي، فتقول الفنانة النمر، إن لكل فنان ناجح فكراً مستقلاً يستطيع أن يطوّره، والتجربة الشخصية لا تتعلق بالسن، فقد يكون فناناً كبيراً في السن، ولكنه ما زال يرسم اللوحة الأولى التي بدأ بها شاباً، وقد يكون الرسام شاباً، ولكن اطلاعه ومتابعته لعالم الرسم وموهبته وفكره التجديدي، كلها عوامل تساعده على أن يتخطى الفكرة العمرية، فيرسم ما لا ينتظر من شاب في مقتبل العمر. ولا أنكر أن كثرة أسفاري في بلدان العالم التي أقيم لي فيها معارض، ساعدتني في تنمية ذاتي كفنانة بات لها حضورها على ساحة الفن التشكيلي في العالم العربي.
هل تأثرت برسّام عالمي أو عربي أو محلي؟ سألنا. فأجابت بأنها لم تتأثر برسّام محدّد «هذا على الرغم من اطلاعي على كل جديد، ولكن هذا الاطلاع ليس بالضرورة أن يكون ذا تأثير مباشر، قدر ما هو إضاءة. أنا أبحث عن الجمال أينما وجد وقد اطلعت على كل جديد في الفنون التشكيلية عالمياً ومحلياً، لكنني اخترت في النهاية أن أجسّد أسلوبي الخاص، فلم أفكر بالانتماء يوماً ما إلى مدرسة معينة، ولم أفضّل هذه المدرسة على تلك، بل أحببت أن أرى الجمال من وجهة أو زاوية نظري، فما يهمني قبل التعريفات والإسقاطات والانتماءات الفنية هو إيصال رسالتي وأفكاري».
وتضيف: «إن الفن التشكيلي يحمل قوة خاصة في إشاراته ورسائله المنطوية. إذ إن فن الرسم لم يعد ألواناً ولوحة ذات أبعاد ثابتة، فالتبدلات والتحوّلات التي طرأت على الزمن والعقل والرؤية وتطور العلوم والتقنية وثورة الاتصالات التي حوّلت العالم إلى قرية كونية كل ذلك أصاب الفنون على اختلافها. وهذه التغييرات تضع الفنان أمام تحديات إيجاد تقنيات تشكيلية جديدة، ومنها على سبيل المثال ما أقوم به من استخدام التوليف والكولاج وألوان الأكريلك بالإضافة إلى الغرافيك، مع استخدام زخارف من الفن العربي والإسلامي، لتبدو «شيفرة» اللوحات منطوية في تفاصيل النقوش والزخارف والأشكال النباتية والهندسية، لتضع المشاهد في فضاء عربي شرقي. أما المرأة فهي جزء أساسي من مواضيع لوحاتي، وتدخل دائماً كعنصر إنساني يستحق أن يُحاكى، ولكوني أنثى في المجتمع السعودي، لجأت إلى محاكاة أوضاع المرأة المختلفة التي يمكن أن تقلّب على وجوهها الكثيرة».
السيرة الذاتية
ولدت الفنانة فاطمة النمر في المنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية، ودرست في مدارسها وشغفت بالرسم منذ نعومة أظافرها، فبدأت بحثها حول الفنون مبكراً وتمكنت من صناعة خط فني خاص بها. وكانت لأسفارها فائدة كبيرة في الانفتاح على ثقافات مختلفة والإمساك بثروة أسلوبية تبرز كينونتها الفنية الخاصة.
برزت شخصية النمر على الساحة الفنية العربية والعالمية وباتت تُعد من الفنانات اللواتي يتمتعن بقدرة عالية في كيفية التعامل مع سطح اللوحة. علماً أنها واجهت في مسيرتها الفنية عديداً من المعوقات والصعاب منذ ولعها بالفن، أي منذ الصغر إلا أنها استطاعت أن تقف بقوة أمام تلك المعوقات لتنطلق نحو عالم الفن الذي يتخذ من الحرية والجرأة المنطلق الأساس في بث رؤى تشكيلية فنية.
على مستوى الأسلوب الفني والمعالجة التقنية التي اشتغلت عليها الفنانة النمر فإنها بدأت باستخدام اللونين الأسود والأبيض. ومن ثمّ أخذت تركز على المساحات الضوئيّة وأبعادها، ثم اشتغلت حول الحرف وكيفية الإفادة منه في السطح التصويري، وأخيراً تناولت أسلوباً فنياً يجعل من صورة المرأة جزءاً لا يتجزأ من المنظومة التشكيلية لإنتاجها، بوصف المرأة حاملة لمضامين ومعانٍ ربما أرادت فاطمة أن تشتغل وفق رؤيتها على ترسيخ تلك المعاني وبثها بشكل رؤية اتصالية مع المجتمع.
المعارض الشخصية والجماعية التي شاركت فيها
• معرض «الحُب الأزلي»، عمَّان – الأردن
• معرض «كيان»، صالة أكوستك، الخبر – السعودية
• معرض «بقاء»، صالة العالمية للفنون التشكيلية – جدة
المشاركات الخارجية
مجموعة من المشاركات الخارجية في كل من البحرين، والإمارات، والكويت، وقطر، وعُمان، والأردن، ومصر، وكازاخستان، والسويد، واليابان، والهند، وهولندا.
الجوائز التي حصلت عليها
• 2010 – الجائزة الأولى في معرض الفن السعودي المعاصر
• 2010 – الجائزة الثانية في معرض صيف أرامكو السعودية 31
• 2010 – جائزة مسابقة الشباب الثانية المنظمة من قبل وزارة الثقافه والفنون
• 2011 – الجائزة الثالثه في مسابقة الخط العربي المنظمة من قبل وزارة الثقافة والفنون
مشاركات مختارة
• 2009 – معرض جرش للفنون التشكيلية – عمان، الأردن
• 2010 – معارض الأيام الثقافية السعودية التابعة لوزارة الثقافة والإعلام في كل من: كازاخستان، وتركمانستان، واليابان، وعُمان، والدوحة، وتركيا، وباريس، والهند.
• 2010 – معرض مشترك لفنانين من الشرق الأوسط والدول الأسكندنافية – متحف أمير ويلز– بومبي – الهند.
• 2010 – بينالي الخرافي الدولي الرابع للفن العربي المعاصر– الكويت العاصمة.
• 2010 – ملتقى أصدقاء الجمعية القطرية للفنون التشكيلية «ورشة عمل ومعرض» – الدوحة قطر.
• 2010 – معرض مسابقة المنمنمات المقام في الجمعية البحرينية للفنون التشكيلية.
• 2010 – معرض لوحة وقصيدة بدعوة من رابطة الفنون التشكيلية الأردنية «معرض وورشة عمل» – عمَّان، الأردن.
• 2012 – معرض مدى 2 في العاصمة استوكهوم –السويد.
• 2012 – معرض الوزارة المقام في قصر اليونيسكو –باريس.
مشاركات داخلية
• 2001 – معرض الجنادرية – الرياض
• 2004 – معرض الإسلام سلام
• 2010 – معرض four في جاليري تراث الصحراء – الخبر
• 2005 – معرض الهيئة الملكية في ينبع
• 2010 – معرض الفن المعاصر – الرياض
• 2010 – معرض مسابقة الشباب الثانية 36
• 2010 – معرض لوحة وقصيدة – الطائف
• 2010 – معرض صيف أرامكو السعودية 31 – الظهران
• 2010 – معرض لكل بيت لوحة – جدة
• 2011 – معرض سايتك – الخبر
• 2011 – معرض مدى المقام في قاعة اكوستك – الخبر
• 2011 – معرض وزارة التعليم العالي – الرياض
• 2011 – معرض الفن الإسلامي المعاصر – الرياض
• 2011 – معرض مسابقة الخط العربي – الرياض
• 2012 – معرض جمعية الأمير سلطان الخيري – الرياض
• 2012 – معرض جمعية الجوف للفنون التشكيلية – الجوف