حين نسمع في الأخبار أن زلزالاً قد ضرب منطقة ما، وقدّرت قوته بـ «كذا» على مقياس (ريختر)، فإننا نستحضر اسم عالم الزلازل والفيزيائي الأمريكي تشارلز فرانسيس ريختر (1900 – 1985) الذي غدا اسمه معياراً لقياس كمية الطاقة التي تنتجها الهزّة الأرضية من مركزها. وبمزيد من التعقيد سنقول إن مقياس (ريختر) تمثّله دالة رياضية لوغاريتمية الشكل للتعبير عن أقصى ارتفاع للموجة التي ترسمها الهزّة الأرضية.
إن الزلازل تنتج -بدهياً- كمية من الطاقة تتناسب مع شدّة كل منها. ويسعنا أن نتخيل أن كل هزّة زلزالية تشبه عملية تفجير لملايين الأطنان من الديناميت إنما تحت سطح الأرض. وكلما زادت قوة الزلزال مع صعودنا درجات مقياس ريختر بمقدار درجة واحدة، فإن الزلزال سيطلق مقداراً من الطاقة يزيد بواحد وثلاثين ضعفاً عن الزلزال المسجل في الدرجة السابقة.
استلهم ريختر أسلوب قياسه من طريقة مشابهة لقياس مدى سطوع النجوم في السماء. وقدّم لنا، في العام 1935م، بالشراكة مع زميله (بينو غوتنبرغ) معياراً دقيقاً وبديلاً عن المعيار السابق المنسوب للإيطالي (ميركالّي) الذي اكتفى بقياس الزلازل بناءً على الأثر الذي تحدثه في بيئتها المنكوبة. أما مقياس ريختر لا يقيس أثر الزلزال فيحسب كم مبنى هدم وكم نفساً أهلك، بل يقدِّر قوته من حيث الطاقة التي يطلقها، والتي تقيسها أجهزة الرصد والراسمات الزلزالية.
الشائع أن مقياس ريختر يتدرج من الواحد إلى العشرة، لكنه عملياً مقياس «مفتوح». إذ لا شيء يمنع من وقوع زلزال يفوق الدرجة العاشرة وفق مقياس ريختر، على الرغم من أن ذلك لم يقع للآن في تاريخ الزلازل، ولله الحمد. وحين قدّم ريختر اقتراحه المعياري، كانت أضعف الزلازل التي يمكن رصدها بقوة 3.0. لكننا اليوم بفضل تقدم تقنيات الرصد والاستشعار نستطيع تسجيل هزات ضئيلة ذات قوى سالبة -أقل من الصفر- وفقاً لمقياس ريختر كذلك. ولعله من المطمئن أن نعود لملاحظة علمية مفادها أنه كلما زادت قوة الزلزال، قلّ احتمال وقوعه مجدداً.
تُحدد شدّة الزلزال على أساس القوة القصوى للموجة الزلزالية التي تسجلها أجهزة الرصد، إضافة إلى مقدار المسافة التي تفصل جهاز الرصد عن نقطة مركز الزلزال. وتستخدم أحدث أنظمة رصد الزلازل اليوم خطوط الإنترنت والأقمار الصناعية للاتصال بحاسوب مركزي يقدِّم نتائج مبدئية فورياً.
تعدّ الزلازل التي تبلغ قوتها نحو درجتيّ ريختر فأدنى زلازل صغيرة قد لا يشعر بها الناس. أما الزلازل التي تفوق قوتها 4.5 درجة، فهذه يقع منها الآلاف سنوياً. ووفقاً لمقياس ريختر، فإن أي زلزال تزيد قوته على 8 درجات يعد كارثياً. ولا يفيد القياس في هذه الحالات إلا لأغراض التأريخ والدراسة. ويتربع على عرش هذه الكوارث زلزال تشيلي الذي وقع عام 1960م مسجلاً 9.5 درجات وفقاً لريختر؛ الاسم