لطالما أوصت كتب البستنة برش المبيدات الكيميائية على المزروعات للقضاء على الآفات التي تفتك بها ولضمان إنتاجها للمحاصيل الجيدة. ولكن على الرغم من وجود فوائد لاستخدام مبيدات الآفات، إلا أنَّ لها آثارها الضارة الخطيرة، مثل احتمال التسمم البشري أو حتى الحيوانات الأخرى.
مؤخراً، ظهرت فكرة فندق الحشرات التي جذبت إليها عديداً من المزارعين ودفعتهم إلى التخلي عن المبيدات الكيميائية واللجوء إليها كوسيلة للمحافظة على مزروعاتهم. تعتمد هذه الفكرة على تحقيق التوازن في الطبيعة من حيث جعل الحشرات المفيدة هي التي تهتم بالقضاء على الحشرات الضارة الأخرى.
توفِّر فنادق الحشرات مكاناً مجانياً لإقامة الحشرات المفيدة. وبذلك تجهِّز “جيوشاً” من الحشرات لتلقيح المحاصيل وافتراس الحشرات الضارة. وفنادق الحشرات هي مساكن شتوية للحشرات الزاحفة والطائرة، عادة ما تكون مصنوعة من المواد الموجودة أو المعاد تدويرها في الحديقة نفسها، وتتكوَّن من أجنحة مختلفة تلبِّي ظروف الإقامة المفضَّلة لكل نوع من الحشرات. ويتم بناء معظم الفنادق ضمن إطار وقائي قوي من ألواح الخشب، ويتم ملؤها بمجموعة متنوِّعة من المواد صديقة للحشرات مثل القش والفلين والعصي ومخاريط الصنوبر.
تلجأ مختلف الحشرات إلى هذه الفنادق لتبيت فيها خلال فصل الشتاء، حينما تجد النحلات البرية والعناكب والخنافس وغيرها من الحشرات نفسها دون مكان للعيش. ولكي تجذب إليها الحشرات المطلوبة يجب وضع هذه الفنادق في الأمكنة المناسبة المحمية المظلَّلة في الحدائق وبعيداً عن مجرى الرياح. وبما أن معظم الحشرات تفضّل ظروف معيشية رطبة، يمكن وضعها إلى جانب برك المياه أو الأنهر أو أي مصادر مائية أخرى. وعندما يحين الوقت المناسب، ويحلّ فصل الربيع، تنطلق هذه الحشرات من مأواها الشتوي لتقوم بمهام التلقيح المفيدة ولتفتك بالآفات الضارة. ولعل الدرس الأبرز الذي تحمله لنا هذه الفكرة هو احترام الطبيعة وتركها وحدها لتتفاعل مع نفسها، لأنها بذلك التفاعل تستطيع أن تحقق التوازن البيئي المطلوب، وأن تحافظ على بقائها وبقائنا وبقاء سائر الحيوانات والنباتات الأخرى.