ماذا لو؟

ماذا لو أصبحت مياه البحار حلوة؟

كلنا نعرف أهمية المياه الحلوة لحياة الإنسان والحيوان والنبات. والمياه الحلوة تشكِّل %3 فقط من إجمالي المياه في العالم، ويتمثل ثلثا هذه المياه الحلوة  في الجليد والثلوج عند القطبين وعلى رؤوس الجبال. وهذا يعني أن المياه الحلوة الطبيعية (ينابيع وبحيرات وأنهار إلخ) تشكِّل %1 فقط من إجمالي المياه في العالم.

ولكن، ماذا لو تحوَّلت كل مياه البحار إلى مياه حلوة؟

هناك فرضيتان متضاربتان، كلتاهما تؤدي إلى النتيجة نفسها. انقراض معظم أوجه الحياة على وجه الأرض.

تقول الفرضية الأولى إن تيارات المحيط تعتمد على ملوحة المياه وفرق درجة الحرارة لتنظيم الدورة الحرارية الملحية لمياه المحيطات. ودورة هذه التيارات هي أحد العوامل الرئيسة في تثبيت المناخ. وبالتالي، فإن اختلالها سيؤدي إلى اختلال التوازن المناخي للكوكب. وبما أن الماء الحلو يتجمَّد عند درجات حرارة أعلى من الماء المالح، سيتجمد كثير من مياه المحيطات. وسندخل في عصر جليدي، وسيمتد الجليد حتى يغطي الجزر البريطانية في الشمال ويصل إلى أطراف إفريقيا وأمريكا الجنوبية من الجنوب. أما في ناحية المناطق الاستوائية، فإن اختلال التوازن المناخي وانعدام الدورة الملحية الحرارية، سيؤديان إلى ازدياد الرطوبة وهطول الأمطار. ولكن النتيجة الأهم هي أن الأعاصير والعواصف ستزداد عدداً وضراوة.  وذلك سيصعب من حياة الناس حول مناطق خط الاستواء. والنتيجة الحتمية هنا أن معظم الكائنات البحرية ستنفق لأنها لا تستطيع العيش في مياه حلوة فيما عدا بعض الفصائل مثل أسماك السلمون. وهذا سيغيِّر حتماً النظام البيئي، ويكسر عديداً من السلاسل الغذائية الطبيعية في هذا الكوكب الجليدي.

أما الفرضية الأخرى فتبدأ من نفوق الكائنات البحرية. تقول هذه الفرضية إن نفوق الطحالب البحرية سيقلِّل من عملية التمثيل الضوئي إلى النصف. ومع تحلّل الخلايا الميتة لهذه الحيوانات ستنبعث نسبة كبيرة من ثاني أكسيد الكربون عن طريق أكسدة البكتريا لجثث هذه الكائنات. مما يعني ازدياد نسبة ثاني أكسيد الكربون وانخفاض نسبة الأكسجين في الغلاف الجوي. وبالتالي، سيزداد معدل درجة الحرارة بسبب امتصاص ثاني أكسيد الكربون لحرارة الشمس. واختلال التوازن التركيبي للغلاف الجوي والازدياد الواضح في درجة الحرارة سيؤديان إلى نفوق معظم كائنات الحياة البرية على هذا الكوكب الحار.

لكن هناك نتيجة أخرى انطلاقاً من نهاية هاتين الفرضيتين. هي أن مياه الأمطار والأنهار ستحمل الأملاح من اليابسة. وأن الأملاح المترسبة في قيعان المحيطات ستبدأ بالذوبان في الماء الحلو. بالإضافة إلى كثير من المعادن المنبعثة من البراكين في المحيطات. وستبدأ هذه العوامل تدريجاً، وعلى مر ملايين السنين، بإعادة التوازن الملحي للمحيطات. مما يعني أن الحياة قد تبدأ من جديد. وسيُعد الاختفاء الملحي العظيم مجرد انقراض سادس عظيم في سلسلة انقراضات الحياة على هذا الكوكب.

أضف تعليق

التعليقات