المكان: جزيرة جيوجي في كوريا الجنوبية.
الموقع: ساحة بناء ناقلات الزيت العملاقة.
هنا في ساحة بناء ناقلات النفط العملاقة في جزيرة جيوج في كوريا الجنوبية، أرى للمرة الأولى في حياتي ناقلة بهذا الحجم الضخم. وتساءلت: كيف يمكن لهذا الهيكل المهول أن يعوم برشاقة وهدوء على سطح البحر محملاً بنحو 2.25 مليون برميل من النفط الخام السعودي الثمين، ليقطع به ما يقارب نصف المعمورة؟ لكن لا شك في أن بناء هذا الهيكل العملاق كسر كثيراً من قوانين الطبيعة، وتعدى حدود الخيال والمنطق أيضاً. فبناء ناقلات الزيت الخام الكبيرة جداً لم يكن متاحاً منذ سنوات ماضية، إلا أنه حلم ظل يراود العلماء والخبراء في مجالي النقل البحري والنفط على حد سواء.
هذا المقال الذي أعده، جون سوه، لمجلة (دايمنشن إنترناشيونال، عدد ربيع 2011م) التي تصدرها أرامكو السعودية، وترجمته فيان الخفاجي يسلط الضوء على واحدة من أحدث ناقلات النفط لشركة «فيلا البحرية العالمية المحدودة»، وهي شركة نقل بحري مملوكة لشركة «أرامكو السعودية» أنشئت عام 1984م ومقرها في مدينة دبي.
يضم أسطول «فيلا» 20 ناقلة، علماً بأن برنامجها الإنشائي الضخم قضى ببناء 14 ناقلة زيت خام ضخمة جداً (VLCCs)، أربع منها شيدت بين عامي 2001 و2003م، وست منها شيدت بين عامي 2007 و2009م، وفي نهاية 2010م تم إتمام البرنامج بإضافة أربع ناقلات أخرى.
واستطاعت هذه المجموعة الجديدة من الناقلات الضخمة جداً ذات الهيكل المزدوج، أن تحل محل الناقلات الخمس عشرة القديمة ذات الهيكل الواحد التي كانت تمتلكها «فيلا»، في خطوة تعكس مدى الالتزام الوثيق لـ «أرامكو السعودية» بالمعايير والقوانين الدولية للمحافظة على البيئية، والتي تنص على ضرورة إحالة الناقلات ذات الهيكل الواحد إلى التقاعد بحلول عام 2015م، بهدف تلافي مخاطر التلوث الناجمة عن تسرب الزيت الخام في المياه.
التخطيط لبناء (VLCC)
كل مشروع من مشاريع بناء ناقلات الزيت الضخمة جداً (VLCC) يجب أن يحظى أولاً بموافقة «فيلا» والشركة الأم أي «أرامكو السعودية». وقبل الشروع بأية مشروع رأسمالي من هذا النوع، تنال «فيلا» موافقة مساهميها على تخصيص الأموال اللازمة له. لذلك، فإن مرحلة التخطيط قد تستغرق بعض الوقت قبل الشروع في عملية البناء. وفي هذا الشأن يقول رئيس شركة فيلا، كبير إدارييها التنفيذيين، المهندس محمد القصير: «لكي نخطط لبناء ناقلة عملاقة واحدة، علينا أن نفكر أولاً في المستقبل ليتماشى البناء مع الشروط الدولية المتفق عليها. فبناء ناقلة (VLCC) باهظ جداً، ولكن على المدى البعيد سترى أن الأمر يستحق ذلك. نحن نخطط لأن تعمل ناقلاتنا لخمسة وعشرين عاماً، وليس أقل من ذلك. ولهذا السبب، نُصرُّ على إنشائها وفق أعلى المعايير الدولية التي تراعي شروط السلامة والمحافظة على البيئة بالدرجة الأساس». وبعد انتهاء مرحلة التخطيط، وتحديد كل المواصفات، يطرح عطاء تنفيذ المشروع. وهنا، تتسلم «فيلا» التي لها معايير صارمة جداً تحقق التوازن بين التكلفة والجودة، العروض من أفضل مصانع الناقلات في العالم، وتحديداً من شركات في آسيا وأوروبا. وغالباً ما تجد هذه الشركات صعوبة كبيرة في مجاراة تلك الشروط والمتطلبات الاستثنائية. لذلك، فإن الانتقاء بين الأفضل من بينها، هو الفيصل وليس بين مَن يقدم العرض الأقل تكلفة.
إن عملية التنافس لا تمنح الأفضلية إلى شركة مصّنعة بعينها، بل هي تقوم على أساس التنافس العادل والشريف. وقد أرست فيلا مشروع بناء ناقلاتها الحديثة على شركات بناء الناقلات في كوريا الجنوبية خصوصاً شركتي «هيونداي» و«دايوو» اللتين شيدتا ناقلات الزيت الخام (VLCC) الأربع عشرة التي تملكها «أرامكو السعودية» اليوم.
فشركة «هيونداي للصناعات الثقيلة» التي تتخذ من ميناء مدينة أولسان على الساحل الجنوبي الشرقي لكوريا الجنوبية، بنت أول أربع ناقلات، فيما شيّدت الناقلات العشر الأخرى شركة «دايوو لبناء السفن والهندسة البحرية» (DSME) في جزيرة جيوجي، في جنوب شرقي كوريا الجنوبية كذلك.
واستطاعت الأخيرة بفضل خبراتها «الفذة» وتنافسيتها العالية في السوق الكورية، تنفيذ العقود المتعلقة ببناء 15 من سُفن «فيلا» بينها الناقلات العشر من نوع (VLCC).
ويقر نائب رئيس الشركة وون كانج كي بأن إرضاء «فيلا» لم يكن سهلاً على الإطلاق، بل كان أشبه بمعركة، ربما لاختلاف هذا النوع من الناقلات وفرادة مواصفاتها بدءاً من الدهان وانتهاءً بأساليب اللحام. ويقول: «كانت فيلا تطلب منا تقديم أقصى درجات الكمال، ونحن بذلنا كل ما في وسعنا لتحقيق هذا الشرط».
مراحل البناء
حالما يقع الاختيار على الشركة، تبدأ عملية بناء ناقلة (VLCC)، وهنا يبرز دور قسم بناء ناقلات الزيت (TCD) التابع لـ «فيلا» ويسانده فريق تفتيش ميداني في كوريا الجنوبية. فنجاح أي مشروع بناء من هذا النوع، يتوقف على المهنية والخبرة العاليتين لأعضاء فريق التفتيش الذي يضم خبرات متنوعة من السعودية وكندا واليابان والسويد وبريطانيا والهند وكوريا.
وتبلغ مساحة موقع بناء الناقلة التابع لشركة (DSME) نحو أربعة كيلومترات مربعة، ويضم معملاً لتصنيع السفن ومختلف المنتجات التي تستخدم في البحر، ويعمل فيه أكثر من 30 ألف عامل ماهر. وبإمكان هذا المعمل الضخم أن يشيد 60 سفينة و10 منصات بحرية في العام الواحد. ويقول مدير الموقع في فريق التفتيش التابع لـ «فيلا» في كوريا الجنوبية، خالد الحمَّاد: «بغض النظر عن حجم وتعقيد الناقلة، فإن مرحلة البناء تبدأ بجلب صفائح مسطحة وضخمة من الفولاذ بواسطة السفن من معمل الفولاذ، ثم تنظف وتعالج، ثم يقوم العمال بقياسها وطرقها وقطعها وتشكيلها ولحمها بعضها ببعض على هيئة مقاطع ضخمة. وبعد ذلك، يتم تجميع تلك المقاطع بعضها مع بعض لتصبح ناقلة في نهاية الأمر». ويضيف: «قد يبدو الوصف بسيطاً، ولكن لك أن تتخيل أن يتم تقسيم ناقلة (VLCC) إلى 88 جزءاً لكي يسهل نقلها إلى داخل موقع البناء حيث تُلحم بعضها ببعض فيتم ربط أسلاك ضخمة وأنابيب وغيرها من المفاصل، ثم دهنها. قد تستغرق هذه العملية 215 يوماً، وقد تتطلب 510 آلاف ساعة عمل».
الرحلة الأولى إلى البحر
عند استكمال بناء الناقلة، تخضع للاختبار البحري قبل تسليمها إلى «فيلا». وعلى رغم قيام شركة (DSME) بجميع أعمال بناء الناقلة (VLCC)، إلا أن فريق التفتيش الميداني لشركة «فيلا» في كوريا يُعد جزءاً لا يتجزأ من عملية البناء برمتها، لأنه يشرف على قطع كل قطعة من الفولاذ ويراقب كل أعمال البناء ليتأكد من امتثال (DSME) لمواصفات «فيلا». ويقول الحمَّاد: «عملية التفتيش تطال كل تفاصيل بناء الناقلة بدءاً بإعداد سطحها ودهان صفائح الهيكل إلى أصغر القطع الكهربائية». كما يقوم فريق التفتيش بإجراء زيارات منتظمة لمكاتب المقاولين الفرعيين الذين تتعاقد شركة (DSME) معهم لأداء أجزاء معينة من البناء، وكل مقاول فرعي يجب أن يحظى بموافقة «فيلا» أولاً.
ويعد الاختبار البحري للناقلة العقبة الأهم التي يجب تجاوزها لكي يوافق المالك الجديد (أرامكو السعودية) على عملية الشراء. وهذا يعني أن شركة (DSME) تظل مالكة رسمية للناقلة طوال مرحلة البناء إلى أن يتم التوقيع على نجاح الناقلة في اجتياز الاختبار البحري. ويتم إطلاق الناقلة في أول رحلة تجريبية لها، وتسمى «الرحلة البِكْر» إلى البحر، ويحضر هذا الحدث المهم كل الأقسام المعنية من «فيلا» و(DSME). وعادةً ما تدوم رحلة الاختبار تلك من 5 إلى 8 أيام تخضع خلالها جميع أجزاء الناقلة للمراقبة ويكون فريق البناء على استعداد لحل جميع المشكلات التي قد تنشأ. والهدف من رحلة الاختبار هذه هو تشغيل جميع الأجزاء الرئيسة للناقلة كما لو أنها في رحلة تجارية حقيقية. حالما تصل الناقلة إلى عمق 120 متراً، تخضع لكل الظروف الاعتيادية والاستثنائية المحتملة التي قد تواجهها أثناء رحلاتها.
ومن بين هذه الاختبارات: تغيير الاتجاه، والقدرة على المناورة، ومدى قدرة المولدات على العودة إلى حالة التشغيل بعد حصول انقطاع مفاجئ، واختبار المرساة لقياس الزمن الذي تستغرقه مرساتا الناقلة (تزنان 17.25 طناَ تقريباً) في الوصول إلى العمل المحدد ومن ثم سحبهما إلى الأعلى مرة ثانية. كما تقيس الاختبارات الأخرى قدرة المراجل والمولدات العديدة التي في الناقلة على العمل في مختلف الظروف، وقياس السرعة القصوى التي يمكن للناقلة قطعها. وخلال كل ذلك، يخضع كل سلك وكل جهاز في الناقلة للفحص، وفي حال ثبت عدم مطابقته للمواصفات المتفق عليها، فقد يكون ذلك سبباً كافياً لإجراء رحلة تجريبية ثانية. ولضمان مبدأ موضوعية تلك الاختبارات، وعقب كل اختبار، يوقع المفتشون المشرفون على صحة كل نتيجة بعد سلسلة طويلة من المناقشات. وأثناء عملية الاختبار، تكون الشركة التي تتولى بناء الناقلة -وهنا شركة (DSME)- وهي المالكة والقائدة الرسمية للناقلة، بينما تكون «فيلا» مراقبة فقط لأنها لم توافق بعد على قبول عملية الشراء. ويقول خالد الحمَّاد: «يجب أن يقنعنا الاختبار البحري بأن الناقلة المشيَّدة تستحق الشراء».
ويقول توم ليدل، كبير مفتشي الآليات: «عندما تقرر شراء سيارة، فإنك تفحص إطاراتها وأسلاكها الكهربائية وتتأكد من أن محركها يعمل على نحو جيد. ولكن عندما تكون هناك ناقلة، يصبح الأمر أصعب ألف مرة، لأنها أكثر تعقيداً وباهظة التكاليف على نحو لا يمكنك تصوره!»
قوة العامل البشري
يزداد تعقيد الناقلات وترتفع شروط السلامة فيها سنوياً ويرتفع اعتماد تشغيلها على الكمبيوترات المعقدة، ولكن مهما تعقدت مواصفات الناقلة، يظل العامل البشري هو الأساس في تسييرها. ويقول الضابط الثاني عبدالعزيز الشراهيلي الذي التحق بـ «فيلا» قبل 13 عاماً: «الحياة على ظهر الناقلة فريدة للغاية، ووليس من السهل التعامل معها. الأمر يتطلب شخصاً ذا مواصفات خاصة».
اعتاد الكادر البحري لـ «فيلا» الوصول إلى مصنع السفن قبل شهر واحد من بدء الاختبار البحري للناقلة وقبل نحو شهرين من أول رحلة تجارية للناقلة. إنها لفرصة للكابتن وطاقمه ليتعرفوا إلى ناقلتهم الجديدة وفي الوقت نفسه، يساعدون فريق التفتيش الميداني في وضع تقييماته النهائية.
«مطر ستار»
لم يكن الدور الذي لعبه طاقم ناقلة «مطر ستار» في مصنع السفن سهلاً أبداً (مطر ستار هي ثالث ناقلة من أصل أربع ناقلات من نوع VLCC والتي بدأت أول رحلة تجارية لها في 26 أكتوبر عام 2010م بعد حفل تسميتها في حوض بناء الناقلة في جنوب كوريا). وهنا يقول الكابتن مارتن لانج، قائد الناقلة (من نوع VLCC) التي تملكها «أرامكو السعودية»: «إنها مسؤولية كبيرة أن تكون ضمن الكادر البحري الأول لناقلة جديدة. عليك أن تتأكد من أنها تعمل بكل طاقتها من أجل ضمان سلامة كل فرد على متنها. إنك مسؤول عن المحافظة على أرواح كل هؤلاء!».
التنوع الثقافي
والشيء اللافت في جميع ناقلات وسفن «فيلا» هو التنوع الثقافي للكوادر البحرية التي تقود تلك الناقلات والسفن والذي أفاد الشركة بشكل كبير وعزز قدراتها، فكل فرد في الكادر البحري له خبرة عميقة في مجال اختصاصه كان قد اكتسبها من عمله في بلده أو في مكان آخر في العالم. فمنهم مَن هم مِن بريطانيا وكرواتيا ومن بولندا ومن الفلبين والسعودية وغيرها من الدول. ويتفق الجميع على أن التنوع الثقافي للطاقم البحري كان عنصراً إيجابياً. يقول المهندس الثالث ماجد مسفر العجمي وهو من السعودية: «إن العمل مع أناس من مختلف أرجاء العالم يُعد تجربة رائعة»، «كل واحد منهم بارع في اختصاصه. والأهم من ذلك هو أن هذا الاختلاف يساعدنا في التعرف بشكل أكبر إلى ثقافات مختلفة». إضافة إلى ذلك، تسعى فيلا دائماً إلى تطوير كوادرها البشرية السعودية من خلال إقامة الدورات التدريبية المكثفة والشاملة بانتظام في بريطانيا ومصر مثلاً لكي تقدم لكادرها التدريب الفني الذي يحتاجونه للتقدم في درجاتهم الوظيفية.
وعلى الرغم من أن ناقلات «فيلا» مجهزة بكل وسائل الراحة والترفيه، إلا أن بعضهم يرى أن مهنة البحار ليست بالمهنة السهلة، وتحتاج إلى شخص يتكيف معها ويقدرها بحسب قول كبير مهندسي «فيلا»، شيلداكا. كما أضاف الضابط الثالث عبدالله الجنيدي: «على البحار أن يكون اجتماعياً، ففي كل رحلة نلتقي بطاقم جديد. يجب أن يتحلى البحار بفكر متفتح وأن يكون دبلوماسياً في تعامله مع شتى الجنسيات والانسجام مع الجميع».
ولكن على الرغم من جميع الصعاب والتحديات التي قد تواجهها الطواقم البحرية، إلا أنهم يشعرون بالفخر تجاه الدور الذي يلعبونه في نقل الزيت الخام السعودي إلى العالم.
ويقول الضابط الثاني عبدالعزيز الشراحيلي: «إن العمل في البحر لا يتوقف مطلقاً. نحن نعمل 24 ساعة، طوال الأسبوع. وإن تقاعست عن الالتزام بذلك، فهذا يعني أنك لا تهتم بعمل شركتك. لقد استثمرت شركتنا أموالاً ضخمة فينا وفي الناقلة، لهذا عليك أن تكون جديراً بذلك الاستثمار وأن تؤدي واجبك بحب واقتدار».
الجرأة والخطر
ربما يُعد قرار بناء واحدة من هذا النوع من الناقلات من أجرأ وأخطر القرارات التي تتخذها «فيلا / أرامكو السعودية»، إذ تبلغ تكلفة تصميم وبناء ناقلة واحدة أكثر من 100 مليون دولار. كما يتجاوز طول الواحدة منها أكثر من 300 متر، أي ما يعادل طول ثلاثة ملاعب كرة قدم مجتمعة، ويصل وزنها إلى 45 ألف طن وهي فارغة. تستطيع هذه الناقلات (VLCC) نقل الزيت الخام السعودي الثمين إلى مختلف بقاع الأرض دون توقف، لذلك لك أن تتخيل أن اتخاذ قرار بشأن بناء أسطول كامل من هذه الناقلات لا يمكن أن يكون سهلاً على الإطلاق. إنه قرار استراتيجي لمستقبل الشركة واستقرارها المالي والاقتصادي وسط سوق مفعم بالتنافسية العالية والخبرات الفذة.
إن طبيعة العمل تتطلب من المشرفين أن يكونوا كثيري التدقيق ومتطلبين إلى أقصى حد وقد يؤدي ذلك إلى حصول بعض المشكلات مع كادر شركة (DSME) الذي غالباً ما يكون لديه جدول زمني صارم لتنفيذ مهامه. وتولي «فيلا» لعامل تحقيق الجودة العالية أولوية قصوى، ولأجل ذلك استطاعت الشركتان بمرور السنين، احترام رغبات بعضهما بعضاً وتجاوز جميع اختلاف وجهات النظر من خلال التعاون الوثيق وتجنب الصدامات لأن هدفهما هو: تحقيق الجودة العالية.
وأخيراً، أثمر الإخلاص بالعمل والمهنية العالية من كلا الطرفين، فيلا وشركات بناء السفن، عن إنتاج عدد من ناقلات (VLCC) تفخر «أرامكو السعودية» اليوم بامتلاكها. ويقول المهندس محمد القصير، الرئيس التنفيذي لـ «فيلا»، إن شركته «حريصة على نقل البترول الذي تنتجه المملكة العربية السعودية إلى كافة أرجاء العالم بواسطة ناقلات تتجاوز مواصفاتها كل معايير الجودة والسلامة الدولية منها والوطنية. إن ناقلاتنا تراعي كل الشروط البيئية». وعندما تلتحق ناقلة (VLCC) بأسطول ناقلات فيلا، فإنها ستؤدي دوراً بارزاً في مساعدة «أرامكو السعودية» على الوفاء بالتزاماتها كشركة، وبمد العالم بالطاقة.
يشار إلى أن أرامكو السعودية والشركة الوطنية السعودية للنقل البحري (البحري) قد وقَّعتا في 27 يونيو 2012م مذكرة تفاهم غير ملزمة لدمج أسطولي وأعمال البحري وشركة فيلا البحرية العالمية المحدودة (فيلا)، المملوكة لأرامكو السعودية، وذلك في إطار صفقة ستؤدي إلى إيجاد شركة نقل بحري وطنية رائدة. وستصبح البحري رابع شركة في العالم من حيث ملكية ناقلات النفط العملاقة وسيضم أسطولها 77 سفينة مما يعزِّز فرص الشركة لمواصلة دورها في التنمية الاقتصادية وتطوير رأس المال البشري في المملكة وخدمة عملائها بكفاءة وموثوقية.
ماذا تعرف عن ناقلات الزيت الخام الكبيرة جداً VLCCs؟
تتكون هذه الناقلات من هيكل مزدوج، أي إنها مشيدة من طبقتين اثنتين، الطبقة الخارجية والطبقة الداخلية. يُعد ازدواج الهيكل مطلباً أساسياً في بناء هذا النوع من الناقلات، خصوصاً تلك التي تنقل النفط، لما له من فوائد عدة وأهمها المحافظة على البيئة والسلعة الثمينة التي تنقلها تلك الناقلات. في الناقلات المزدوجة الهيكل، يتم بناء الطبقتين معاً مع ترك مساحة خالية بينهما، لذلك، فإن تعرضت الناقلة إلى حادث ما، كارتطامها بالصخور أو بقاع البحر أو غيرها، فقد يتضرر الهيكل الخارجي ولكنها لا تزال محمية من الداخل أي إن الهيكل الداخلي يكون مسانداً للهيكل الخارجي ويمنع الزيت من التسرب إلى خارج الناقلة. وبسبب وجود التجويف ما بين الطبقتين الداخلية والخارجية -على جانبي الناقلة وفي قعرها- يتم تخزين الماء أو حتى الوقود. ولكن لو كانت الناقلة مبنية بهيكل واحد فقط، وتعرضت لحادث ما أو تآكل في هيكلها، فسيعني ذلك كارثة بيئية كبرى. ولهذا السبب أحيلت جميع الناقلات ذوات الهيكل الواحد إلى التقاعد حفاظاً على البيئة. وتوصي المعاهدة الدولية للحماية من التلوث الناجم عن السفن (MARPOL) باستخدام الناقلات ذات الهيكل المزدوج. وصدرت هذه التوصية بعد اكتشاف جدوى فكرة الهيكل المزدوج في بناء البواخر السياحية وفقاً لمعاهدة SOLAS للمحافظة على السلامة في عرض البحر.
برزت الحاجة الماسة إلى بناء الناقلات النفطية ذات الهيكل المزدوج عقب حادث ناقلة «إيكسون فالديز» الذي وقع في عام 1989م. والذي نتج عنه دمار لم يكن بالإمكان حصره ضد البيئة البريئة عندما تسرب الزيت الخام في مياه شمال أمريكا، وتحديداً في مضيق الأمير «وليام».
وتحتاج الناقلات ذات الهيكل المزدوج إلى صيانة دائمة، وغالباً ما تكون عمليات الصيانة هذه صعبة ومكلفة للغاية ولكنها ضرورية للحفاظ على أرواح طاقم الناقلة وسلامتها.
حقائق عن شركة فيلا
•
يضم طاقم ناقلة (VLCC) التابع لشركة فيلا 24 بحاراً: الكابتن وثلاثة ضباط وكبير المهندسين وثلاثة مهندسين وضابط متخصص في الأمور الفنية الكهربائية، و15 فرداً يعملون على مدار الساعة.
•
قد يصل طول ناقلة (VLCC) إلى 333 متراً وعرضها إلى 60 متراً، ووزنها إلى 45,000 طن دون الحمولة. ويمكنها أن تحمل 2.25 مليون برميل، وأن تصل سرعتها القصوى إلى 16.45 عقدة مع الحمولة.
•
يتكون أسطول فيلا اليوم من 20 ناقلة. استطاعت الشركة وبنجاح تشغيل 48 ناقلة خلال سنواتها الـ 27.
•
تشتق فيلا أسماء ناقلاتها وسفنها من الأسماء العربية واللاتينية للنجوم.
•
في عام 2010م، أنهى أسطول ناقلات فيلا 447 رحلة بحرية نقل خلالها أكثر من مليون برميل من النفط الخام في اليوم الواحد إلى زبائن في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بشكل رئيس.