اطلب العلم

المكملات الغذائية أهي علاج أم صرعة ؟

تتنافس الشركات المنتجة للمكملات الغذائية على تقديم أنواع مختلفة وجديدة كل يوم من منتجاتها، وتنفق مبالغ طائلة على الحملات الترويجية لتسويق الأحدث والأكثر فاعلية والأكثر فائدة، في عالم المكملات الغذائية الذي يكاد يكون أحدث موضة لدى من يتهافتون على الغذاء الصحي والجسم السليم المتناسق.
وتبذل هذه الشركات أقصى طاقاتها الإبداعية لإقناعنا بأهمية المكملات الغذائية في حياتنا، حتى تكاد تشعر أنك ستمرض إن لم تتناولها، فتقف مذهولاً أمام عبارات تحولت لدينا إلى حقائق تقولها له حسناوات رياضيات وشباب مفتولي العضلات بأن هذه العلبة التي تحتوي على مجموعة فيتامين تمنح الشخص الحيوية، وتبعد عنه شبح الشيخوخة، وتزيد من طاقته الجسدية والجنسية والذهنية أيضاً. إضافة إلى الوقاية من مختلف الأمراض بما في ذلك الأورام السرطانية وأمراض القلب والأوعية الدموية وغيرها، وتحقق هذه الشركات بالفعل أرباحاً خيالية من جرَّاء نجاح حملاتها الترويجية والإقبال المتزايد على المكملات الغذائية.
فأصبح تناول المكملات الغذائية يتزايد من قبل الأفراد بصورة عامة ومن قبل الرياضيين بصورة خاصة بهدف رفع مستوى أدائهم، فبحسب دراسة أمريكية إن أكثر من نصف الشعب الأمريكي استخدم أو يستخدم المكملات الغذائية ويتم إنفاق ما يزيد على الـ 6 بلايين دولار سنوياً عليهاً.
وتعرِّف هيئة الغذاء والدواء الأمريكية المكملات الغذائية بأنها منتج يؤخذ عن طريق الفم، يحتوي على عنصر غذائي أو أكثر يقصد به تدعيم النظام الغذائي للفرد ويشتمل على أحد المكونات التالية أو أكثر «الفيتامينات، المعادن، الأعشاب أو مشتقات النباتات الأخرى، الأحماض الأمينية، وحدة البناء الأساسية في البروتين، الأنزيمات أو أنسجة الأعضاء أو الغدد، منتجات عملية الأيض».
لذلك فإننا نرى المكملات الغذائية في الأسواق، الصيدليات، محلات العطارة وعلى مواقع الإنترنت وحتى عبر الإيميل بأشكال وأنواع مختلفة وجاذبة، خاصة في ظل انتشار الأطعمة السريعة الضارة وطرق الطبخ غير الصحية ونمط الحياة السريع الضار على أسلوب التغذية السليم، ما أظهر نقصاً في أنواع مختلفة من الفيتامينات لدى العديد من الأشخاص حتى الأطفال ما قبل السنة الأولى من حياتهم.
فتناول المكملات الغذائية لا يعني التوقف عن تناول الغذاء الصحي والمتنوع، لأن الشخص وإن حصل على عدد محدود من المكونات الغذائية من هذه المكملات إلا أن الغذاء الصحي المتنوع يحتوي على مئات من المكونات الأساسية لبناء جسم صحي.
فالأصل هو الغذاء الصحي والمتنوع بلا منازع الذي يغني عن تناول المكملات الغذائية التي قد يصل تركيز بعض المواد فيها إلى مستوى ضار بالجسم، فبعض المكملات الغذائية مفيدة لكن بشرط استشارة الطبيب أو الصيدلي أو أخصائي التغذية.
الشيء الأساسي الذي يجب معرفته هو أن المكملات الغذائية، على عكس الأدوية، لا تستخدم لعلاج أو منع أو تشخيص أو القضاء على مرض معيَّن، بالتالي لا يجوز الادعاء أنها على سبيل المثال تعالج أمراض القلب أو تنهي التهاب المفاصل، وإن وجدت مثل هذه الادعاءات فهي تخرج من إطار المكملات الغذائية وتندرج تحت إطار الأدوية. فوجود عبارات مثل «علاج كامل وسريع» أو «آمنة ولا يوجد مضاعفات» يجب أن تجعلك تشك في مصداقية الشركة المصنعة.
فإذا كانت المكملات الغذائية غير نافعة فهل هي ضارة؟ الجواب نعم، فهناك الكثير من المواد من الممكن أن يكون لها تأثير سلبي على الجسم خصوصاً إن وجدت بتركيز مرتفع، ويجب التأكيد على أنه لا يعني إذا كان المنتج مصنَّعاً أو مستخرجاً من مواد طبيعية أنه غير ضار بالجسم، يجب أن تتذكر دائماً أن السلامة والأمان أولاً والفاعلية ثانياً.
قبل البدء في تناول أي مكمل غذائي يجب عليك أن تسأل نفسك عدداً من الأسئلة: ما هي فوائد هذا المنتج؟ هل أحتاج إليه؟ ما هي مضاعفاته الجانبية؟ ما هي الجرعة الموصى بها؟ كيف ومتى وما هي المدة اللازمة؟ وحتى تعرف يجب أن تعلم طبيبك وتسأله عن رأيه وتقرأ النشرة المرفقة لمعرفة بعض الحقائق عن المكمل الغذائي مثل المكونات وتركيز المادة الفعالة وعن أي مواد مضافة والجرعة الموصى بها التي من الممكن أن يتم تعديلها حسب رأي الطبيب ومن الممكن الاتصال بالشركة المنتجة للاستعلام عن أي معلومة تحتاجها.
وعند البدء في تناول المكمل الغذائي لا تحاول أخذ جرعة أكبر من الجرعة المعتمدة، وإذا حصلت أي مضاعفات جانبية فيجب عليك إيقافه مباشرة وإخبار طبيبك وإبلاغ الشركة المنتجة، فالمشكلة حالياً تكمن في أن الدليل العلمي متوافر فقط لبعض المكملات الغذائية حول مدى فائدتها أو ضررها على الجسم.
فإذا قررت تناول المكمل الغذائي فيجب ألاَّ تتهاون في بعض الحقائق وهي: الشروط اللازمة للتأكد من سلامة المكمل الغذائي ومنع التلوث والتغليف الصحيح وحددت الحد الأعلى والأدنى للتركيز وتقوم بجولات تفقدية دورية للمصانع للوقوف على سلامة الإنتاج، فاللافت أنه لا يتم التحقق بشكل ملائم من سلامة وفعالية المكملات الغذائية من قبل الجهات المعنية قبل طرحها في الأسواق.
بالرغم من أن الفيتامينات تلعب دوراً مهماً في العمليات الحيوية في الجسم، إلا أن الإكثار منها يعرض الجسم للمضاعفات، وأغلبها يمكن الحصول عليها بشكل كافٍ عن طريق الطعام الصحي والمتنوع والذي يحدد الحاجة لها من عدمها هو الطبيب أو أخصائي التغذية.
فأحياناً تكون المكملات الغذائية ضارة عندما تحتوي على مكونات ذات تأثير بيولوجي قوي في جسم الإنسان، وتسبب ضرراً أو تضاعف المشكلة عند الشخص، كما هو الحال عند استخدام المكملات الغذائية مع الأدوية الطبية، أو استخدام المكملات الغذائية بدلاً من الأدوية الموصوفة من الطبيب كالتداوي بالأعشاب أو تناول جرعة عالية من المكمل الغذائي.

أضف تعليق

التعليقات