أكثر من رسالة

مواجهة التأثير السلبي للإعلام

shutterstock_324945731تمتلك وسائل الإعلام بموادها ومضامينها وأساليبها قدرة هائلة على التأثير في الناس، وتغيير نظرتهم إلى أنفسهم وإلى العالم من حولهم، وتعديل اتجاهاتهم واستبدال قيمهم أيضاً، وتكوين صور ذهنية أو نمطية حول موضوعات شتى.
وهذه القدرة التأثيرية التي يُراد بها البناء والإصلاح، تكون مدمرة أحياناً كثيرة، خاصة حين تحدث الخلل في منظومة قيم الشعوب والمجتمعات. وقد صدرت كتابات شتى تشرح تأثيرات الإعلام المدمرة على النشء وعلى المجتمع، كما أُنجزت دراسات وبحوث عديدة حول مختلف الجوانب المتعلِّقة بالإعلام، لإبراز آثاره وكيفية الوقاية من شروره والحد من مساوئه. وتركزت أكثر الدراسات، في مجال تأثير وسائل الإعلام في النشء، حول موضوع العنف.
واحتلت دراسات تأثير العنف (المتلفز) على الجمهور، موقعاً متقدماً في دراسات وبحوث الإعلام. مجمل النتائج التي تم التوصل إليها كانت على النحو التالي:
• إن الذي يتعرَّض لوسائل الإعلام، يتعلَّم العنف من خلال الملاحظة والمتابعة.
• إن المشاهدين يتعلَّمون ويقلِّدون العنف الواقعي، وليس الخيالي. أي ذلك النوع من العنف الذي يمكن محاكاته، وتطبيقه في الحياة اليومية.
• إن تكرار التعرُّض لمشاهد العنف، يؤدي إلى تبلُّد الإحساس تجاه الجريمة، والممارسات العنيفة.. والسلوك الإجرامي بشكل عام.
• إن وسائل الإعلام تعلِّم الجريمة من خلال عرض الدراما، التي تتضمَّن أشكالاً من الجريمة المنظمة. كما أن استمرار التعرض للبرامج الإعلامية، التي تشتمل على مشاهد عنف وجرائم.. يؤدي إلى الميل لقبولها كأمر واقع، والتسامح معها.

ولأن تأثير الإعلام يختلف من طفل إلى آخر، فمن الأفضل تنمية القدرة على مقاومة التأثر لدى الناشئة ولدى المحيط، وهذا هو هدف العمل التربوي الواجب القيام به، وينبغي أن يتم وفق محورين:
• تنمية القدرة النقدية للطفل إزاء الخطاب الإعلامي: بتعليم الطفل كيفية استخراج الرسالة المضمنة فيه حتى يبقى على مسافة من المشهد ولا يتلبسه.
• تنمية قيم الوسط الذي يحتوي الطفل: فالعمل التربوي في الأسرة والمدرسة يجب أن يتأسس على قيم واضحة المعالم يتبناها ويتقبلها المجتمع.
وبتنمية هذه القيم والحرص عليها في تنشئة الطفل، وبتعليمه وبتنمية قدراته النقدية إزاء الخطاب التلفزيوني، نستطيع أن نطمئن إلى قدرته على الاستمتاع بوسائل الإعلام واستغلالها أحسن استغلال، مع حفاظه خلال نمائه على الأنماط الثقافية الوطنية وسلوكه تبعاً لها.
والمبدأ الرئيس يكمن فيما يشبه القياس التالي: عندما نعرف حيل ساحر ما، فإننا قد نستمر في مشاهدته ومتابعة عرضه الفني إلى نهايته، لكن تأثيره علينا يكون ضعيفاً.
ونجاح هذه العملية رهن بتعاون أفراد الأسرة الآخرين المتفاعلين مع الطفل المؤثرين فيه. فالطفل قاصر لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، والقائمون عليه مسؤولون عن كثير من العوامل التي تحدِّد مصيره واتجاهاته. فيجب ألا يغيب عن بالنا أن المتغير المهم في تعاطي الطفل مع وسائل الإعلام غالباً ما يتحدَّد في المستوى التعليمي للأم إلى جانب معطيات أخرى كحجم الأسرة ووضعها الاقتصادي ونسق القيم السائدة فيها.

أضف تعليق

التعليقات