يعتقد الكثيرون، ومن بينهم أساتذة جامعات ومثقفون كبار، أن للرياضيات جائزة خاصة بها ضمن جوائز نوبل العالمية.
ففي معرض حديثه عن عمر الخيام وإسهاماته في بحث النسب الجبرية والمتوازيات الإقليدية، قال أستاذ في جامعة كمبردج البريطانية لو كان عمر الخيام يعيش في عصرنا الحاضر لحصل على جائزة نوبل للرياضيات (الرياضيات في حياتنا، سلسلة عالم المعرفة رقم 114 ص 109).
وفي معرض حديثها عن عالم الرياضيات تورشلي، كتبت أستاذة في جامعة مؤتة الأردنية في صحيفة الرأي (26/5/2005م): لا أدري إن كان عالم الرياضيات تورشلي هذا قد حاز على جائزة نوبل أم لا ..!
والواقع أنه لا توجد جائزة للرياضيات من بين جوائز نوبل العالمية. والأمر يبعث على التساؤل: لماذا استبعد نوبل الرياضيات، وهو الذي قرر منح جوائز في مجالات الأدب والكيمياء والفيزياء والطب وخدمة السلام العالمي، إضافة إلى الجائزة السادسة الخاصة بالاقتصاد التي استحدثت عام 1968م ومنحت لأول مرة في العام التالي.
يقول جمهور المؤرخون والكتّاب الذين بحثوا الأبعاد الخفية والأسرار الغامضة لهذه القضية إن هناك العديد من الأسباب التي بنى عليها نوبل موقفه من الرياضيات. ومن أغرب هذه الأسباب أن ألفرد نوبل أحب فتاة وأراد الزواج بها، ولكن الفتاة بعد فترة من التردد هجرته وفضلت عليه عدوه اللدود عالم الرياضيات السويدي المشهور جوستا متاج لفلر، الأمر الذي جعل نوبل يعزف عن تخصيص جائزة للرياضيات كي لا يفوز بها خصمه اللدود ومنافسه على قلب الفتاة، خاصة وأن هذا الخصم كان سيكون المرشح الأوفر حظاً آنذاك.
فقد كان هناك عداء مستحكم بين جوستا ونوبل لأسباب كثيرة أخرى. فالبعض يقول إن نوبل كان يحسد جوستا بسبب قربه من ملكة السويد ونفوذه الاجتماعي الكبير. ويعلله البعض الآخر بالقول إن جوستا كان لا يحب الاحتكاك بنوبل بسبب اختراعه الديناميت، فبادله نوبل بغضاً ببغض وكرهاً بكره.
ويقول البعض إن نوبل كان يكره الرياضيات وكان محباً للعلوم التطبيقية فقط. وكانت الرياضيات آنذاك في منطقته وعصره لا تعتبر من العلوم التطبيقية التي تفيد البشرية مباشرة، في حين أن نوبل كان مهتماً بتشجيع هذه العلوم تكفيراً عن إحساسه الكبير بالذنب لاكتشافه مادة الديناميت.
وأخيراً، هناك من يفسر غياب الرياضيات عن مجالات جوائز نوبل بالقول إنه كانت هناك جائزة معروفة مخصصة للمبدعين في الرياضيات في ذلك الوقت بالسويد. ويحتمل أن نوبل كان على معرفة بها، وبالتالي فإنه لم يحبذ أن تكون هناك جائزتان في مجال واحد.
ولكن الرياضيات لم تبق من دون جائزة عالمية. فقد هبّ المليونير الأمريكي فيلدس إلى تخصيص جائزة باسمه لعلماء الرياضيات بعدما علم أن نوبل قد حرم هؤلاء من جوائزه لاعتقاده أن الرياضيات هي علم نظريات، وليست علماً تطبيقياً، أو لأسبابه الشخصية الأخرى. وحتى اليوم لا تزال جائزة فيلدس من أهم الجوائز العالمية التي تمنح لعلماء الرياضيات، تعويضاً لهم عن بقائهم خارج منظومة الحائزين على جوائز نوبل العالمية.