حياتنا اليوم

التغــــذيــة المـدرسـيـة
لتنسيق الجهود بين الأهالي والمدارس

  • 64a

خلال النهار المدرسي الطويل، لا بد وأن يتناول التلميذ طعاماً ما، سواء أكان قد حمل هذا الطعام معه من البيت أم اشتراه خلال الاستراحة من مقصف المدرسة.
الأخصائية هنادي أحمد الجلبان تحدثنا عن التغذية المدرسية وسلامتها وأهميتها على صعيد صحة الناشئة وأدائهم الذهني والعلمي.

بات في حكم المؤكد علمياً أن التغذية السليمة والمتوازنة ضرورة لا غنى عنها لتحقيق النجاح المدرسي نظراً لدورها في تقوية التركيز ومضاعفة القدرات العقلية، والتأثير إيجاباً على المهارات الذهنية مثل تذكر المعلومات واستيعاب الدروس.

ويشير خبراء التغذية إلى أن تأثير العناصر الغذائية يختلف تبعاً لأدوارها ووظائفها وأهميتها لجسم الإنسان. فعلى سبيل المثال، نجد أن الجلوكوز هو الوقود للطاقة في خلايا المخ، ولهذا يتأثر عمل الدماغ إذا لم يتم تناول كميات كافية منه، وينعكس ذلك إحساساً بالخمول والتعب.

ولكننا، وللأسف، نجد أن التغذية المدرسية تؤخذ اليوم باستخفاف أكثر من أي وقت مضى من قبل بعض الناشئة وأولياء أمورهم، في حين أن الدراسات العلمية المتزايدة تفترض وتفرض مزيداً من الاهتمام بهذا الشأن.

فالكثير من طلاب المدارس اتجهوا إلى الوجبات السريعة أو ما يسمى بـ Fast Food بسبب توافره بسهولة ورخص ثمنه، ومظهره العصري وما إلى ذلك، وأحياناً يكتفي هؤلاء بأي شيء يقع تحت أيديهم من دكان المدرسة مكتفين بكونه لذيذ الطعم كالسكاكر والحلويات والمشروبات الغازية. ولكن التغذية السليمة هي أبعد ما تكون عن ذلك.

الفطور الصباحي
لوجبة الفطور أهمية عظمى خاصة بالنسبة إلى الأطفال. فموعدها يحين بعد وقت طويل من وجبة العشاء. وقد ثبت أن الفطور الجيد يساعد الإنسان عموماً (وليس الأطفال فقط) على العمل بنشاط. كما أنه يساعد أجهزة الجسم على العمل بطريقة سليمة. وتؤكد البحوث أن عدم تناول التلاميذ وجبة الإفطار يكون مصحوباً بتدني تحصيلهم الدراسي. كما أن الأشخاص الذين لا يتناولون وجبة الإفطار المتكاملة، يواجهون في معظم الأحيان صعوبة في استيفاء احتياجاتهم الغذائية خلال اليوم.

فعلى سبيل المثال، نذكر الحديد كواحد من العناصر المهمة التي تساعد الطلاب على التركيز والمثابرة في الدراسة. ويؤثر نقصه سلباً على الأداء الدراسي والاستيعاب، كما يتسبب بالإصابة بفقر الدم الذي ينتشر عند طلاب المدارس بنسب تتراوح ما بين 15 و 40 في المئة، فينتج عنه بالتالي عدد من المشكلات الصحية من أهمها قصور النمو الحركي واللغوي.

وينتج نقص الحديد غالباً عن قلة أو عدم تناول الأغذية التي تحتوي على مواد تزيد امتصاص الحديد في الجسم مثل فيتامين سي الموجود في عصائر الفواكه أو في الأطعمة المعززة والمدعمة بالحديد مثل الحليب و الكورن فليكس ، أو قلة تناول الأطعمة التي تحتوي على الحديد نفسه كاللحوم والسمك والدجاج والخضراوات.

إننا نشدد هنا على أهمية الفطور الصباحي لأنه يمكن أن يحتوي على ما بين ربع ونصف ما يحتويه الهرم الغذائي. كما أنه يؤثر إيجاباً على الوجبات اللاحقة، فيحول دون تناول وجبة الغداء بشراهة وسرعة وحتى التخمة الضارة لسد الجوع الشديد.

الغذاء الجيد
طبعاً، لا يمكننا في هذا المجال الضيق أن نحيط إحاطة شاملة بماهية الغذاء الجيد بالنسبة إلى الأطفال والمراهقين، ولكننا نكتفي بالتذكير بما هو معلوم حوله، وهو أنه الطعام المتوازن الذي يؤمن العناصر الآتية:

البروتينات: وتوجد في اللحوم والحليب والبقول والأسماك والبيض.

السكريات: توجد في الخبز والبطاطس والسكر.

الأملاح المعدنية والفيتامينات: توجد في الخضار والفواكه.

الدهون: توجد في الزيوت والمشتقات الحيوانية.

وفيما يخص التغذية المدرسية نجد أن سلامة التغذية تتطلب الانتباه إلى مسائل بالغة الأهمية. ففي مراحل الطفولة والفتوة، هناك مسألة نمو العظام على سبيل المثال، الذي يمكن أن يتأثر إلى حد كبير بالتوازن الغذائي في هذه المرحلة. وفي هذا المجال يفترض بالتغذية السليمة أن تتضمن شرب كوبين من الحليب يومياً (نحو نصف ليتر). أما المشروبات الغازية التي ينجذب إليها الكثير من الأطفال فهي معوّقة لنمو العظام، إذ ثبت علمياً أن مادة الكافيين الموجودة فيها، تعمل على امتصاص الفوسفات الضروري لبناء العظم.

بين المدرسة والأهل
إن الأطعمة التي تباع في المدارس، كما هو الحال في البقالات المجاورة، تخضع أولاً لمنطق الترويج التجاري القائم على جمال الشكل ولذة الطعم. ولكن الأمر بعيد كل البعد عن مفهوم التغذية السليمة. ولذا يجب على المدارس أن تسعى إلى توفير العصائر النافعة بدلاً من المشروبات الغازية مثلاً، و السندويشات المحشوة بالألبان والأجبان والخضار بدلاً من أكياس الشيبس .

وفي المقابل، ولأن الأطعمة الضارة أو غير المفيدة، يمكن أن تبقى متوافرة في البقالات قرب المدرسة، إذا خلت هذه الأخيرة منها، فلا بد من أن يقوم الأهل بدورهم في توعية أبنائهم بشأن أهمية ما يتناولونه من طعام في المدرسة.

إننا لا نطالب بالكمال في هذا المجال، لأنه مستحيل، بل بتوافر الضروري لصحة الناشئة، حتى يكون أمامهم المجال لإنقاذ أجسامهم من هذه السموم، ولابد لذلك من تنسيق الجهود بين المدرسة والمجتمع. والتعاون ما بينهما لإنتاج وتربية جيل سليم قادر على الفهم والاستيعاب، ينشأ ويكبر على ما تربى عليه في الصغر.

أضف تعليق

التعليقات