قصة مبتكر
قصة ابتكار
ويتكومب جودسون
التنظيف الجــــاف
هو واحد من عباقرة القرن التاسع عشر عايش التفاعل الصاخب والمحموم لابتكارات عصره وتطور العلوم فيه، فتفاعل معها وأضاف إليها الكثير، إنه المهندس الأمريكي ويتكومب جودسون. ولد جودسون عام 1836م وتوفي عام 1909م. ومثل الكثير من علماء عصره، جذبته علوم الميكانيك وثورة صناعة الآليات والمحركات التي عمّت أمريكا خلال النصف الثاني من القرن التاسع عشر. وتمكن الرجل من تسجيل دزينة من براءات الاختراع. لعل أهمها آنذاك ما كان يتعلق بتطوير عمل محركات السيارات ونظام مكابح السكة الحديدية. في أواخر القرن التاسع عشر، توجهت اهتمامات جودسون إلى مجال مختلف تماماً. فعكف على البحث عن وسيلة تغني عن استخدام رباط الحذاء الطويل، وذلك خدمة لصديق له كان يعاني من آلام في الظهر تمنعه من الانحناء لمدة طويلة كي يحكم ربط حذائه الطويل. وفي أغسطس من العام 1893م، حصل جودسون على براءة اختراع لأول سحَّاب ، وسمّاه آنذاك غالق الإبزيم . عرض الرجل ابتكاره هذا في المعرض العالمي للابتكارات بشيكاغو في العام نفسه. ولكنه لم يلق اهتماماً يستحق الذكر من زوار المعرض الذين بلغ عددهم واحداً وعشرين مليوناً. فأنشأ شركة مع لويس والكر لتسويق هذا الابتكار وسمّاها الإبزيم العالمي . ولكن صناعة الأحذية استمرت في تجاهله، واستمرت في استخدام الأربطة التقليدية. وتوفي جودسون من دون أن يشهد نجاح ابتكاره. وفي العام 1913م، قدّم المبتكر السويدي جيدون سندباك نموذجاً جديداً لابتكار جودسون. فاستُخدم في صناعة ملابس ومعدات الجنود الأمريكيين خلال الحرب العالمية الأولى. وبقي هذا الابتكار في الظل حتى اقتنع به مستثمر يُدعى جودريتش واستخدمه في تسويق حذاء مطاطي بكميات تجارية عام 1923م. وهو الذي أطلق عليه الاسم المستخدم حالياً Zipper ، وإليه يرجع الفضل في تقديمه لصناعة الملابس والحقائب وبعض الأدوات الاستهلاكية. وعلى الرغم من أن عائلة جودسون حصلت بعد وفاته على الملايين بسبب ابتكاراته في مجال المحركات، فإن العالم نسي معظم ابتكارات الرجل، وبقي ابتكار السحّاب ليضع اسم ويتكومب جودسون في قائمة المبتكرين. فهل أخطأ المبتكر في توجيه ابتكاره إلى صناعة الأحذية فقط؟ أم أنه كان سابقاً لأوانه فقط؟
غسيل الملابس من الأنشطة الإنسانية اليومية التي يمكن تقصي آثارها حتى أربعة آلاف سنة. سواءً أكان الغسيل عبر ضرب الثياب على صخرة بقرب النهر، أو عبر ضغط عدة أزرار على آلة غسيل أتوماتيكية، فإن الإنسان اعتمد دائماً على استخدام الماء والحركة الميكانيكة بمساعدة الصابون لغسل ملابسه. وتتضمن عملية الغسيل أيضاً التجفيف، كنشر الغسيل على الحبال في الهواء، أو إلقائه في مجفف غازي أو كهربائي. ثم، ظهر التنظيف الجاف في الصورة. ومثله مثل كثير من الابتكارات، كان ظهوره صدفةً. ففي عام 1855م، لاحظ جين بابتيست جولي وهو صاحب مصبغة، أن غطاء الطاولة أصبح أنظف بعدما أسقطت عليه الخادمة مصباح الكيروسين. ومن خلال مصبغته، عرض جولي خدمة جديدة سمّاها التنظيف الجاف . واستخدم كلمة الجاف لأن عملية التنظيف هذه تنظف الملابس دون الحاجة إلى استخدام الماء. ورغم وصف هذا التنظيف بالجاف، إلا أن الثياب يجب أن تغمر في مادة سائلة مذيبة وإن لم تكن الماء. في بدايات التنظيف الجاف، كانت تستخدم المذيبات المشتقة من البترول كالجازولين والكيروسين. ولكن بما أن مثل هذه المذيبات قابلة للاشتعال، ويمكن أن تسبب الحرائق والانفجارات، استبدلت بمنتج يسمى بيركلورايثلين (بيرك)، وهو منتج غير قابل للاشتعال، ويتميز بقدرته الفائقة على التنظيف دون الإضرار بالملابس. وسرعان ما أصبحت هذه المادة الخيار الأول لصناعة التنظيف الجاف، خاصة وأنها تتطلب معدات ومساحة أقل، ويمكنها أن تقوم بالخدمة الكاملة خلال ساعة واحدة. وتتضمن خدمة الغسيل الجاف الخطوات التالية: 1 - الترقيم والمعاينة: ترقم الملابس عن طريق استخدام بطاقات أو أوراق صغيرة وتوضع على ياقة الملابس كيلا تختلط ملابس الزبون مع ملابس الآخرين. كما تعاين الملابس للتأكد من عدم وجود أشياء أو مواد في جيوبها قد تلحق ضرراً بالملابس أثناء الغسيل. 2 - ما قبل المعالجة: يبحث المنظف عن البقع على الملابس ليجعل تنظيفها أسهل وأكثر اكتمالاً. 3 - التنظيف الجاف: توضع الملابس في آلة التنظيف الجاف وتنظف بالمادة المذيبة (عادةً ما تكون بيرك). وتغسل الملابس ثم تشطف ضمن عملية التنظيف، ويعاد استخدام خلاصة المادة المذيبة مرة أخرى ويمكن أن يعاد استخدام %99.99 من المادة المذيبة مرة أخرى، وفي النهاية تجفف الملابس. 4 - ما بعد المعالجة: وتشمل إزالة أية بقعة لا تزال موجودة على الملابس، وهذه خطوة نوعية للتأكد من أن الملابس نظيفة تماماً. 5 - وتنتهي العملية بالكي، والطي، والتغليف ولمسات الانتهاء الأخرى. ولا يستخدم التنظيف الجاف في غسيل كل الملابس، فالقمصان القطنية على سبيل المثال عادةً ما تغسل في آلة غسيل عادية باستخدام الماء. غير أن ملاءمة التنظيف الجاف لاستخدامات مختلفة جعلت ممارسته أمراً شائعاً، خاصة لمن يحتاج إلى تنظيف سريع خلال ساعة واحدة، أو من لديهم ملابس تحتاج إلى معالجة خاصة. كما أصبح من الممكن في الوقت الحالي أن نجد جهازاً منزلياً للتنظيف الجاف.