كتب عربية
مؤانسات من الزمن الجميل: حوارات في الثقافة والفكر والأدب والتاريخ والفن
تأليف: فوزي مصمودي
الناشر: الجزائر: الجمعية الخلدونية للأبحاث والدراسات التاريخية – سبتمبر 2015
في هذا الكتاب الذي يقع في 400 صفحة، جمع المؤلف الحوارات الصحفية التي أجراها منذ نهاية ثمانينيات القرن الماضي مع شخصيات وأسماء لامعة في المشهد الثقافي المحلي والوطني الجزائري التي غيَّبها الموت، على غرار المؤرخ الجزائري الدكتور يحيى بوعزيز والباحث الأديب زهير الزاهري اللياني والكاتب نور الدين بن التومي والقاص الإعلامي الإذاعي بدر الدين برشيش والإمام الشيخ بركات واعر وغيرهم ممن خطفهم الموت فجأة.
وقد نُشرت هذه الحوارات خلال فترات متقطعة بدءاً من تسعينيات القرن الماضي في الصفحات الثقافية لعدة يوميات منها جريدة «الخبر»، «الشعب»، «الأحداث»، «العالم السياسي»، «البلاد»، «الأمة»، وأسبوعيات منها «الحقيقة»، «البرهان»، «العالم»، «الإرشاد»، «النبأ» وغيرها. وقد وثقت الحوارات لبعض القضايا الفكرية والأدبية والتاريخية والفنية التي كانت وما زالت مطروحة، وحملت بعض المواجهات والاستفزازات الثقافية والسجالات طابع الحميمية الممزوجة بروائح الموت والدمار والخوف خلال العشرية الأخيرة من القرن الماضي.
وإضافة إلى حوارات أخرى تعود إلى العقد الأول من القرن الحالي التي تحمل البسمة والطمأنينة التي انعكست إيجابياً على الفعل الثقافي والأداء الفني في الجزائر. ضمَّ الكتاب في فصله الثاني والأخير حوارات أجراها عدد من الصحافيين والإعلاميين مع صاحب الكتاب، أدرجها المؤلف في منشوره لما لها من أهمية وفائدة إضافية تخدم فضاء التاريخ المحلي والوطني.
أسياد الفكر
تأليف: جولي مراد
الناشر: دار المراد و الدار العربية للعلوم ناشرون – نوفمبر 2015
بماذا أوصى لقمان الحكيم ابنه في القرن العاشر قبل الميلاد؟ وما هي مبادئ الفيلسوف الصيني كونفوشيوس الذي عاش قبل 2500 سنة؟ وماذا قال الفيلسوف اليوناني أفلاطون وأستاذه سقراط؟ وما هي أبرز الأقوال المأثورة لكل من أبي موسى الأشعري وعبدالله بن المقفع والجاحظ والفارابي والغزالي وتوما الأكويني؟ وكيف تجسّدت موهبة المتنبي ووليم شكسبير شِعراً؟ وما الأقوال التي تثبت عبقرية ابن خلدون وجان جاك روسو ومكسيم غوركي وآلبرت آينشتاين وميخائيل نعيمه، كلٌ في مجاله؟ هذه الأسئلة وغيرها يجيب عنها هذا الكتاب الذي يتناول 62 فيلسوفاً ومفكراً وأديباً وشاعراً، فيعرِّفنا بهم، نشأة وتأليفاً، ويغرف من أقوالهم ما دوَّنه الزمن في سجل التاريخ.
كتاب جولي مراد واضح النص، رشيق الأسلوب، غني المضمون، يحوي بين دفتيه عصارة أجيال من التفكير البشري المبدع. يعود إلى حقبات ما قبل الميلاد، فيجول على مدارج الفلسفة الإغريقية والحكمة الصينية، مروراً بالحضارة الفارسية، وصولاً إلى العبقرية العربية، حتى يصل إلى شاطئ الفكر المعاصر شرقاً وغرباً.
جنون من الطراز الرفيع
تأليف: ناصر قائمي
ترجمة: يوسف الصمعان
الناشر: دار جداول للنشر والترجمة – نوفمبر 2015
هذا الكتاب، يساعد غير المتخصص على فهم مرض نفسي شاع بطريقة لافتة للنظر في عموم العالم العربي والإسلامي، ويُعد المرض الشعبي الأول في الدول الصناعية، وهو «الاكتئاب» وما يصاحبه من مشكلات سلوكية واجتماعية وتشنج مع الذات ومع الآخرين. ويميز المؤلف بدقة بين الاكتئاب والهوس، الملازم لما نسميه عادة «الجنون». وهو تمييز ضروري، لأنهما ينتميان لطبيعتين نفسيتين مختلفتين. والكتاب هو أحد أهم الكتب المتخصصة في الصحة النفسية المعاصرة، وهو موجَّه أيضاً لكل من له علاقة بعالم السياسة والقيادة في أوسع معانيها، سواءً تعلَّق الأمر بإدارة وقيادة مؤسسة سياسية أم تعليمية أو تجارية أو صناعية. كما أنه يركز على فهم الآليات النفسية والعقلية لمنطق التسيير والتدبير بصفة عامة.
المثل العامي الأندلسي في الدراسات العربية والاستعرابية
تأليف: د. رشيد العطار
الناشر: جمعية البحث التاريخي والاجتماعي في القصر الكبير – مايو 2015
يكشف هذا الكتاب عن الأمثال العامية في التراث الأندلسي الغني منذ بداياته. ويركز على نموذج «حدائق الأزاهر في مستحسن الأجوبة والمضحكات والحكم والأمثال والحكايات والنوادر» لصاحبه ابن عاصم الغرناطي، وهو قاضٍ من فقهاء المالكية في الأندلس. ويعرض لخلاصة الأمثال العامة في الأندلس. ومن ثم يغوص في المثل العامي الأندلسي في الدراسات العربية ومن ثم في الدراسات الاستعرابية. إنه كتاب ممتع يجمع كثيراً من الأمثال العامية التي تعكس كثيراً من جوانب الحياة الاجتماعية والثقافية والدينية في الأندلس.
اللغة والكذب
تأليف: هرالد فاينرش
ترجمة: عبد الرزاق بنور
الناشر: دار كنوز المعرفة – أبريل 2015
لا يقارب الباحث الألماني هرالد فاينرش في كتابه الكذبَ من وجهة الطُهرانية والتأثيم، ولا من وجهة سسيولوجيّة، بل من مقاربة لسانيّة بحتة. ويركز بحثه من خلال التساؤلات التالية: هل تمكِّننا اللغةُ من بَسطِ أفكارنا بجلاء أم في إخفائها؟ وهل الكذب ملازمٌ للغة، لا يقوم إلا بها، ولا تقوم إلا به؟ وغيرها من الأسئلة الجدليّة التي تبقى مُشرعةً في قضية حظيت بتناولٍ واسعٍ من القطاعات المعرفيّة قديماً وحديثاً. كما بسط المؤلف فاينرش البحث في تفسير آليات مخاتلة اللغة وجعلها تخفي الأفكار، حيث يفترض فيها إظهارها وعكسها كما تفعل المرآة. فاللغة مرآة تعكس الفكر وتظهره على ما هو عليه، وقد تسهم اللغات عبر مراوغاتها في إخفاء الفكر وإلباسه. فهل اللغة متواطئة في بث الغموض والمخاتلة أم أنها (اللغة) وسيط محايد لا ذنب لها، فهي أداة تخضع ككل الآداب لمآرب مستخدميها؟
نظرات نقدية في اللغة العربية المعاصرة
تأليف: د. أحمد محمد المعتوق
الناشر: الدار العربية للعلوم ناشرون – مايو 2015
يقدِّم أ. د. أحمد محمد المعتوق في هذا الكتاب مجموعة من الأبحاث والمقالات التي كتبها على هامش بعض ما شارك فيه أو حضره من المؤتمرات المتعلِّقة بشؤون اللغة العربية في داخل الوطن العربي وخارجه. ويسلِّط الأضواء فيها على جوانب حيوية مهمة من قضايا اللغة العربية المعاصرة، ومن بينها: سبل النهوض بمؤتمرات هذه اللغة وندواتها في عالمنا العربي، وطرق تطوير معاجمها ومناهج تعليمها وأساسيات التعريب فيها. ثمة قضايا مهمة أخرى تخصها مثل: «استراتيجيات التخطيط اللغوي»، و«المرأة ولغة الطفل»، و«اللغة والاستعمار الجديد»، و«اللغة ومستقبل الإبداع»، و«العربية خارج بلدانها»، و«اللغة والنزاعات الإقليمية»، «وأسس البحث اللغوي»، وما إلى ذلك مما يتعلَّق بحماية اللغة العربية مما تواجهه في واقعها الراهن من تحديات.
ما يميّز هذا العمل أن موضوعاته تساق بأسلوب رصين وميسّر، يمكِّن القارئ من التفاعل الجاد المثمر ومن المشاركة في التحاور واستلهام الأحداث والمواقف. كما تطرح الرؤى والأفكار فيها وفق منهج نقدي مقارن يستند إلى الكثير مما اكتسبه المؤلف من تعايشه مع اللغة العربية وشؤونها في الخارج، حيث زار عدداً من البلدان الأوروبية، ودرس علوم اللغة العربية وآدابها المقارنة في الولايات المتحدة الأمريكية، واطلع على خطط ومناهج تعليمها ودراسة علومها في تلك البلدان، وعلى دوافع وأسباب العناية بها، كما حضر عديداً من المؤتمرات والندوات المتعلِّقة بها، ولا سيما مؤتمرات (الميسا) الدولية.
إن الأبحاث والمقالات التي يتضمَّنها هذا الكتاب، بما تشتمل عليه من تجارب خصبة ورؤى جديدة رصينة ونظرات موضوعية فاحصة، يمكن أن تشكِّل خطوطاً عريضة لأبحاث ودراسات أخرى معمقة ومنطلقات أساسية لمشاريع مستقبلية مهمة في بحث كثير من قضايا اللغة العربية وموضوعاتها الحيوية.
كتب من العالم
مدينة العمل: القصة المذهلة للمشروع الذي أطلق المراقبة الجماعية
Worktown: The Astonishing Story of the Project that Launched Mass Observation by David Hall
تأليف: ديفيد ريف
الناشر: W&N – أغسطس 2015
في أواخر ثلاثينيات القرن الماضي، شهدت مدينة لانكشاير البريطانية تجربة اجتماعية رائدة، فقد قام فريق من تسعين مراقباً، وعلى مدى ثلاث سنوات، بتسجيل دقيق للحياة اليومية للناس العاديين في مراكز العمل واللهو، أي في المصانع والمقاهي والمتنزهات وغير ذلك. وكان هدف المراقبين إيجاد نوع من الأنثروبولوجيا الذاتية. وكانت تلك التجربة الأولى من نوعها ومن ثم تطورت فيما بعد إلى حركة المراقبة الجماعية التي أصبحت ذات أهمية كبرى في فهم اتجاهات الرأي العام لدى الأجيال المقبلة.
وبالاعتماد على تقارير هؤلاء الأشخاص والصور التي رسموها والمصادر التي استخدموها، يروي ديفيد هول في هذا الكتاب قصة هذا المشروع الغريب والقصير الأمد وإنما المؤثر للغاية. وينقل صورة أخاذة لفصل مفقود من التاريخ الاجتماعي البريطاني لحياة مدينة صناعية بريطانية قبل أن تغيرها الحرب العالمية الثانية إلى الأبد.
حيوان المختبر
Profession: Animal de Laboratoire by Audrey Jougla
تأليف: اودري جوغلا
الناشر: Editions Autrement – سبتمبر 2015
كُتب كثير في الغرب عن مسألة استخدام الحيوانات في تجارب المختبرات، للتعرّف إلى الخصائص الدوائية أو تطوّر بعض الأمراض. وكان عدد من كبار الكتّاب والأدباء أثاروا هذه القضية في كتاباتهم مثل الشاعر فكتور هوغو.
وهذا الكتاب الذي تقدِّمه أستاذة الفلسفة أودري جوغلا، يطرح القضيّة من جديد على أساس ما تلقاه من إهمال في ظل التقدم العلمي – التكنولوجي الذي جعل الكلمة الأخيرة تعود للخبراء وليس للبشر العاديين وأفكارهم الإنسانية. وتصف المؤلفة في هذا الكتاب الكيفية التي يتم على أساسها التعامل مع حيوانات المختبرات، بالاعتماد على سلسلة من الصور التي كانت قد التقطتها بواسطة كاميرا خفيّة في المخابر المعنيّة. وتشرح أن «التعتيم» على ما يجري داخل هذه المختبرات، إضافة إلى النقاش التقني البحت أبعد قضية حماية الحيوان عن ساحة الاهتمام تماماً.
عقاقير أدبية.. الكتب كأدوية تخفف الآلام
Remedes Litteraires: Se Soigner par Les Livres by Ella Berthoud & Susan Elderkin
تأليف: إيلا بيرتهود وسوزان إلدركين
الناشر: JC Lattes – أكتوبر 2015
وفق الطرق الشائعة عن «التداوي بالأعشاب» أو بـ «تمارين اليوغا»، أو غير ذلك من أشكال التداوي، فإن هذا الكتاب يدور حول «التداوي بالكتب»، فـ «العقاقير الأدبية» تفعل فعل أيّة أدوية أخرى.
فمن الأطروحات التي تقدّمها المؤلفتان إيللا بيرتهود وسوزان إلدركين أنه يمكن لبعض الكتب أن تكون ذات أثر في تخفيف الآلام ذات المصدر النفسي. هكذا مثلاً تقولان إن رواية «فوق فوهة البركان» لمؤلفها مالكولم لوري يمكنها أن تدفع قارئها إلى التخلّي عن تناول الكحول. وتحمي رواية «مدام بوفاري» لغوستاف فلوبير من السقوط الأخلاقي، وتجنّب رواية «السمفونية الرعوية» لأندريه جيد التوتر العصبي.. إلخ.
ولا تنسى المؤلفتان أن تشيرا في النهاية إلى أنه إذا كان يمكن للأدب أن يخدم كعقار طبي، فإنه ينبغي تجنّب الإفراط في «تناوله» كي لا يغدو المرء من فئة «فئران المكتبات».
مفسِّر الأشياء: الأمور المعقَّدة في كلمات مبسطة
Thing Explainer: Complicated Stuff in Simple Words by Randall Munroe
تاليف: راندل مونرو
الناشر: Houghton Mifflin Harcourt – نوفمبر 2015
هل سبق لك أن حاولت معرفة مزيد عن أشياء معيَّنة، إلا أنك أُحبطت بلغة غير مفهومة؟ راندال مونرو وضع هذا الكتاب للمساعدة. في كتاب «مفسر الأشياء»، استخدم مونرو رسومات وخطوطاً بالإضافة إلى أكثر الكلمات شيوعاً لتقديم تفسيرات بسيطة لبعض الأشياء الأكثر إثارة للاهتمام. من أهم هذه الأمور: الميكروويف ومحطة الفضاء الدولية ومراكز البيانات والنظام الشمسي والصفائح التكتونية وغيرها. وأهم ما يسلَّط الضوء عليه هو كيف تعمل هذه الأشياء؟ من أين أتت؟ كيف يمكن أن تكون الحياة بدونها؟ وماذا سيحدث لو فتحنا هذه الأشياء، أو قمنا بتسخينها أو تبريدها، أو غيَّرنا اتجاهها؟ في «مفسر الأشياء»، يعطي مونرو الأجوبة عن هذه الأسئلة وغيرها كثير جداً. إنه كتاب طريف، مثير للاهتمام لعديد من الأشخاص مهما كانت أعمارهم.
جغرافيا العبقرية: بحث عن أكثر الأماكن إبداعاً في العالم منذ اليونان القديمة إلى وادي السليكون
The Geography of Genius by Eric Weiner
تاليف: إريك واينر
الناشر: Simon & Schuster – يناير 2016
في جغرافية العبقرية، يعمد الكاتب إريك واينر إلى دراسة العلاقة بين محيطنا والأفكار المبتكرة. إنه يستكشف تاريخ الأماكن، مثل فيينا في عام 1900م، وفلورنسا في عصر النهضة، وأثينا القديمة، ووادي السليكون، ليظهر كيف تسهم بعض البيئات الحضرية المعينة في الإبداع. وبأسلوب يتميز بالفكاهة الثاقبة، حاول واينر قطع المسارات نفسها التي اتبعها العباقرة الذين برزوا في هذه البيئات لمعرفة ما إذا كانت العناصر التي ألهمت شخصيات مثل سقراط، ومايكل أنجلو، وليوناردو ما زالت قائمة. وعن هذه الأماكن يسأل واينر: «ماذا كان في هوائها، وهل يمكننا حفظه في زجاجة؟».
هو كتاب مثير واستفزازي في آن، كما أنه يعيد طرح الجدلية حول كيفية نشوء العبقرية، ويؤكد على ضرورة إعادة تقييم الثقافة من أجل رعاية الإبداع.
بين كتابين
سحر الخرائط
خارطة: استكشاف العالم. تأليف: فيكتوريا كلارك
Map: Exploring the World by Victoria Clarke
الناشر: Phaidon Press – سبتمبر (2015)
الخارطة الغريبة. تأليف: آشلي بينتون وليامز
The Curious Map Book by Ashley Baynton-Williams
الناشر: University of Chicago Press – أكتوبر (2015)
منذ أن رسم البابليون خطين متوازيين ودائرة ليمثِّلا نهر الفرات وعاصمتهم المحددة بجدران على لوح من طين منذ ما يقارب من 3000 سنة، بدأت البشرية محاولة ترسيخ فهمها للواقع من خلال تصوير الأمكنة المسطحة لتحديد أماكنها في العالم. فالخرائط تقودنا وتعطي نوعاً من التماسك للمحيط الذي نعيش فيه، وتساعد على إضفاء معنى بصري على الحقائق غير الملموسة. في مقدمته لكتاب فيكتوريا كلارك «خارطة: استكشاف العالم» كتب الخبير في رسم الخرائط في مكتبة الكونغرس، جون هسلر يقول إن «الخارطة، كمفهوم، معقَّدة ودائمة التغيير، ولكن العنصر البصري المركب والمجرد في رسم الخرائط هو موضع قوتها وجاذبيتها».
تجمع فيكتوريا كلارك في كتابها هذا أكثر من 300 خارطة تمتد على أكثر من 3000 سنة، وتطول كل ركن من أركان المعمورة تقريباً، وتتراوح بين خرائط العالم الذي نعرفه، من خرائط إقليمية إلى خرائط ديموغرافية. منها ما يتتبع الصراع العربي – الإسرائيلي ومنها ما يمثل الكوارث الطبيعية مثل خرائط أحياء نيو أورلينز التي غمرتها المياه جرَّاء إعصار كاترينا، إلى الخرائط التي ترسم انتشار فيروس إيبولا عبر غرب إفريقيا، وتلك التي تبيِّن الاختراق العالمي لتويتر وفيسبوك. كما أنه يحتوي على خارطة لإثيوبيا تعود إلى 1923م باللغة الأمهرية، وبتكليف من صاحب السمو الملكي هيلا سيلاسي، بعد انضمام بلاده إلى عصبة الأمم، تعبِّر عن استخدام الخرائط لغرس روح الوحدة الوطنية. كما يتضمَّن الكتاب بعض الأعمال الكلاسيكية مثل «رؤية العالم من الجادة التاسعة»، التي كانت غلاف مجلة «نيويوركر» الأمريكية في أحد أعدادها في 1976م، والتي أصبحت مرجعاً ثقافياً، إذ صوَّرت بشكل طريف، رؤية سكان نيويورك المشوهة للعالم وهم منغمسون في حياتهم اليومية الصاخبة.
ولكن كتاب «الخرائط الغريبة» الذي صدر في نفس توقيت كتاب «خارطة: استكشاف العالم»، يتخذ مقاربة مختلفة لتاريخ رسم الخرائط. لا يكمن اهتمام الكاتب آشلي بينتون وليامز بالخرائط كأدوات جغرافية، وإنما كوسائل للهو والاستمتاع. جمع بينتون وليامز في هذا الكتاب مئة نموذج من ألعاب الطاولة بالإضافة إلى بعض الخرائط الاستعارية وخرائط لأشكال الحيوانات ومجموعة أخرى من عجائب الخرائط، وذلك في مؤلف ممتع يبدأ بنحت خشبي للعالم يعود لعام 1493م (باستثناء الأمريكتين وجنوب إفريقيا والشرق الأقصى) وينتهي بخارطة لمعالم أفغانستان محاكة على سجادة تباع كتذكار لكل من يزورها.
كانت ألعاب الألغاز وألعاب الطاولة التي انتشرت في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر تعكس اهتماماً متزايداً بالتغيرات الاجتماعية والثقافية الحاصلة. ففي عام 1835م نزلت إلى الأسواق لعبة «واليس الجديدة للسكة الحديد» ولعبة «الرحلة في إنجلترا وويلز»، في الوقت نفسه الذي بدأت فيه القطارات الأولى تجول في أنحاء المملكة المتحدة. وفي لعبة «الكريستال بالاس» التي صممها عضو الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية، هنري سميث إيفنز، في حوالي 1854م، يسير اللاعبون على طريق يعترضه وحوش البحر ورجال القبائل المعادية وغيرها من المخاطر الموجودة في أقطار الإمبراطورية البريطانية المترامية الأطراف. ولأنها تهدف إلى الاحتفاء بالهيمنة البريطانية العالمية وتأثيرها على الفنون والعلوم والثقافة، كُتب على لوح اللعبة من الأسفل شعار: «بريطانيا، المملكة التي لا تغيب عنها الشمس».
ومع ذلك، فإن التشكيلة اللافتة للنظر في كتاب «الخرائط الغريبة» هي سلسلة من الخرائط المجسمة من القرن التاسع عشر التي تنتقد التوترات الجيوسياسية في ذلك الوقت. في أحد أعمال الفنان ورسام الكاريكاتور جوزيف جون غوغينزن في عام 1870م، تم تصوير أوروبا كحديقة حيوانات من البشر القبيحين، وتم تصور بروسيا كحيوان يواجه صورة وحش يمثل فرنسا (وكان ذلك قبيل نشوب الحرب البروسية الفرنسية). وفي خارطة أخرى من أوائل القرن العشرين تم تصوير روسيا، وهي تتصارع مع بريطانيا في لعبة الأمم الكبرى، وتتهيأ للحرب ضد اليابان، كأخطبوط يمد أطرافه صوب أوروبا وآسيا في آن.
يظهر هذان الكتابان كيف أن تاريخ المحاولات البشرية للتصوير المسطح للعالم الذي نعيش فيه كان مملوءاً بكثير من عناصر الجمال والابتكار وروح الإبداع الفني. وأنه، بالإضافة إلى المنظور الجغرافي، يمكن النظر إلى فن رسم الخرائط من زاوية ثقافية واجتماعية وسياسية تتجاوز عوائق اللغة وحدود التاريخ.