تُرى هل أصبحت أخيراً تقنيات اللمس (التي تمكّن المستعملين من لمس الصور المجسمة) جاهزة للخروج من أقبية المختبرات إلى عالم الواقع؟
تستطيع في عالم الحواسيب الافتراضي أن تشاهد الصور دون أن تلمسها. بيد أن التطورات في الرسوم الحاسوبية جعلت من الممكن إنشاء صور تخدع العين بواقعيتها، ولكنها تبقى مع ذلك غير قابلة للمس. إذ هي مجرد أشباح ضوئية حشرت خلف زجاج شاشة الحاسوب.
أما تقنية اللمس فتستخدم وسائل تحاكي الخصائص الطبيعية في الأجسام مثل الضغط واللون والحرارة والاهتزازات والأحاسيس الأخرى المرتبطة باللمس. وهي إحدى التقنيات التي يعشقها الباحثون، ولكن يندر أن تشاهد كمنتجات تجارية.
وقد أصبحت هذه الأنظمة تزداد تعقيداً وكفاءة في المختبرات. ويعتقد رئيس فريق أبحاث اللمس في جامعة Reading أن التقنية الآن جاهزة للاستعمال على نطاق أوسع. فيقول: لقد شهد مشروعنا الأخير خطوة بارزة نحو إيجاد الأسس للمعدّات والبرمجيات والتحكّم لأجهزة اللمس سريعة الاستجابة التي تعمل بعدة أصابع ، حيث يدخل المستعمل أصابعه في فناجين مطاطية مركبة على ذراعي إنسان آلي، ويتحكم الحاسوب في حركتها بكل دقة ليعطي إيحاءً بملامسة سطح طلب. ويصبح من الممكن بعد ذلك تصميم صور ثلاثية الأبعاد حرّة الطفو يمكن التعامل معها من كل الجوانب.
فيم يمكن استخدام هذه التقنية؟ الطب حتى الآن هو أكثر الأسواق نضجاً في هذا المجال حيث تستعمل تقنية اللمس هذه في أجهزة تدريب الأطباء، وهذا يجعل أجهزة المحاكاة الجراحية حالياً هي الأساس في عمل كثير من شركات تقنيات اللمس.
وقد أخذت تقنيات اللمس تشق طريقها مؤخراً إلى المنتجات الاستهلاكية، فهناك كثير من أجهزة التحكم في ألعاب الفيديو (مثل عجلة القيادة المستجيبة وعصا التحكم) تحتوي على أدوات مبسّطة من تقنيات اللمس فتمكّن سائقي سيارات السباق والطيّارين الافتراضيين من الإحساس بالمطبّات في الطريق المصطنعة أو بلعلعة البنادق الآلية. وسوف تدخل هذه التقنية قريباً الهواتف الخلوية حيث تعاونت Immersion مع سامسونغ لإنتاج تقنية تسمى VibeTone ستظهر للمرة الأولى في نهاية هذا العام. فكما يمكن برمجة الهواتف الحالية لإصدار نغمات رنين مختلفة باختلاف صاحب المكالمة ستقوم تقنية VibeTone بذلك عن طريق اهتزازات مختلفة، وسوف تعرف إن كان المتكلم رئيسك في العمل أو زوجتك أو المربية دون أن تدخل يدك في جيبك.
تبقى مع ذلك مشكلة تكلفة المعدات، غير أن أسعارها في هبوط مستمر. كانت هذه التقنية باهظة في الماضي وصعبة البرمجة، ولم يكن من السهل دمجها مع برمجيات أخرى. وكانت أسعار أجهزة تقنيات اللمس تبدأ من 30 ألف دولار، بينما تكلّف بعض الأنظمة الآن أقل من 3 آلاف دولار. وقد أطلقت للتوّ شركة SensAble للتقنيات في ماساشوستس عُدّة للتطوير تسمح بإضافة تقنيات اللمس إلى أية برمجيات تقريباً، وتكلّف 1950 دولاراً شاملة المعدات. وتأمل الشركة بهذا أن تحفز الطلب على أجهزتها الخاصة باللمس التي تستعمل حالياً في التصميم والعرض الافتراضي للمنتجات من أحذية الجري إلى الألعاب.
أما الهدف النهائي المنشود فهو دمج تقنيات اللمس مع رسوم الحاسوب للتوصل إلى صور ليزر ثلاثية الأبعاد مجسّمة يمكن لمسها. وقد عرضت شركة SensAble هذا النظام في الشهر الماضي في مؤتمر SIGGRAPH للرسوم الحاسوبية في لوس أنجلوس. وبلا شك ما زال يفصل بيننا وبين المسرح المنزلي للصور ثلاثية الأبعاد الافتراضية القريبة من الواقع عقود من الزمن، ولكن مجرّد استخدام تقنيات اللمس في عصا التحكم والهاتف الخلوي يعتبر خطوة في الاتجاه الصحيح.