في إطار تعزيز قدرات الشباب المهتمين بلغة جديدة، للتعبير من خلال وسائل الاتصال الحديثة التي جعلت من رجل الشارع ناشراً ومصوراً وصانع أفلام، نظَّمت القافلة ورشة عمل بعنوان: «كيف تصنع فِلماً قصيراً بميزانية محدودة»، شارك فيها عدد من الهواة والمهتمين إضافة إلى بعض المحترفين، وأدارها المخرج والمنتج مجدي وعدو والمخرج ومدير التصوير عماد طاهر.
شهدت الآونة الأخيرة نمواً متصاعداً لعدد الأفلام القصيرة العربية، الوثائقية والروائية منها، التي يتم تحميلها على «يوتيوب» وغيره من وسائط التواصل الاجتماعي، بشكل بدأ يعزِّز، كمَّاً على الأقل، المحتوى الرقمي العربي في هذا المجال.
كتيب عن الورشة
قبيل ختام الورشة، كان فريق «القافلة» قد تمكن من إعداد كتيب وطباعته، تضمَّن ملخصاً لأهم النقاط التي أثيرت في اليوم الأول منها، ولقي ترحيباً كبيراً من الحاضرين الذين جرى توزيعه عليعهم.
عرض الكتيب للخطوات الواجب اتخاذها لإنتاج فِلم قصير جيد، بشكل نقاط وفقرات قصيرة مرقمة من 1 حتى 14، بدءاً بكتابة النص وصولاً إلى المشاركة في المهرجانات، وتحميل بعض مقاطعه على «يوتيوب».
بعض هذه الأفلام جيد، وبعضها ليس كذلك. ولكن المتابعين والنقاد يُجمعون على أن كثيراً من هذه الأفلام قد تعثَّر في طريقه إلى النجاح بسبب ثغرة معينة في موضع معيَّن. ولذا، كانت ورشة العمل هذه، التي أقامتها القافلة في جدة يومي الإثنين والثلاثاء 16 و17 يونيو، لتحديد العناصر اللازمة لإنتاج فِلم قصير بميزانية محدودة، طالما أنها موجهة إلى الهواة، وتسلسل هذه العناصر وأهمية كل منها.
مهَّد المدرب وعدو لمحتوى الورشة بطرح مجموعة أسئلة منها:
– من صنَّاع الأفلام القصيرة؟
– هل التخصص شرط لإنتاج فِلم عالي الجودة وقادر على جذب الانتباه؟
– هل بمقدور الهواة صناعة فِلمٍ قصير ناجح بميزانية محدودة؟
– هل يعني عدم وجود فريق كبير أن العمل سيكون أقل قيمة؟
ومن الأجوبة اللافتة التي أعطاها على بعض هذه الأسئلة، قال المدرِّب: «إن العمل القصير النموذجي، وفقاً للمتخصصين في صناعة الأفلام، هو ذلك الذي يقوم صانعه بكتابته وتصويره وإخراجه بنفسه على الرغم من تواضع إمكاناته. لأن اعتماده على نفسه في إنجاز كافة المراحل، يجعله أكثر استيعاباً للفكرة والتصاقاً بها، وأقدر على ترجمتها».
العمل الجيد يبدأ بفكرة..
بعد هذا التمهيد، والحديث عن إمكانية إنجاز مشروع بجهد ذاتي وميزانية بسيطة جداً، بدأ المدرب بتحديد تسلسل الخطوات اللازمة للتنفيذ الجيد.
الخطوة الأولى في صناعة الفِلم هي في فكرته. إذ لا بد من البدء بدراسة الفكرة جيداً، مع إعطاء أولوية للتفكير بالمعادل البصري للفكرة. ومع القراءة وبحث الفكرة يتبين صانع الأفلام إن كانت قابلة للتنفيذ ضمن سقف الميزانية. وبعد ذلك، يجب أن يركز على محورٍ خاص للحديث عنه ليستطيع تغطية موضوعه ويوصل رسالته دون أن يتشعب كثيراً ويبتعد عن صلب الفكرة.
بعد الحديث عن تحديد الفكرة القابلة للتناول المصور والمسجل، دار نقاش بين المشاركين والمدرب حول الأفكار غير القابلة للتنفيذ بسهولة. مع إعطاء نماذج لنوعيات من الأفلام يجب على أصحاب الميزانيات المحدودة تلافيها.
الأبحاث من وجهة نظر المحترفين
كان من بين حضور الورشة في يومها الأول كان هناك عددٌ من المحترفين، الذين أثرى حضورهم النقاش، ومنهم خالد الفاضلي، المنتج والمعد ومدير مكتب قناة العربية بجدة، وبدر الشريف كبير المراسلين في مجموعة إم بي سي بجدة. وجه المدرب مجدي وعدو سؤالاً مباشراً للفاضلي، وهو لماذا يصور أفلامه وينتجها، وهل يقوم بأبحاثه بنفسه؟ فأجاب بأنه يصنع الأفلام، لأن أفكاره وقناعاته تتربص به، ويريد الخلاص منها، وصناعة الفلم تحقق له ذلك. أما عن الأبحاث، فيقول: «أحب أن أقوم بالبحث بنفسي دائماً. لكن يحدث أحياناً أن أستعين بغيري في بعض الجزئيات نظراً لضيق الوقت، ولكن أحرص على أن أتفحص نتائج البحوث المقدمة من المساعدين بدقة شديدة، وأدرسها بتمعن».
الأبحاث
المرحلة التالية في خطوات صناعة الفلم هي في إجراء الأبحاث المتعلقة بالفكرة، والحصول على أكبر قدر من المعلومات بأعلى دقة ممكنة. ووفقاً للمدرب فإن كل فِلم ناجح لا بد أن يحظى بباحث جيد، وبحث معمق، مهما كانت فكرته. فالبحث بالنسبة للفِلم هو العمود الفقري الذي يبني عليه صانع الفِلم كل العناصر الأخرى من معلومات، ونصوص، ومشاهد تصويرية. وهو المعيار الذي يمكِّنه من معرفة مدى قابليته للتنفيذ، والكيفية التي يمكن أن يتم بها التصوير والتنفيذ. ومن مصادر الأبحاث التي يمكن الاستعانة بها في هذه المرحلة، هناك الكتب، وشهود العيان، وشبكة الإنترنت.
وأشار المدرب إلى أنه في الأفلام ذات الميزانية المرتفعة يكون هناك فريق متكامل ومتخصص لعمل الأبحاث. أما في الأفلام البسيطة ومحدودة الميزانية فإن على صانع الفِلم القيام بهذا الدور بنفسه، ويمكن أن يكسب بذلك مزيداً من الترابط والقوة في عرض موضوع فِلمه.
وفي ختام النقاش حول قيمة الأبحاث في تحديد مسار العمل بشكل صحيح، وتحديد محور الفكرة، قام المدرب بتمرين بسيط تفاعلي مع المشاركين لاقتراح مثال متخيل لفكرة فِلم يتم البحث حولها.
الفكرة كانت عبارة عن فِلم عن عنترة بن شداد، أما السؤال الذي كان على المشاركين الإجابة عنه، فهو: ماهي مصادر الأبحاث والمعلومات المتاحة؟ وكيف نستفيد من المعلومات المختلفة، والصور التشبيهية التي تمر بنا في مرحلة البحث؟
وتضمنت الأجوبة: كتب التاريخ، المتخصصين في التاريخ والأدب العربي، سكان منطقة الجواء التي سكنها عنترة تاريخياً، القصائد الشعرية. خبراء في علم النفس لتحليل تأثيرات حياته على شخصيته. أما الصور والنصوص الوصفية في هذه المصادر فيمكن الاستعانة بها بتنفيذ مشاهد تمثيلية تحاكي واقع الشاعر، والأماكن مثل المنطقة التي عاش فيها، ومضارب بني عبس فيمكن تصويرها والاستعانة بمشاهدها على أنها المنطقة التي عاش فيها الشاعر قبل أكثر من ألف عام.
المدرِّبان وعدو وطاهر
مجدي وعدو
صحافي ومنتج وسيناريست سعودي، متخصص في الأفلام الوثائقية، وسبق له أن قدَّم عدة أفلام عرضت على قناة «العربية»، منها مسلسل وثائقي بعنوان «على خطى الرسول»، وفلم وثائقي من ثلاثة أجزاء تحت عنوان «هجرة الحضارم».
عماد طاهر
مخرج ومدير تصوير وإضاءة، عمل مع عديد من المحطات الفضائية، منها مجموعة «إم بي سي»، و«العربية». وغطى أحداث الربيع العربي في ثلاث دول، بالإضافة إلى عديد من الأخبار والأحداث المحلية والعالمية.
تدوين محاور العمل لتنفيذ العمل المصور
بعد الانتهاء من مرحلة الأبحاث، يبدأ العمل على رسم الخطة وتدوين تفاصيل الفِلم الدقيقة على الورق لتنفيذه. وهنا يجب التنبه إلى وضع جدول زمني بموازاة تدوين وكتابة الأحداث والمحاور والنصوص، وغير ذلك. ولهذا نبّه المدرب المشاركين إلى أن توقيت الفِلم المسجل يعتمد على قناة عرضه والطريقة التي سيتم بها ذلك، فالساعة التلفزيونية لمادة مصورة على سبيل المثال، هي في الواقع بين 45 – 52 دقيقة. وذلك لطرح زمن الإعلانات التجارية وما شابه ذلك. أما نصف الساعة التلفزيونية: فتتراوح بين 20 – 25 دقيقة.
وأضاف المدرب، أن من بين المحاور التي يجب أن يتم تدوينها عدد الأشخاص الذين سيظهرون في الفلم، والمقابلات التي سيتم إجراؤها.
نصائح لمرحلة البحث
– فكر دائماً بالصورة.
– ابحث عن المعلومات التي تمنحك إطاراً تصويرياً، وامنحها الأولوية.
– سجل نتائج بحثك في خطوط عريضة.
– تأكد من صدقية معلوماتك ولا تستسهل الحصول عليها من شبكة الإنترنت دون التأكد من المصدر.
ورداً على سؤال حول ما إذا كان يتوجب وجود مقابلات مصورة في كل عمل تسجيلي، كان الجواب بأن ذلك يخضع لطبيعة الفلم وفكرته. وأشار المدرب إلى أن هناك أعمالاً مصوَّرة رفيعة المستوى مثل بعض إنتاجات قنوات: «بي بي سي»، هيئة التلفزة البريطانية، و«ناشيونال جيوغرافيك»، و«ديسكفري» لا تحتوي على أية مقابلات على الإطلاق. لكن الخلاص من المقابلات لا يكون إلا بوجود فريق أبحاث قوي، وميزانية ضخمة ووجود المعد البارع القادر على الكتابة والإعداد والبحث والتصوير والتعليق والظهور في فلمه مع كل المعطيات السابقة، ليمنح الفلم الصدقية والقوة في إيصال الرسالة. وهو ما لايتوافر كثيراً في العالم العربي، ولذا فإن المقابلات مع الخبراء، أو الشخصيات المهمة لفكرة الفلم تغطي على نقص العناصر السابقة.
وأشار المدرب إلى أنه في ساعة مصورة فإن عدد المقابلات يجب أن يتراوح بين 6 و8 مقابلات. أما في نصف ساعة مصورة فإن عدد المقابلات يتراوح بين 4 و5 مقابلات. وذلك للخروج من فخ التكرار والملل الذي يكمن في منح مساحة كبيرة لشخص واحد.
مواعيد تصوير المقابلات
ولزيادة التوفير في الأعمال ذات الميزانيات المتواضعة، يلجأ صانع الفلم لنوع من الجدولة الذكية في التنفيذ، فالوقت في إنتاج وتصوير وصناعة العمل المصور يعني مالاً، خاصة إذا كنت تستعين بفريقٍ خارجي للتصوير أو تستأجر المعدات التي تنفذ بها مشروعك المسجل.
ولاختصار الوقت، والاستفادة القصوى رتب مواعيدك الخاصة بإجراء المقابلات الداخلية مع الضيوف في الأوقات غير المناسبة للتصوير الخارجي.
الورشة.. لعقد الشراكات؟
على الرغم من انتهاء المدة المحددة للورشة، بقي الحضور لنحو ساعة إضافية، امتد فيها النقاش إلى مزيد من القضايا المتصلة بصناعة الفِلم القصير، والمتصلة باختيار الأفكار والتنفيذ وشؤون الميزانية، وتفاصيل فنية متعلقة بالتصوير والمونتاج.وبسبب تنوع مستويات المشاركين، وخبراتهم العلمية والعملية، وبشكل خاص خبراتهم المتعلقة بصناعة الأفلام القصيرة، أتاحت الورشة عقد بعض الشراكات. إذ وجد بعض المشاركين خلال هذين اليومين شركاء لمساعدتهم على تنفيذ أفكارهم وأفلامهم القصيرة التي كانوا قد بدأوا بإعدادها. والبعض حظي بأسماء مقترحة لمساعدته بشكل خاص على إنجاز ما يعوق مشروعه من نواحٍ فنية، مثل الموسيقى الخاصة والمونتاج، والتصوير وغير ذلك.
التصوير
المصور والمخرج عماد طاهر قدَّم لمرحلة التصوير بشرح مفصل عن أنواع الكاميرات، وتطور تقنيات التصوير، وخيارات معدات التصوير منخفض التكلفة بالنسبة لصناع الأفلام محدودة الميزانية. وبحسب طاهر فإن التقنية الحديثة الثورية لكاميرات الـ HD يمكن أن تجعل أمر التصوير ميسوراً ووفق ميزانيات محدودة وبنتائج عالية جداً، حيث تبدأ أسعار الكاميرات المناسبة لتنفيذ الأفلام المسجلة من 2000 وتصل حتى مليون ريال سعودي. وهناك دائماً خيار استئجار المعدات بتكلفة يومية تصل إلى 500 ريال، والاستعانة بمصور محترف أيضاً لتصوير بعض المشاهد الصعبة.
وفرَّق طاهر بين المعدات بحسب وسيلة العرض. أما الأنسب من وجهة نظره بالنسبة لصناع الأفلام محدودة الميزانية هي كاميرات الـ «DSLR»، لتطابقها مع طبيعة المواد التسجيلية المعروضة على شبكة الإنترنت وعلى قنوات التواصل الاجتماعي مثل يوتيوب. وهي موجودة في السوق بكثرة من شركات مختلفة، أبرزها نيكون وكانون. وتبدأ أسعار الكاميرات بـ 2000 ريال سعودي، ومن المهم أيضاً أن يقتني صانع الفلم حاملاً للكاميرا لا تتجاوز قيمته 400 ريال، وإضاءة خاصة بقيمة لا تتجاوز 300 ريال سعودي، وعاكس للضوء، يمكن الاستعاضة عنه بقطعة من الفلين، أو قطعة مربعة فضية أو ذهبية أو بيضاء اللون لعكس الإضاءة.
أنواع الصور
يقول المدرب وعدو بأن هناك ثلاثة أنواع من الصور:
– الصور الطبيعية: وهي المشاهد التي يتم التقاطها بالفديو مباشرة للقطات ومقاطع طبيعية.
– الصور الثابتة: وهي الصور الأخرى مثل الصور الفوتوغرافية أو صور الوثائق وغير ذلك.
– صور الديكودراما: وهي المشاهد التمثيلية التي يتم صنعها من أجل إبراز فكرة الفلم المسجل.
– الجرافيك: وهي الصور المعدلة والمصنعة أو المرسومة.
الفن للفن أم للمعلومة
في بداية اليوم الثاني من الورشة، فاجأ المشارك الفنان الشاب رامي القثامي الحضور بمداخلة حول الرؤى المختلفة لصناعة الأفلام والغاية منها. فمن وجهة نظره الفلم هو نوع فني، وهو من أنصار نظرية الفن لأجل الفن، وبالتالي لا يجب إيجاد مبررات لإيجاد هذا الفن، وليس هناك من ضرورة لجعل فكرته ذات مضمون معلوماتي. الأمر الذي ردَّ عليه المدرب وعدو بأنه هو شخصياً من مدرسة تهتم بالمعلومة. لكن هذا ليس قاعدة. وأن القواعد العامة لصياغة فكرة أو معالجة فلم ليست نصوصاً منزلة ولكن يمكن هدمها ببساطوسيتم ذلك مع تطور الأفكار والمعالجات. لكن القواعد العامة تعين المبتدئين والمهتمين على وضع قدمهم على الطريق ولهم حرية الإبداع والابتكار بعد تحليقهم الأول المنفرد.
وبالعودة إلى المدرِّب عماد طاهر فإن من أهم الأساسيات لصنَّاع الأفلام اختيار الأوقات المناسبة للتصوير، فهناك أوقات تُعرف بين المخرجين وصنَّاع الأفلام والمصورين بـ «الميتة» (التي لا يمكن التصوير فيها خارجياً). أما أفضل أوقات التصوير الخارجي فهي قبل غروب الشمس بقليل، وفي الصباح الباكر.
كما لفت طاهر إلى أن هناك عيوباً كبيرة في تصوير المقابلات بشكل خاص ينبغي التنبه لها. وهي غالباً إما في الإضاءة، أو عدم إدارة موقع الضيف بشكل صحيح، مثل جعله يقف على مسافة قريبة جداً من حائط، مما يخل بالإضاءة، أو يجعل الصورة مسطحة، أو يظهر ظل الضيف. أشار طاهر أيضاً إلى أن هناك أخطاءً شائعة يمكن كشفها أثناء التصوير منها على سبيل المثال تصوير ضيف يرتدي ثوباً أبيض أمام خلفية بيضاء. فحينما لا يستطيع المصور على الكاميرا فصل الضيف عن الكتلة البيضاء وراءه، ستعاني الصورة عندها خللاً غير قابل للإصلاح في مرحلة المونتاج.
مرحلة ما بعد التصوير: الرقمنة
بعد إتمام تصوير مقاطع ومشاهد الفلم الخارجية والداخلية واستكمال مقابلاته، يصل إنتاج الفِلم إلى مرحلة جديدة تسمى الرقمنة (Digitize)، وتعني إدخال كل ما تم تصويره إلى وحدة الإنتاج، أو جهاز الكمبيوتر الشخصي في الأفلام ذات الميزانية المحدودة، وذلك بهدف معالجته والعمل عليه. عبر برنامج مونتاج، وهنا يشير المدرِّب إلى أن أفضل برامج المونتاج التي يمكن لصناع الأفلام العمل عليها هو برنامج: «Final cut Pro».
ويوضِّح المدرِّب أن هناك مدارس مختلفة في صناعة الفلم. فالبعض يفضل الكتابة الكاملة للنص والسيناريو مبكراً منذ المراحل الأولى. لكنه يقترح على المبتدئين البدء في الكتابة وتفريغ النصوص والصور في مرحلة ما بعد التصوير. لأن ذلك يسهل حصر الصور والكتابة لها. وتناول وعدو كيفية الكتابة وإعداد النص النهائي وهو النص الذي سيظهر في الفلم إما مصاحباً للصور وشارحاً لها، أو مسجلاً عبر تقنية الصوت المضاف (Voice over). وأعطى وعدو المشاركين عدداً من النصائح في صياغة هذا النص منها:
– التزام الفصحى البيضاء، أو الفصحى المبسطة حتى يصل الفلم لأكبر شريحة ممكنة من المشاهدين من دون صعوبة ودون الوقوع في فخ اللهجات.
– الكتابة المحايدة، بمعنى الابتعاد عن وضع الآراء الخاصة والأحكام المسبقة إذا كان موضوع الفلم واقعياً ويحتوي على معلومات محددة. لأن الانحياز قد ينفر المشاهد ويفقد الفلم مصداقيته.
– النص في الأفلام المسجلة يمتاز بالقصر والتركيز لأن الصور والمقابلات وبقية العناصر تكمله.
مما ينبغي معرفته عن المقابلات المصوّرة:
– وجود ضيوف نجوم، وضيوف أقل نجومية من ناحية مشاركاتهم في العمل المصور. لكن لا بد من الحفاظ على جميع الضيوف لضمان التنوع.- طرح الأسئلة الضرورية على كافة الضيوف أثناء تصوير المقابلات، لانتقاء الأفضل من بينها لاحقاً.- عدم مناقشة الضيف في الموضوع قبل بدء التصوير مباشرةً أبداً، لأنه قد يلجأ إلى اختصار ما سبق أن قاله قبل قليل.- لا تكن من صانعي الأفلام والمعدين الذين يقومون بمقاطعة ضيوفهم. اعرض فكرتك على ضيفك بالكامل، وابدأ تصوير المقابلة ودعه يسترسل حتى لا تقطع سلسلة أفكاره. وبإمكانك فيما بعد في مرحلة المونتاج انتقاء ما تريد من حديثه.
الموسيقى والمؤثرات الصوتية
يحتاج كل فِلم إلى مؤثرات صوتية وموسيقى خاصة. ويمكن أن يحصل عليها عن طريقين: إما عن طريق شرائها، وهنا يعرض صانع الفلم نفسه لأن يكون المقطع المستخدم شائعاً وغير فريد من نوعه، بالإضافة إلى إشكالية التعامل مع حقوق النشر والملكية الفكرية الخاصة بالموسيقي. أما الخيار الثاني وهو الأفضل، والأكثر احترافية وجودة، هو تأليف مقاطع موسيقية خاصة بالفلم. وللخلاص من الميزانية المرتفعة لتأليف الموسيقى الخاصة طرح المدرب بعضاً من الحلول منها البحث عن مؤلفين موسيقيين هواة راغبين في المشاركة، والترويج لمؤلفاتهم الموسيقية عبر الفيم المسجل.
تمارين عملية
وفي المرحلة الأخيرة من اليوم الثاني، أجرى المدرِّبان تمريناً عملياً للمشاركين الذين تم تقسيمهم إلى أربع فرق، كل واحدة من أربعة أشخاص، وقضى التمرين بإعداد مخطط مفصَّل لفكرة وتنفيذ فلم قصير من اختيارهم، وتحديد الخطوات اللازمة لذلك. وحظيت الفرق المشاركة بأربعين دقيقة لإعداد المخطط، ومن دون أي تدخل من المدرِّبين. وبعد ذلك عرض المشاركون مشاريعهم التي شملت أربعة أفلام تمحورت مواضيعها حول «رقصة الفرح» و«تعليم المرأة» الذي عرضته فاطمة سيديا، و«فلاش» (حول تفاعل المجتمع السعودي مع كاميرات «ساهر»)، و«من دون كلام» كقصة إبداعية ومبتكرة… وجرت مناقشة هذه المشاريع بتفاصيلها من قبل الجميع.