لغويات

فُصحى القرن الحادي والعشرين

اللغة العربية الفصحى ككل اللغات قابلة للتطور والتبديل. ونحن نراها قادرة على أن تكون لغة العلوم الإنسانية والتكنولوجيا.

والتكنولوجيا: (أو التقنية من الآن فصاعداً) هي التطبيق العملي لنظريات العلم. وهذا التطبيق ينتج عنه مواليد جديدة من المفاهيم والمصطلحات مثل facebook=التواصل الاجتماعي.

والمصطلح: هو اللفظ أو الرمز اللغوي الدال على مفهوم معين في علم أو فن أو أي عملٍ ذي طبيعة خاصة (مثل email=البريد الإلكتروني=الشابكة)

والعولمة: هي مرحلة من مراحل التاريخ الحضاري للبشرية مثل عصر الآلة البخارية، عصر الاستعمار والرأسمالية.. ونحوها، ولا يمكن إغفال أثر العولمة بأبعادها التقنية والإنسانية عن التأثر والتأثير على اللغات القومية، ومنها اللغة العربية المعاصرة.

إن التكنولوجيا والعولمة انتقلت من غايات اقتصادية وتجارية ابتداءً إلى جوانب الحياة كلها؛ ثمّ مَسَّت نواحي حياة الناس في أرجاء العالم المختلفة: في ثقافتهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وتعليمهم، وطعامهم، ولغاتهم.

وليس اقتحام تقنيات العولمة للقضايا اللغوية واللسانيات أمرًا مقصودًا، ولكنه أمرٌ لم يكن ممكنًا اجتنابه على الأحوال كلها. وبيان ذلك أن كل ما تنتجه التقنية من منتجات المعرفة والتقنية إنما يُدَوَّن ويُحْفَظُ باللغة البشرية التي يعرفها الناس أو أغلبهم.

ومعلوم أن اللغة تطاوع المجتمعات، وتستجيب لما  ينتجه الإنسان على المستوى الفكري أو على المستوى التقني وما يرتبط به من إنتاج التقنيات والمعدات المختلفة.

ثم إن اللسانيين والمشغولين بقضايا تفاعل البيئة الاجتماعية مع اللغة سرعان ما يستجيبون لهذه التطورات المتلاحقة؛ فتراهم ينشغلون بتتبع الظواهر اللغوية الناتجة عن التغيرات والتحولات الاجتماعية والتقنية المختلفة، يحاولون رصدها وتتبعها، ويتجاوزون ذلك إلى رسم سياسات لغوية تنتهي بتدابير  من التخطيط اللغوي الذي يضبط هذه التحولات ويعالجها، ولا سيما إن كانت تأثيراتٍ سلبيةً.

وليس بخاف على أحد أن أهم تأثيرات العولمة اللغوية، بما هي هيمنة اللغة الإنجليزية على اللغات المحلية، تتجلى في تأثيرات لغوية بنيوية داخلية تَدْهَم بنية اللغة الوطنية من داخلها. فكثير من اللغات تقترض مفردات اللغة الإنجليزية تحت وطأة الزمن والسرعة، وسرعان ما تخضع هذه المفردات إلى قوانين الصرف الحاكمة للغة الوطنية؛  ففي العربية يكثر تصريف المفردات الإنجليزية على وفق صرف العربية وذلك مثل: برمج .. يبرمج .. برامج، تلفز… تلفزةً.. فَرْمَتَ… فَرْمَتةً، سَيَّف… تَسييفًا، شَيَّك…تَشييكًا،  مَسَّج…تمسيجًا.

وقد انتهت مثل هذه التأثيرات إلى ظواهر لغوية شائعة عُرفت في لغات العالم بـِ ( الهجين اللغوي)، وعرفناها في العربية بـِ (التعريب أو العربيزي)!!!

أضف تعليق

التعليقات