التكنولوجيا الحيوية من التطورات الحديثة ذات الأثر البالغ في مستقبل البشرية. وهي تشمل في تطبيقاتها الهندسة الوراثية وإعادة تركيب الحمض النووي واستخدام البكتريا والفيروسات والأنزيمات وزراعة الأنسجة النباتية والأجنة الحيوانية ونقل الشيفرات الوراثية.
وقد أسهمت هذه التكنولوجيا في تحقيق تطورات نوعية مهمة وعديدة. ففي المجال الزراعي على سبيل المثال، ارتفعت المبيعات العالمية من المحاصيل المعدلة وراثياً من 75 مليون دولار في العام 1995م، إلى 1.5 مليار دولار عام 1998م. ويتوقع أن تصل إلى 25 ملياراً عام 2010م. وفي المجال الصحي، فقد نما سوق الدواء القائم على الجينات من 2.2 مليار دولار عام 1999م إلى 8.2 مليار عام 2004م. وإذا استمرت الأمور على ما هي عليه فستصبح التكنولوجيا الحيوية العامل الأول في النمو الاقتصادي العالمي قبل نهاية القرن الحالي.
ولكن بالرغم من الفوائد المحتملة لتطبيقات التكنولوجيا الحيوية، غير أنها قد تكون ذات مخاطر محتملة. فقد تتحول أبحاث التكنولوجيا الحيوية إلى أسلحة إذا اختار البعض هذا الطريق. ومن ثم تظهر الحاجة إلى حظر متعدد الأطراف لإنتاج الأسلحة البيولوجية، وإلى التفتيش لمراقبة الامتثال. علاوة على ذلك هناك ضرران محتملان ينبغي أن يخضعان للفحص الدقيق هما:
• الأضرار المحتملة على صحة الإنسان. إذ طالما مثلت التقنية الحيوية تهديدات على صحة الإنسان، فتطبيقاتها الحديثة في الرعاية الصحية من اللقاحات والتشخيصات وحتى العقاقير والعلاج بالجينات يمكن أن تكون لها آثار جانبية غير متوقعة. فمع الأغذية المعدلة وراثياً، هناك شاغلان: الأول، هو أن تقديم جينات جديدة يمكن أن يجعل الغذاء ساماً. والثاني، هو تسببها في التعريف بأنواع جديدة من مسببات الحساسية في الغذاء مسببة أعراضاً جانبية لدى بعض الأفراد.
• الأضرار المحتملة على البيئة. ويدعي البعض أن الكائنات المعدلة وراثياً يمكن أن تتسبب في الإخلال بالنظام البيئي من خلال ثلاث طرق هي:
-1
حلول الكائنات المحولة محل الفصائل الموجودة وتغير النظام البيئي. وشواهد التاريخ القريب تدلل على هذا الخطر، فقد تكاثرت ستة أرانب أوروبية أدخلت على أستراليا في الخمسينيات من القرن التاسع عشر حتى وصل عددها إلى 100 مليون، وراحت تدمر الحيوانات والنباتات والحياة النباتية والحيوانية، واليوم تكلف هذه الأرانب الصناعات الزراعية الأسترالية 370 مليون دولار سنوياً. والسؤال المطروح الآن هو: هل يمكن أن تقوم الكائنات المعدلة وراثياً بغزو النظم البيئية بطريقة مماثلة؟
-2
انتقال التدفق الجيني عبر النباتات إلى الفصائل ذات العلاقة بها مؤدياً، على سبيل المثال، إلى الحشائش الغريبة المفرطة.
-3
يمكن أن تكون الجينات الجديدة ذات آثار ضارة غير متعمدة على الفصائل غير المقصودة، فقد أثبتت الدراسات المختبرية أن حبوب لقاح حب Bt corn المصممة لمقاومة الآفات يمكنها أن تقتل الفراشات الملكية في حالة استخدام قدر كافٍ منها.
وختاماً نقول إنه بالرغم من أن بعض المخاطر متطابقة في كل دولة، فالأضرار المحتملة على الأطفال من الثاليدومايد لا يختلف في سنغافورة عما هي عليه في تونس بالرغم من الاختلاف في المقدرة على السيطرة عليها والتعامل معها. غير أنه توجد مخاطر أخرى تختلف بصورة واضحة، فالتدفق الجيني من الحبوب المعدلة وراثياً يكون أكثر قابلية للحدوث في بيئة ذات فصائل متصلة بالحبوب عن بيئة ليست كذلك. لهذا السبب تكون المخاطر البيئية للتكنولوجيا الحيوية عادة خاصة بنظم بيئية فردية يجب تحديدها لكل حالة على حدة، وعادة ما تكون المخاطر الخاصة بصحة الإنسان أكثر شيوعاً عبر القارات.