حياتنا اليوم

النظــــافــة المـدرســية
بين الأهل والمدرسة والتلميذ

  • 62a

تكتسب النظاقة الشخصية أهمية متزايدة مع تنامي الوعي لأهمية دورها، ليس على صعيد السلامة الصحية فحسب، بل أيضاً لأثرها الكبير في تنمية مكانة الشخص نفسه وعلاقاته مع الآخرين والمجتمع.
ولمناسبة حلول الموسم المدرسي الجديد، اختارت الأخصائية في علم الجراثيم سمر خازندار أن تحدثنا عن أهمية النظافة المدرسية والأدوار المناطة بكل من الأهالي والمدرسة والتلاميذ أنفسهم.

خلال مرحلة الطفولة يمثل الوالدان كل شيء بالنسبة إلى الطفل، وعليهما أن يتصرفا كنموذج يحتذى بكل شيء. وفي هذه المرحلة، تقع على عاتق الأهالي مسألة تعويد الطفل على أهمية النظافة الشخصية، وإفهامه أهميتها. وخلال مراحل النمو اللاحقة، تنتقل قدرة الوالدين على التأثير، جزئياً، إلى مجموعات خارجية أهمها المدرسة.

في الولايات المتحدة الأمريكية، ونتيجة للاعتراف بوجود صلة وثيقة ما بين صحة الطالب من جهة وقدراته على الإنجاز العلمي من جهة أخرى، باتت البرامج الصحية لمدارس عديدة تتضمن سياسات تحدد الخطوط العريضة للنظافة الشخصية الملائمة والتي يشترط توافرها. وتهدف هذه السياسات إلى تنمية السلوكيات الإيجابية لدى الطلاب في ما يتعلق بمسائل النظافة طوال السنة الدراسية، كي يتمكنوا من التواصل والتفاعل في ما بينهم إلى أقصى حد ممكن.

المطلوب في المدارس
إضافة إلى تطوير سياسات تحدد النظافة الشخصية الملائمة، فعلى إدارات المدارس دعم برامج تدريبية للمعلمين لتسهيل مهمتهم في تعليم مفاهيم النظافة وأهميتها في المدارس. ومن الضروري أن تكون هناك كتيبات مطبوعة حول مسائل النظافة التي يجب أن يعرفها الطلاب، حتى يشعر الأساتذة بثقة أكبر وهم يتناولون هذا الموضوع مع طلابهم.

وحالياً، تقوم منظمة اليونيسيف من خلال البرنامج الصحي للتعليم الابتدائي بتدريب أساتذة في 60 بلداً حول العالم. ونتيجة للتأكد من أن التلامذة يتعلمون أفضل عندما يشاركون ويتحدثون، تم تطوير حقيبة بسيطة جداً تسهّل للأساتذة تحقيق مشاركة التلامذة. ومن أهم ما في هذه الحقيبة من مواضيع هناك غسل الأيدي، النظافة الشخصية، وسلامة البيئة الصحية. ومن خلال بطاقة اللعبة المعروفة إفعل – لا تفعل يسمح للتلامذة بالتفكير واتخاذ القرار المناسب، قبل أن يضعوا البطاقة في الصندوق الذي يرونه مناسباً، جواباً عن السؤال حول غسل الأيدي قبل الطعام على سبيل المثال.

كيفية التعامل مع المشكلة
عندما يواجه أحد الأساتذة حالة إهمال للنظافة الشخصية، فإن الرصانة والسرية في تناولها أمر أساس. وهناك عدة أسئلة لا بد من أخذها بعين الاعتبار، وهي:

هل إهمال النظافة الشخصية يعود إلى إهمال فردي (الأهالي في حالة الأطفال الصغار)، أم إلى عدم إدراك أهمية النظافة الشخصية؟
هل هناك حالات سابقة مشابهة من إهمال النظافة عند طلاب آخرين؟
هل يؤثر إهمال النظافة عند هذا الطالب على أداء المحيطين به مباشرة؟
هل يؤثر الأمر سلباً على العلاقات الاجتماعية لهذا الطالب؟

وعندما يتم تحديد مشكلة إهمال النظافة عند طالب معين، يجب على المدرس الاتصال بذويه لإطلاعهم على المسألة. وإذا كان هذا الطالب في المرحلة المتوسطة أو الثانوية، فيجب على المدرس مناقشة المسألة معه.

ونظراً لحساسية الموضوع، فلا بد من أن يتم كل شيء بسرية تامة، تلافياً لجرح المشاعر الذي يمكنه أن يلحق ضرراً بالغاً بمعنويات التلميذ. فلا يتدخل في المسألة إلا الأشخاص المكلفين من قبل الإدارة بمتابعة المسائل الصحية (مثل الممرض إذا توافر، أو المدير…).

الخطوط العامة للنظافة المطلوبة

نظافة الجسم:
استناداً إلى الخبراء في الشؤون الصحية، يصبح لجسم الإنسان رائحة عندما يتعرق بدءاً من سن البلوغ. ولذا ينصح هؤلاء بالاستحمام ثلاث مرات في الأسبوع للصغار الذين هم دون المراهقة. أما في سن المراهقة وما فوق، فيوصون بالاستحمام يومياً. كما يوصون باستخدام مزيل رائحة العرق تحت الإبطين بعد كل استحمام. وهنا لا بد من التوكيد على أن استعمال العطور، الذي هو أصلاً غير مستحب في المدارس، لا يمكنه أبداً أن يكون بديلاً عن الاستحمام.
نظافة الشعر:
يتضافر الزيت الذي تفرزه بصيلات الشعر والعرق والخلايا الميتة على إعطاء الشعر منظراً قذراً. ولذا لا بد من غسله ثلاث مرات أسبوعياً لمن هم دون سن البلوغ، ويومياً لمن هم فوق ذلك.
نظافة الملابس:
يمكن للملابس أن تتبقع سواء من إفرازات الجسم أو من أشياء خارجية. وخلال الليل تتكاثر البكتيريا على هذه البقع، ولذا تصبح رائحتها كريهة عند ارتدائها في اليوم التالي. ولذا يجب غسل الملابس بانتظام. ولا معنى لأن يستحم الإنسان ومن ثم يرتدي ملابس غير نظيفة.
نظافة الأسنان:
من أساسيات صحة الفم. فأطباء الأسنان ينصحون باستخدام فرشاة الأسنان مرتين في اليوم على الأقل (ومن الأفضل أن يكون ذلك بعد الطعام)، وأيضاً تنظيف ما بين الأسنان بالخيط.
رائحة الفم:
من أكثر المؤثرات سلبية على علاقة الفرد بمحيطه. وإذا كانت رائحة الفم قوية إلى درجة أنها تشكل مشكلة، فلا بد من مراجعة الطبيب.

غسل الأيدي
على الرغم من بساطته، فإن غسل الأيدي بالماء والصابون مسألة بالغة الأهمية. ففي المدرسة تتعامل الأيدي مع أشياء كثيرة وتتبادلها: الطاولات، الكتب، الأقلام، الطعام و.. الجراثيم. وقد أظهرت الدراسات أن بعض الفيروسات والبكتريا يمكنه أن يعيش ما بين 20 دقيقة وساعتين فوق معظم الأسطح مثل طاولات الكافتيريا، مقابض الأبواب، والمقاعد الدراسية. وأظهرت دراسات أخرى أن التلامذة لا يغسلون أيديهم بما فيه الكفاية لوقايتهم. وجاء في إحداها أن 58 في المئة من الإناث و48 في المئة من الذكور في المدارس الثانوية الأمريكية لا يغسلون أيديهم بعد استعمال دورات المياه. ومن بين هؤلاء فإن 33 في المئة من الإناث و8 في المئة من الذكور فقط استخدموا الصابون مع الماء.

إن أهم ما يمكن للطلاب وللجهاز التعليمي أن يقوموا به للوقاية من الأمراض هو غسل الأيدي بالماء والصابون لمدة 15 – 20 ثانية. وقد كشفت إحدى الدراسات الأمريكية أن غسل الأيدي بالماء والصابون أربع مرات على الأقل يومياً أدى إلى انخفاض الأمراض المعوية والتغيب من المدرسة بسببها بنسبة 50 في المئة. كما أكدت دراسة أخرى أجريت على 6080 تلميذاً أن الاستخدام المنتظم لأجهزة معقمة للأيدي تم توزيعها على غرف الدراسة، أدى إلى تخفيض نسبة التغيب من المدرسة بسبب المرض نحو 20 في المئة.

باختصار، إن العمل على توفير الشروط الصحية الملائمة في مدارس بلادنا، يتطلب من الطلاب الشبّان تحمل مسؤولياتهم في التأكد من حسن العناية بأنفسهم. وعلى الأهالي أن يتذكروا أن ما يقومون به (وما لا يقومون به) له أبلغ الأثر على أولادهم. ولذا، فعلى الأهالي أن يشكلوا القدوة الحسنة لأولادهم. وعلى المدارس التأكد من أن متطلبات النظافة تبقى قيد المراقبة والمراجعة باستمرار طوال العام الدراسي بأسره.

أضف تعليق

التعليقات

rehab didi

جميل جدا