أثار رسام الكاريكاتور توم غود، الشهير برسوماته الكاريكاتورية الثقافية، موضوع التأليف الروائي في عصر الإنترنت، وذلك من خلال رسم كاريكاتوري نشرته صحيفة الغارديان البريطانية. فقبل إطلاق محرك البحث غوغل في 1998م، كان كتَّاب الروايات الخيالية والخيال العلمي يعتمدون في ابتكار شخصياتهم على مخيلتهم الخاصة. ولكن اليوم، يكفي أن يجلس الكاتب أمام شاشة الكمبيوتر للبحث عن أفكار شخصيات يبتدعها. إذ توفر شبكة الإنترنت عديداً من الموارد المفيدة لتطوير الشخصيات، مثل المواقع التي تقدِّم أمثلة عن الرسوم البيانية لسمات الشخصية، وتلك التي تصف الشخصيات التي تعاني من الاضطرابات النفسية، أو الأمراض الطبية. وإذا كان البحث يركِّز على ابتكار شخصيات أكثر إيجابية، أو شخصيات خيالية ملهمة، هناك بعض المواقع الأخرى مثل موقع «ستيف بافلينا» (Steve Pavlina) و(Epiguide.com) اللذين يشكِّلان مصدراً رائعاً للأفكار.
أما بالنسبة للأماكن التي تدور فيها أحداث الرواية، فقد كان عديد من الكتَّاب ينتقلون إلى المكان الذي ينوون التحدث عنه، لكي يستطيعوا نقل تفاصيله بشكل دقيق، أو للتفاعل معه لنقل الإحساس الموجود فيه. وعلى الرغم من أن هناك عديداً من الكتَّاب الكبار الذين لم يقوموا شخصياً بزيارة الأماكن التي كتبوا عنها، إذ لم يسبق للكاتب الكبير فرانز كافكا، مثلاً، أن زار أمريكا قبل الكتابة عنها في رواية «أميركا»، من خلال تجارب أقاربه الذين هاجروا إليها، كما لم يسافر سول بيلو إلى إفريقيا قبل أن يكتب روايته الشهيرة «هندرسون ملك المطر»، فإن هؤلاء الكُتَّاب الكبار استطاعوا تصوير الأماكن بدقة لافتة ونقلها إلى القارئ. ولكن، وفي كثير من الأحيان، اعتبر هذا الأمر عيباً في نظر عديد من الروائيين والكتَّاب، فعندما كتب ستيف بيني روايته «لطف الذئاب» التي تدور أحداثها في كندا، والتي تمت كتابتها وبحثها بالكامل في غرفة القراءة في المكتبة البريطانية، تم تناول الأمر بشكل واسع في الصحف والمجلات وفي أوساط النقاد الأدبيين الذين اعتبروا الأمر كنوع من الغش والخداع.
فهل تُعد اليوم كتابة رواية مستمدة بالكامل من مواقع الإنترنت، إن كان بالنسبة لشخصياتها أو الأماكن التي تجري فيها أحداثها، كنوع من الغش والخداع؟
هناك من يقول إنه فيما يتعلَّق بكتَّاب قصص الخيال التاريخي أو المستقبلي أو العلمي، فإن الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر واستمداد الأفكار منه هو أمر كافٍ. وإنما يبقى القول إنه قد ينجح الكاتب الماهر في نقل صورة ملائمة لقرَّائه، ولكن ماذا عن الكاتب نفسه، هل يعطيه ذلك نفس الشعور؟ وما الذي يتغيَّر داخله جرَّاء كتابة روايته؟ أما السؤال الأهم هنا، فهو: بعدما سيطرت الشبكة العنكبوتية على جوانب عديدة من حياتنا، هل بدأت في السيطرة على الجانب الإبداعي فينا؟