المعروف أنّ «يا» من حروف النداء يدخل على الاسم المُنادى، فنقول: يا رجلُ، أو يا صاحِب الدار مثلاً، أمّا استعماله أمام الفعل مباشرة فهو أمرٌ غير مألوف ومُفاجئ. لقد خاطب أحد الشّعراء حبيبته هند بقوله:
ألَا يا اسْلَمي يا هِندُ هندَ بَنِي بَدْرٍ وإنْ كانَ حَيّانا عِدًى آخِرِ الدّهْرِ
ولكنّ للنحويّين تفسيراتٍ واقفة بالمرصاد لكلّ متسائلٍ! فقد فسّر ابن الأنباري في كتابه «الإنصاف في مسائل الخلاف» هذا الأمر بقوله إنّ المنادى هنا محذوف وهو هند. وكأنّ الشاعر هنا يقول: «ألا يا هندُ اسْلمي يا هندَ بَني بدْر»! فما أصوب هذا الشرح وما ألطفه!
ومن الأمثلة الأخرى على هذا الأمر قول الشّاعر، مناديًا الطّلل، بل الطّللان هذه المرّة بقوله:
ألَا يا اسْلَما على التَّقادُمِ والبِلى بِدَومَةِ خَبْتٍ أيّها الطَّلَلانِ
وهنا كأنّه يقول: «ألا يا أيّها الطَّللانِ اسلما».