يطالبنا عدد من قرَّاء (القافلة) بتحويل بعض موضوعاتها ونتاجها إلى كتب توزَّع على نطاق أوسع، ويستفيد منها الجميع. ومن ذلك ما طالبنا به أحد القرَّاء الأعزاء من مصر، الذي ننشر رسالته في هذا العدد، وفيها اقتراح بتحويل العدد الخاص، الذي أصدرته المجلة بمناسبة مرور 75 سنة على إنشاء أرامكو السعودية إلى كتاب، بمعنى أن تأخذ المادة نفسها طعم الكتاب ولونه ورائحته.. واتساع وديمومة انتشاره.
عدا ذلك هناك من طالبنا، متضامناً مع مدير التحرير الفني، بتحويل كل ملف صحافي تنشره القافلة إلى كتاب، فالملفات الصحافية التي ننشرها تباعاً، ونحرص على أن تكون جديدة ومفاجئة في موضوعاتها، تستحق من وجهة نظر بعض القرَّاء أن تسوَّق على شكل كتب للمتعة والفائدة؛ ولتكون مراجع بحثية
لا يُستغنى عنها في موضوعاتها.
ومن قبل كانت لدينا خطة مبدئية، بأن نحوِّل مكاسب القافلة من مادتها الصحافية التحريرية إلى مجموعة كتب، فيكون لدينا: (ديوان القافلة) و(قصص القافلة) و(استطلاعات القافلة).. إلى آخره من تلك الثروة الصحافية السعودية والعربية، التي تستحق الطرح الأوسع العام كما تستحق أن تخلَّد في صورة كتب تزاحم غيرها على أرفف المكتبات الشخصية.
لكنني، دون أن أقطع بعدم إمكانية صدور هذه الكتب عن القافلة، أرى، وهذا تجاوباً مع تمنيات قرَّائنا وإخباراً لهم بما نفكِّر فيه كفريق تحرير، أن نتروى قليلاً قبل أن نأخذ قراراً بإصدار كتب القافلة، فمن خلال خبرة متواضعة في سوق الكتب العربية أرى أن كتباً من هذا القبيل، أي ككتب القافلة المأخوذة من موادها الصحافية، ستتشابه إلى حد كبير مع بعض الكتب الموجودة في الأسواق. ثم إننا يجب أن ندرس الحاجة الحقيقية للسوق من هذه الكتب، على صعيد جماهيري وليس على أساس رغبة فردية، تنشأ عن إعجاب قارئ بمادة أو نتاج صحافي، يدفعه إلى المطالبة بتحويله إلى كتاب. فعلى سبيل المثال لو قرَّرنا أن نجمع كل القصائد التي نشرت في القافلة على مدى 57 سنة هل سنضيف شيئاً جديداً إلى المشهد الشعري العربي، الحائر بين بقاء الشعر كمقوم ثقافي واضمحلاله تحت مطارق مستجدات عصرنا.
هل الأجدر، مثلاً، أن نعطي الأولوية لكتاب ديوان القافلة، أم الأجدر أن نعطي هذه الأولوية لكتاب يضم الموضوعات العلمية البحتة التي نشرتها المجلة إلى الآن..؟ هل الثقافة العامة، عبر الكتب، تقبل كتاباً عن (الحلاَّق) وهو موضوع ملفنا هذا العدد، أم إن المعلومات التاريخية عن صناعة الحلاقة وتطورها عبر الأزمنة هي محض ترفٍ حضاري لا يقدِّم ولا يؤخِّر في المسيرة العامة للمجتمع..؟ وهناك سؤال، يكتسب من وجهة نظري أهمية بالغة في هذا النقاش، وهو: هل يصح أن نعيد نشر ما سبق نشره في صورة كتب، أم يفترض أن نتبنى إصدار كتب جديدة في موضوعاتها وبحوثها التي لم يسبق نشرها لا في القافلة ولا في غيرها..؟
وهكذا، معشر قرَّائنا الأعزاء، تتعدَّد الأسئلة حول موضوع كتب القافلة التي يطالبنا بها البعض. وما من شك في أن فريق التحرير سيناقش، كما ناقش من قبل، فكرة هذه الكتب وأولوياتها ووجاهة إصدارها من عدم ذلك. وقد يكون قراره، وهو ما درجنا عليه في كثير من إجراءاتنا وقراراتنا، أن نستفتي قراءنا جميعهم فيما ننوي إنتاجه لقرائنا، الذين هم غاية هذه المجلة منذ يومها الأول في مطالع الخمسينيات الميلادية وإلى يومنا هذا، حيث لم تغب القافلة عن أفيائهم ومطالبهم الثقافية والصحافية، كما لم يغيبوا هم يوماً عن تطلعاتها ومطامحها.
أرجو أن أكون قد أوضحت لجميع القرَّاء الراغبين والمهتمين بكتب القافلة طبيعة تفكيرنا تجاه هذه الرغبة، وإلى أن يصدر الكتاب الأول أو نخرج بمشروع آخر أهم من إصدار هذه الكتب، أرجو أن يستمر مطر قرَّائنا على مظاعن قافلتهم.