الحديث عن موقع احترافي مثل الـ«لينكد إن» يعني -بالضرورة- قتل النمط التقليدي في التوظيف، حيث الموقع الأكثر أهمية في حقول الموارد البشرية عالمياً، والموقع الذي نجا بشكل كبير من الحسابات «الملثمة»؛ والمندسة خلف الأسماء المستعارة، لأن التعاملات من خلاله تعني فرصاً وظيفية أفضل، لكلا الطرفين، الباحث عن العمل، والمنشأة الباحثة عن موظفين.
حسناً، يجب أن نعرِّف الـ «لينكد إن» قبل أن نسهب في الخوض في حقوله، يقول عنه «ويكبيديا» إنه يُصنَّف ضمن مواقع الشبكات الاجتماعية, وقد تأسس في ديسمبر عام 2002م، وبدأ التشغيل الفعلي في مايو 2003م. يُستخدم الموقع أساساً لإقامة الشبكات المهنية، ومستخدموه يتوزعون في أكثر من 200 دولة، وتقارير الموقع تشير إلى أنه تتم زيارته 21400000 من داخل أمريكا، و47600000 من باقي دول العالم في كل شهر, ومؤسسه هو «جيف وينر», إداري سابق بشركة ياهو.
نتحدث اليوم عن هذا الموقع ويسكنه أكثر من 187 مستخدماً محترفاً، يتخاطبون بلغة أعمال جديدة، ويصنعون عالماً جديداً للتوظيف، وهو الموقع الأكثر جدلاً من حيث التعريف والتصنيف، لكنني أراه بنظرتي المتواضعة، أنه البديل الرسمي لـ«الملف الأخضر» الشهير، والقاتل لمبدأ «الوساطة» في التوظيف، والملغي لنظرة المديرين السابقين، والذين لا يتصفون بـ«الإنصاف» في (معظم) الأحايين.
عدد كبير من شركات الداخل والخارج شيدت برجاً داخله، وهذا العدد يتنامى في وقت كتابة هذه المقالة ولن يقف، حيث سهَّل الموقع عليها عمليات «التنقيب» عن حاجات الشركات البشرية، وأشبع رغبتها في «الفضول» ومعرفة التفاصيل عن المتقدمين، وحتى عن غير المتقدمين، وكفاها شر لهيب الاستغلال من لدن شركات التوظيف.
الأمر الأكثر إغراءً وحداثة في هذا الموقع، هو أن إدارته قد استحدثت ميزة الـ (ENDORSEMENTS) وتعني «التزكيات» أو الـ «توصيات»؛ والتي تتيح للموظف الحصول على عدد من التزكيات لمهارات معيَّنة من خلال أصدقائه وزملائه، الذين يُشيرون بدورهم إلى قوة المستخدم في إتقان بعض المهارات، والذين «عادة» يعرفونه جيداً في مجالات معيَّنه، وتنجيه -في الوقت نفسه- من ضرورة العودة للمديرين السابقين، للتقصي عن جودته وخبراته.. لكن هذا لا يعني الدقة الكاملة، وأن الـ «فساد» الترشيحي لن يصلها، لكننا نبدأ أشياءنا بالتفاؤل في كل لغات التجديد.
يحدثني صديقي، وهو مسؤول متخصص في الموارد البشرية في إحدى الشركات، أنهم استطاعوا الاعتماد بشكل «كامل» على هذا الموقع في عملية التوظيف، مؤكداً أن الإدارة لديهم ترفض (قطعياً) استقبال طلبات التوظيف إلا في الحالات الاستثنائية وأن هناك إدارة متخصصة مهمتها التفتيش عن الموظفين عبر الموقع، مؤكداً أن هيئة حساب «الشخص» أشبه بالمقابلة الشخصية «المبدئية»، ليتم التواصل بعد أن يتم الاختيار، والتحقق من المؤهلات المتناغمة مع الوظيفة الشاغرة.
كل ما سبق، هو بمنأى عن فضله العظيم في ازدهار عمليات التسويق من خلال دهاليزه، فالمعلومات الدقيقة والحقيقية «أهدت» شركات التسويق الشرائح المطلوبة لعرض منتجاتها باختلاف شرائحها، وسهَّل عليها عمليات البحث عن راغبين، ودلها على مبتغاها بصورة سريعة وسهلة.. وميزات أخرى في هذا الموقع أكثر أهمية وتفصيلاً!
السؤال هنا؛ إلى أين نتجه؟ من خلال وجهة نظري -المتواضعة- أن عالم الأعمال بشكل عام بات يسير في طريق لا يستجيب سوى للغة التقنية، وبشكل خاص أصبحت أؤمن بأن الاعتماد على الطرق النمطية في التوظيف لن تطول، ولن يكون هناك ما يسمى بـ «شركات التوظيف»، وستغيب شأنها شأن كل الأشياء التي قتلتها التقنية بذكائها، فلم يعد هناك «كابينة اتصالات» إلا فيما ندر، ولم تعد هناك «مقاهي إنترنت» بشكل مثير ومنتشر كما كان في السابق، والأمثلة غيرها كثيرة. وهذا ما يوجب التفكير لإيجاد حل مناسب لتصريف الملفات «الخضراء» المتكدسة على أرفف المكتبات! وبالمناسبة، هناك ألوان أخرى لـ «الملفات» لم تأخذ حقها من الاهتمام، فالأحمر مثلاً جميل إلى حد ما، ويكفيه فخراً أنه لون الحُب.. وغيره الكثير من فريق الألوان المهمل!
ختاماً، جربوا أن «تخترقوا» فضاء الـ«لينكد إن»، واصنعوا حسابات عبره، أو حدثوها إن كنتم فاعلين، وكونوا أكثر دقة في تزويده بمعلوماتكم وخبراتكم، وفعِّلوها باستمرار.. ولا تنسوا أن تتابعوا البريد الإلكتروني للرد سريعاً على عروض الشركات لتوظيفكم..!