بيئة وعلوم

الفقاعات
أهم من بساطة مظهرها على سطح السوائل

  • shutterstock_66276748
  • shutterstock_2585651
  • shutterstock_23059213
  • shutterstock_34400149
  • shutterstock_42049012
  • shutterstock_52193272
  • shutterstock_57015494
  • shutterstock_62696368
  • shutterstock_63053491
  • shutterstock_66142030

على الرغم من أننا نادراً ما نلتفت إلى وجودها بحد ذاتها، فإن الفقاعات التي تتجمع لتكون الرغوة التي تعلو الكثير من السوائل، هي جزء مهم من حياتنا اليومية. نشربها، نغتسل بها، وقد نلهو قليلاً بأشكالها الغريبة.. ولكنها تدخل أيضاً في أساس صناعات عديدة، لتشكل مادة لدراسة علمية.
المهندس أمجد قاسم يعرض ما هية هذه الفقاعات التي تجري حولها العديد من الدراسات لمعرفة أسباب تشكلها واتخاذها أحجاماً مختلفة ولماذا تلتصق أحياناً ببعضها، وتتنافر في أحيان أخرى، إضافة إلى بعض أوجه الاستفادة منها في حياتنا اليومية.

تعرف الفقاعات بأنها عبارة عن غاز يحيط به غشاء سائل أو صلب رقيق جداً، ويمكن أن نجدها في كل مكان. فهي تعلو سطح فنجان قهوتنا أو سطح مشروبنا الغازي المفضل، أو كأس الحليب وغيره.

كما أنها تتجمع لتشكِّل رغوة الصابون التي نغتسل بها أو رغوة صابون الحلاقة، كما تتشكَّل بعض المواد الغذائية على هيئة رغوة، كما هو الحال في بعض الحلويات المعدة من رغوة الشوكولاتة مثلاً، كما إن الرغوة التي هي عبارة عن مجموعة كبيرة من الفقاعات تشكل الزبد الذي يطفو فوق سطح مياه البحار ويتجمع بالقرب من الشواطئ والأماكن الضيقة، وهي أيضاً التي تجعل المياه الغازية تندفع بشدة من الزجاجات في حال رجها بعنف ثم فتحها بشكل سريع.

ويلعب التوتر السطحي دوراً أساسياً في تشكل الفقاعات، فالتوتر السطحي عبارة عن خاصية فيزيائية تجذب جزيئات السائل مع بعضها البعض. وبالتالي يتصرف سطح السائل وكأنه غشاء مشدود، مما يمكِّن الحشرات من السير فوق الماء، وكذلك تطفو الأشياء المعدنية الصغيرة والخفيفة على سطح الماء، وهذه الظاهرة تفسر لماذا تأخذ القطرات السائلة الشكل الكروي، كما توضح لماذا تتماسك جزيئات السائل وتلتصق ببعضها وكيف يتكون السطح المحدب أو المقعر للسوائل الموجودة في الأنابيب الضيقة.

وتقدم ظاهرة التوتر السطحي تفسيراً لتكون فقاعات الصابون، حيث يعمل الصابون كمنشط سطحي يقلل كثيراً من قوة التوتر السطحي، وبذلك يصبح ممكناً عمل فقاعات ذات سطوح كبيرة بكمية قليلة من السائل، وبناءً عليه فإن قوة الضغط داخل الفقاعة تساوي مقاومة الشد السطحي.

ويمكن تفسير التوتر السطحي كطاقة لكل سنتيمتر مربع من السطح، وهي طاقة ميكانيكية، تجعل السطوح تمتلك أصغر مساحة ممكنة كأي نظام يحاول الوصول إلى وضع أقل طاقة حرة.

تأخذ تلك الفقاعات في العادة شكلاً كروياً دقيقاً، يتميز بأقل مساحة سطحية ممكنة، وبالتالي فهي تستهلك أقل طاقة ممكنة، وقد بينت التجارب، أن الغاز المحصور داخل كل فقاعة ينفصل عن الغاز الموجود في الفقاعات المجاورة، ولا يمكن له أن ينتقل، حيث يحول الغشاء الرقيق دون ذلك. وقد تتجاور تلك الفقاعات وتلتصق كما هو الحال في الرغوة المتشكلة فوق سطح القهوة، بينما تتباعد عن بعضها، كما هو الحال في فقاعات صابون الحلاقة.

محكومة بقوانين الفيزياء
وفي الواقع، فإن تلك الفقاعات تحكمها قوانين فيزيائية صارمة ومعقدة. فبالرغم من أن شكلها كروي، وتمتلك أقل طاقة ممكنة، إلا أنها عند تجمعها وضغطها، تحاول أن تحافظ على الشكل الكروي، وفي حال زيادة الضغط الواقع عليها وللوصول إلى الحالة الأقل طاقة، فإنها تنبعج نحو الداخل ليصبح مجموع سطوحها أقل ما يمكن. وقد دلت الدراسات الرياضية التي أجريت عليها ، أن تلك الفقاعات المتجاورة تلتقي كل ثلاث منها لتشكِّل عنقوداً صغيراً وعند رسم خط وهمي بين مراكز تلك الفقاعات الثلاثة، فإنه تتشكل زاوية 120 درجة بين خطوط المراكز.

تشكل الرغوة والمحافظة على قوامها
تتكون الفقاعات عن طريق خلط سائل كالماء مع الغاز تحت ضغط أو رج. وفور إزالة ذلك الضغط أو تخلخله، يندفع الغاز إلى الخارج، ليشكِّل الفقاعات التي تتجمع لتكون الرغوة. وتختلف خواص تلك الفقاعات تبعاً لنوع الغاز المستخدم، ووجود مواد مضافة إلى الماء، ففي المشروبات الغازية يضاف غاز ثاني أكسيد الكربون الذي يشكِّل فقاعات متماسكة، تدوم لفترة طويلة نسبياً، كما قد تتشكَّل تلك الفقاعات، خلال بعض التفاعلات الكيميائية المنتجة للغازات وفي عمليات التخمر الحيوية، كما طوَّر الباحثون طرقاً خاصة لتصنيع الرغوة المعدنية من الرصاص أو الألومنيوم.

إن فقاعات الرغوة، وبالرغم من كونها سريعة التحطم، إلا أنه يمكن زيادة تماسكها عن طريق خلط الصابون والجليسيرين في الماء، حيث تتشكَّل فقاعات تدوم لفترة أطول، وهذا يعود إلى أن جزيئات تلك المواد المضافة، ذات صفتين متناقضتين، تحب الماء وتكرهه، وبالتالي يتكون رأس ينجذب إلى الماء وذيل يكره الماء ويرتفع في الهواء، بطول يبلغ أجزاء من المليون من الملليمتر، وبالتالي فإن تلك الفقاعات الناتجة عن وجود الصابون في الماء، تتكون من غشاء مائي يحيط به غشاء من جزيئات الصابون مما يكسبها صفة التماسك.

تجمع الفقاعات وتفرقها
من الأمور البديهية لدينا، أن نشاهد الفقاعات الموجودة على سطح الماء قد تجمعت في عناقيد، وأنها تتجه نحو الطرف الخارجي للوعاء أو الإناء. ويبين الفحص الدقيق لهذه الفقاعات، أن الماء المحيط بتلك الفقاعات يرتفع من حولها قليلاً، وعندما تتجاور فقاعتان فإن سطح الماء بينهما يرتفع بشكل ملحوظ ، وبالتالي نجد أن الفقاعات تميل للتجاور لكي تصل إلى حالة أدنى طاقة، وهذا يفسر لماذا تتجه الفقاعات نحو المحيط الخاص بالإناء، فعن طريق ملاحظة ارتفاع السائل في الوعاء، نجد أنه عند الأطراف يزداد ارتفاع السائل حوالي ملليمتر، ووجود الفقاعات على الأطراف يقلل من ارتفاع سطح الماء، وبذلك تقل الطاقة المستنفذة، هذه العملية تحدث بشكل عكسي في الآنية المبطنة بمادة التفلون المانعة للالتصاق، حيث إن الماء الملامس للأطراف ينخفض نحو ملليمتر واحد.

ويُعد اللهو واللعب بالفقاعات من الأمور المسلية للأطفال ولصغار السن، ويتم إنتاج تلك الفقاعات عن طريق النفخ بواسطة أنبوب في ماء يحتوي على صابون وبعض الجليسرين. وسرعان ما ترتفع الفقاعات المتشكِّلة إلى أعلى وتنتشر في المكان وتأخذ أشكالاً جميلة وجذَّابة. ويعود ارتفاع تلك الفقاعات في الهواء، إلى أن الهواء الموجود فيها يكون دافئاً، وبالتالي تكون كثافته أقل من كثافة الهواء العادي المحيط بها، ولضمان إنتاج كمية كبيرة من الفقاعات ينصح باستخدام الماء المقطر أو ماء ثلج مذاب أو الماء المغلي المبرد.

باحثون يدرسون الفقاعات
استرعت الفقاعات اهتمام عدد من الباحثين، فكتب العالم الإنجليزي جارلس بويز كتاباً بعنوان «فقاقيع الصابون» وذكر فيه عدداً كبيراً من التجارب الفيزيائية حول تكون فقاعات الصابون وتشكلها، وشروط تكون تلك الفقاعات بشكل جذَّاب وجميل في الماء، كما قدَّم العالم بلاتو وصفاً دقيقاً لكيفية تشكل الفقاعات في ماء يحتوي على رغوة الصابون والجليسرين.

ويعتقد الكثيرون أن فقاقيع الصابون لا تدوم طويلاً، بل سرعان ما تنفجر بعد وقت قصير من تكونها. وهذا ليس دائماً صحيحاً، حيث يمكن المحافظة على قوام الفقاعات لمدة طويلة. فعالم الفيزياء الإنجليزي ديولر تمكَّن من إنتاج فقاقيع صابون في زجاجات خاصة وعزلها عن الغبار والتيارات الهوائية وحفظها لمدة شهر أو أكثر.

فقاعات ملوَّنة
نلاحظ أحياناً تكون الفقاعات الملوَّنة التي تتشكَّل في الماء المختلط بمواد التنظيف، وهذه الفقاعات الملوَّنة أثارت اهتمام عالم الفيزياء الشهير اسحق نيوتن، فأجرى حولها تجارب مكثفة لمعرفة الكيفية التي تتشكَّل بها، وقد أطلق عليها نيوتن اسم «الغشاء الأسود لنيوتن» وقد قادته تجاربه تلك إلى حساب حجم جزيئات المادة المنظفة.

هذه الفقاعات البديعة الشكل ذات الألوان الجذَّابة والمتغيرة، تتشكل ألوانها بسبب انعكاس موجات الضوء الساقط على جدار الفقاعة الرقيق من جوانبها المتضادة، مما يؤدي إلى حدوث حالة من التداخل بحيث تلغي بعض الموجات موجات أخرى حسب طولها، وينجم عن ذلك ظهور متدرج للألوان سرعان ما تتغير بسبب حدوث تغيرات في غشاء الماء بفعل الجاذبية، ولدى حدوث جفاف للماء تظهر البقعة السوداء التي شاهدها نيوتن وأثارت فضوله ودفعته لدراستها بشكل مكثف.

استخدامات الفقاعات في حياتنا اليومية
تستخدم الفقاعات في العديد من مناحي حياتنا من دون أن ننتبه لذلك، فعملية غسيل الملابس مثلاً قائمة على تكون الفقاعات. فطرف يحب الماء وطرف يكره الماء، وبالتالي فإنها تعمل على إزالة الأوساخ العالقة في الملابس. وبالمثل، فإن الفقاعات تستخدم في عمليات التنظيف المختلفة التي يعتمد مقدار تكونها على عدة عوامل، منها نوع مادة التنظيف ووجود شوائب وأملاح ذائبة في الماء (عسرة الماء) ودرجة الحرارة، كما تستعمل أنواع خاصة من الرغوة لتنظيف بعض المواد والأدوات الحساسة للماء.

وتستخدم الرغوة، التي هي عبارة عن عدد كبير من الفقاقيع الصغيرة، أيضاً، في العديد من العمليات الصناعية والكيميائية والتعدينية، حيث تستخدم في عمليات فصل الشوائب العالقة في الركام المعدني، وفي عمليات رفع تركيز المعادن في خاماتها، وتعرف هذه العملية بالتعويم (Flotation)، حيث تعمل الرغوة أو الزبد على فصل المعادن والأملاح المعدنية العالقة في السوائل عن طريق التصاقها بفقاعات الغاز، وبالتالي ترتفع المادة الصلبة التي التصقت بفقاعات الغاز دون غيرها إلى الأعلى، وتُعد عملية التعويم من عمليات الفصل الفيزيائية الرخيصة والمستخدمة على نطاق واسع لفصل الأملاح المعدنية المتشابهة كيميائياً، وفي عمليات رفع تركيز الخامات المعدنية من أجل صهرها وتنقيتها.

وتجري عملية التعويم في خلايا خاصة، فيتم توليد فقاعات هوائية فيها تتوزع وتنتشر خلال المخلوط المعلق لتكون الرغوة التي ترتفع إلى أعلى داخل تلك الخلايا بسبب قلة كثافتها، فالحبيبات الصلبة القابلة للابتلال (Wettability) أو التي تألف الماء (Hydrophilic) تبقى معلقة في الماء، بينما الحبيبات الصلبة التي لا تألف الماء (Hydrophobic) أو التي لا تبتل بسهولة، تلتصق بفقاعات الهواء وترتفع إلى السطح ويتم فصلها. ومن أجل إنجاح هذه العملية تتم إضافة بعض العوامل الكيميائية التي تحافظ على تماسك الرغوة لتفادي انفجار الفقاعات أثناء إجراء عملية التعويم.

وقد تم اكتشاف طريقة التعويم بالصدفة. ففي أواخر القرن التاسع عشر لاحظت المعلمة الأمريكية كاري ايفيرسون أثناء غسلها لأكياس ملوثة بالدهن استعملت لحفظ مادة بيريت النحاس، التصاق دقائق بيريت النحاس على سطح رغوة الصابون الطافية فوق ماء التنظيف، فاسترعت هذه الظاهرة انتباهها وبدأت بدراستها بدقة، لتطور لاحقاً طريقة التعويم المستخدمة حالياً على نطاق واسع لفصل وتركيز الخامات المعدنية.

وإضافة إلى ما تقدم، تستخدم الرغوة في بعض حالات الحوادث الكيميائية أو النووية، لمنع التلوث البيئي الذي قد يحدث، إذ تحاط المواد الخطرة المتشكلة برغوة صلبة تمنع انتشارها وتعمل على تثبيتها، كما تستخدم الرغوة في مكافحة النيران، حيث إنه وبسبب كونها خفيفة، فإنها تحيط وتطفو فوق المواد المحترقة، وتحجب بالتالي الهواء عنها وتخمد بذلك النيران. ولذلك تستخدم في إخماد الحرائق التي تنشب في المواد التي يخشى أن يتسبب الماء بتلفها، كالكتب والأجهزة الكهربائية والإلكترونية.

فقاعات في حوض الاستحمام
انتشرت خلال السنوات الماضية مستحضرات فقاعات الاستحمام التي لقيت رواجاً بين صغار السن والكبار على حد سواء، وأصبحت تجارة رائجة في عالم مستحضرات النظافة والعناية الشخصية بعبواتها الجميلة غير المألوفة. فهذه المستحضرات كما يروج لها، تزيل الأوساخ بسهولة وتجعل عملية استحمام الأطفال ممتعه لهم مما يقلل من تذمرهم وشكواهم.

ومستحضرات فقاعات الاستحمام يتم تحضيرها على عدة أشكال، كمساحيق أو حبيبات أو جل أو سوائل أو أقراص أو كبسولات، وهي تهدف إلى تزويد حوض الاستحمام بالرغوة والعطر، كما تمنع تكون حلقات الماء العسر على جوانب حوض الاستحمام.

وتتميز تلك المستحضرات بإنتاجها لكمية كبيرة من الفقاعات في مياه الاستحمام عند تركيز منخفض بدون استخدام ضغط المياه، وثبات تلك الفقاعات سواء في الماء العذب أو العسر وعلى مدى واسع من درجات الحرارة، وهي أيضاً لا تتسبب بتهيج الجلد أو العينين.

وتتركب مستحضرات فقاعات الاستحمام من مواد ذات نشاط سطحي، بحيث تملأ حوض الاستحمام بكميات كبيرة من الفقاعات المعطرة، وليس من الضروري أن تكون جيدة التنظيف. فبالرغم من أن عدداً من المواد التي تنتج رغوة كثيفة تكون جيدة التنظيف، بيد أنه إذا لم تنظف البشرة كما هو مطلوب، فيمكن إضافة مواد أخرى إلى التركيبة تعمل على زيادة مقدرتها على ذلك. كما تضاف مواد مزيلة لعسرة الماء كبعض أملاح الفوسفات وأملاح السترات، وكذلك تضاف أملاح صوديوم ايثيلين داي امين تترا أستك اسد (Na EDTA) وهي أملاح تتميز بقدرتها على منع قتل الرغوة، وتعمل أيضاً على حفظ صفاء فقاعات الرغوة السائلة وتوقف عملية نزع اللون بسبب تفاعل الكميات القليلة من المعادن مع الزيوت العطرية، كما تضاف مواد حافظة ومواد عطرية وألوان إلى تلك المستحضرات. علماً بأن بعض الشركات المصنعة لمستحضرات فقاعات الاستحمام تضيف بعض المواد الأخرى كالكلوروفيل ومستخلصات الأعشاب الطبية واللانولين ومشتقاته.

وتطوَّرت صناعة تلك المستحضرات. فلم تَعُد تعتمد على استخدام الصابون السائل، بل أنتجت مواد صناعية ذات فعالية عالية كمادة تراي إيثانول أمين لوريل سلفات ومادة صوديوم لوريل سلفات، ومادة أمونيوم لوريل سلفات، ومادة ماغنيسيوم لوريل سلفات وبعض مشتقات الكيل فينول بولي جليكول إيثر المكبرتة، ومواد أخرى تعمل على إنتاج رغوة كثيفة ذات ثبات عالٍ نسبياً.

وتجدر الإشارة إلى الاعتقاد الخطأ لدى بعض مستهلكي الشامبو من أن المستحضر الذي ينتج رغوة أكثر ينظف أفضل، وفي الحقيقة، ليس لزاماً أن يصاحب التأثير المنظف الفعال للشامبو قدرة على إنتاج رغوة كثيفة، بل إن هناك مواد لها قدرة ممتازة على التنظيف من دون أن تكوِّن رغوة وفقاعات كثيفة.

وقد ابتكرت اختبارات متعددة لحساب مدى تشكل الرغوة في مواد التنظيف، منها اختبار عامود الرغوة «روز وميلز» (Ross and Miles) الذي يستخدم لمعرفة كفاءة ترغية المواد، حيث يوضع 200 مل من محلول التنظيف داخل مخبار زجاجي مدرج يحتوي على 50 مل من نفس المحلول ويقاس فوراً ارتفاع الرغوة المتشكلة، وتكرر عملية القياس على فترات زمنية محددة.

رغوة سائلة ورغوة صلبة
تتميز الرغوة السائلة بهشاشتها وتحطمها خلال وقت قصير نسبياً، لكن الرغوة الصلبة، تتميز باستقرارها وثباتها ومقاومتها للصدمات والعوامل الخارجية، وهذا النوع من الرغوة يستخدم في الكثير من الصناعات التعدينية كرغوة الألمنيوم ورغوة الرصاص، كما تدخل في صناعة الأثاث والفراش والمقاعد التي ننام أو نجلس عليها. فالإسفنج الصناعي عبارة عن رغوة صلبة تتميز بمرونتها وعزلها للصوت بشكل جيد.

كذلك فإن الرغوة الصلبة تستخدم في مجالات البناء وفي العديد من الصناعات، كصناعة السيارات والطائرات والقطارات، حيث تستخدم كمواد ماصة للصدمات ومانعة للاهتزازات. كما أن بعض التفاعلات الكيميائية تستلزم وجود مساحة سطح كبيرة في الطور الغازي، لذلك تستخدم بعض أنواع الرغوة كعوامل مساعدة ممتازة كرغوة البلاتين وغيرها.

وتدخل الفقاعات بشكل مباشر في العديد من الصناعات الغذائية، فهي تملأ قطع الكيك والخبز التي نتناولها والتي تنتج عن خلط العجين مع بايكربونات الصوديوم، كما أن البوشار وحلويات «المرنغ» (خليط من بياض البيض والسكر) هي عبارة عن رغوة صلبة.

دقة هندسية في عالم الفقاعات
تتميز الفقاعات السائلة بجمالها الأخاذ. فهي تنتظم في أشكال وعناقيد مختلفة، وبالرغم من الفوضى الظاهرية التي تحكمها، إلا أنها في الواقع تتصرف ضمن قوانين فيزيائية محددة. يقول العالم الإنجليزي كيلفن: «انفخ فقاعة صابون وراقبها، ويمكنك أن تدرسها طوال حياتك، وتستقي منها على الدوام دروساً في الفيزياء».

من هنا نجد أن تلك الفقاعات تقدِّم للعلماء مصدراً مهماً للمعلومات القيمة، فعن طريق دراسة ألوان قوس القزح التي يظهر عليها، تمكن العلماء من قياس أطوال الموجات الضوئية وتردداتها. وأيضاً، فإن دراسة قوى الشد والتوتر بين أغشية الفقاعات الرقيقة تساعد على التعرف واكتشاف القوانين التي تحكم تبادل الفعل بين الجسيمات والدقائق المادية، كذلك الأمر عند دراسة الفقاعات المتشكلة في المياه الباردة أو في المياه الدافئة، حيث نستطيع معرفة العلاقة بين قوى التوتر السطحي ودرجة الحرارة.

لقد دلت التجارب التي أجريت على تلك الفقاعات، أن أغشيتها تُعد من أكثر الأشياء المتناهية الرقة التي يمكن رؤيتها بالعين المجردة، فغشاء فقاعة الصابون يقل سمكه بنحو 5000 مرة عن سمك الشعرة.

أما الرغوة الصلبة، فإنها تتميز بخفة وزنها، وانخفاض كثافتها، ومثال عليها حجر الخفان البركاني الذي يتكون من %97 هواء، مما يكسبه صفة الخفة وانخفاض الكثافة، وهذا ينطبق على الفراش الإسفنجي والمواد المالئة (الحشوات) ومواد العزل الصوتي والحراري المختلفة.

تلك هي الفقاعات التي تحيط وتغلف عالمنا، والتي تُعد جزءاً مهماً في حياتنا اليومية. فهي تثير كل من يشاهدها وتلهم كل من يبحث عن أسرار المادة ويستكشف الجمال الكامن في عناصر الطبيعة المختلفة.

أضف تعليق

التعليقات