قصة مبتكر
قصة ابتكار
جيمس ماكلوركين
رقــائق البطاطس
ولد جيمس ماكلوركين في العام 1972م، بمدينة نيويورك الأمريكية. وكان منذ طفولته الأولى يعشق ألعاب التركيب والبناء لدرجة لفتت انتباه والديه ومعلميه. كانت ألعاب «الليجو» هي رفيقه المفضل، ثم تطور الأمر ليشمل بناء نماذج ميكانيكية للدراجات والسيارات، وبرمجة ألعاب الفيديو. يقول كل من يعرفه أن ماكلوركين كان مهندساً صغيراً منذ سنوات عمره الأولى. التحق ماكلوركين بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، لدراسة الهندسة الكهربائية. وهناك، عرف بالضبط ما الذي كان يقوده إليه شغفه بالبناء.. أن يصبح مهندساً للروبوتات. وخلال سنوات دراسته، بدأ العمل في «معمل الذكاء الاصطناعي» التابع للمعهد، حيث قام بتصميم عدة مشاريع ناجحة للروبوتات، وواصل في الوقت نفسه دراسته العليا، ليحصل على درجة الماجستير، ثم الدكتوراة. وخلال سنوات بحثه ودراسته، لفتت انتباه ماكلوركين فكرة محددة أكثر من غيرها، هي إمكانية تصميم روبوتات تستطيع أن تعمل ضمن مجموعة. ولأنه كان يؤمن بأن أعظم الإلهام هو ما يأتي من ملاحظة الطبيعة، بدأ ماكلوركين في دراسة سلوك النمل داخل مستعمراته. كان يحتفظ «بمزرعة النمل» على مكتبه، ويراقب كيف تعمل المخلوقات الصغيرة سوياً. ولاحظ كيف تبني الحشرات نظام عملها، وتوزع المهام وتتواصل فيما بينها، بحيث يؤدي كل منها دوراً محدداً يصب في مصلحة المجموعة. تبلورت الفكرة في عقل ماكلوركين خطوة خطوة، حتى وصلت إلى صورتها النهائية. كان مشروعه الكبير هو بناء أسراب من الروبوتات التي يمكنها أن تنفِّذ مهام معقَّدة. يتكون كل سرب من مجموعة من الروبوتات الصغيرة التي لا يتجاوز طولها البوصة الواحدة، وتحمل بداخلها جهاز كمبيوتر ومحركاً، وأجهزة استشعار تمكنها من تعرف الأشياء التي تقابلها في طريقها وعليها إما أن تلتقطها أو تتجنبها. كما أن كل روبوت يمكنه أن يحمل جهاز اتصال داخلي يستخدم الأشعة تحت الحمراء. هذه الخواص تعطي الروبوتات «ذكاءً» حقيقياً، يمكنها عن طريقه أن تنسِّق العمل فيما بينها لإنجاز مهام مركبة يتم برمجتها لأدائها، خاصة تلك المهام التي تجري في بيئات على درجة عالية من الصعوبة والاستثنائية. كالبحث عن الألغام، والتنقيب وسط أنقاض الزلازل، واستكشاف الكواكب البعيدة، والتعرف إلى المواد الكيميائية الخطرة. حصد ماكلوركين الكثير من التقدير في الأوساط العلمية، رغم عمره الصغير نسبياً. وبجانب عمله المستمر على تطوير مشروعه، يحاضر ماكلوركين بصورة منتظمة في العديد من الجامعات والشركات. فقد ألقى محاضراته في جامعة هارفارد الأمريكية العريقة، وفي شركات «آي بي إم»، و«هوندا»، و«إنفوسيس»، لمناقشة الآفاق الواسعة التي يمكن أن تفتحها تكنولوجيا أسراب الروبوتات. كما أن اهتمامه بالعلم، يتعدى النظرة الأكاديمية. فهو يؤمن بالإثارة والمتعة الكامنة خلف المعرفة والإنجاز العلمي، ولذلك فإنه يقوم بالعديد من الجولات للتدريس في الصفوف المدرسية من الابتدائية وحتى الثانوية، ليلهم الجيل الجديد من المهندسين والعلماء.
قد لا نجد على وجه الأرض طعاماً جاهزاً يقترب في شعبيته وعدد محبيه، من كيس رقائق البطاطس. لكن هذا الصديق الأليف الذي يبدو وكأنه كان موجوداً منذ الأزل، هو في حقيقة الأمر ابتكار ذو قصة طويلة، ومرَّ بمراحل كثيرة قبل أن يصل إلينا بالشكل الذي نعرفه الآن. بداية فصول القصة مع جورج كرام، المولود في العام 1822م بولاية نيويورك الأمريكية، وتولى مجموعة من الأعمال المتفرقة في التجارة، قبل أن يكتشف أنه مولع بصفة خاصة بفن الطهو. فالتحق بالعمل كطاهٍ في أحد المطاعم الراقية، التي كانت أصابع البطاطس المقلية واحدة من أهم وأشهر أطباقها. وفي أحد أيام صيف العام 1853م، كان العمل يسير بصورة عادية، حتى شكا أحد الزبائن من أن أصابع البطاطس في طبقه كانت سميكة أكثر من اللازم. ولأن كرام كان كثير الاعتداد بكفاءته في الطهو، فقد أثارته الشكوى، وكان رده عليها لاذعاً. فقد قام بتقطيع البطاطس إلى أرفع شرائح يمكنه أن يحصل عليها، ثم قلاها، وأعاد إلى الزبون طبقه مليئاً برقائق البطاطس الرفيعة المقرمشة. لكن رد فعل الزبون كان مثيراً للدهشة. فقد نالت الرقائق الجديدة إعجابه! وبدأ بقية الزبائن في طلبها أيضاً. وخلال وقت قصير، أصبحت رقائق بطاطس كرام من الأطباق الخاصة والمميزة في المطعم. وفي العام 1860م افتتح كرام مطعمه الخاص، وجعله مكاناً فخماً مخصصاً للطبقة الغنية وعلية القوم من سكان ولاية نيويورك. وكانت إحدى اللفتات الأنيقة التي اجتذبت الزبائن هي سلة من رقائق البطاطس تزيِّن وسط كل مائدة. استمر كرام في العمل في مطعمه الخاص، حتى تقاعد في العام 1890م. ولم يعرف حقيقة الاكتشاف الذي وقع عليه بالصدفة. فقد كان الأمر بالنسبة له طبقاً لطيفاً وجد طريقه إلى يديه. فلم يفكر في أن يسجِّل براءة اختراع باسمه، ولم يفكر في أن تمتد شهرة رقائق البطاطس إلى أماكن أبعد من مدينته. لكن الفكرة طرأت لغيره. فقد بدأ وليام تابندون بعمل رقائق البطاطس وبيعها لمتاجر البقالة. وعندما ضاق مطبخه الخاص بحجم عمله، افتتح مصنعاً صغيراً. وكانت تلك هي أول تجربة لبيع رقائق البطاطس على نطاق تجاري واسع. بعدها، تبعته شركات صغيرة أخرى تأسست للغرض نفسه، وكان أشهرها شركة «هانوفر» التي تأسست في العام 1912م. وراج في ذلك الوقت بيع رقائق البطاطس في المحلات في مرطبانات زجاجية بأحجام مختلفة. في العام 1926م توصلت لورا شادر لفكرة وضع شرائح البطاطس في أكياس من الورق، وهكذا ولد أول كيس لرقائق البطاطس. وفي العام 1932م أسس هيرمان لاي شركة لايز في ولاية تينيسي الأمريكية. وأصبحت رقائق البطاطس خاصته، هي الأولى التي نجحت في كونها تسوق وتباع على نطاق واسع في أرجاء الولايات المتحدة بأكملها. وانتشرت شركات رقائق البطاطس في أنحاء العالم، وكان أشهرها شركة «سميث» الأسترالية، وشركة «واكرز» البريطانية. والآن أصبحت رقائق البطاطس صناعة عالمية ضخمة، تقدَّر مبيعاتها بحوالي 20 بليون دولار سنوياً.