حياتنا اليوم

ألعابنا أحسن!

دخل رجل إلى محل ألعاب وعلى وجهه ابتسامة حذرة. وبعدما جال بنظره على الرفوف، التفت إلى البائع الذي وقف متأهباً كي يلبي طلب الزبون، وسأله: هل لديكم لعبة جديدة ظريفة؟

فسأل الشاب السؤال الروتيني: لأي سنّ يا أستاذ؟
فرد الرجل: بحدود الستين! وكان يقصد نفسه طبعاً.

أما الابتسامة الحذرة فسببها أن الأمل في الحصول على لعبة بهذه المواصفات أصبح ضئيلاً للغاية في أيامنا هذه. إذ يكاد الخيال أن يكون قد انحسر عن محال الألعاب كلياً. وأصبحت الألعاب المتوافرة تكرر ذاتها بشكل محبط.

أنماط معروفة لا تزيد على عدد أصابع اليد الواحدة نستطيع أن نصنف أنواع الألعاب من خلالها. والتشابه الذي تجده في محل الألعاب تجده بطبيعة الحال في غرف الأولاد: مركبات التحكم عن بعد، والألعاب البلاستيكية السميكة والدمى الوبرية بأصنافها المعروفة، وطبعاً لكل فتاة «باربيها». وجميعها (وما يبدو أنه أيضاً سبب هذا الفقر في الاختيار) تخضع لمبدأ أقل كلفة ممكنة في الإنتاج، وأكبر هامش ربح ممكن في البيع.

ومن كان قد غاب عن دنيا ألعاب الأطفال وعاد إليها بعد سنين، قد يشعر للوهلة الأولى أن هذه أصبحت من الأشياء المعرّضة للانقراض. وكأن المحال المتخصصة لبيعها انحسرت إلى حد بعيد وتكاد تقتصر على بعض الزوايا والأركان المحدودة في «السوبرماركت» أو المولات التجارية.

ومن يعرف ألعاب أيام زمان في مراحلها المختلفة يعرف أنه اليوم يقع تحت دكتاتورية شروط الربح والخسارة بأعنف أشكالها، وأن التفكير بالطفل واللعب لا يكاد يؤدي أي دور في قرارات الإنتاج.

والحقيقة أن حتى ما يمكن اعتباره «الألعاب البديلة» والتي توصف بأنها ألعاب تربوية وإن كانت موجودة ولها حيز مستقل لا بأس به، فإنها لا تلبي في الحقيقة نداء اللعب البريء والفرح.

فالمطلوب أولاً وقبل أي شيء آخر تلك الألعاب البسيطة الملونة الممتعة التي تفرح وتسلّي وتضحك وتحمّس. مثل البلبل، والطائرة الورقية الأصلية، و«الكلل» الملونة، والبالون، وكل أنواع الكرات المتدحرجة…..وغيرها.

لكن ليس هذه فقط، بل ألعاب كثيرة لا تُعد ولا تحصى كانت تثير مرح الأطفال والكبار على حد سواء. فاللعب حاجة أساسية وطبيعية لدى كل الأعمار. مثله مثل الضحك والتسلية والدهشة والخيال.

وما كان يميز ألعاب العام عن العام الذي سبقه (ابتكارات وأفكار جديدة مختلفة في محل الألعاب) هو بالضبط ما نفتقده اليوم.

كان كل تقدم تشهده التكنولوجيا نفسها تستفيد منه صناعة الألعاب. لكن الابتكارات التكنولوجية ما كانت لتكون مفيدة، لولا وجود حماسة حقيقية وإصرار على ابتكار ألعاب جديدة يفرح بها الأطفال وذووهم ويلعبون بها سوياً في كثير من الأحيان.

أعيدوا إلى أطفال الأرض ألعابهم، حتى ولو كانوا بحدود الستين.

في كتاب «اسمع يا رضاحدَّث الأديب أنيس فريحة ابنه عن ألعابه وألعاب جيله قائلاً: ألعابنا أحسن‪.‬

أضف تعليق

التعليقات