اطلب العلم

ولفرام ألفا..
ثورة الإنترنت الجديدة

إذا أردت اليوم أن تقارن الدخل القومي الألماني بالدخل القومي في بلدك مثلاً، فعليك أن تفتح محرك البحث في الإنترنت وتضع عبارة «الدخل القومي» مع أسماء البلدان المنشودة.

ويعرض عليك محرك البحث مئات الآلاف أو ملايين المواقع التي وردت فيها هذه العبارات بشكل أو بآخر، تاركاً لك التفتيش عما تبغيه تماماً في أي منها.. لعل وعسى!

ولكن أما من طريقة أقصر من ذلك، والحصول على الجواب فوراً.

ظل الجواب «لا» حتى جاء ستيفن ولفرام، وهو عالم في الرياضيات وفي مجال التقنية الرقمية، وافتتح في أول شهر مايو الماضي، ما سماه: محرك بحث «ولفرام ألفا». إنها ثورة في عالم الشبكة الدولية الإنترنت، لم تحدث منذ سنوات عشر خصبة، في هذا الحقل، كما يقول الخبراء.

ويرى الباحث السعودي في العلوم الرقمية فاضل التركي، أن لغة برولوغ (Prolog) وغيرها من اللغات التي ظهرت في القرن الماضي في توجه مختلف عن توجه البرمجة الشائعة مثل لغتي سي وجافا، كانت تتعامل مع معارف يقدمها المبرمج ثم يطرح الأسئلة وتأتيه الإجابة مبنية على هذه المعارف المعطاة، وتبقى محدودة المجال المعرفي والتجربة والتطبيق.

في الثمانينيات كانت هناك محاولة سابقة لتقنية اسمها (Cyc) كان يعمل لها دوغلاس لينات. ولكن لم يكتب لها النجاح واليوم دوغلاس هو من الصف الأول من الذين دُعوا إلى اختبار التقنية الجديدة «ألفا».

الجديد في التقنية «ألفا»، أن «ماثيماتيكا» (رياضيات)، وهي النظام الذي عمل في تطويره ستيفن ولفرام منذ سنوات طويلة، استخدمت الرياضيات، التي تصنف المعلومات بطريقة ذكية، ثم تربط بينها وتخرج النتائج حسب سؤال المستخدم.

نظام «ولفرام ألفا» يستقبل سؤال المتصفح، فيربط ويحسب العلاقات بين مكونات السؤال ويستخرج له المعلومات المناسبة جواباً، من كل الإرث المعرفي الإنساني الموجود على شبكة الإنترنت.

لم يطلق نظام «ألفا» حتى وقت كتابة هذه السطور، ولكنه سيكون حدثاً مدوياً في عالم الإنترنت.

ويقول التركي، إنه حضر محاضرة لشركة «ماثيماتيكا» عُرضت فيها بعض إمكانات النظام الجديد، ضمن «ماثيماتيكا» دون الإشارة إلى هذا المحرك. واستُعرضت ملخصات ونتائج ورسوم بيانية تربط معلومات معقدة عن الإحصاءات الصحية والسكانية والطقس وأموراً لا تنتهي. لكن التركي يسأل عن مدى قدرة «ألفا» على استيعاب حجم التشغيل، عندما يكون مصدر المعلومات هو صفحات الإنترنت كلها، لا قواعد البيانات والمعلومات التي تصنفها وترتبط بها آلة ماثيماتيكا، وعن طبيعة استخدامها للمستخدم العام.

يقول لينات في تعقيبه على «ألفا»: «إنه يعالج طيفاً أوسع بكثير من الطيف الذي يعالجه (Cyc)، لكن أضيق من ذلك الذي يعالجه جوجل. وهو يفهم بعض ما يعرضه من أجوبة، لكن بعضه فقط (…) والمسألة الأساسية هي أن لديه مقداراً كبيراً من الأسئلة لا يستطيع أن يعالجها، وأسئلة كثيرة قابلة للمعالجة، لا يستطيع أن يجيب عنها».

لقد صارت «ولفرام ألفا» الآن على محك الباحثين العلمي، وهي في بداية التجربة العظيمة، في اختبار الاستخدام الفعلي لدى المستخدم العادي، والعجلة تدور ولا تتوقف، وثمة أفكار وأفكار تستحق التجريب، والمسير لن يقف عند حد.

أضف تعليق

التعليقات