التفاوض مهارة تختلف تماماً عن مهارة الحوار، لأنها تفترض وجود تباين يسعى واحد من طرفين إلى حسمه لصالحه في مواجهة الطرف الآخر. وكثيراً ما يحضر التفاوض في حياتنا اليومية حول أمور متفاوتة الأهمية، ولكن هذه المهارة تُصبح من مفاتيح النجاح الأساسية في الحياة المهنية ومجالات الأعمال. فإتقان التفاوض يعني تحقيق الكسب المنشود، والتعثر فيه منزلق يؤدي إلى التراجع والخسارة.
فما هي مقومات التفاوض الجيد؟ وما هي تقنيات تطوير هذه المهارة كي يتمكن المفاوض من تحقيق أفضل النتائج؟
أدار الورشة المهندس لورانس خير الله، رئيس شركة «دايناميك ريكروت»، بحضور عدد من الشبان والشابات العاملين في القطاع الخاص. وشهدت الورشة تفاعلاً مفيداً بين المحاضر والمشاركين من جهة وبين المشاركين أنفسهم من جهة ثانية، وتخللتها تدريبات عملية على مهارات التفاوض.
اليوم الأول
مجريات الورشة
حدد المحاضر أربعة مواضيع لورشة العمل:
– أنواع التفاوض
– ما يجوز أو لا يجوز كشفه من معلومات للطرف الآخر في عملية التفاوض
– تقنيات المساومة
– تحديد المكاسب المتبادلة
قد تكون المفاوضات من النوع التكاملي، حيث يتعلَّق الأمر بمواضيع وأطراف متعددة مما يتطلب «بناء الجسور» للتوصل إلى بوتقة مشتركة، ومن ثم إلى حل يراعي مصالح الأطراف التي قد تبدو متناقضة للوهلة الأولى، وذلك عبر تنازلات متبادلة. وقد يكون التفاوض محصوراً بموضوع واحد مثل طلب زيادة الراتب، حيث يتم التفاوض بين طرفين (الموظف وصاحب العمل أو من يمثله). علينا في جميع الأحوال عدم إعطاء الطرف أو الأطراف الأخرى معلومات تُضعف موقفنا التفاوضي، وأن نسعى بدلاً من ذلك إلى استدراج معلومات من الطرف الآخر تساعدنا على تقوية موقفنا.
أما كيف يكون ذلك؟ فيقول المحاضر إن التعامل المثالي مع كشف أو حجب المعلومات سيتضح من خلال مهارات الاستعداد والاستماع التي سيأتي تفصيلها لاحقاً.
مراحل التفاوض
تنقسم عملية التفاوض إلى ثلاث مراحل:
– تبادل المعلومات
– المساومة
– إبرام الصفقة
ويجب في كل واحدة من المراحل الثلاث ممارسة أكبر قدر ممكن من مهارات التفاوض الخمس التالية: 1) إجادة التحدث 2) إجادة الاستماع 3) إبداء الثقة بالنفس 4) التحلي بالصبر 5) احترام الطرف الآخر.
وحول مهارة الاستماع، أوضح المحاضر أن المستمع الجيد يضرب عصفورين بحجر واحد:
– ترك الطرف الآخر يتحدث دون مقاطعة تحاشياً لخلق جو من الجدل العقيم والتوتر.
– ترك الطرف الآخر يستفيض في الحديث بحيث يكشف بقصد أو بدون قصد عن معلومات قد تفيد الطرف الآخر. بل إن المستمع الذكي قد يستنتج معلومة ما من خلال محاولة المتحدث إخفاءها.
الاستعداد
كما هو الحال في مباشرة أية مهمة تتسم بالتحدي، فإن التفاوض الناجح يتطلَّب استعداداً وتحضيراً مسبقاً. علينا قبل الشروع في عملية التفاوض أن نحدِّد النتيجة المرجوة من العملية، والحد الأدنى الذي سنوافق عليه، وما هو مقبول أو غير مقبول بالنسبة لنا. إذا كنا لا نعرف وجهتنا، فإننا سنجد أنفسنا في مكان لا نريده. كما أن علينا أن نكون مستعدين على المستوى الشخصي (مظهرنا وملبسنا)، والأهم في هذا أن تكون مقاربتنا لعملية التفاوض متسمة بالثقة وبموقف إيجابي ينشد حلاً مقبولاً للطرفين.
المرحلة الأولى: تبادل المعلومات
تتضمن المرحلة الأولى من عملية التفاوض تبادل المعلومات بين الطرفين. يوضِّح كل طرف موقفه من المسائل المطروحة للتفاوض، وذلك بطريقة غير تصادمية تحاشياً لعدم استفزاز الطرف الآخر. الجزء الصعب الذي يتطلَّب ذكاءً في هذه المرحلة هو تحديد ما سنكشفه للطرف الآخر وما سنبقيه طيّ الكتمان. يجب أن يكون المنطلق صحيحاً، فنتطرق أولاً إلى مسائل عامة وجانبية مع الحرص على إظهار جانبنا الإنساني وعدم إغفال أهمية المعارف أو الاهتمامات المشتركة التي تخلق جواً من التقارب. علينا في إطار تبادل المعلومات أن نوضح موقفنا بالتفصيل، وأن نحدِّد مواضيع التفاوض والمسائل التي سيتم نقاشها.
علينا أيضاً أن نحدد الاحتمال الأسوأ والاحتمال الأفضل اللذين قد تسفر عنهما الاتفاقية الناتجة عن عملية التفاوض. فعلى سبيل المثال، حين نكون الجانب المشتري في مفاوضات حول سعر سلعة ما، علينا أن نحدِّد، بناءً على معطيات ومعلومات، أعلى سعر نكون مستعدين لدفعه وإلا تخلينا عن الصفقة إذا أصر البائع على سعر أعلى من ذلك. من المهم جداً هنا ألَّا نكشف للبائع السعر الأعلى الذي حددناه، لأننا قد نحصل بنتيجة التفاوض على سعر أقل منه، وأن نظل ثابتين على موقفنا وأن نكون مستعدين للتخلي عن شراء السلعة إذا فشلنا في الوصول إلى مبتغانا. وعلينا، بناءً على معرفتنا بسعر السلعة الواقعي، أن نحدِّد «نطاق الاتفاق الممكن» (ZOPA) بحيث لا نوافق على أي سعر يزيد على هذا النطاق. ونؤكد هنا ثانية ضرورة عدم تمكين البائع من معرفة السعر الأعلى الذي نكون مستعدين لدفعه.
نأتي هنا إلى الاستعداد الشخصي. يجب أن نلتزم دائماً أدبيات التخاطب، فانتقاء العبارات المهذبة واللطيفة لا ينتقص أبداً من قوة الحجة التي نسوقها، بينما العبارات النابية أو الجارحة ستؤدي إلى تصلب الطرف الآخر وإفشال التفاوض. لكن اللياقة لا تعني عدم الثبات على الموقف، إذ يجب أن نبدي صلابة تمنع الطرف الآخر من أن يستشف أي ضعف في موقفنا، وألَّا نفقد أبداً أعصابنا ونظل هادئين، لأن الهدوء يسهل الإقناع والتوصل إلى اتفاق مقبول. كما أن المفاوض المتمرس والناجح لا يأخذ الأمور بشكل شخصي، فيتحسس مثلاً من تصلب الطرف الآخر ويَعد ذلك تحدياً شخصياً له، بل يحاول دائماً تصحيح مسار التفاوض من خلال الرجوع إلى معطيات موضوعية ومعلومات تجبر الطرف الآخر على التخلي عن تصلبه.
المرحلة الثانية: المساومة
ببلوغ هذه المرحلة، نكون قد وصلنا إلى لب عملية التفاوض. هذه المرحلة، أي المساومة، هو ما يعنيه الناس عادة حين يتحدثون عن عملية التفاوض. تكون المساومة حول أمور مادية محسوسة ومحددة، مثل ثمن السلعة أو الراتب الذي يطلبه الموظف. ما الذي يمكننا توقعه في هذه المرحلة؟ هل نرى الطرف الآخر يطرح أولاً عرضاً غير معقول؟ أو هل يحاول تسريع المفاوضات بأكثر مما ينبغي للقفز فوق بعض المسائل التي طلبناها أو قد نطلبها؟ أم هو يحاول وضع المسائل في إطار يضمن له أفضلية على حسابنا؟
عامل الزمان والمكان
يحرص المفاوض الناجح على انتقاء توقيت التفاوض، وذلك بناءً على أنسب وقت له وبناءً على معلومات عن المفاوض الآخر بحيث لا يكون الموعد مصدر مضايقة أو إزعاج لذلك الطرف، مما قد يجعله أقل استعداداً لتقديم تنازلات. كما أن المكان يتسم بأهمية كبيرة لجهة العوامل النفسية لدى المفاوضين: فالتفاوض مع الطرف الآخر داخل «عرينه» وهو يجلس وراء مكتبه كأسد زمانه قد يؤدي إلى اختلال توازن الثقة بالنفس بين الطرفين. ولذا، يجب قدر الإمكان الإصرار على التفاوض في مكان محايد لا يعطي أفضلية مسبقة لأحد الطرفين على حساب الآخر. كما يجب أن يخلوَ المكان من فرصة المقاطعة والإزعاج (مثل مطعم، يأتي فيه النادل كل خمس دقائق للسؤال عن ما إذا كنت تريد شيئاً أو يقف دون سبب قرب الطاولة).
التوصل إلى أرضية مشتركة
من أجل حسن سير عملية التفاوض، يجب على المفاوضين التوصل أولاً إلى أرضية مشتركة تكون الأساس الذي سيتم عليه بناء التقدم اللاحق، بحيث تكتسب عملية التفاوض زخماً ذاتياً يسهِّل التوصل إلى الاتفاق المنشود بين الطرفين. وتسهل الأرضية المشتركة وضع إطار لعملية التفاوض والاتفاق على ما يتم التفاوض حوله وما هو غير قابل للتفاوض، وذلك بناءً على القيم والأهداف التي يتبناها كل طرف.
كيفية تجاوز «الطريق المسدود»
قد تصل المفاوضات إلى طريق مسدود. ما العمل عندئذٍ؟ إذا كان الطريق المسدود يتعلَّق بدفع مبلغ من المال، فإنه يمكننا حينئذٍ أن نحاول تجاوزه بأن نزيد مثلاً قيمة المبلغ المتفق على دفعه مقدماً مع تقصير مدة تقسيط باقي المبلغ. وقد تنشأ حالة الطريق المسدود بسبب جوٍّ عدائي بين أحد أعضاء الفريق المفاوض والطرف الآخر، وفي هذه الحالة، على هذا الفريق تغيير هذا العضو لمحاولة تحسين جو المفاوضات ورأب الصدع. ومن المستحسن أن نسعى إلى الاتفاق على المسائل السهلة بينما نترك المسائل الصعبة لمرحلة لاحقة.
المرحلة الثالثة: إبرام الصفقة
المرحلة الثالثة من عملية التفاوض هي وقت التوصل إلى تفاهم ووضع صيغة الاتفاق. تتطلب هذه المرحلة قدراً من العمل الجاد من أجل ضمان توصل المفاوضات إلى النتائج المرجوة.
أهمية التطلع إلى المكاسب المتبادلة
كثيراً ما تتعثر المفاوضات أو تفشل بسبب تركيز المفاوضين على تأكيد مواقفهم وميلهم إلى المجادلة بدلاً من البحث عن مكاسب متبادلة، أي ما يمكن الحصول عليه من المفاوضات لمنفعة الطرفين وخدمة مصالحهم. لذا، فإن المفاوض الناجح يركِّز على المصالح بدلاً من المواقف ويسعى إلى خلق جوٍّ من الاحترام المتبادل مع احتفاظه ببدائل متعددة لتجاوز العُقَد التي قد تعترض التوصل إلى حل. ويكون الحل القائم على المكاسب المتبادلة مبنياً على تبادل الأفكار المفيدة، والتعرف على القيم المشتركة بين الطرفين، وتوسيع أو تضييق نطاق الاتفاق حسب الضرورة مع تحديد المسائل التي يمكن وضعها جانباً من أجل التفاوض حولها لاحقاً.
التطبيق العملي
انتهى اليوم الأول من الورشة بتطبيق عملي لمهارات التفاوض في مجال البيع والشراء. فتطوع ثلاثة من المشاركين للقيام بدور البائعين، وتطوع ثلاثة آخرون للقيام بدور المشترين. وزوَّد المحاضر الفريق البائع بمعلومات منها تكلفة السترة الجلدية (30 دولاراً أمريكياً للواحدة) التي سيحاولون إقناع المشترين بدفع أعلى ثمن ممكن لها، بينما زوَّد المشترين بمعلومات، منها أن ثمن السترة في بلدهم حوالي 140 دولاراً أمريكياً بينما يمكنهم في البلد الذي هم موجودون فيه حالياً الحصول عليها بحوالي نصف الثمن أو أقل. تمكن البائع الأول من إقناع المشتري الأول بدفع 80 دولاراً أمريكياً ثمناً للسترة، بينما حصل البائع الثاني على 75 دولاراً والبائع الثالث على 80 دولاراً. مارس المشاركون في هذا التطبيق العملي ما تعلموه في يوم الورشة الأول، ولا سيما مهارات كتم أو كشف المعلومات بما يعزِّز موقفهم التفاوضي، وإبداء أو عدم إبداء الاهتمام بشراء السلعة، ومهارة الاستماع وإشاعة جوٍّ من الألفة بين الجانبين.
تطبيق عملي:
– السعر في بلد المشتري: 140 دولاراً
– تكلفة السترة على البائع: 30 دولاراً
– أعلى سعر حصل عليه البائع: 100 دولار
– سعر الصفقات النهائية: 75 و80 دولاراً
كان المشترون يعرفون أن ثمن السترة في بلدهم هو حوالي 140 دولاراً، فاعتقدوا أنهم توصلوا إلى صفقة مثالية، ولكنهم كانوا يجهلون المعلومة الأهم: تكلفة السترة على البائع لا تتجاوز 30 دولاراً. ولو كانوا على دراية بالمعلومة الثانية، فإنهم كانوا سيتمكنون من شراء السترة بثمن أقل مما دفعوه.
اليوم الثاني
بدأت مجريات اليوم الثاني من الورشة بالسؤالين التاليين: ما الذي أريده؟ وما الذي يريده خصمي في المفاوضات؟ يجب أن أحدِّد ما أريده بوضوح، وأن أكون مدركاً ما هو الحل المثالي مقابل الحل الواقعي، وما هي رغباتي مقابل احتياجاتي. ثم عليَّ أن أعرف ما هي احتياجات خصمي الحقيقية، وما هو الأهم والأقل أهمية بالنسبة له. تلك هي المعطيات التي سأسترشد بها في إدارة عملية التفاوض.
في التوصل إلى تفاهم: ضرورة التزام ما سبق تقريره وعدم محاولة الالتفاف على ذلك، وإدراك أن الشيء نفسه قد تكون له معانٍ مختلفة باختلاف الأشخاص، و أنه لا يمكن لأي حل أو اتفاق أن يرضي جميع الناس، و أن الحصول على %50 من شيء ما أفضل من الحصول على لا شيء.
التفاوض الناجح يتطلَّب استعداداً وتحضيراً مسبقاً. علينا قبل الشروع في عملية التفاوض أن نحدد النتيجة المرجوة من العملية
في وضع صيغة الاتفاق: ترجمة العموميات إلى مسائل محددة، وإدراك أن مرحلة المساومة قد انتهت، وتفسير التفاهم، ووضع مسودة الاتفاق. وتنتهي العملية بصياغة اتفاق خطيّ يتضمن شروط وآلية التنفيذ مع كافة التفاصيل الضرورية. ويستحسن، لا سيما في الصفقات الكبيرة، الاستعانة بمحامين متخصصين في صياغة العقود.
من مهارات التفاوض
كيفية التعامل مع الصعوبات
مع أن معظم الناس يتفاوضون عادة بحُسن نية وبهدف التوصل إلى اتفاق يحقق المصلحة المشتركة، ولذلك فإنهم لا يلجأون إلى الخداع والحيل أو محاولة التهويل على الطرف الآخر، إلا أننا قد نجد أنفسنا أحياناً في مواجهة مفاوض لا يلتزم أخلاقيات التفاوض، ويسعى إلى استفزازنا باعتماد أسلوب التهجم الشخصي. علينا أن نظل مؤدبين وهادئين، وأن نحاول إعادة النقاش إلى مساره الصحيح، أي إلى المسائل موضوع التفاوض، وأن نقترح استراحة قصيرة من أجل تنقية الأجواء. وإذا لم ينجح ذلك كله، فإنه يجدر بنا أن نطلب تعليق المفاوضات. يجب أن نحتفظ دائماً بخيار تعليق المفاوضات إذا شعرنا بأننا مهددون، أو معرضون لمضايقة لا تحتمل بسبب لجوء الطرف الآخر إلى تكتيكات تجعل التفاوض مستحيلاً.
التفاوض عبر الهاتف
يجب، في حال التفاوض عبر الهاتف، أن نركِّز اهتمامنا على مسائل محددة، وأن نصغي بانتباه إلى ما يقوله المفاوض الآخر، وألَّا نشعر بأننا مرغمون على التسرع في قراراتنا وأن نطلب إعطاءنا مزيداً من الوقت. وأن يتم تأكيد ما تم الاتفاق عليه خطياً.
التفاوض عبر رسائل إلكترونية (إيميل):
من المناسب استخدام هذه الطريقة في عملية تفاوض: يكون موضوعها محدداً بوضوح؛ لا يتطلَّب موضوعها نقاشاً مستفيضاً؛ إذا كان الجواب المتوقع بسيطاً نسبياً؛ إذا كانت إمكانية سوء التفاهم محدودة.
اختيار الفريق المفاوض
– تذكير كل عضو بأهداف الفريق
– التحقق من أن كل عضو يفهم جيداً ما هو دوره في المفاوضات
– وضع «قواعد اللعبة» التي ستحكم المفاوضات
– على كل عضو أن يعرف ما هي مسؤولياته وما هي حدود استقلاليته، وما الذي يجوز أو لا يجوز له عرضه على الفريق الآخر
التعامل مع الأسئلة الصعبة
– قل بلهجة ودية إن السؤال في غير موضعه أو على غير صلة بالموضوع
– قل إنك لا تعرف الجواب
– قل إنك تريد أن تتريث قبل الإجابة عن هذا السؤال
– أجب عن السؤال بسؤال
قراءة لغة الجسد
لغة الجسد صادقة ومعبِّرة عن المشاعر، وهي تعزِّز مهارات التواصل، كما أنها أبلغ من الكلام. من إشاراتها مدى القرب من الشخص الآخر، وطريقة التنفس التي تدل على ارتياح أو توتر، وتعابير الوجه التي تنم عن انزعاج أو عكس ذلك.
نصيحة:
لن يكشف لك أحد جميع أوراقه. عليك أن تستشف ما يريده الطرف الآخر، ولأن السبب الذي يعطيه لا يكون أبداً السبب الحقيقي، فإنك تستطيع استبعاد السبب المُعطى.
كمثال على لغة الجسد، فإن رفع الرأس إلى الأعلى يدل على الاستماع بعناية ودون تحيز، بينما إمالة الرأس يمنة أو يسرة يدل على التفكير بما يقال، أما إمالة الرأس إلى الأمام فيُعد إشارة إيجابية تدل على الاهتمام بينما قد تعني إمالة الرأس نحو الأسفل التحفظ على ما يُقال.
قد يجلس الشخص أو يقف أحياناً بطريقة توحي بالارتباك أو عدم الثقة بالنفس، إلا أنه لا يجب أن نتسرع بتفسير ذلك على أنه علامة ضعف. كما أن الحركات السريعة قد تدل على العصبية وربما تفضح الاهتمام بمعلومة محدَّدة ذكرها الطرف الآخر.
نصيحة:
كن لطيفاً، ولكن، إذا شعرت أنك غير قادر على المحافظة على لطفك، فاطلب من شخص آخر متابعة التفاوض بدلاً منك حتى لا تفسد العملية.
ضرورة التنبه للخصائص الثقافية
يدرك المفاوض الناجح ضرورة معرفة الخصائص الثقافية للشعب الذي ينتمي إليه الطرف الآخر في عملية التفاوض، ولذلك فإنه يحرص على الاطلاع قدر الإمكان على عادات وتقاليد ذلك الشعب، لكي يعرف ما هي تصرفاته التي سيعُدها الطرف الآخر لائقة أو غير لائقة، وما هي حركات الجسد أو الكلمات التي تنم عن احترام أو عدم احترام بالنسبة للطرف الآخر، بحيث يتفادى النطق بكلمات أو القيام بحركات أو إشارات يعتبرها الطرف الآخر أمراً مشيناً قد يؤدي إلى إفشال المفاوضات.
خاتمة عملية
وفي ختام اليوم الثاني من الورشة، طلب المحاضر ثلاثة متطوعين للقيام بالتفاوض حول مسألة واقعية عايشها المحاضر. كان الموضوع يتعلق بموظف يعمل في بلد أجنبي بمرتب عالٍ ويرغب في العودة إلى بلده والحصول على وظيفة مماثلة لدى شركة محلية.
الأطراف: 1) الموظف طالب العمل 2) شركة التوظيف 3) الشركة المحلية.
معطيات يعرفها الموظف: الشركة التي يعمل لحسابها في البلد الأجنبي تمر بفترة عدم استقرار وتقوم بتقليص عدد موظفيها. تكاليف المعيشة في بلد الموظف أقل مما هي في بلد الاغتراب. يتمتع حسب تقييم شركة التوظيف بكافة المؤهلات المطلوبة للوظيفة.
معطيات تعرفها ممثلة شركة التوظيف: راتب الموظف في بلد الاغتراب 13,000 دولار في الشهر. الموظف مؤهل تماماً للوظيفة المعروضة، وهو الوحيد الذي استوفى كافة الشروط بنتيجة المقابلات التي أجريت. الموظف يطلب كحد أدنى 7,000 دولار كراتب شهري في بلده، بينما صاحب العمل يعرض راتباً قدره 4,500 دولار.
نصيحة:
يمكن دائماً التوصل إلى إبرام صفقة حين يدرك الطرفان وجود منفعة مشتركة فيها
معطيات يعرفها صاحب العمل: راتب الموظف في بلد الاغتراب 13,000 دولار في الشهر. الموظف مؤهل تماماً للوظيفة المعروضة، وهو الوحيد الذي استوفى كافة الشروط بنتيجة المقابلات التي أجريت، كما أنه نجح بتميز في اختبار أخضعه له صاحب العمل.
نتيجة المفاوضات: بعد عدة جولات من التفاوض بين صاحب العمل والموظف، وصاحب العمل وشركة التوظيف، والموظف وشركة التوظيف، وبعد سلسلة من الحجج والحجج المقابلة، تم الاتفاق على أن يكون مرتب الموظف 6,000 دولار في الشهر.
الناحية اللافتة في هذا الاتفاق: المبلغ المتفق عليه هو نفسه الذي اتفق عليه في الحالة الواقعية التي عايشها المحاضر. إن دل هذا على شيء، فإنه يدل على حسن استيعاب المشاركين لمجريات الورشة.