قصة مبتكر
قصة ابتكار
مرســـــــيل 
بــــيـــــــك
ميــــــزان الحــــــرارة
يوم الإثنين، 20 من ذي الحجة 1414هـ، 30 مايو 1994م، توفي عن 79 عاماً في باريس، البارون مرسيل بيك (Marcel Bich)، مخترع القلم والقدَّاحة وآلة الحلاقة الرخيصة التي تحمل اسمه الشهير: بيك «Bic». وقد جعله اختراعه القلم أولاً، سنة 1953م، واحداً من أغنياء العالم. إذ تحول هذا الاختراع البسيط، إلى رفيق ملازم لا غنى عنه لكل من يريد سهولة الكتابة بالحبر، بعدما كانت هذه مهمة غير مأمونة، بسبب احتمال تسرب الحبر من الأقلام. تنازل مرسيل بيك، الذي يُلفَط اسمه هكذا مثلما يُلفظ اسم القلم، رغم اختلاف الكتابة بالفرنسية، عن رئاسة مجلس إدارة مجموعة بيك، سنة 1993م، لواحد من أبنائه الأحد عشر، برونو بيك. وكانت قيمة مبيعات المجموعة في تلك السنة في العالم، بلغت 1.1 مليار دولار، وربحها 70.5 مليون دولار. وتملك شركته كذلك مصنع العطور «جي لاروش»، ومصنع الجوارب «ديم»، ومصنع الملابس الداخلية «روزي». ولد مرسيل بيك في تورينو الإيطالية، في 29 يوليو 1914م، وكان والده مهندساً، وحصل على الجنسية الفرنسية ودرس القانون والحقوق في باريس، ثم خدم في سلاح الجو الفرنسي في بداية الحرب العالمية الثانية. كان يملك حيوية شخصية متفجرة، وكان شديد الحرص على الحياة الزوجية والأسرية الحميمة. وعلى الرغم من أن بيك مشهور جداً في عالمنا اليوم، لمخترعاته الرخيصة الثلاثة، ولا سيما قلم الحبر، إلا أن عالم الرياضة عرفه بوجه آخر لا علاقة له بالمخترعات على الإطلاق. إذ ظل مرسيل بيك شبه مهووس برياضة الزوارق الشراعية، حتى أنه اشترك 11 مرة في سباق الكأس الأمريكية، أشهر مسابقات الزوارق الشراعية. وكان المسابق الأول من خارج الدول الأنجلو ساكسونية، سنة 1970م، وحملت زوارقه على التوالي أسماء: فرنسا، ثم فرنسا 1، وفرنسا 2، وفرنسا 3. وقد اشتهر بأنه صاحب أسلوب استعراضي جميل وصاخب في النزول بالزورق إلى الماء. ورث البارون بيك اللقب النبيل، من الدوق شارل ألبير دي سافوى، وورثه منه ابنه البكر كلود، نائب الرئيس التنفيذي في شركة «بيك». وقد أنجب من زوجتيه: لويز شاموسي، التي توفيت سنة 1950م، ولورانس كورييه دو مير. وله من أولاده الأحد عشر، أحد عشر حفيداً، و3 أبناء حفدة.
عرف الناس منذ القدم الفرق بين البارد والحار، ولبسوا الفراء اتقاءً للبرد، وخافوا النار، عندما أحرقتهم. لكنهم لم يقيسوا الحرارة على النحو العلمي الدقيق، ولم يضعوا للحرارة سلَّماً لقياسها، إلا في القرون الأخيرة. حتى بات يصعب اليوم أن نتخيل الدنيا بلا ميزان حرارة، نقيس به حرارة المريض أو الجو أو الفرن. كان أرسطو، فيلسوف الإغريق الشهير (384-322 قبل الميلاد) يصنف الحرارة والبرودة ضمن طبائع الأشياء. فالجسم الحي حار، والمعادن والصخور باردة. ووصف المهندس الإغريقي فيلون، سنة 220 قبل الميلاد، كيف تتمدَّد المياه بالحرارة وتتقلَّص بالبرودة، لكنه لم يخطُ الخطوة التالية التي كان يمكن أن توصله إلى ميزان الحرارة. هذه الخطوة انتظرت العالِمَ الإيطالي غاليليو غاليلي (1564-1642م)، الذي ابتكر مرقباً للحرارة (Thermoscope)، بين 1593 و1597م. فقد صنع أنبوباً من زجاج، طرفه الأعلى مقفل ومنتفخ على استدارة. أما طرفه الأسفل فمفتوح، ويغوص في وعاء مملوء ماءً ملوناً. حين كان أعلى الأنبوب يسخن، كان الهواء فيه يتمدَّد، فيضغط الماء نزولاً، وحين يبرد، يسحبه صعوداً. وفيما بعد، أضاف الدكتور سنتوريو سنتوريو (1561-1636م) سلم قياس إلى أنبوب مرقب الحرارة، مقسماً إلى أربعة أجزاء. وجعله للأغراض الطبية. وسمى سنتوريو جهازه الجديد: آلة الحرارة. ووصف الآلة في كتاب له، بأنها لقياس حرارة دم البشر، ومعرفة ارتفاع درجة حرارة الجسم. وفي الكتاب رسم يظهر فيه مريض وقد وضع في فمه أنبوباً مرناً، ينفخ فيه نَفَسَه، وينتقل النَفَس بالأنبوب إلى آلة الحرارة. وعلى الرغم من أن القياس لم يكن دقيقاً البتة، إلا أن هذا كان اللَّبِنَة الأولى التي طور عليها المخترعون فيما بعد ميزان الحرارة. ففي سنة 1718م، صنع أحد نافخي الزجاج، وكان اسمه دانييل جابريال فارنهايت (1686-1736 Fahrenheit)، أنبوباً لقياس الحرارة، ورسم عليه سلم قياس، سماه قياس فارنهايت، على اسمه هو. وعلى هذا القياس، جعل المخترع درجة تجمد الماء الدرجة 32، ودرجة غليان الماء 212 درجة. وقسم المسافة بين الدرجتين، مئة وثمانين درجة متساوية. ولا يزال هذا السلم مستخدماً في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي سنة 1742م، عدَّل عالم الطبيعة أندرس سلزيوس (1701-1744م) سلّم فارنهايت، فجعل درجة تجمد الماء صفراً، ودرجة غليانها مئة درجة. وقسم ما بينهما إلى مئة درجة سماها مئوية، وثمة من يسميها درجات سلزيوس، على اسم صاحب السلم الجديد. وفي عصر الحاسوب والوسائل الرقمية، أخذ عالم الطب يستغني عن ميزان الحرارة العامل بالزئبق، لا سيما لخطورة الزئبق في الناحتين الطبية والبيئية. وصار ميزان الحرارة رقمياً، يستخدم متحسسة إلكترونية.