حياتنا اليوم

ألماسة أم

مجرد مرآة عادية؟

التجربة خيار حياة، تصوغك صوب الإيجابي أو السلبي. هذه المسألة ترتبط بشخصيتك، وترتبط بنظرتك إلى الفنجان الذي أمامك.
قلبك هو البوصلة، وصوتك وردود فعلك هي المؤشر الذي يعطي النتيجة.
خيباتنا مع الآخرين من شأنها أن تكون مرايا إيجابية، تعكس الجوهر الذي نكتنزه، الأمر يشبه قطعة الألماس، التي تتحول ضمن سلسلة من العمليات القاهرة إلى شيء يلمع فيضيء الظلام.
أنت تتحدث عن الجور في حياتك من هذا أو ذاك، فلتشعل تلك الألماسة في قلبك، ولتطلق وعداً صادقاً: لن أرضى بالجور لأحد.
ضوء الألماسة سوف يقودك صوب العدل، قد لا تستطيع أن تحققه بشكل كامل، ثمة شركاء لك في المنزل وفي العمل وفي الشارع، لكن يكفي أن تخفف من حدة هذا الجور.
نحن نتحدث عن الحكايات الصغيرة، الحكايات التافهة التي قد لا يتنبه لها الإنسان.
أنت في طريقك إلى منزلك، تلوم قائد المركبة المغرم بالمخالفات، ولكنك لا تنتبه إلى نفسك إذ تمارس ذات المخالفات. المبررات جاهزة أنت مستعجل ومعذور، أما حكمك على الآخر، فيكتنفه نوع من الإدانة: هو جاهل لا يفهم.
هذه صورة من صور الحكايات التافهة التي يمكنك من خلالها أن تستخدم ضوء الألماسة، حتى تحاول صياغة ذلك الخط الشفاف المريح لقلبك.
عندما تبادر باستنكار جور سائق السيارة، وعدم الوقوع في ذات الخطأ الذي وقع فيه، أنت تنتصر على الخيارات السهلة، وتختار ردة الفعل الأرقى.
هذه الأفعال المتحضرة، لا تأتي نتاج فعل فطري، إنها تجربتك وخبرتك وخيباتك مع الحياة. هذه التجارب، أحلتها إلى منجم ألماس، وترجمت من خلالها عذاباتك بشكل يضيء عتمة الأشياء من حولك.
سوف يداهمك الإحباط حتماً، لأنك ستشعر بأن داخلك الطيب، يجعلك تحت ضغط الحلول الأسهل. أن تصبح مثل الآخرين، أن تكون مرآة تبتلع الصور وتعيد تصديرها بكل ما فيها من سلبية.
هنا نلمس الفارق بين المرآة والألماسة، هو نفسه الفارق بين الشخص اليائس والشخص المتفائل.
التفاؤل لا تصنعه أشياء منطقية تماماً، وكذلك الإحباط لا تصنعه أشياء منطقية أيضاً. نحن من يعطي المعنى من خلال كيفية تفاعلنا وتعاملنا مع خبراتنا. لاحظ أنك سوف ترد على كل خيار ستأخذه بسلسلة من التبريرات، وفقاً لما هو مكنوز في جوفك. كلنا يعاني هذا الجوف. وهو مثل أحياناً يغدو مثل الحديقة المهملة، يحتاج إلى إعادة ترتيب وتهذيب. الحديقة الموجودة في داخلنا، تمتلئ بالأشواك، كما تمتلئ النفس بالمرارة. نزع الأشواك هو الخطوة الأولى في إعادة ترتيب الحديقة. والشيءنفسه ينسحب على إعادة تحويل المرارة إلى فعل إيجابي.
هذا السلوك الإيجابي، نحتاج إلى نقله إلى أبنائنا وبناتنا. أصعب لحظة أن يستسلم جيل بأكمله للإحباط. معالجة كل ذلك والتخلص منه يتمثل في إعادة المحاولة مرة وثانية وثالثة. في موروثنا الديني، نجد أن مفهوم التوكل، يعني أن تؤدي عملك على أساس أن لك دوراً في عمارة هذه الأرض. هذا الدور، من الضروري أن تقوم به بإخلاص وبإصرار.
إيقاع من الإيجابية يصل إلى درجة التوجيه النبوي للإنسان أنه إذا قامت عليه القيامة وفي يديه فسيلة فليغرسها. تلك هي قمة الإيجابية. العالم يوشك على الانتهاء، لكن طالما أن لديك فسحة لممارسة إيجابية، لم لا تقوم بها. إنه ضوء الألماسة الذي نفتقده وينبغي أن نحاول استعادته من وقت لآخر.
فلنحاول أن نفتح النوافذ، حتى تضيء الألماسة دواخلنا الجافة، فنصبح أجمل.

خالد السهيل

أضف تعليق

التعليقات