قصة مبتكر
قصة ابتكار
ويليس هيلاند كاريير
الضمادة اللاصقة
لا يعتبر مفهوم التكييف بحد ذاته فكرة حديثة. فللإنسان تاريخ عريق وحلول قديمة في معالجة الحرارة والطقس القاسي، ولقد عرف مفهوم التكييف منذ نشوء روما القديمة حيث كانت تمد قنوات لجر المياه عبر جدران بعض المنازل لتبريدها، وكذلك في بلاد فارس في القرون الوسطى كان هناك تقنيات مشابهة، حيث استخدمت صهاريج وأبراج الرياح لتبريد الأبنية خلال الفصول الحارة، إلا أن المكيفات الحديثة بدأت بالظهور مع التقدم في الكيمياء خلال القرن التاسع عشر، وجرت محاولات عدة لتطوير مفهوم التكييف إلى أن جاءت سنة 1902م وتم اختراع أول مكيف هوائي كهربائي واسع النطاق على يد ويليس هافيلاند كاريير. ولد المهندس والمخترع الأمريكي كاريير سنة 1873م، وبعد تخرجه في جامعة كورنيل بشهادة ماجستير في الهندسة عمل كاريير موظفاً بمرتب زهيد في إحدى المطابع في بروكلين. وأثناء عمله واجهته مشكلة نتيجة التقلبات في درجة الحرارة والرطوبة في المطبعة مما أدى لإحداث تغييرات طفيفة في أبعاد ورق الطباعة، الأمر الذي نتج عنه وجود خلل في رصف الحبر الملون. في إحدى الليالي الضبابية عندما كان ينتظر القطار ويفكر بطريقة لحل تلك المشكلة جاءته تلك الومضة العبقرية لدى وصول القطار، حيث فهم كاريير العلاقة بين الحرارة والرطوبة والندى فبدأ عندها بإجراء تجارب اعتمد فيها على خبرته بتسخين المواد بالبخار وقام بعكس العملية، فبدلاً من إرسال الهواء عبر أسلاك حارة قام بإرسالها عبر أسلاك باردة. فوضع بذلك أول مكيف هواء للتحكم بدرجة حرارة المطبعة فأصبح بالإمكان تنظيم الألوان الأربعة لحبر الطباعة. وبعد عدة سنوات من الاختبار والتحديث نال كاريير براءة اختراع على الجهاز الذي أطلق عليه اسم جهاز معالجة الهواء، حيث تقدَّم كاريير لمجمع المهندسين الميكانيكيين الأمريكيين بمعادلة قياس رطوبة الجو التي مازالت حتى اليوم أساساً في جميع العمليات الحسابية الخاصة بصناعة تكييف الهواء مما جعل السلطات تعترف ببراءة اختراعه وتعتمد أربعة شروط يجب توافرها في المكيف وهي التحكم بدرجة الحرارة والرطوبة والتحكم بدوران الهواء والتهوية وتنقية الهواء. وكانت أول براءة اختراع يحصل عليها ويليها فيما بعد عدة براءات اختراع. وفي عام 1921م حاز على براءة اختراع آلة تبريد الطرد المركزي وهو نظام تبريد للمساحات الكبيرة. ثم في سنة 1924م بدأ الطلب على التبريد من أجل الاستخدام المنزلي بعد أن كان للاستخدام الصناعي فقط. حيث لوحظ توافد الزبائن على مخزن هدسون المكيف بمبردات الطرد المركزي في مدينة ديترويت بولاية ميشيغان، فانتشرت الطفرة في تبريد الإنسان من المحلات إلى صالات السينما ولا سيما في مسرح ريفولي في نيويورك حيث ارتفعت عائدات الصيف بشكل كبير عند الإعلان عن توافر خدمة التبريد. وبهذا ازداد الطلب على وحدات تبريد أصغر من شركة كاريير الهندسية، المتخصصة بتحسين تقنية تكييف الهواء، والتي أنشأها كاريير مع ستة من زملائه المهندسين، والتي تمكنت بفترة قصيرة من تحقيق مبيعات كبرى حيث تجاوزت مبيعاتها سنة 2007م، 15 مليار دولار وتجاوز عدد موظفيها 45000 موظف. صحيح أن كاريير لم يخترع أول نظام تبريد في العالم، لكن نظامه كان أول نظام ناجح وآمن وبداية لعلم التبريد الحديث. لهذا لُقِّب بأبي التكييف لأن اختراعه أدى لازدهار الصناعة، كصناعة الأفلام واللحوم والتبغ والأدوية والمنسوجات وغيرها من المنتجات، من خلال إيجاد طريقة للتحكم بمستوى الحرارة والرطوبة خلال وبعد عملية الإنتاج، فضلاً عن الرفاهية التي حصل عليها الإنسان من خلال التحكم بدرجة حرارة منزله وسيارته ومكان عمله.
طالما أحبت جوزفين ديكسون زوجها، لذا لم يكن مستغرباً أن تعبِّر عن حبها لزوجها إيرل بإعداد ما لذ وطاب من الأكل والشرب، فقد كانت شغوفة بالطبخ وبارعة في تحضير الأطباق المختلفة الشهية، إلا أن القصة لا تنتهي هنا، فقد تعودت جوزفين أن تؤذي نفسها في المطبخ، فتارة تقطع إصبعها، وتارة تحرق يدها، حتى اعتاد زوجها على كثرة إصابات زوجته، ومعالجتها من تلك الحروق والإصابات بما يتوافر لديه من مواد بدائية يوفرها من عمله عندما كان مسؤولاً عن شراء القطن في مصنع جونسون آند جونسون، المصنع الذي حقق نجاحاً كبيراً منذ أن أسسه وود جونسون عام 1886م في مجال إنتاج الأدوية الطبية ومستلزمات الإسعاف الأولي. وهو ما دعاه لاحقاً للتفكير في حلول أكثر عملية، تريحه من عناء معالجة زوجته كل مرة، إذ كان يضع الشاش على الجرح، ثم يضع فوقه شريطاً لاصقاً لتثبيت الشاش، لكن سرعان ما يقع الشاش أثناء عملها وقيامها بإعداد الطعام وأعمال المنزل، لهذا فكَّر إيرل باختراع ضماد يستمر لفترة أطول ويحمي الجروح الصغيرة بشكل أفضل وتستطيع زوجته استخدامه بنفسها ودون مساعدة منه. حيث أحضر إيرل الشاش وثبته في منتصف الشريط وغطاه بالقرينول لإبقائه نظيفاً ومعقماً. رأى إيرل جدوى هذه الفكرة ونجاحها، فقام بشرح فكرة الضماد لمدير مصنع «جونسون آند جونسون» الذي أعجبته الفكرة ، لا سيما وأن الضماد ذاتي الاستعمال ويمكن للشخص الجريح أن يضعه فوق الجرح خلال 30 ثانية، وبهذا قرر المدير إنشاء خط إنتاج للضمادات اللاصقة. في البداية تم تصنيع الضماد يدوياً ولم يلق رواجاً كبيراً فقامت الشركة بتقديم كميات كبيرة من الضمادات للمخيمات العسكرية كنوع من الدعاية، وفي عام 1924م بدأ تصنيع الضمادات آلياً حيث تم تصنيع أول آلة لإنتاج الضمادات تحت اسم band-Aid التي أصبحت علامة تجارية لخط إنتاج شركة جونسون آند جونسون من الضمادات اللاصقة والمنتجات الطبية المشابهة. وقد انتشرت في أستراليا والبرازيل وكندا والهند والولايات المتحدة حيث كانت التكلفة الأصلية للضمادات سِنْتَان اثنان مقابل حزمة تضم 15 ضمادة. وأثناء الحرب العالمية الثانية قامت شركة جونسون بشحن ملايين الضمادات للمشافي والمخيمات الطبية المنتشرة. وقد أدى هذا النجاح الكبير لفكرة إيرل ديسكون الذي أراد مساعدة زوجته فقط، إلى نجاح كبير في سيرته المهنية وترقيته في العمل حيث أصبح نائب رئيس المصنع قبل أن يتقاعد سنة 1957م، بينما تابعت ضماداته نجاحها الإنساني والتجاري فأصبحت في سنة 1951م تنتج وعلى غلافها رسوم متنوعة كسوبر مان وسبايدر مان وباربي وبات مان وغيرها من الشخصيات المحببة. كما أنتجت الشركة مجموعة من المنتجات تحت نفس اسم العلامة التجارية band-Aid وتشمل ضمادات سائلة وضمادات لشفاء الندوب وضمادات فليكس العملية والتي جاءت بأشكال مختلفة لتشكل حاجزاً مملوءاً بسائل يساعد على التئام الجروح بشكل أسرع، كما تم إنتاج لصاقات مقاومة للماء لتبقى لفترة أطول ومرهم للحروق.