القلق الذي يبديه الأهالي والتربويون تجاه الألعاب الإلكترونية لم يلجم ولع الأولاد والشبان بهذه التسلية حتى أنها صارت تُنافس معظم الأنشطة التي كانت تقليدياً تملأ أوقات فراغهم، لا بل وصلت إلى حدّ منافسة الواجبات المدرسية على الأوقات المخصصة لها.
وعلى الرغم من أن محاكمة هذه الألعاب لا تزال أمراً ممكناً (أو واجباً)، يتوقف فادي خوري هنا أمام ماهيتها ومسيرة تطورها وعوامل جاذبيتها، ليكشف جانباً طالما بقي مهملاً في محاكماتها السريعة، وأن مسيرة تطورها مستمرة، شئنا ذلك أم أبينا.
كثيرون هم الذين يتهمون الألعاب الإلكترونية بلائحة طويلة من المشكلات التربوية والاجتماعية: هدر الوقت الذي كان يمكن الاستفادة منه في نشاط آخر، إهمال الدراسة، البدانة والخمول الجسدي، تنمية الأحاسيس العدائية.. وصولاً إلى زرع ميول العنف والجريمة. وهناك من يرى على عكس ذلك إيجابيات تبدأ بتنمية حسّ التركيز عند اللاعب وتنتهي بالحديث عن جديتها في الإشارة إلى أطروحات الدكتوراة التي قدّمت حول بعض هذه الألعاب. أما رجال الأعمال فيرون فيها آفاقاً شاسعة مفتوحة أمام صناعة التسلية. وعلى الرغم من كثرة ما كتب خلال السنوات الأخيرة عن الألعاب الإلكترونية، فإن معظم الناس يبدو غير ملمين بتاريخ هذه الصناعة، والعناصر التي صنعت قوتها وأمّنت لها هذا الرواج العالمي. لذلك، وقبل الوصول إلى النظريات المتضاربة في شأن جدواها ومخاطرها، من المفيد أن نعرف كيف كانت بدايتها.
من فكرة إلى كرة ثلج
بدأ كل شيء ذات يوم من العام 1949م، عندما خطرت فكرة على بال أحد العاملين في صناعة التلفزيون ويدعى رالف باير، تقضي بدمج لعبة في التلفزيون. كانت الفكرة بسيطة جداً آنذاك ولكن وعودها كانت كبيرة نظراً للتحول الهائل الذي يمكنها أن تحدثه في صناعة التسلية. وبقيت الفكرة في إطارها النظري لمدة ثمانية عشر عاماً في انتظار مساهمين منفذين يحولونها إلى واقع.
من هؤلاء الرواد هناك وليم هيغنبوتام وستيف راسل. الأول اخترع نموذجاً مبسطاً لكرة الطاولة يمكن أن تؤدَى لعبتها على شاشة التلفزيون. وصمم الثاني قاعدة لألعاب إلكترونية يمكن أن تؤدَى على الإطار الأساسي للكومبيوتر. وما يعتبر اليوم ألعاباً إلكترونية تقليدية بدأ بلعبة “البونغ” في العام 1972م واستمر انتشارها لست سنوات عندما ظهرت اللعبة التي اعتبرت منعطفاً مهماً في تاريخ هذه الألعاب، ألا وهي “غزاة الفضاء” والتي تسبب ظهورها في حصول نقص هائل في القطع النقدية المعدنية في اليابان وارتفاع نسبة الغياب عن المدارس في أمريكا. وفي العام التالي (1979م) ظهرت لعبة “الأتاري” الأكثر مبيعاً، ولعبة “الكويكبات”، ثم “القنطرة” و”باكمان”..
حتى آنذاك، كانت كل الألعاب الإلكترونية ذات بعدين اثنين، إلى أن ظهرت لعبة “ميدان المعركة” التي كانت أولى الألعاب ثلاثية الأبعاد. ففيها يتحرك اللاعب في دبابة ضمن ميدان افتراضي للمعركة ويطلق النار على أهداف في سياق شبيه بالحرب. ومع أن هذه اللعبة لا تشبه في شيء أشكال الألعاب الحديثة ذات الأبعاد الثلاثية، فإنها تقوم على المفاهيم نفسها: أشياء افتراضية مرسومة باستخدام شكل متعدد الأضلاع، ذات إطار من الأسلاك المعدنية. وقد أمرت حكومة الولايات المتحدة فيما بعد، بصناعة نسخة محسنة من هذه اللعبة لأغراض التدريب العسكري.
ومن الألعاب الأخرى التي دخلت تاريخ الألعاب الإلكترونية والجديرة بالذكر هناك ألعاب “نينتندو”: حمار كونغ وسوبر ماريو وأسطورة زيلدا ولعبة سيجا الصوتية، وألعاب المعارك مثل “المعركة المميتة” و”مقاتل فيرتوا” ومجموعة قليلة أخرى عرفت فترة نسبية قصيرة من الشهرة، وتمثل الآن ذكريات التسلية في ذاكرة هواتها. ولاحقاً أعيد إنتاج عدد من هذه الألعاب التقليدية كألعاب ثلاثية الأبعاد، عندما تقدمت عمليات تطوير الأجهزة، ولكنها فشلت في معظم الأحيان في منح اللاعبين المفعمين بالحنين تجربة الألعاب الأصلية.
وتتشارك جميع الألعاب الإلكترونية في عناصر مكونة واحدة، سواء كانت لعبة بسيطة مثل “حمار كونغ”، يقفز فيها نجار اسمه ماريو ويصعد سلماً لإنقاذ سيدة، أو لعبة حديثة معقدة مثل “الخلية المتشظّية” حيث يتقمص فيها اللاعب شخصية رجل مخابرات عالي الكفاءة، ويستخدم أدوات سرية شبيهة بتلك التي يستخدمها جيمس بوند لاغتيال أهداف محددة.
هذه العناصر المكونة تتضمن: الرسوم البيانية (غرافيكس)، الصوت، القصة، طريقة اللعب، الواجهة. وسنحاول المرور بسرعة على كل من هذه العناصر، ودورها في تطور الألعاب الإلكترونية.
الرسوم البيانية (غرافيكس)
تتألف رسوم اللعبة الإلكترونية من الصور المعروضة على الشاشة (ثنائية الأبعاد، ثلاثية الأبعاد، فيديو كامل الحركة، إلخ …)، ويسهم نمطها وتخطيطها بدرجة كبيرة في تحديد مستوى جاذبية اللعبة (وجاذبية اللعبة هي قدرتها على السيطرة على اهتمام اللاعب، ودفعه إلى الإحساس كأنه فعلاً في صميم اللعبة). ولا شك في أن الرسوم البيانية (الغرافيكس) هي أسرع العناصر تطوراً في اللعبة الآن. والسبب الرئيس في ذلك هو المطالبة المستمرة للغالبية العظمى من المستهلكين برسوم أفضل وأسرع وأكثر واقعية. ومع ذلك، فهناك اتفاق بين منتقدي الألعاب الإلكترونية، يقول إن الرسوم في الألعاب الإلكترونية تحظى بمبالغة في التقدير، فهي غالباً ما لا يكون لها أي اعتبار في جذب هاوي الألعاب العادي بما يكفي لشراء اللعبة. وغالباً ما يذهب هذا اللاعب إلى البيت، ويتعاطى مع اللعبة لساعات قليلة، ثم ما يلبث حماسه أن يموت بفعل الرسوم الباردة. وإذا لم يكن في هذه اللعبة عناصر أخرى تثير اهتمامه، كالقصة أو أسلوب إدارة اللعبة، فسيرمي اللاعب اللعبة جانباً، وينتقل بسرعة إلى غيرها.
ومن جهة ثانية، هناك ألعاب كثيرة قادرة على قلب التوازن الخاص بين الرسوم والعناصر الأخرى للعبة. ومن الأمثلة الجيدة في هذا المجال سلسلة ألعاب “ميست”، التي أدى جمالها العصري من جهة وسهولة تعلمها وأسلوبها غير المؤذي خلال الأداء إلى رواجها ونجاحها على مستويات واسعة.
الصــوت
لا حاجة للتأكيد أن عنصر الصوت في الألعاب الإلكترونية قد قطع شوطاً بعيداً في السنوات العشرين الأخيرة، ومن الصعب التصديق بأن الموسيقى كانت في البداية محصورة في مجموعة من الأصوات التنبيهية. أما اليوم، فإننا نعيش عصراً حديثاً من تطور الصوت في الألعاب الإلكترونية، إذ صارت معظم المنصات قادرة على ضخ موسيقى بنوعية الأسطوانة المضغوطة (C.D) خلال ممارسة اللعبة وخلق مؤثرات صوتية حيوية ومتفاعلة. ويلعب الصوت دوراً حاسماً كأي عنصر آخر من اللعبة، إذ أنه يلعب دوراً مهماً في وضع اللاعب في صميم الجو الواقعي للعبة. ومع ذلك، هنالك ميل لإهمال هذا العنصر أحياناً، لأن من الممكن تقنياً ابتكار لعبة مع الاستغناء عن الصوت، بينما لا يمكن الاستغناء عن الفن أو البرنامج.
ومن الألعاب القليلة الحديثة التي تمكنت من الإفادة التامة من المؤثرات الصوتية لعبة “اللص”. في هذه اللعبة، يأخذ اللاعب دور لص شهير اسمه غاريت يستخدم الاختلاس لتجنب أو استبعاد أعدائه. وبما أن اللاعب يحاول دائماً البقاء صامتاً، فسيجد نفسه منكمشاً لمجرد الشك بأن صوت خطواته مسموع بوضوح. وفي الوقت نفسه، سيبتسم للظلال، عندما يسمع حارساً يقترب بخطى مراوغة وهو يغمغم لحناً بينه وبين نفسه. وكل قطعة أرض جديدة تدوسها، يكون لوقع خطاك عليها صوت مختلف، وكل حركة تقوم بها، من استعمال آلات ثـقب الأقفال، إلى شرب جرعات شافية، ترافقها مؤثرات صوتية حية. وفي الواقع، فإن الأصوات، في هذه اللعبة بالذات، أكثر جاذبية من الرسوم.
القصـة
في البدايات، لم تكن الألعاب الإلكترونية تتعمد رواية قصص، ما لم تصطنع قصة معقدة حول مباراة حساسة في لعبة الـ “بونغ”. فأهمية القصة في اللعبة تعتمد على نوع هذه اللعبة. مثلاً، في اللعبة المعتمدة على “مطلق الرصاص على أول شخص يصادفه”، حيث كان الهدف السعي إلى إطلاق الرصاص على مخلوقات شريرة، فإن قصة معقدة ما كانت لتزود اللعبة بقيمة إضافية. ومن جهة ثانية، هناك ألعاب أخرى تستخدم فيها القصص بكثافة. ففي لعبة “الفنتازيا النهائية” مثلاً، تشكل تعقيدات القصة جوهر اللعبة. وما يجعل القصة أكثر أهمية، وجود الشخصيات المثيرة فيها، وكلما أمعنت القصة في رسم الشخصيات بملامحها الشخصية وحوافزها وقصتها إلخ…، تصبح اللعبة أكثر إثارة للاهتمام.
إدارة اللعبة (طريقة اللعب)
إن ما يحدد كون طريقة اللعب مسلية أو مملة، هي دائماً مسألة محيرة، لأنها غير خاضعة لمعايير العدد. ومن أجل ابتكار طريقة جيدة للعب، هناك عناصر عديدة لا بد من أخذها بعين الاعتبار.
أولاً، يجب أن تكون اللعبة متوازنة في قواعدها، واستراتيجياتها وألغازها إلخ … بحيث تبدو المواجهة بين طرفين متكافئة تماماً، وحظوظ الفوز عادلة. ثانياً، لا بد للعبة من الاستمرار في تزويد اللاعب بمروحة واسعة من التحديات والنشاطات، حتى لا يضطر للقيام بالشيء نفسه مراراً وتكراراً.
وهناك شرط آخر يؤثر في طريقة اللعب، هو ضرورة أن تكون اللعبة سهلة في بدايتها، صعبة في استمرار السيطرة عليها. لا بد أن يكون بوسع أي كان اجتياز بداية اللعبة، ويتأثر ذلك كثيراً بواجهة اللعبة. وللأسف، ففي معظم الألعاب الجديدة، لا تلقى طريقة اللعب الأهمية التي تستحقها، حيث يتركز اهتمام معظم مطوري الألعاب على الرسوم وعناصر أخرى.
واجهة اللعبة
لا بد لمصمم اللعبة من إعارة اهتمام خاص لواجهة اللعبة، لأنها تمثل صلة الوصل بين اللاعب واللعبة.
ويكمن سر الواجهة الجيدة في بساطتها، إذ لا يجوز أن يصادف اللاعب صعوبات وهو يمارس اللعب، إذا كانت هذه الصعوبات ستحول بينه وبين الاستغراق في اللعبة. ومنذ ظهور الاهتمام بواجهة اللعبة، فإن هذا العنصر لم يعرف تحولات تذكر. فبينما بقيت لعبة “إطلاق النار على أول من يظهر” تعتمد بقوة على الفأرة ولوحة المفاتيح، كانت ألعاب المغامرة تعتمد على تحديد المحيط والضغط باتجاهه، بينما يبقى جوهر القوائم الداخلية للعبة على حاله بشكل أساسي.
وثبات التطور في التصميم
معظم الألعاب تريد أن تجرب شيئاً جديداً. ونادرة هي الألعاب التي تحقق هذه الرغبة بنجاح واسع، مثل لعبة “البحث الدائم” (لعبة ثلاثية الأبعاد، حسنة التنفيذ) و”ماكس باين” (لعبة بطيئة الحركة)، ولعبة “جمعيات إدارة المعلومات”، ولعبة “السرقة الكبرى للسيارة 3” (لعبة إمكانيات فضائية) ولعبة “نداء الواجب” (التي تعطي إحساساً بحربٍ حقيقية بين فرق عسكرية) ولعبة “نصف حياة” (شبه قصة مدعمة بنصوص عن ذكريات قيّمة) وغيرها.. هذه هي بعض الألعاب التي تؤسس لأنواع جديدة في عالم الألعاب الإلكترونية.
في الأيام الأولى للألعاب الإلكترونية، كانت الأنواع الجديدة تظهر بوفرة، لسبب بسيط هو عدم وجود الكثير من الألعاب بالدرجة الأولى. أما اليوم، فقد أُغرق السوق بالألعاب المنسوخة أو المقلدة أو المكملة لألعاب قديمة، أو لتركيب جديد من مجموعة ألعاب قديمة. وأصبحت التجارب في مجال تصميم الألعاب مجدية أكثر. ومعظم الجهود التي تبذل اليوم في مجال تصميم الألعاب، تلجأ إلى التجديد في حد ذاته، فقد أصبح التجديد هدفاً، أكثر من كونه وسيلة لتأمين تجربة أوسع في عالم صناعة الألعاب. ولهذا السبب، نجد أنفسنا أمام ألعاب رفيعة في مستواها، ولكنها ضعيفة في المجال العملي.
غير أن ذلك لا يمنع وجود قوى أساسية مؤثرة جعلت وجود الألعاب المذكورة أعلاه ممكناً. من هذه القوى نذكر القروض في مجال صناعة الكومبيوتر، وانتشار الإنترنت، وبالطبع صناعة السينما في هوليوود. فتطور صناعة الكومبيوتر تعني زيادة قدرات السياق العملي وذكاءً صناعياً أكثر حدة، وقدرة أكبر على تصميم الألعاب. كذلك ساعدت الإنترنت على تزويد الألعاب بأدوات جديدة، وهكذا ولد نوع جديد من الألعاب التي تحتمل اشتراك عدد وافر من اللاعبين، مثل ألعاب “جمعية إدارة المعلومات” ولعبة “البحث الدائم”. فهذه الألعاب لا يمكن ممارستها خارج الإنترنت، حيث ندفع اشتراكاً شهرياً، لممارسة لعبة ما والتعامل مع لاعبين آخرين على الخط.
وكاتجاه عام رئيس، تدفق منتجو السينما في هوليوود على صناعة الألعاب، مما أوجد أنواعاً جديدة مستوحاة بدرجة كبيرة من أفلام الحروب. فلعبة “نداء الواجب” على سبيل المثال، تحمل شبهاً كبيراً بالفلم الحربي “البحث عن الجندي رايان”، فالفلم واللعبة يقدمان تجربة شعور حقيقي مكثف بالحرب. كذلك لعبة أخرى اسمها “ماي باين” يمكن بسهولة اكتشاف تأثرها بفلم “ماتريكس” (خاصة في مجال المؤثرات بطيئة الحركة).
أخيراً وليس آخراً، تحتل ألعاب أخرى موقعاً مرموقاً إما لأنها رائدة، أو لأنها تكسر القوالب الجامدة، أو للأمرين معاً. فلعبة تحت الرماد (Under Ash) اللعبة العربية الأولى ذات الأبعاد الثلاثية، تتمتع بالميزتين معاً. وقد تولّت نشر لعبة “تحت الرماد” دار نشر سورية، هي دار الفكر، وهي من نوع ألعاب “إطلاق النار على أول من يظهر أمامك” وتعارض الصورة النمطية للعرب، السائدة في ألعاب الفيديو.
هنا، يمارس الأطفال العرب للمرة الأولى لعبة يكون بطلها عربياً. وعلى اللاعب في هذه اللعبة، كما على البطل أحمد، أن ينجز مهمات عديدة. ففي مرحلة ما، على أحمد أن يدخل مستوطنة إسرائيلية، ويرفع العلم الفلسطيني ويقتحم مخزن سلاح إسرائيلي. ويقع أحمد في الأسر، ولكن عليه أن يحاول الهرب. وقد انتقدت هذه اللعبة ووصفت بأنها قاسية لأنها تنتهي إما بموت أحمد، أو بنجاته من خلال إطلاق الرصاص على مدني.
وقد حققت هذه اللعبة إنجازاً مميزاً في السوق العربية، إذ نجحت خلال الأسبوع الأول لإطلاقها، في بيع إصدارها الأول كاملاً (عشرة آلاف نسخة). وهي متوافرة اليوم أيضاً على الإنترنت.
مستقبل ألعاب الفيديو
هناك كثير من النظريات الرائجة التي تحاول استقراء مستقبل صناعة الألعاب الإلكترونية. تقول إحداها إن انخراط هوليوود في هذه الصناعة سيتزايد، حتى تندمج الأفلام والألعاب في بوتقة واحدة: إما فلم متفاعل، أو لعبة ذات مظهر شديد الواقعية، بموازنة إنتاج عالية. ومهما يكن من أمر فقد أصبح واضحاً منذ الآن أن الألعاب الإلكترونية موضوع صناعة كبيرة، إلى درجة أنه في العام 2002م تجاوزت أرقام مبيعات ألعاب الفيديو أرقام مبيعات شباك تذاكر الأفلام ببليون دولار. وهناك سؤال لم يكن أحد يفكر بطرحه قبل سنوات معدودة، أصبح الآن مثيراً للاهتمام في كلا الصناعتين: هل يفقد التلفزيون شيئاً من أرضه لصالح الألعاب الإلكترونية؟ إنه سؤال لم يعد سابقاً لأوانه. وإن كنّا لا نملك في الوقت الحاضر جواباً حاسماً بالأدلة والأرقام.
فحتى الآن، يمكن القول إن الحلول لألغاز تطور فن الألعاب الإلكترونية، ما زالت شحيحة، ولكن لا شك في أن هذه الألعاب تعيش الآن عصراً مثيراً، حيث تتطور تجديدات الكومبيوتر، بأسرع مما يستطيع أن يستوعب مطورو الألعاب الإلكترونية. وهذا يعني أن تصاميم الألعاب صارت محدودة فقط بخيال هؤلاء المطورين، وحدود الخيال كما نعلم شاسعة جداً.
ومن الطبيعي أن تتحدد صناعة هذه الألعاب بما يزودها به عدد من المبدعين، وهم نفر يعتبر ظهورهم شديد الصعوبة، وهي حقيقة لمسها لمس اليد اللبناني كلود قمير الذي يعمل في مجال الرسم الرقمي في الولايات المتحدة الأمريكية، والذي بدأ قبل سنتين برنامجاً لتكنولوجيا الألعاب الإلكترونية والصور المتحركة في الحاسوب.
ونتيجة لذلك، أطلق قمير أول جامعة للألعاب الإلكترونية في أمريكا الشمالية. وفي العام 1994م، أصبحت “مؤسسة تكنولوجيا الرسم الرقمي” كلية معترف بها رسمياً (مدة الدراسة فيها أربع سنوات) وهي متخصصة في منح درجة بكالوريوس علمية في “التقليد التفاعلي للوقت الحقيقي” وتمنح مؤسسة الرسم الرقمي “Digipen” الواقعة قرب سياتل، واشنطن، شهادة البكالوريوس هذه في لبنان واليابان. وبينما يستمر النقاش بشأن ألعاب الكومبيوتر، فسيمضي أخصائيو هذه الألعاب أربعة أعوام بأيامها، من التاسعة صباحاً حتى العاشرة ليلاً، في تحسين معارفهم في علوم الفيزياء والحساب المتكامل واللوغاريتم. فإذا نجحت هذه الجهود، سيصلون في النهاية إلى إبداع فن جديد. وكما يحصل في كل فن، فسنجد من يجادل بطريقة أخرى.
الجدال المقبل
لا شكّ في أن المستقبل سيحمل تطبيقات مدهشة في واقعية بعض الألعاب الإلكترونية.
المريدون والمؤيدون لها يشيرون إلى مقالٍ نشرته مؤخراً صحيفة “نيويورك تايمز” عن تحسّن جراحة البطن بالمنظار من خلال الممارسة المسبقة للألعاب الإلكترونية. واعتمدت الصحيفة في هذا المقال على دراسة أجريت في أحد مستشفيات مانهاتن بولاية نيويورك وأظهرت أن أفضل مؤشر على المهارة اليدوية المطلوبة في عمل الطبيب الجرّاح لم يكن مؤشر اليد الثابتة أو سنوات الخبرة أو الجنس والعمر أو عدد الحالات السابقة التي عالجها الجرّاح، بل كان المؤشر في ما إذا كان الجرّاح يمارس الألعاب الإلكترونية أم لا! وتؤكد دراسات أخرى أن ممارسة الألعاب الإلكترونية تحسّن التكامل بين العين واليد، وتقدم بذلك منافع جمّة لممارسة الحركة التي تتطلب قدراً كبيراً من الإحساس بالمساحة والمسافة.
غير أن لواقعية الألعاب المتطورة وجهاً آخر مثيراً للقلق والتساؤل، أو لنقل أنه يضفي مزيداً من الجدية على السؤال القديم المتعلق بتنمية هذه الألعاب لمشاعر العنف والعدائية عند اللاعبين.
ففي الماضي بدا هذا السؤال متشائماً وسلبياً عندما كان اللاعب مثلاً يطلق النار على هدف مرسوم بشكل بدائي ولا يشبه الإنسان في شيء أو يشبهه قليلاً فقط. ولكن مع تحسّن الرسوم البيانية، وفي حال نجاح دمج السينما بالألعاب الإلكترونية بحيث يصبح الفلم السينمائي تفاعلياً يؤدي فيه اللاعب دور الجندي أو القاتل ويطلق النار مثلاً على أهداف صور أناس حقيقيين، ويمارس هوايته هذه لساعات وساعات.. ألا يصبح من الضروري جداً آنذاك قرع جرس الإنذار والمراقبة عن كثب (وبقلق مشروع) لما يمكن أن تكون عليه هذه الألعاب من حيث التأثير على النفسيات والأخلاق.. وهل سيكون من التجني آنذاك القول أن الألعاب الإلكترونية صارت “موزعة قيم وعادات”؟
سيتواصل النقاش. الأهل سيدعون إلى محاسبة أخلاقية، وهذا حق. وسيدافع مبتكرو الألعاب وصانعوها عن الحق في الاختيار والتعبير الفردي والمنفعة. وسيواصل العلماء دراسة الظاهرة. وفي بلادنا أيضاً سيبقى النقاش مثيراً ومتواصلاً. فصناعة الألعاب الإلكترونية عندنا حديثة العهد. وهناك ما يكفي من الإشارات إلى أن رجال الأعمال يريدون أن يستثمروا أموالهم في هذه الصناعة. ويبقى الأمل في ألاَّ تستمد ألعابنا العتيدة رواجها وهويتها من العنف. فمع تزايد أعداد المواهب المتطورة في البلاد العربية، سيكون بوسع المؤسسات قريباً إطلاق ألعاب يذهب فيها أبطال مثل ميّة وخالد في مغامرات مع ابن بطوطة، ويحلاّن ألغازاً في رحلة عبر نهر النيل.
فإلى أين تسير هذه الصناعة؟ الوقت وحده سيحدد ذلك. غير أن النظرة التي ألقيناها على البدايات، تشير إلى أن الأمور تسير اليوم وفق ما يشتهي الصناعيون واللاعبون، وستبقى كذلك خلال المستقبل المنظور.
———————————————
كادر
Tennis for Two 1958
ابتكر ويلي هيجينبوتام أول لعبة ڤيديو في مختبر بروكهافن في نيويورك وكانت تلعب على جهاز قياس إلكتروني Oscilloscope
1961 Space War
ابتكر ستيڤ راسل أول لعبة كومبيوتر تتفاعل مع اللاعب في جامعة ماساتشوستس وكانت تلعب على جهاز كومبيوتر بحجم الغرفة Mainframe
1967 Tennis – Chase
رالف باير ابتكر أول لعبة ڤيديو تلعب على جهاز مستقل يربط بجهاز التلفزيون المنزلي
Computer Space 1971
نولان بوشنل وتيد دابني ابتكرا أول لعبة
ڤيديو من نوع أركاد
1971
أول جهاز ألعاب ڤيديو منزلي
Magnavox Odyssey
PONG 1972
نولان بوشنل وتيد دابني أسسا شركة ATARI أول شركة متخصصة في ألعاب الكومبيوتر.. وهذه كانت أول لعبة
Gunfight 1975
أول لعبة تستخدم دوائر إلكترونية متطورة
1975
شركة Coleco تصنع جهازها الأول لألعاب الڤيديو Telstar
1977
Atari تقدم أول جهاز ألعاب ڤيديو منزلي بنظام الألعاب المخزونة داخل عبوات منفصلة Cartridges والتي تمكن استخدام نفس الجهاز للعديد من الألعاب
1977
Atari تقدم أول مسكات تحكم للعب Trackball ضمن جهاز منزلي كامل”Atari 2600” وتعلن عن لعبة جديدة Football
1978
Midway تقدم أول لعبة تحفظ النتائج الأفضل High scores – Space Invaders
1979
أول لعبة تحفظ ثلاثة أحرف من اسم اللاعب ضمن النتائج الأفضل High scores – Asteroids
1979
Mattel’s Intellivision تظهر كمنافس أساسي للـ Atari وتتمتع بصورة أفضل
1979
Activision أسست من قبل بعض مبرمجي Atari لإنتاج ألعاب مستقلة للعديد من الأجهزة
1980
أول لعبة ڤيديو بالأبعاد الثلاثة واعتمدت نسخة مطورة منها من قبل الإدارة الأمريكية لتدريب الجيش Battlezone
1980
شركة Namco وزعت 300,000 جهاز ألعاب صغير PACMAN
1980
أول لعبة تغوص داخل عالم خيالي
virtual world defender
1982
Atari تقدم جهازها المتطور Atari 5200
1982
Cinematronics تقدم أول جهاز يستعمل الأقراص المدمجة CD
1982
Commodore تقدم أكثر أجهزة الألعاب تطوراً وأقلها ثمناً Commodore 64
1983
إنشاء شركة Nintendo
1986
Nintendo تقدم اللعبة الإلكترونية المحمولة باليد Game Boy
1989
Sega تقدم Genesis
1991
Atari تقدم Jaguar
1993
السيناتور الأمريكي جوزف ليبرمان يطلب تحقيقاً شاملاً حول ألعاب الڤيديو بهدف منع الألعاب العنيفة. لكنه لم يتوصل إلا إلى إنشاء لجنة تقويمية للألعاب تفرض كتابة نوع اللعبة و العمر المناسب على غلاف اللعبة
1995
Nintendo تقدم Nintendo 64
1995
Nolan Bushnell مؤسس Atari يدخل عالم الألعاب الإلكترونية بواسطة الإنترنت، أي أنه صار بالإمكان اللعب مع شخص آخر في بلد آخر في الوقت ذاته
1996
Tamagotchi الحيوان الأليف الوهمي, بيع منه 30,000 قطعة في ثلاثة أيام
1996
احتفال شركة Sony ببيع 20 مليون PlayStation
1997
Sega تقدم Dreamcast
2000
Sony تقدم PlayStation2 التي باعت 500,000 وحدة في الساعات الأولى من طرحها في الأسواق
2001
Microsoft بالتعاون مع Nintendo قدمت X-Box أكثر ألعاب الڤيديو تطوراً