بين العلم والتكنولوجيا يواصل أبناؤنا مسيرتهم الحياتية والعلمية. فتبدو النتائج، غالباً، غير مرضية بالنسبة للزمن الذي تيسرت فيه سبل التعليم ووسائله. يا ترى.. ما هو السبب في تدني النتائج المرجوة؟ وأين تكمن المشكلة؟ هل تكمن في عدم استجابة التعلم وسرعته أم في أسلوب التعليم المتبع؟! بين مفهومي التعليم والتعلم تنبجس الأسئلة التي تحتاج إلى إجابات مقنعة وهي: هل تَعلَّم الأبناء بما فيه الكفاية لجعلهم أرضاً خصبة لتلقي التعليم في مراحله المختلفة؟! وهل أسلوب التعليم، الآن، يلائم ويوافق سرعة تعلمهم؟! فريق القافلة في عدد من الدول العربية تقصى بين هذين المفهومين «التعليم والتعلم»، وأثار قضية تشغل الجميع.
أدوات القياس المتبعة في الاختبارات لا تطالب الطالب بالكثير، ولا تستغل إمكاناته ولا قدراته الفكرية، ولا تحفزه لبذل المزيد من الجهد والاهتمام
المدارس الخاصة خطت خطوات مهمة في طريق خلق مناخات مناسبة للتعلم وليس التعليم فحسب، منطلقة من وجود الدافع الداخلي لدى التلميذ وليس محاولة استزراع المعلومات عبر أساليب تلقينية
إن تراجع المنظومة التعليمية في السنوات الأخيرة لن يجدي معه تطوير منهج أو تدريب معلم، فالمسألة ليست دائرة مغلقة على معلم ومتعلم ومنهج وأساليب وتقويم، وإنما يدخل أيضاً في إطارها ولي الأمر والمجتمع والبيئة
أدوات القياس المتبعة في الاختبارات لا تطالب الطالب بالكثير، ولا تستغل إمكاناته ولا قدراته الفكرية، ولا تحفزه لبذل المزيد من الجهد والاهتمام
انتشار الثقافة العلمية سيكفل تغيُّراً إيجابيًّا في الأنماط الفكرية لدى الطلاب، إذ يتحول النمط الكلامي والاستهلاكي إلى النمط العلمي الإبداعي
بحسب تعريف دود ورث للتعلم فهو نشاط يقوم به الفرد ويؤثر في نشاطه المقبل. كما أن التعلم يُعد مجموعة من المكاسب والمعلومات التي يحصل عليه الطالب ذاتياً. أما التعليم فهو عملية منظمة يقوم بها المعلم لنقل المعلومات والمهارات منه إلى الطالب.
كيف لنا أن نبدأ في قضية تشغل الرأي العام والعالم إن لم نبدأ من أول السلم الذي يمثل المرحلة التأسيسية والمشكلات التي تعيق مهارات التعليم خلالها، وتؤثر مستقبلاً في هذه المهارات؟على هامش إحدى الدورات التي أقامتها وزارة الثقافة والإعلام بالمملكة العربية السعودية للمحررين ومعدي البرامج باللغتين العربية والإنجليزية، لُوحظ أن المتدربين في هذه الدورات اكتسبوا مهارة جيدة في اللغة الإنجليزية، وعلى النقيض من ذلك ظل أداؤهم باللغة العربية ضعيفاً ومحدوداً، حيث لم يصلوا فيه إلى النتائج المتوقعة. ولا شك أن هذا الضعف لدى الدارسين أو لدى العاملين بهذه اللغة، قد يؤدي، إذا استمر، إلى إعاقة خطيرة للمسيرة الحضارية والإبداعية للأمة العربية.
البدايات تؤسس النهايات
من هنا نطرح تساؤلاً كبيراً يشي بدور التعليم: من أين جاء الخلل؟ هل هو ناجم عن المنهج المتبع في تدريس اللغة العربية، أم هو ناتج عن الضعف التراكمي لدى الدارسين بهذه اللغة، والتي هي لغتهم الأم؟
إن البدايات دوماً تؤسس للنهايات، ونحن في عالمنا العربي، لغتنا هي اللغة العربية، وهي الرباط الديني والقومي والحضاري والثقافي لهذه الأمة المترامية، لأنها لغة القرآن الكريم، ولغة الحضارة والتراث، ولغة التعليم والإعلام على امتداد الوطن العربي. لذا فإن إتقانها، استماعاً وتحدثاً, وقراءة وكتابة، ضروري من أجل التعلم وتحقيق التقدم الحضاري، والإبداع الفكري الذاتي، والتماسك الثقافي والقومي لهذه الأمة. إن تحيزنا لها في مناهج التعليم ليس تعصباً أهوج، ولا انغلاقاً أعمى، وإنما نحن كسائر الأمم نسعى إلى ترسيخ هويتنا وتأكيد أصالتنا، عبر وسيط هو لغتنا الفصحى، ولسنا بدعاً في ذلك. وقد استخلصنا من التجارب أن المشكلة تكمن في التأسيس الأولي للطالب وما شابه من تعثـر، وتظل تلك الثغرة في التكوين عالقة تتسع كلما تقدم الطالب في الدراسة.
وهذا ما يقود إلى الحديث عن المشكلات التي تعيق مهارات التعليم في المرحلة التأسيسية بصفتها أهم مرحلة في عمر التلميذ، فهي بداية الطريق، والبوصلة الموجهة إلى المسار الصحيح في اكتساب المعرفة.
ومعلوم أن العملية التربوية تقوم على ثلاثة أقطاب رئيسية هي:
• المعلم الكفء.
• الطالب المستعد.
• المنهج الجيد.
أما الوسائل المساعدة الأخرى كالأقسام والأدوات فتأتي في مرحلة لاحقة. وسنتناول بشيء من التفصيل أقطاب العملية التربوية وما يعيقها في الوطن العربي:
أولاً: المعلم الكفء
إن عماد التربية هو المعلم، فهو موجه الأجيال، واليد الأولى التي تشكل عجينتهم ليتخذوا شكلهم المستقبلي. فمتى كان هذا المعلم قليل الزاد المعرفي، أو لا يستطيع توصيل المعلومة بطريقة صحيحة ومشوقة، أو هو لا يحسن التعامل مع هذه العقول الناشئة، فهذا يهز العملية التربوية من أساسها.
إن التحصيل المتدني للمعلم- معد الأجيال- وعجزه عن إيصال المعلومة الصحيحة بطريقة مشوقة، يشكل عائقاً بارزاً في تكوين الناشئة، وما دام الزاد المعرفي للمعلم ضحلاً، فإن أداءه الوظيفي سيكون نتاجاً لذلك الزاد، وهو ما سينعكس مباشرة على الطالب، خصوصاً أن المراحل الأولى للطفل هي التي تحدد مساره المعرفي والسلوكي وتفتح عقله لتلقي المزيد من المعرفة.
في المؤتمر العشرين لاتحاد الكتاب العرب بدمشق صيف 1998م، قدم أحد المؤتمرين، د.عبد الله الدنان، ورقة عن إمكانية تعليم الأطفال ممن هم دون سن السادسة أكثر من لغة. وبعد العرض المشوق، اصطحبنا الدكتور ليطلعنا على تطبيقه هذه النظرية، والتي كان رائدها الأول في البلاد العربية، وزرنا معه أكثر من روضة للأطفال. واكتشفنا عند المعاينة أن هؤلاء الأطفال يتحدثون إلى جانب اللغة العربية الفصحى، اللغتين الفرنسية، والإنكليزبة بأريحية كاملة. وهو ما كان مدهشاً بالنسبة لنا. فهذه النظرية تثبت أن الطفل في مراحل عمره الأولى، بإمكانه أن يتقن أكثر من لغة، ولن يحتاج بعدها إلى دراسة قواعدها، لأن قوالبها وبناها قد رسخت في ذهنه وهو لا يزال غضَّاً فتيَّاً. إن التأسيس الجيد للطفل في المرحلة الابتدائية سيؤتي أكله على مدى سنوات التحصيل الدراسي، وبالمقابل فإن التأسيس الرديء سيؤدي حتماً إلى نتائج سلبية.
ثانياً: الطالب المستعد
إن الرسالة التربوية هي بالأساس رسالة موجهة إلى الطالب، لذا فإن استعداده الذهني والنفسي لتلقيها شرط أساسي في إيصالها واستمرارها. ونرى أن عدم استعداد الطالب لتلقي المعلومة يرجع إلى أسباب مختلفة منها:
• البيئة الاجتماعية: فالخلافات الأسرية بين الأبوين، أو تعرض الطفل لأي نوع من أنواع القهر والامتهان، وعدم النشأة في جو يساعد على التعلم، لها أثرها المباشر في تحصيله الدراسي.
• التدليل المفرط للطفل: حيث يخطئ بعض أولياء الأمور في التعبير عن مشاعرهم تجاه أبنائهم، فيطلقون لهم العنان للإدمان على اللعب، أو العكوف على التلفاز أو الإنترنت، أو يتساهلون في متابعة دراستهم وكلها تؤثر سلباً في الطفل.
• عدم تشويق المادة المقدمة، فالمعلومة إذا لم تقدم للتلميذ بطريقة مشوقة وجذابة فلن يتفاعل معها ولن يستوعبها، بل سيعزف عنها، ويحاول التهرب منها بشتى الوسائل. وكثيراً ما اجتذب المعلم النابه التلاميذ إلى مادته وشدهم إليها فأحبوها، وربما تخصصوا فيها مستقبلاً. وبالمقابل نجد التلاميذ ينفرون من مادة أخرى بالغة الأهمية، لعدم قدرة المعلم على جذبهم إليها.
• عدم متابعة المؤسسات التربوية للطلاب عن طريق فتح ملف خاص لكل طالب ورصد أدائه الدراسي، والسلوكي، والنفسي. والملاحظ بهذا الصدد أن مدارس البنات أكثر اهتماماً ومتابعة لطالباتهن من مدارس البنين.
• عدم انسجام البيئات ما بين المدرسة، والبيت، والشارع، فما يدرسه التلميذ في المدرسة من أخلاقيات وسلوك ومثل، قد يعيش نقيضه في البيت أو في الشارع (التحذير من التدخين مثلاً).
• صعوبة متابعة الطلاب أثناء الحصة الدراسية، أثناء حل التمارين، نظراً للتكدُّس الملحوظ في الفصول.
• تشكل الإعاقة, جسدية كانت أو عقلية, سبباً وجيهاً في العزوف عن الدرس.
ثالثاً: المنهج الجيد
يشكل المنهج العمود الفقري للعملية التربوية، ولذا كان لا بد من مراعاة معايير معينة في أثناء وضعه ليلبي الحاجات المختلفة للفرد والأمة. وهذه المعايير منها الديني والحضاري، والمعرفي والسلوكي والنفسي، توخياً لبلوغ الأهداف المنشودة التي يفترض أن تكون شاملة وبعيدة المدى. وأن يكون هذا المنهج مرناً، قابلاً للتحديث والتطوير لمواكبة مستجدات العلم والحداثة، لأن الغاية من المنهج التربوي هي إعداد المواطن الصالح والقادر على تلبية احتياجاته الذاتية والاجتماعية، والمسهم في بناء الوطن ورفع صرح الحضارة.
وعديدة هي المناهج التي استوردناها وحاولنا مجاراتها أو تحويرها في مدارسنا، غير أن عثرات عديدة لا تزال تشوب هذه المناهج، ومنها:
• أن المنهج المتبع في المدارس الابتدائية هو منهج تلقيني بالأساس، يقوم على تقديم معلومة جاهزة للطالب، ومطالبته بحفظها بعيداً عن استثمار قدراته العقلية، وتعويده التفكير والتحليل والاستنباط، وتنمية مهارة الملاحظة والإبداع لديه.
• كتب المقررات المرسومة حسب المنهج تشتمل على معلومات كثيرة، ولكن المشكلة تكمن في انتقاء المعلومة التي تقدم للطالب، والطريقة التي تقدم بها.
• عدم مراعاة التفاوت البين في القدرات العقلية بين الطلاب أثناء وضع الخطة الدراسية.
• مسألة القياس: فأدوات القياس المتبعة في الاختبارات لا تطالب الطالب بالكثير ولا تستغل إمكاناته ولا قدراته الفكرية، ولا تحفزه لبذل المزيد من الجهد والاهتمام، بل إنها مبسطة لأقصى حد. فغالباً ما تحدد للتلميذ دروس بعينها ليتم التركيز عليها دون غيرها، أو تقدم له اختبارات هي عبارة عن إعادة لتمارين سبق أن حلها له المعلم. كما أن طريقة الأسئلة تأتي غالباً مباشرة والجواب عنها ما سطره الأستاذ، فإذا حاد عنه التلميذ قيد أنملة عدََّ مخطئاً. وقد تأتي الأسئلة على شكل خيارات، أو صح وخطأ.
مع أن التقييم يجب أن يخضع لمعايير تعود التلميذ التفكير، ودقة الملاحظة والاستنتاج، وأن يكون هذا التقييم مستمراً وميدانياً.
• انعدام الرسوب في الفصول الابتدائية، وهذه نتيجة حتمية للتساهل في القياس. فقد عاينا، مؤخراً، نتائج أطفال خمسة، من شتى المراحل الابتدائية، وكانت النتائج لدى أطفال كل أسرة من هذه الأسر هي: «ممتاز» في كل مادة. وهو ما يطرح تساؤلاً كبيراً عن مدى جدية التقييم في المراحل الأولية.
إن المشكلات التي تعترض سبيل الدارسين في المرحلة التأسيسية عديدة ومتشعبة. إننا بحاجة ماسة إلى تطوير نظرية تربوية تتجسد في تطبيقاتها العملية، لتستخرج إمكانات الأفراد بجدارة، وتحافظ على أصالتنا وهويتنا، وتنفتح على مستجدات العلم والحداثة، لنتمكن من تلبية طموحاتنا الحضارية، ومواكبة الركب العالمي المتسارع. ولن يتأتى لنا هذا البناء المعرفي، الذي يضمن للأمة استمرارها وتطورها، إلا بالتعاون الوجيه بين الأطراف الفاعلة في العملية التربوية، مؤسسات ومربين وخبراء تربية وأولياء الأمور.
رغم الاعتراف الحكومي بأن التعليم قضية أمن قومي، وأنه بوابة العبور نحو المستقبل .فما زال التطوير ونهضة العملية التعليمية في مصر مجرد عبارات على جدران المدارس الحكومية.. «مدرستي جميلة نظيفة متطورة منتجة».. هكذا على الحوائط فقط، بينما على أرض الواقع فالأمر مختلف وربما خطير.. بعد أن سكنت مؤسسات التعليم السلبيات، وعششت في أركانها العيوب.. وأصبح الضيق والسخط وثيق الصلة بالحديث عن المدارس الحكومية والتعليم.
الأستاذ بكلية التربية بجامعة عين شمس، د.حسام عقل، يرى أن هناك خللاً هيكلياً في منظومة التعليم المصري، ويبدأ هذا الخلل في مراحل التعليم الأساسي وتكون له تداعياته السلبية في المراحل المختلفة، حيث يلاحظ أن الحجم الضخم للمادة الدراسية التي يتلقاها الطالب، وهو ما يعرف بتكدس المناهج، من أبرز أسباب الخلل، فضلاً عن نوعيتها. فغالباً ما تكون المواد الدراسية غير مرتبطة بالبيئة الفعلية للتلميذ، أو غير متلائمة مع المرحلة التعليمية الأساسية، أو بمعنى أدق التأسيسية. ليس هذا فقط، بل إن هذه المناهج تخلق تلميذاً غير قادر على الابتكار أو الاختراع، لأنه مجرد متلقٍّ، ويكون دور التلاميذ تخزين المعلومات وحفظها للاختبار، مع غياب نشاطات تساعد على الابتكار كأن تمنعه من الرسم أو التمثيل أو ممارسة الرياضة.
ويضيف د.حسام عقل: خارج المنهج وسلبياته، هناك الكثير من الأسباب الأخرى التي ترسم ملامح مشكلة التعليم، وتزيدها قبحاً، وتتعلق بضعف الإمكانيات المتاحة، وتواضع مستوى الأبنية للمدارس والمرافق، وتراجع حجم الإنفاق اللازم لتحسين جودة العملية التعليمية، فضلاً عن كارثة التسرب من التعليم، والتي فشلت معها الكثير من السبل منذ زمن طويل، ولم نتمكن من وقفها حتى الآن. وكذلك عدم تبلور خطط خمسية أو عشرية، تضع جداول محددة للنهوض بالتعليم خلال فترة زمنية محددة تشمل جميع عناصره من الكتاب والمرافق والمعلم ووسائل التعليم.. إلى آخره من العناصر.
أما د.محمود الناقة فيلفت إلى غياب المعلم الكفء المدرب، والمسلح بأحدث الأساليب وبالاستراتيجيات التكنولوجية الحديثة، مع إعادة الحوافز التشجيعية للمعلمين المبدعين بما ينعكس بدوره على الطلاب والعملية التعليمية.
ومن جانب آخر تشير أستاذ أصول التربية بكلية البنات جامعة عين شمس، د.زينب حسن حسن، بأصابع الاتهام إلى المعلمين في مراحل التعليم الأساسي على وجه الخصوص، حيث ترى أنهم مسؤولون بنسبة كبيرة عن تراجع مستوى التعليم.
وتقول: المعلم هو حجر الزاوية في العملية التعليمية.. والمرحلة الابتدائية هي أخطر المراحل التعليمية، حيث يتم خلالها توجيه العقل نحو نمط التفكير وأسلوب التعامل مع العملية التعليمية برمتها. فإذا تم توجيه التلميذ نحو الحفظ في هذه المرحلة فلن يستطيع بعد ذلك إعمال عقله أو الابتكار.. وهي المشكلة التي تواجه طلاب الكليات العملية فيما بعد مثل كليتي الطب والهندسة وغيرهما، حيث يجد الطالب نفسه أمام أسلوب جديد يجب عليه اتباعه لم يتعوده من قبل.. وهو ما يصيبه بالارتباك الذهني. وفي النهاية نجد أنفسنا أمام خريجي جامعات نمطيين لا يتواكب تعليمهم مع سوق العمل في الداخل أو الخارج. وعلى ذلك لم يكن غريباً أن تخرج الجامعات المصرية من دائرة أهم 500 جامعة على مستوى العالم.
الدرجة الثانية من سلم هذه القضية والتي يصعدها أولياء الأمور مع أبنائهم هي المدرسة لما لها من أهمية. قد تكون لبعض الآباء تجارب وذكريات تعليمية تركت آثاراً سيئة في نفوسهم من معلمين باشروا عملية تعليمهم في مراحلهم الأولى، واتسمت هذه التجارب بالعنف الجسدي أو اللفظي ما أعاق عملية التعلم لديهم ومن ثم التعليم. لذا كانت، بطبيعة الحال، تجارب الأطفال في سنواتهم الأولى ذات تأثير دائم ومهم. ولذا كان من الأهمية أن نشركهم في اتخاذ القرارات التي تخص مستقبل أبنائهم.
موسم الهجرة إلى المدارس
في بداية كل عام دراسي جديد يبدأ موسم الهجرة بين المدارس، إذ يلجأ فريق من الأهالي إلى تغيير وجهة الأبناء الطلبة في المدارس الحكومية إلى الخاصة أو بالعكس نتيجة تجربة غير ناجحة، أو بداية لا تشجع على الاستمرار هنا أو هناك. وقد يكون السبب مادياً قاهراً فيضطر الأهل إلى التحوّل في مدارس أخرى، وأحياناً يكون السبب عملياً أو اجتماعياً أو غيرهما.
إلا أن الملاحظ في هذه الظاهرة التصاعد المستمر للهجرة من المدارس الحكومية إلى الأهلية بالرغم من التحسّن الكبير الذي طرأ على المدارس الحكومية في الآونة الأخيرة في معظم دول الخليج، من حيث جودة المباني والخدمات والمناهج وغير ذلك. لكن هذه المدارس ما زالت طاردة للطلبة بسبب أداء بعض المدرسين وقلة انضباطهم، وطريقة تعاملهم المتعالية مع الطلبة، فيما أصبحت المدارس الأهلية جاذبة لأولئك الخارجين من صرامة المدارس الحكومية، والطامحين لمستوى أفضل ودرجات أعلى، والباحثين عن مزايا غير متوافرة هناك كاللغات، والنشاطات العملية، والرحلات الدراسية والترفيهية، والدلال الزائد.
المدارس الحكومية.. متطوّرة ولكن!
المدارس الحكومية في معظم بلداننا العربية ما زالت تعاني العثرات والمعوّقات التي تجعلها تخسر المنافسة أمام المدارس الخاصة والعالمية. وقد أجمع العديد من الطلاب وأولياء الأمور على جملة من الملاحظات والشكاوى التي تتعلّق بكفاءة بعض المدرسين في أداء واجبهم، أو الطريقة الخاطئة التي يتبعونها في التربية والتعليم معاً، أو إحداهما. ويرى بعضهم قصوراً في بعض المناهج كاللغة الإنجليزية على سبيل المثال التي لا تنال الحصة الكافية لتعليم الطالب. ويلاحظ، أيضاً، ضعف أو عدم استخدام المعامل والمختبرات العلمية كوسائل إيضاح، والخرائط والمجسمات، والمراجع، والنشاطات اللا صفيّة. ويُجمع أولياء الأمور على أن سبب نفورهم من بعض المدارس الحكومية هو تهالك المرافق وعدم النظافة فيها، وضعف التوجيه والرقابة والإرشاد الإداري، وعدم قدرة المدرّس على متابعة مستوى الطلبة في الفصل بسبب العدد الكبير، فيبقى الطالب الضعيف على ضعفه، ويتدنّى مستوى الطالب المتفوّق لانعدام المنافسة.
ونتيجة لهذه التجارب يميل آباء كثر إلى إدخال أبنائهم المدارس الخاصة التي تحاول الابتعاد عن الأنماط التعليمية الجامدة والجادة، وإدخال مفاهيم محببة لنفس الطفل كمفهوم «التعليم باللعب». وتبدو العملية التعليمية الحديثة التي تحاول المدارس الخاصة اعتمادها، مخالفة تماماً للعملية التعليمية التي جربها الآباء. ففي التجربة القديمة يتم نفي مفاهيم كاللعب والتمثيل والأدوات المستخدمة في الشرح، ويتم التعامل معها على أنها مفاهيم مدمرة للعملية التعليمية، في حين تقوم العملية التعليمية الحديثة في المدارس الخاصة على استغلال هذه الجزئية الأصيلة في شخصية الطفل الفضولية.
«التعليم اللا صفي» هو أكثر أجزاء العملية التعليمية جذباً وتأثيراً للأطفال والآباء على السواء. وقد كان المصطلح السابق لهذه النشاطات هو «النشاطات اللا منهجية»، غير أنّ هذا المصطلح تم تغييره بداعٍ من رفض العشوائية واللا نظام في التعليم. فحتى نشاطات التسلية واللعب والضحك والمسرح وحصص الحاسب الآلي، التي لا تفرضها وزارة التربية والتعليم على المدارس في المراحل الأولى، هي أمور يجب أن تخضع للنظام والمنهجة، وبهذا تكون المدارس الخاصة قد نجحت في ترسيخ مبدأ مهم في العملية التربوية، وهو أن التسلية والمتعة ليست أمراً لا يتناقض مع التنظيم وحسب، بل إن التنظم يجب أن يكون مرافقاً وممازجاً لها.
وتحاول العملية التعليمية في المدارس الخاصة عبر تراكمها الزمني أن تضيف للتلميذ بعداً جديداً لا توفره المدارس الحكومية، وهو تسليح الطالب بما تتطلبه سوق العمل من مهارات ومعارف، ولذلك فهي تدخل في أنشطتها اللا منهجية تعليم الحاسب الآلي وتطبيقاته الحديثة، كما يتم التركيز على اللغة الإنجليزية بصفتها لغة التواصل العالمية الأولى في البيئات العلمية والعملية.
المدارس الثانوية..
خطوة نحو بناء المستقبل
تسعى شريحة واسعة من أولياء الأمور إلى تسجيل أبنائهم في المدارس الخاصة بمبادرة شخصية منهم تقوم على رؤية وحسابات معينة، أو تتم عملية النقل من المدرسة الحكومية إلى الخاصة تحت إلحاح الأبناء الطلبة طمعاً في علامات أكثر وعناية أكبر، فقد تساعد تلك الدرجات في تحقيق حلمه ورسم مستقبله من خلال اختيار الفرع الجامعي الذي يلبّي طموحه في مسيرة الحياة.
ويستسلم كثير من الطلبة لظروف الأهل أو رغبتهم في الاستمرار في مدارسهم الحكومية بعد الارتفاع المطرد في أقساط المدارس الخاصة التي أصبحت عبئاً ثقيلاً حتى على ذوي الدخل المرتفع. ويذهب الطالب إلى مدرسته الحكومية مثقلاً بحقيبة مليئة بالمقرّرات، ودعاء الأهل ووصاياهم، وطموحه في مستقبل مشرق.
والهجرة المعاكسة من المدارس الحكومية إلى الخاصة ترتفع وتيرتها في المرحلة الثانوية، لأنها، برأي الأهل والطلبة، الخطوة الأخيرة نحو بناء المستقبل. والطريق إلى المدارس الأهلية ليست سالكة بسهولة، وثمرتها ليست ناضجة دائماً، فهي كما يرى اختصاصيون تربويون تسلب الطالب الجدّية والنظام والاعتماد على النفس. كما أن عدداً ليس بالقليل من طلاب المدارس الخاصة وإن حصلوا على درجات عالية فإنهم يخفقون في اختبار القياس والقبول، فيجري التسجيل بما لا يشتهي الطالب، ثم إن معظم المدارس الأهلية لم تعد تستقطب كفاءات عالية في التدريس والخبرة والإدارة والإشراف بسبب ضعف الراتب وقلّة الحوافز المقدّمة لهم.
المدارس الحكومية.. دروس خصوصية
ومن تكدس المناهج إلى تكدس الفصول في مصر يقول د.حسام عقل: نجد عدد التلاميذ في الفصل في المدرسة الحكومية ضخماً جداً فيصعب معه أن يهتم المدرس بكل تلاميذ فصله، ما يشعر الطالب بأن المدرس مشغول عنه، ولا يهتم بمشكلاته، وأنه يعمل كجهاز تسجيل فقط، وكملقن غير مستقبل. وهذه العلاقة الفاترة والجافة بين المدرس والتلميذ هي التي تدفع التلميذ للفشل الدراسي.. وربما تختفي هذه المشكلة في المدارس الخاصة أو الأجنبية، وإن وجدت فبنسبة مقبولة، وهو ما يدفع الأسرة لإلحاق ابنها بمدرسة أهلية.
ويرى د.محمود الناقة أن المدارس الخاصة أو الأجنبية تحظى بقبول ولها مكانتها في المجتمع، لأنها تختار معلميها بعناية شديدة، حيث تخضعهم لاختبارات، وتثقل خبراتهم وموهبتهم ببرامج تدريبية حديثة وإمكانات تتحقق بها ومن خلالها جودة التعليم، فضلاً عن توفير الأجر المناسب للمدرس الذي يجعله متفرغًا للعملية التعليمية.. بينما يلجأ المدرس في المدارس الحكومية، في بعض الأحيان، إلى أشغال أخرى، أو يجبر تلاميذه على الدروس الخصوصية ليواجه أعباء الحياة، مما يؤثر سلباً على أدائه في الفصل.
التطوير حلم آن له أن يتحقق
وماذا بعد؟! متى يتحقق التطوير؟ ومتى يحصل الطلاب على الفائدة المرجوة بين التعلم والتعليم؟ ومتى يتحقق حلم أولياء الأمور إن لم تكن هناك انتفاضة حقيقية تبدأ من رأس الهرم التعليمي؟!
عن تطوير المنظومة التعليمية في مصر تقول مدرس المناهج وطرق التدريس بكلية التربية بجامعة حلوان، د. هدى محمد، إن تراجع المنظومة التعليمية في السنوات الأخيرة لن يجدي معه تطوير منهج أو تدريب معلم، فالمسألة ليست دائرة مغلقة على معلم ومتعلم ومنهج وأساليب وتقويم، وإنما يدخل أيضاً في إطارها ولي الأمر والمجتمع والبيئة وعناصر أخرى غيرها، عادة ما تكون مسؤولة عن العقبات التي تعترض طريق العملية التعليمية.
وتقول: بالرغم من أن وزارة التربية والتعليم كانت قد بدأت خطوات جادة في تطوير مناهج المرحلة الابتدائية، من خلال اعتمادها على نظام المسابقة، والذي يُعد خطوة عظيمة، إلا أن تمسك المعلم بالنمطية لم يقف وحده أمامها، وإنما تكاتف معه فكر ولي الأمر المحدود الذي لا يريد إلا شهادة لابنه دون تعب، لذا ليس من العدالة إلقاء أزمة التعليم على عاتق أحد أطراف العملية التعليمية دون الأطراف الأخرى.
على الجانب الآخر يؤكد أحد مسئولي الجودة بوزارة التربية والتعليم في جمهورية مصر العربية أن الوزارة لديها خطط واضحة وجيدة لتفعيل العملية التعليمية. فمن خلال قطاع الجودة بالوزارة تقدم الدولة الدعم الفني لـ44 ألف و800 مدرسة على مستوى الجمهورية تشمل رياض الأطفال، والمدارس الابتدائية والإعدادية «المتوسطة» والثانوية، بهدف تحسين العملية التعليمية والعمل على تفعيلها.
ويقول: هناك بالطبع بعض المشكلات لكن الصورة ليست قاتمة كما يراها بعضنا. فهناك تحسن في العملية التعليمية يظهر بوضوح من عام لآخر، لكن ما زال أمامنا الكثير.. نحن بدأنا منذ سنوات لكن تطوير التعليم لن تظهر نتائجه بين يوم وليلة.. علينا أيضاً أن نعرف أن مشكلات التعليم في مصر شأنها شأن كل الدول النامية تكمن في غياب الميزانيات التي تظهر بوضوح في عجز أعداد المعلمين وزيادة أعداد الطلبة بالفصول، ونقص الموارد المادية والبشرية في المدارس.
ويضيف: طبقاً لمعايير الجودة يجب ألا يزيد أعداد الطلاب بالفصل على 42 طالباً، في حين نجد مثلاً في بعض المدارس تصل الأعداد إلى 90 طالباً في الفصل. فهذه الكثافة المرتفعة سببها الأساسي غياب الإمكانيات.. كذلك فإن غياب الملاعب والمعامل المجهزة بأحدث الوسائل وحجرات النشاطات يرجع إلى غياب الإمكانيات.. ويضرب مثلاً بقوله: المدرس الذي يوجه له اللوم في المدارس الحكومية عندما ينتقل لمدرسة خاصة يصبح أداؤه مختلفاً ومتميزاً بدرجة كبيرة، وذلك فقط لتوفر الوسائل التعليمية المختلفة وهذا يعني أن مشكلتنا بالأساس مشكلة إمكانيات.. نحن لا ندخر جهداً لتطوير التعليم لكن قصور الميزانيات خارج عن إرادتنا جميعاً.
مبادرات تطويرية في التعليم
إن تهيئة جيل قادر على المنافسة عالمياً في مجالات الرياضيات، والعلوم والهندسة، وتطوير موارد بشرية لتشغل هذه التخصصات لا يتم إلا في مناخ تعليمي يعتمد على الأساليب الحديثة والمتطورة، ويواكب الجديد من التقنيات في عالم التعليم والتعلم. لقد قدمت أرامكو السعودية مبادرة رائدة في التعليم، وذلك من خلال برامج تعليمية مشتركة مع جهات ذات باع وخبرة في المجال العلمي والتعليمي.
ولعل أهم هذه المبادرات تشجيع التعليم ودعمه في مجالات العلوم والهندسة، وكان الهدف من ذلك التوعية بأهمية المعرفة الهندسية، وزيادة معرفة طلاب التعليم العام والمعلمين بأهمية الهندسة كدراسة جامعية مستقبلية، والمهارات التي يكتسبها المهندس وإمكانات الوظائف المستقبلية، من خلال تفعيل موقع إلكتروني «جرب الهندسة» ليكون المصدر الأمثل للمعلومات الهندسية لطلاب مراحل التعليم العام، وليكتشف كل طالب المهندس المبدع بداخله. ولقد كان دور أرامكو في هذا البرنامج توفير المصادر وترجمتها إلى اللغة العربية ومراجعتها، ووضع المحتوى على الموقع. كذلك برنامج الهندسة التطوعي الذي استهدف الطلاب والطالبات والمعلمين والمعلمات. وهذا البرنامج يتيح لمتطوعي معهد مهندسي الكهرباء والإلكترونيات عرض تطبيقات مفاهيم الهندسة والعلوم والرياضيات من خلال تبادل التجارب الفعلية مع مدرسي مراحل التعليم العام. ولقد نظمت الشركة جميع النواحي اللوجستية الخاصة بالبرنامج، كما استقدمت 5 مدربين رئيسين متطوعين من الولايات المتحدة، وتدريب 200 متطوع ومتطوعة من الهيئات الأكاديمية والشركات الصناعية الكبرى والمعلمين المميزين.
هل نقول وداعاً للكتب؟
فيما يخص مبادرة برنامج ماثلتكس للرياضيات، كان هدف أرامكو منه رفع مستوى الطلاب في تعلم الرياضيات من الصف الأول الابتدائي حتى الثالث ثانوي من خلال موقع تمتلكه شركة 3p learning غير الربحية. ويتميز الموقع بأنه تفاعلي وترفيهي يساعد على تطوير مهارات الطلاب في الرياضيات والتحليل المنطقي. ويتم استخدام هذا البرنامج في 150 دولة حول العالم. ولقد استغنت ربع المدارس التي تستخدم هذا الموقع عن الكتب واكتفت بمحتوى البرنامج وحده. ويراوح معدل تحسن مستوى الطالب بعد تعامله مع الموقع بين 25 و%30. الجدير بالذكر أن هناك 6 مدارس عالمية في السعودية تستخدم البرنامج، بالإضافة إلى 5 مدارس أهلية في المنطقة الشرقية طبقت البرنامج في مرحلته التجريبية، وتأكد الحصول على معدل التحسن نفسه لدى طلابها.
ردم الفجوة بين الطلاب والعلوم الحديثة
إن العلوم الحديثة ترتبط بجميع مناحي حياتنا اليومية، وعلى الرغم من هذا الارتباط فإن المهتمين بالعلوم يقرون بوجود فجوة كبيرة بين المتعلمين في مجتمعنا والعلوم الحديثة. ومما لا شك فيه أن انتشار الثقافة العلمية في المجتمع مطلب بالغ الأهمية في ظل تطلعات الحكومة السعودية إلى تنمية البلد اقتصادياً وحضارياً. فانتشار الثقافة العلمية سيكفل تغيراً إيجابياً في الأنماط الفكرية لدى الطلاب، إذ يتحول النمط الكلامي والاستهلاكي إلى النمط العلمي الإبداعي القادر على التفكير الناقد والتحقيق والاستنباط والتجربة الموضوعية.
من هنا جاءت فكرة إنشاء النوادي العلمية المتخصصة في مجالات العلوم والرياضيات والهندسة لرفع مستوى الوعي العلمي لدى الطلاب والطالبات في هذه المجالات، وتشجيعهم على خوضها مستقبلاً، وذلك بتبسيط المعارف العلمية بطريقة تطبيقية ماتعة لتكون بمنزلة بيئة آمنة ومحفزة للخيال والإبداع العلمي. ولقد تم تجهيز 30 نادياً علمياً في 15 مدرسة في المنطقة الشرقية، حيث احتوت كل مدرسة على ناديين، واستفادت من هذا المشروع 8 مدارس للبنين و7 مدارس للبنات ممن رشحتهم وزارة التربية والتعليم. كما قامت بتأهيل معلمين ومشرفين لتفعيل النوادي والإشراف على إدارتها وتطويرها بالتعاون مع أرامكو السعودية وسايتك. إضافة إلى توفير مناهج علمية وتدريبية للمعلمين والمشرفين والطلاب، وتفعيل هذه النوادي وفق خطة مدروسة تحت إشراف أرامكو السعودية وسايتك وجامعة الملك فهد للبترول والمعادن.
التعليم المزدوج مع معهد ماساتشوستس
تمتعت مبادرة أرامكو السعودية للارتقاء بالعلوم والرياضيات بالذكاء، حيث تعاونت مع أشهر المعاهد العالمية للتقنية وهو معهد ماساتشوستس الأمريكي. ويقوم مركز سايتك بتنفيذ هذه المبادرة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم. وكان الهدف من هذه المبادرة إيجاد مكتبة فيديو تفاعلية لتقدم مفاهيم العلوم والرياضيات بطريقة تفاعلية مثيرة ومحفزة لمستويات التفكير العليا لدى الطلاب. ويشترك في تأسيس هذه المكتبة وتنفيذها مجموعة من المعلمين والمعلمات الموهوبين من جميع أنحاء العالم. والفئة المستهدفة من هذه المبادرة هم طلاب المرحلة الثانوية وطالباتها لجميع مناطق المملكة والوطن العربي. وتبدأ مراحلها التنفيذية بتحديد المفاهيم الصعبة لمادتي العلوم بفروعها والرياضيات من خلال توصيات المعلمين. ثم تجهيز حصص نموذجية تتوافق والمفاهيم الصعبة المحددة. بعد أن تُقيّم الحصص تنفذ تصويراً وإخراجاً، ثم تُرفع على الموقع الإلكتروني، ليتسنى لطلاب المملكة والوطن العربي مشاهدتها والاستفادة منها.
تأسيس معهد متخصص للبحوث العلمية
في جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية
قامت الشركة في صيف 2011 بتأسيس معهد متخصص للطلاب المتميزين في المرحلة الثانوية أطلق عليه «المعهد السعودي للبحوث العلمية» في ثول بجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية. وكان اختيار الطلاب عن طريق موهبة وبالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتقنية والذي يعد هذا المعهد السادس الذي يقوم بالشراكة في تأسيسه للهدف ذاته في أنحاء العالم. ويتميز هذا المعهد بأنه يعد الطلبة المميزين وعددهم في هذه السنة 25 طالباً وطالبة لأن يشاركوا في أبحاث أساتذة في جامعة الملك عبدالله، حيث يقوم الأستاذ بالسماح لطلاب المرحلة الثانوية بأن يساهموا في جزء من أبحاثهم التخصصية، ويوجهوهم ليصبحوا باحثين مميزين في المستقبل. وعادة ما يلتحق خريجو هذا المعهد بأعرق الجامعات العالمية، وكذلك يمثلون نسبة كبيرة من الفائزين في المسابقات العلمية الدولية مثل المسابقة الدولية للعلوم والهندسة «آيسيف».
معوقات يعانيها
المعلمون في العالم العربي
• النظرة الاجتماعية لمعلم الابتدائي، حيث لا يقدر الكثيرون جهده ولا تضحيته مما ينعكس على أدائه.
• قلة الدورات التدريبية التي تقام لهذه الفئة والتي هي أحوج ما تكون إلى التكوين المستمر، والاطلاع على المستجد من النظريات المعرفية، والمناهج التربوية، ووسائط التعلم والاتصال، في عصر انفجار المعلومات وتلاحقها، نظراً لحساسية الفئة العمرية التي يتعاملون معها.
• عدم الاكتراث والتعاون من طرف أولياء الأمور، والذين يظن أغلبهم أن مهمته تنتهي حين يوصل ابنه إلى المدرسة.
• قلة الرواتب في بعض البلدان، مما يضطر المعلم إلى البحث عن العمل في مدارس حرة، أو في مجالات أخرى تضمن له عيشة كريمة.
تجارب تعليمية
اضطررنا إلى الانتقال من السعودية إلى كندا لتكمل زوجتي تعليمها العالي. فاعتقدنا أن أطفالنا الثلاثة سيكونون هم الضحية الأولى مع اختلاف أساليب التعليم والمناهج. لذا كانت زوجتي تكثف جهودها في تدريسهم حالما يعودون إلى المنزل بعد يوم تعليمي كندي. كانت لا تترك لهم فرصة للعب مع أصدقائهم أو حتى مشاهدة التلفاز، وذلك لتلحقهم بركب ما فاتهم على حد قولها. لكن ما حدث لم يكن في الحسبان، إذ اتصلت المعلمة بزوجتي تلومها على ما تفعله مع الأطفال، وكيف أنها تقوم بالضغط عليهم بتدريسهم طوال الوقت، بينما هذه المهمة «مهمة التعليم» هي مهمة المدرسة، أما البيت فهو مكان للراحة واللعب والمتعة.
تجربة أخرى
استدعي أحد أولياء الأمور في إحدى الولايات الأمريكية من قِبل إدارة المدرسة التي تلتحق بها ابنته ذات الاثني عشر عاماً، لم يكن يتصور الأب أن ابنته المجتهدة والمؤدبة متهمة بالغش من الكتاب المدرسي في أحد الاختبارات. دافع الأب عن ابنته بضراوة، لكن المدير أحضر ورقة الامتحان والكتاب وطلب منه أن يقارن. لم يستغرب الأب أن ورقة الامتحان مطابقة تمامًا للكتاب، فهذا حال ابنته في الاجتهاد. لكن المدير لم يصدق أن يتحوَّل طلب العلم إلى هذا الحفظ الآلي!