قصة مبتكر
قصة ابتكار
مايكل فاراداي
الكمبيوتر
الحديث عن هذا العالم يصعب اختزاله في إطار ضيِّق، بيد أن أطروحاته ونظرياته واختراعاته لا شك في أنها أثْرَت الحياة المعاصرة، وأعادت صياغة الوعي والذهنيَّة العلميَّة على نطاق العَالَم. وُلد مايكل فاراداي عام 1791م في جنوب لندن، ولم تسمح له أوضاع عائلته الفقيرة من إكمال تعليمه، لذا لم يتلقَّ فاراداي سوى الأساسيات والحدود الدُّنيا من التعليم. وعندما بلغ الرابعة عشرة من عمره عمل مُجَلِّداً للكتب عند رجل يقال له جورج روبي، ممّا أتاح له فرصة قراءة العديد من الكتب العلميَّة التي كان شغُوفاً بها حَدَّ الهوس طوال مدة عمله التي دامت سبع سنوات. وعندما أتمَّ مايكل عامه العشرين وهو ما زال بعدُ في متْجر الكتب واظب على حضور محاضرات همفري دافي العالم الكيميائي المعروف، وذلك في المؤسسة الملكية، ثم قام باختصار ما قاله دافي في محاضراته في كتاب من 300 صفحة وأهداه إلى دافي نفسه. وقد أثار هذا العمل دهشة العالم وإعجابه، وقرر تعيين مايكل فاراداي مساعداً له. وصادف أن سافر فاراداي مرة مع العالم ديفي في جوله شملت قارة أوروبا بعد ما قرر الأخير اصطحابه معه، وبحكم أن فاراداي لم يكن من طبقه النُبَلاء لذا وجد في رحلته تلك أنواع المهانة والازدراء خصوصاً من قبل زوجة دافي قاسية القلب، فكان لذلك وقع سيّئ في نفس فاراداي، وأراد العودة إلى موطنه وترك العلم والعلماء إلى غير رجعة. أبرز إنجازاته العلميَّة عُرف فاراداي بأعماله الكهربائيَّة والمغناطيسيَّة، واكتشافه لطريقة توليد الكهرباء جاء عفويّاً، وذلك عندما قام بلفِّ سلكين معزولين على حلقة من الحديد ولاحظ أنه عند تمرير تيار كهربائي خلال أحد السلكين فإن تياراً قصيراً يمر خلال السلك الآخر وهو غير متصل بالكهرباء، هذه الظاهرة تعرف بظاهرة الحث المتبادل. ولاحظ، أيضاً، أنه عندما يمرر مغناطيساً داخل لفافة أسلاك عارية، فإن الكهرباء تتدفق داخلها، وكانت تلك التجربة كافية لقدح مكامن عبقريته ليبدأ سلسلة من التجارب كان من نتيجتها اختراعه «الدينمو الكهربائي» أبا مولدات الكهرباء التي كان لها الدور الأكبر في صياغة العصر الحديث بجميع أبعاده. وكان له باع طويل في حقل الكيمياء. كما أنه أول من اكتشف البنزين واخترع آلة لحرقه، وأول من وضع أسس الكهرومغناطيسيَّة، وقوانين التحليل الكهربائي، ومن جعل الكهرباء طاقة يستفاد منها واكتشف أرقام الأكسدة. يُعدُّ فاراداي المكتشف الأول لظاهرة الجزيئات الفلزية النانوية، والتي تمخَّض عنها ما يعرف اليوم بتقنية الصغائر أو المنمنمات التي تتعامل مع آليات وهياكل بحجم 1 إلى 100نانوميتر، ويُعدُّ رائداً من رواد نظرية الكهرومغناطيسيَّة الحديثة، وواضع الأسس لتحديد الضوء كظاهرة كهرومغناطيسيَّة. وقد ساهمت اكتشافاته- إلى حد كبير- في الوصول فيما بعد إلى اكتشاف الإلكترون وهيكل الذرة. وقد أثْرَت اختراعات فاراداي الحياة المعاصرة، وما زال طلبة الأقسام العلميَّة يخوضون في: تأثيرات فاراداي، وقوانين فاراداي، وقفص فاراداي، وثابت فاراداي، وموجة فاراداي، وعجلة فاراداي... إلى نهاية قائمة طويلة من المسميات العلميَّة التي تحمل اسمه. وعندما تزور مدينة لندن تفاجأ بتكرار اسم فاراداي في كل زاوية من زواياها، فهناك تمثال فاراداي، وحديقة فاراداي، وشارع فاراداي، ومحطة فاراداي.. وغيرها كثير. وفاته تُوفيِّ مايكل فاراداي في همبتون كورت عام 1867م وقد ناهز السادسة والسبعين من العمر بعد معاناة من المرض. وهكذا مات هذا العبقري دون وريث يرثه، إذ تزوج مرة واحدة وكان ذلك عام 1821م من سارة برنارد ولم يرزق منها بولد. من مآثر هذا العبقري تخصيصه لمساء يوم الجمعة من كل أسبوع لإلقاء محاضراته العلميَّة للفقراء.
كلمة حاسوب «كمبيوتر» لم يعد لها تلك الدلالة الكافية لتصف أجهزة فائقة السرعة والقوة، وإذ كانت قد انطبقت على الآلات الحاسبة القديمة والكمبيوترات في بدايات عهدها، إلا أنها لا يمكن أن تصف عقلاً إلكترونياً جباراً وصل بسرعته ودقته إلى 3 بيتا فلبس، أي 3 تريليونات عملية حسابية في الثانية الواحدة. كمبيوتر كونارد (Z) المخترع كونارد زوس، مهندس البناء الألماني من (1910م - 1995م) الذي كان يعمل لدى شركة هانشل للطائرات في برلين، قام ببناء سلسلة من الآلات الحاسبة الميكانيكية لتساعده على حساباته الهندسية، فكانت بمنزلة البذرة الأولى للكمبيوترات. وفي عام 1939م، أتم زوس بناء (z2) الكهروميكانيكي ويُعدُّ أكثر تكاملاً وأقرب للكمبيوتر الحقيقي من (z1)، ثم بعزيمة وثَّابة أتم (z3) عام 1941م، الذي يُعدُّ الكمبيوتر الرقمي الأول في العالم القابل للبرمجة، استناداً إلى نظام التحويل، وقام بتطويره حتى وصل به تقريباً إلى كل سمات الكمبيوتر التقليدي باستثناء القدرة على تخزين البرامج في الذاكرة مع البيانات في الوقت نفسه، لأن سعة ذاكرة (z3) كانت فقط 64 كلمة، وكتب كونراد أول لغة برمجة حساببة (بلانكالكول) واستخدمها لعمل أول برنامج ألعاب في العالم (لعبة الشطرنج). وعندما فشل زوس في إقناع الحزب النازي لظروف الحرب العالمية في تبني مشروع بناء كمبيوتر على أساس الصمامات الإلكترونية، هرب خلسة ومعه جهاز (z4) غير المكتمل في شاحنة عسكرية من ألمانيا إلى سويسرا، حيث أكمل بناء (z4) في معهد زيوريخ التقني، وكان لـ(z4) ذاكرة ميكانيكية سعة 1024 كلمة، وذات قدرة على قراءة بطاقات عدة في وقت واحد. كما استخدم هذا الكمبيوتر تقنية البطاقات المثقوبة (punched cards)، وبرامج مرنة أخرى أعطته القدرة على ترجمة العناوين وما أشبه. والطريف أن المعهد استمر في استخدام هذا الكمبيوتر حتى عام 1955م. كمبيوتر أتنسوف وباري قام كل من البروفيسور جون أتنسوف وأحد طلبة الدراسات العليا كليفورد باري على مدى 3 أعوام ما بين 1939م - 1942م، ببناء أول كمبيوتر إلكتروني رقمي في العالم في جامعة أيوا الأمريكية، وحمل هذا الكمبيوتر ابتكارات حاسوبية عدة جديدة بما فيها النظام الثنائي الخوارزمي، والمكثفات، والمعالجة المتوازية، أي أنه يمكنه معالجة موضوعين في الوقت نفسه، والذاكرة المتجددة وتشبه ذاكرة «الكاش» في الوقت الحالي. وتم فيه الفصل بين الذاكرة ووظائف الحوسبة، واستخدمت فيه الأنابيب المفرغة (vacuum tubs) لأول مرة، وكان عددها 300 أنبوب، واستند إلى الأرقام الثنائية. وأمضى العالمان عامين آخرين في تطوير كمبيوترهما حتى وصل وزنه إلى أكثر من 300 كيلوغرام، ووصلت قدرته إلى معالجة عملية حسابية كل 15 ثانية. ويعد ذلك بطيئاً جداً في مقاييس اليوم التي وصلت بها الحاسوبات العادية إلى معالجة 150 مليار عملية حسابية في كل 15 ثانية وتزيد. مارك ون (MARK 1) في عام 1944، وبتمويل من آي بي إم (IBM)، قام كل من هوارد آيكن وزميلته جريس هوبر في جامعة هارفارد الأمريكية بتصميم سلسلة مارك (mark) وبنائها ابتداء بمارك ون (mark1) وكان بحجم شاحنة كبيرة بطول 17 متراً وارتفاع 2.5 متر، وبوزن 5 أطنان. وبنى مارك ون من 750.000 قطعة، واستخدمته البحرية الأميركية لإجراء حسابات العمليات الصاروخية والمدفعية حتى عام 1959م. شركات الكمبيوتر دخلت الشركات الإلكترونية على خط التصنيع وبدأت تطور أجهزة الكمبيوتر حتى يومنا هذا، إذ تعددت الخيارات بين الأجهزة المتطورة جداً.