قصة مبتكر
قصة ابتكار
جاك كوستو
السـيزمـوجــراف (مقياس الزلازل)
عُرف جاك كوستو بأنه أشهر غواص وبحار في عالمنا الحديث. دفعه شغفه الكبير بالبحر إلى ابتكار عدة الغوص المسماة أكوا-لانج (الرئة المائية) أو السكوبا مع زميله جاجنان في عام 1942م. يساعد هذا الجهاز الغواصين في البقاء تحت الماء لأكثر من ساعة، واستخدمه الغواصون بعد الحرب العالمية الثانية لإزالة الألغام البحرية. كما ابتكر كذلك صحن الغوص الذي يتسع لشخصين وصمم هياكل ضخمة مغلقة لتسع عدة أشخاص ومثبتة على مسافة 40 قدماً تحت الماء وتستطيع أن تمدهم بالأوكسجين لعدة ساعات. وكان كوستو يجري معظم اختباراته واكتشافاته من على متن سفينته المشهورة كاليبسو التي كانت بمثابة سكن دائم له. في عام 1950م، تم تحوير هذه الغواصة إلى سفينة مجهزة بكافة الأجهزة التي تساعد في إجراء البحوث البحرية والغوص. وأصبحت الصديق المرافق الدائم لكوستو وطاقمه لأكثر من 40 عاماً، حتى غرقت في ميناء سنغافورة عام 1996م. ولد كوستو في عام 1910م في سانت اندريه دي كوبزاك في فرنسا. تعلم السباحة وهو في الرابعة وفي سن الـ 13 كان يدخر مصروفه لشراء كاميرا فلمية وكان يصور أنحاء منزله ويوثقها على أنه المخرج والمصور. لم يكن مولعاً بالمدرسة وطرد منها عدة مرات فأرسله والداه إلى مدرسة داخلية صارمة. التحق في شبابه بأكاديمية برست البحرية وتقاعد منها في عمر 47 بمنصب كابتن. في عام 1933م، نجا بأعجوبة من حادث سيارة ولكي يستعيد صحته كان يسبح في البحر المتوسط يومياً فقاده ذلك إلى ابتكار نظارة الماء. خلال الحرب العالمية الثانية ابتكر الأكوالانج الذي يمد الغواص بالهواء المضغوط تحت الماء فأحدث ثورة هائلة في مجال الغوص العميق. وقبل ذلك كان الغواصون يرتدون بدلات ثقيلة وخوذات ضخمة مما جعل حركتهم صعبة للغاية إن لم تكن مستحيلة. في عام 1957م، تولى منصب مدير لمتحف موناكو للتصوير المحيطي، وبمساعده صديقه الضابط البحري فيليب تاليز، أنشأ «مجموعة البحوث البحرية» التي أصبحت من أشهر مراكز تعليم أساليب الغوص في العالم. ألف كوستو أكثر من 50 كتاباً وأخرج 115 فلماً تلفزيونياً ولعل من أشهرها فِلمه الوثائقي (عالم بلا شمس) الذي فاز بجائزة الأوسكار في عام 1964م عن فئة أفضل فلم وثائقي. يوثق هذا الفلم محاولة هي الأولى من نوعها في العالم للبقاء تحت الماء في محطة مائية من صنع الإنسان. يحكي الفلم قصة خمسة رجال عاشوا لشهر واحد داخل مستعمرة قابعة على قاع البحر الأحمر. نال كوستو ميدالية الفارس الشرفية لخدمته في البحرية الفرنسية بسبب إسهاماته العلمية إبان الحرب العالمية الثانية وخدمته لبلده فرنسا. وربما من أشهر ما قاله: منذ أن يولد الإنسان وهو يحمل كل كتفيه كل ثقل وجاذبية الأرض حتى أصبح ملتصقاً بها. كل ما عليه هو الغوص في الماء ليستعيد حريته ويتخلص من ذلك الثقل.
السيزموجراف هو مقياس يشير إلى قوة الزلزال. أول سيزموجراف عُرف في التاريخ من صنع عالم الرياضيات والفضاء الصيني زانج هينج (78-139م) الذي كان يعمل في بلاط سلالة هينج. كان جهازه عبارة عن قبة من البرونز معلق بها ثقل أسطواني ومحاطة بثمانية تنانين ومثبتة داخل كل فم كرة صغيرة. تؤدي حركة الأرض إلى أرجحة الثقل المعلق من القبة فتندفع الكرة من التنين القريب من مصدر الزلازل، ولكن هذا الجهاز لا يسجل خصائص الزلازل. مرَّ هذا الابتكار بمراحل تطور عدة، وكل مرحلة كانت تكّمل ما قبلها، إلى أن استطاعت هذه المحاولات اكتشاف مركز الأرض المكون من جزأين/ صلب ويمتد مسافة 1500 ميل في المركز السائل الممتد مسافة 4500 ميل. يتم قياس قوة الزلزال بطريقتين: الأولى يتم فيها قياس طول وعمق شق الزلزال وحركة الصخور، والثانية تسجل حركة الأرض من خلال رسوم وخطوط الزلازل (جهاز ريختر). يستطيع قياس السيزموجراف عدة ترددات في المرة الواحدة، لذلك فهو أكثر دقة من ريختر. في عام 1899م، ابتكر الألماني اميل فيشرت السيزموجراف ذو البندول المزود بعتلات ميكانيكية تصل حركة البندول بالاهتزازات الأرضية، وتبع ذلك العديد من المحاولات التي أسهمت في اكتشاف طبيعة طبقات الأرض وتحديد كمية الديناميت الكافية لتفجير الأنفاق الأرضية، واكتشاف النفط والمعادن والفحم، والكشف عن التفجيرات الذرية والنووية. وفي عام 1935 ظهر السيزموجراف الكمي على يد سي.أف.ريختر الذي يعتمد على لوغارتمية تحسب أعلى حد من الموجات الصدمية بين مكان الزلزال ومركز الأرض. وهذا الجهاز مكوَّن من مقياس من 10 درجات. ومثال على ذلك، إن كان قياس زلزال ما هو 4.0 على مقياس ريختر، فهي تعني 10 مرات أعلى من المقياس الذي يقيس 3.0. ومقياس ريختر لا يسجل الزلازل الخفيفة (ميكروكويك) ذات الدرجة 2.0 التي لا يمكن للشخص الإحساس بها والتي تحصل بشكل دائم. أما الزلازل المعتدلة فتكون درجتها أقل من 6.0 على مقياس ريختر، أما الزلازل التي يكون قياسها أعلى من 6.0 فتحدث دماراً هائلاً. ومثال على ذلك الزلزال الأعلى في العالم منذ عام 1900 والذي ضرب تشيلي في 22 مايو 1960م وكانت درجته 9.5 على مقياس ريختر. وفي عصرنا الحالي، يتم تسجيل الزلازل بواسطة كمبيوتر ذي محول رقمي وقرص ممغنط واتصال عبر الإنترنت. وتعمل هذه النظم بشكل متواصل ولكن بعضها يسجل الإشارة الملتقطة فقط تبعاً لارتفاع صوت الزلزال. والسيزموجراف يعمل كذلك عمل الأشعة ويصور باطن الأرض من خلال بث موجات سرعة معينة وقياس درجة قابلية الانتقال.