قصة مبتكر
قصة ابتكار
تشارلز مارتن هول
المكنسة الكهربائية
كان تشارلز مارتن هول في السادسة عشرة من عمره عندما بدأ يدخر البنسات لشراء معدات تلزمه في تجاربه الكيميائية، إذ كان قد ورث حب العلوم والكيمياء عن والده الذي تخرج في كلية أوبرلين، فنشأ لدى الابن شغف بقراءة كتب الكيمياء وتطبيق ما يقرأه من خلال تجارب يجريها في المطبخ أو العلية. ولد هول في 6 ديسمبر 1863م، وبدأت أمه في تعليمه أصول القراءة في سِن مبكرة فأحرز تقدماً سريعاً في المدرسة، وما لبث أن انتقل بعدها إلى المرحلة الثانوية، ثم خضع لسنة تحضيرية قبل دخوله أكاديمية أوبرلين، وكان لا يزال حينئذ في السادسة عشرة من عمره. أظهر هول نبوغاً وتفوقاً في الجامعة مما جعل أستاذه يشجِّعه على إكمال تجاربه ولكن اللحظة التي غيَّرت مصير هول هي تلك التي كان يستمع فيها باهتمام بالغ لمحاضرة ألقاها البروفيسور جيويت عن معدن الألومنيوم، وعرض خلالها عينة من هذا المعدن كان قد حصل عليها من الكيميائي الألماني فريدريك وولر، قائلاً لطلابه: «لو استطاع أحد إيجاد طريقة تحوِّل الألومنيوم من معدن نفيس لمعدن يمكن استخدامه تجارياً فلن يفيد بذلك العالم كله فحسب بل سيجمع لنفسه ثروة طائلة أيضاً». حينئذ قرر هول أن يكون ذلك الشخص. كان العلماء منذ عام 1787م يتوقعون وجود معدن غير معروف في حجر الشّبّ دون أن يتمكنوا من إيجاد طريقة لاستخراجه، حتى جاء هانز كريستيان أرستد، الكيميائي الدانماركي عام 1825م، فاستطاع إنتاج أول كميات ضئيلة من الألومنيوم. وبعد ذلك بعامين تمكَّن فريدريك وولر من تطوير طريقة مختلفة للحصول على هذا المعدن فأنتج كميات أكبر وتمكَّن من تحديد بعض خصائص الألومنيوم الأساسية. ثم جاء الكيميائي الفرنسي هنري إتيان سانت كلير ديفيل وعمل على تطوير أسلوب وولر، وتمكن من إنتاج الألومنيوم مما أدى إلى تخفيض سعره من 1200 دولار للكيلو غرام الواحد في عام 1852م إلى نحو 40 دولاراً في عام 1859م، إلا أنه بقي رغم ذلك معدناً ثميناً ولا يمكن إنتاجه بكميات كبيرة. وقد انتظر تشارلز مارتن هول حتى 2 أبريل 1889م ليحصل على براءة اختراع طريقة تصنيع الألومنيوم النقي. فبعد تخرجه في كلية أوبرلين في أوهايو لعام 1885م حاملاً شهادة البكالوريوس في الكيمياء، عاد لبلده في الولايات المتحدة الأمريكية وقضى هناك سنة يعمل مساعداً للأستاذ وولكوت جيبس في جامعة هارفارد، ثم عمل أستاذاً للكيمياء في جامعة إمبريال في طوكيو في اليابان لمدة سنوات أربع، ثم أستاذاً للكيمياء وعلم المعادن في كلية أوبرلين. كان هول يعمد لمعالجة خام المعدن لتمرير تيار كهربائي خلال موصل غير معدني ليفصل الألومنيوم الموصل للكهرباء. وبعد فشله في إيجاد ممول في بلده اتجه إلى بطرسبورغ، وعقد اتفاقاً مع الممول ألفرد هنت حيث أسسا أول شركة لإنتاج الألومنيوم ما زالت تعرف حتى اليوم باسم «شركة الألومنيوم الأمريكية» وبحلول عام 1900م، بلغ الإنتاج ما يقارب ثمانية آلاف طن سنوياً، مما أدى لانخفاض سعره إلى 18 سنتاً للرطل الواحد مع حلول عام 1914م. وحتى بعد أن أصبح هول رجلاً غنياً، لم يكف عن متابعة تجاربه وبحوثه حيث منح 22 براءة اختراع أخرى معظمها حول إنتاج الألومنيوم وبقي مديراً للشركة حتى وفاته.
اعتادت ربات البيوت فيما مضى على استخدام المكانس اليدوية لتنظيف الغبار والأتربة من بيوتهن. وكان قاطنو العديد من المنازل في منتصف العهد الفيكتوري يزينون أرضيات الغرف الرئيسة بالسجاد التركي الذي كان، رغم حجمه ووزنه الكبيرين، يتم رفعه وتنظيف الغبار والأوساخ ووبر الحيوانات العالقة فيه من خلال ضربه بعصا مخصصة لتنظيف السجاد ونفض الغبار. ومع بدايات 1811م، بدأت تظهر عدة آلات تنظيف ميكانيكية، ولكن معظمها لم يكن يعمل بشكل جيد، وكان يثير سحابة من الغبار بدل إزالته، إلى أن حلَّ عام 1876م حيث كان يعيش في ذلك الوقت زوجان في ولاية ميشيغان بالولايات المتحدة الأمريكية ويملكان محلاً للأدوات الفخارية، هما ميلفيل بيسيل وزوجته آنا بيسيل. كانت آنا تقوم بالتنظيف اليومي للمحل محاولة إزالة نشارة الخشب التي تمتزج بوبر السجاد فيصبح فصله أمراً منهكاً ومستهلكاً للوقت. وعندما عرضت السيدة بيسيل هذه المشكلة على زوجها الذي كانت لديه ميول ميكانيكية قام بدوره بعمل تصميم وتصنيع مكنسة سجاد. ورغم أنه كان يأمل فقط بحل مشكلة زوجته إلا أن تصميمه كان عبقرياً بمقاييس زمانه، ولم يكن مجرد حل عابر لمشكلة بسيطة. التصميم عبارة عن مكنسة لها أكثر من فرشاة دائرية تلتقط الغبار والأوساخ وتودعها في علبة المكنسة، وتعتمد في عملها على دوران العجلات لقيادة آلية الكنس، وتعمل على سطح السجاد وعلى الأرضيات غير المستوية، كما كانت أخف وزناً ولا تثير سحابة من الغبار مثل الآلات التي سبق تصنيعها. هذا الأمر عَجَّل من انتشار اختراعه، حيث بدأ جيرانه يتساءلون عن إمكانية شراء آلة مشابهة؛ مما دفع ميلفيل للتفكير بتصنيع المزيد وتسويق اختراعه، وهو ما أدى به لتحويل منزله إلى مصنع قائم بذاته. وكان يحصل على الفرش المستخدمة في الآلة من صنع امرأة كانت تعيش بالجوار، ويكمل تجميع الآلة في منزله ثم يقوم هو وزوجته بتسويق المنتج وتوزيعه في أنحاء الحي. مُنِحَ ميلفيل بيسيل براءة اختراع في عام 1876م باسم «مكنسة بيسيل للسجاد». وفي عام 1883م، أنشأ أول مصنع لتصنيع وإنتاج الآلة في جراند رايبدس في ميشيغان وراح يديره بمساعدة زوجته فحققا نجاحاً باهراً حيث وصل الإنتاج حتى 1000 آلة يومياً في عام 1890م. ورغم تأثر معظم الشركات وتراجع مبيعاتها في فترة الركود الاقتصادي إلا أن شركة بيسيل استطاعت أن تحافظ على مستوى مبيعاتها. كما لم تتراجع الشركة رغم الموت المفاجئ لميلفيل بيسيل في 1889م، فقد صَمَّمَت زوجته آنا بيسيل على متابعة إدارة الشركة بنفسها وأصبحت أول امرأة في الولايات المتحدة الأمريكية تتولى منصب رئيس مجلس إدارة شركة أمريكية حتى وفاتها في عام 1934م. كانت آنا مديرة ذكية ومبدعة، حيث بدأت الشركة تتبنى أساليب جديدة ومبتكرة في تطوير الإنتاج وتوسيع أعمالها لتشمل كل قارات العالم، كما تطورت الشركة تحت إدارتها وانتقلت من تصنيع مكانس ميكانيكية فقط إلى إنتاج المكنسة الكهربائية وآلة غسل السجاد. وفي عام 2004م، اشترت شركة بيسيل شركة وولايت بمبلغ 62 مليون دولار وتوسعت أعمالها لتشمل صناعة معدات الحيوانات الأليفة والمرفقات والحلول المصممة لتنظيف شعر الحيوانات وبقع المفروشات والسجاد. ما زالت عائلة بيسيل هي المالكة الوحيدة لشركة بيسيل التي تُعد اليوم شركة صناعية رائدة تباع منتجاتها في أكثر من 60 بلداً، وتُعد الرقم واحد من حيث المبيعات في أمريكا الشمالية لعام 2009م.