حياتنا اليوم

مصروف البيت
بين الزوج والزوجة

  • money3
  • money5
  • money2

تُعد إدارة أموال العائلة، وبشكل خاص مصروفها، من القضايا التي تُبحث في كل بيت بشكل شبه يومي. ولكن نادراً ما ينتقل هذا البحث إلى العلن، إلاَّ في حالة وجود خلاف حول الموضوع تجاوز خطوط العودة إلى الوراء، وبات يهدِّد الحياة المشتركة ككل.
الدكتورة نوال حسين حقي تبحث في هذه القضية التي يقر الكثيرون بوجود بعض الجوانب الشائكة فيها، والتي تحفظ هناء العيش في بعض البيوت، وتنغِّصه في بيوت أخرى، كما يمكنها أن تهدِّد بعض البيوت بالخراب.

يكاد المال أن يكون طرفاً مستقلاً في كل بيت. حتى يمكننا القول إنه الطرف الرابع بعد الزوج والزوجة والأولاد. فهو حاضر دائماً، ليس في الحساب المصرفي أو خزانة البيت فقط، بل أيضاً في البال، وفي الأحاديث المتبادلة داخل البيت.

ومن النادر جداً أن ينتقل أي خلاف بشأن مال العائلة وإدارته إلى العلن، إلاَّ إذا تحوَّل إلى مادة خلاف متفجر، كأن يصبح بخل أحد الزوجين وتقتيره سبباً لانهيار الحياة الزوجية، أو كأن يهدر أحد الزوجين مال العائلة على شأن أو في مجال ما، مهدداً حال العائلة معيشياً.. الاستثناء الوحيد الذي نلاحظه في هذا المجال، هو حديث الزوجة علناً عن تبذير زوجها وإسرافه في المصروف.. فهذا «التذمر العلني» مقبول اجتماعياً في مجتمعنا الشرقي، لا بل يمكن وصفه بـ «المستحب»، شرط ألاَّ يكون هذا التذمر بلهجة حزينة، لأنه يتضمن في باطنه نفياً للبخل، الذي هو من أقبح الصفات وفق مقاييسنا الاجتماعية. وفيما عدا ذلك يبدو كل حديث عن مال البيت والخلاف على إدارته حديثاً ممنوعاً، ليس علناً فقط، بل حتى على مستوى داخل البيت أيضاً.

ضجيج بأسماء مستعارة
في محيط الكثيرين منا، قصة واحدة على الأقل، حول أناس نعرفهم جهروا بخلافاتهم حول الشؤون المالية مع شركاء حياتهم، وحاولوا الاحتكام إلى طرف ثالث، إما لإصلاح المشكلة، أو لفض العلاقة جملة وتفصيلاً.

غير أن من يبحث في المواقع الاجتماعية على شبكة الإنترنت، يجد نفسه أمام عدد هائل من الخلافات العائلية حول شؤون المال وإدارته وحق أحد الزوجين في شكل معين من أشكال التصرف بهذا المال أو بجزء منه.

فعلى الموقع المعروف «إسلام أون لاين»، يمكننا أن نطالع حالات خلاف كثيرة بين الأزواج محورها التصرف بالمال الذي يفترض فيه أن يكون مشتركاً. فهنا سيدة تشكو الإشراف المباشر والدقيق من زوجها على كل ما تصرفه حتى على حاجاتها الخاصة، وهناك أخرى تسأل ما إذا كانت موافقة الزوج ضرورية لشراء هدية إلى ذويها الذين تزورهم مرة في السنة. كما أن هناك رجلاً يشكو زوجته لأنها استخدمت حقها في استخدام حسابه المصرفي لإنقاذ أخيها من الإفلاس، وبموازاته زوجة تشكو إصرار زوجها على استلام مصروف البيت بأدق تفاصيله، بدءاً من الخضار ومستلزمات تحضير الطعام، وصولاً إلى حاجاتها الخاصة جداً.

أما على المواقع الغربية على شبكة الإنترنت، فيمكننا أن نطالع فيضاً من المشكلات العائلية أكثر غرابة مما ذكرناه. فهنا رجل وامرأة يعملان ولكل منهما حسابه المصرفي الخاص، غير أن الحساب المشترك الخاص بمصروف البيت هو موضع الخلاف حول تغذيته من هذا الحساب أم ذاك.. وهناك زوجة لا أبناء لها، تشكو من تكتم زوجها الثري على حساباته المصرفية بحيث لا تعرف عنها شيئاً على الإطلاق، وتخشى في حال وفاته ألاَّ ترث منه شيئاً!! وهناك رجل يشكو من سوء معاملة زوجته له رغم ثقته العمياء بها بدليل تسجيل كل مال العائلة باسمها!؟ وغير ذلك الكثير الكثير الكثير.

الأمر المشترك الوحيد ما بين كل هذه الحالات هو اعتماد أصحابها أسماءً مستعارة في حديثهم عن مشكلاتهم، وكأنهم يقولون إن معاناتهم لا يجب أن تنتقل إلى العلن، وفي الأمر إشارة مبطنة إلى تخوفهم من مواجهة مشكلة، يخشون على الأرجح، أن يؤدي تفكيكها إلى انفجار الوضع.

حالات لا حصر لتنوعها
يستحيل على الباحث أن يعدد أنماط المشكلات التي تنجم عن سوء تدبير مال العائلة. فمن جهة، تُعد مفردات مثل شح، تبذير، بخل، تكتم، هدر، ضروري، غير ضروري، سيطرة، مجرد مفاهيم نسبية. فما يُعد ضرورياً لأي شخص، قد لا يكون كذلك بالنسبة إلى آخر، والمبذِّر قد يكون كذلك في نظر أحدهم، ولكنه قد يصبح كريماً عند آخر، والبخيل قد يكون كذلك بالنسبة إلى البعض، واقتصادياً حكيماً وحسن التدبير عند أمثاله من البخلاء.. بعبارة أخرى، لا مقاييس علمية يمكن أن تقاس بها هذه الصفات. ومن جهة أخرى، تفترض حالة كل خلاف على حدة التطلع إلى بطليها الزوج والزوجة. الزوج يعمل والزوجة لا تعمل، الزوجان يعملان بتكافؤ أو من دون تكافؤ في الرواتب، الزوجة تعمل وزوجها عاطل من العمل، الزوج متوسط الحال وزوجته ابنة أسرة ثرية أو العكس.

فكل عامل من هذه العوامل يعطي كل قضية من قضايا تدبير المال العائلي شكلها المختلف. ولأن لا قانون عام يمكن تطبيقه أو اللجوء إليه لاتخاذ القرار الصائب يومياً، لا يبقى أمام الزوجين إلا التعامل مع هذه القضية على أنها قضية اليوم، أو قضية كل يوم، وهذا ما يبقي المال طرفاً رابعاً حياً في كل أسرة.

مسألتان في الأساس: الثقة والخيانة المالية
أن تختلف الحالات وتتعدد، فهذا لا يعني أنه لا يمكن جمع أسسها ضمن بعض الأطر المحددة ولا يمنع محاولة استكشاف ما هو مشترك بين معظمها.

فاستناداً إلى مصادر المؤسسات الأهلية المختلفة، يبدو أن الخلافات حول مال العائلة هو السبب الثالث للطلاق في كل أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وإن لم نعثر على مصادر عربية حول هذا الجانب، فمن المرجح من ملاحظاتنا لحالات الطلاق التي نعرفها في محيطنا أن النسبة نفسها تنطبق تقريباً بشكل أو بآخر على مجتمعنا العربي. ولكن ما الذي يجعل الخلاف المالي صاعق تفجير لحياة يفترض أن تكون مشتركة حتى الممات؟

عندما قلنا إن المال يُعد طرفاً رابعاً في كل أسرة، فإننا لم نكن نقصد ذلك من باب المبالغة للدلالة على حضوره الدائم فقط، بل أيضاً للإشارة إلى أهميته.

فالمال في البيت هو جزء من عالم الثقة الذي يسود البيت بأسره، أو بعض عناوين هذه الثقة.. الثقة بالقدرة على التعاون في سبيل إنجاز كل المهمات المشتركة وإن توزعت على الطرفين. فعدم ثقة الرجل بقدرة زوجته على التعامل الحسن مع مال العائلة يشابه عدم ثقته بها في تربية أبنائه، إن لم يكن أسوأ.. طالما أن الأبناء ليسوا أغلى من المال. وزعزعة الثقة بالآخر على مستوى المال يؤدي حتماً إلى نقاش يومي سام، لا يدرك الزوجان خطورته قبل وقوفهما أمام قاضي الطلاق.

فإضافة إلى بروز عامل الثقة في ألف وجه ووجه في الخلافات الأسرية حول طرق إدارة المال المشترك، هناك عامل آخر صار يحمل اسماً خاصاً به «الخيانة المالية».

ويحدِّد علماء الاجتماع، وحتى المحامون المتخصصون في قضايا الطلاق، مفهوم «الخيانة المالية» بأنه «عندما يقوم أحد الزوجين بصرف مبلغ ملحوظ من مال العائلة، من دون معرفة الزوج الآخر به». وفي هذه الحالة علينا توقع مشكلة كبيرة، وهناك زيجات قليلة جداً يمكنها أن تصمد في وجه الخيانة المالية، خاصة إذا كان المال المشترك محدوداً. واستناداً إلى محاميي الطلاق الذين أجروا حوارات مع موقع «أم. أس. أن. موني سنترال»، فإن الخيانة المالية تأتي فوق الخيانة الزوجية على قائمة أسباب الطلاق في أمريكا، خاصة في صفوف الطبقتين المتوسطة والمتوسطة العليا.

الحدود المعقولة.. ضائعة المعالم
ولكن عامل الثقة التي تنطوي عليها المشاركة في إدارة مال العائلة تبقى غير محددة المعالم. فكما يؤدي فقدان الثقة في هذا المجال إلى فقدان الثقة في مجالات عديدة، وبالتالي إلى خراب الحياة المشتركة، فإن الإفراط في الثقة الذي تتسم به الأيام الأولى من الحياة الزوجية عندما يكون الحب عاصفاً بين الزوجين، يمكنه أن ينقلب وبالاً في أوقات لاحقة. ونذكر على سبيل المثال حالة الأستاذ الجامعي الذي جمع ثروة صغيرة في حياته، وترك أمور إدارتها جملة وتفصيلاً لزوجته. وفي أواخر سنوات عمره، أصبح الرجل يعيش فيما يشبه الضائقة، أسير منزله، لأن زوجته تريد ترك أكبر قدر ممكن من الميراث لأحد أخوتها. فالثقة المفرطة عندما تتعلق بالمال تكاد تشبه في نتائجها انعدام الثقة.

أما «الخيانة المالية» فهي أيضاً نسبية. لأن ما يبدو مبلغاً كبيراً يعيل العائلة لمدة شهر، ولا يجوز إنفاقه من دون معرفة الزوج به، قد يكون في عائلات أخرى مجرد ثمن حقيبة يد، لا ضرورة لمشاورة الزوج بشأنها، أو اطلاعه على شرائها.

تدفعنا نسبية الأمور وخصوصية الحالات إلى البحث عن حالة نموذجية يمكننا أن نقيس عليها، اعتماداً على المنطق والحس السليم، بقية الحالات بما فيها حالة كل منا، سواء اعترفنا أننا نواجه هذا التحدي يومياً أم لا.

ماذا عن عائلة متوسطة نموذجية
لنأخذ على سبيل المثال أسرة متوسطة، يعمل فيها الرجل موظفاً براتب شهري متوسط، وزوجته تدير المنزل، ولهما بعض الأولاد.

عندما يتقاضى هذا الرجل مرتبه الشهري يعي، وما من عاقل ينفي ذلك، أن هذا المرتب هو أولاً لتدبير أمور عائلته خلال الشهر المقبل. أما كيف؟ فتلك هي المسألة.

أولاً، هناك أمور من المسلَّم بها أنها ستستهلك حكماً بعض هذا الراتب، مثل شراء الأطعمة، ودفع فواتير الكهرباء والإيجار وتسديد أقساط الديون إن وجدت.. وما شابه. وفي هذا الجانب ليس مهماً من يتولى الصرف المباشر على هذه الأمور. ولكن القول إن الأمر ليس مهماً لا يعني أن اتخاذ الزوج للقرار بتولي هذه المهمة دون غيره هو أمر غير مهم.. بل على العكس.. إنه قرار خطر، لأنه يعكس عدم ثقته بقدرة زوجته على التصرف السليم بهذا الجزء من المرتب.

بعد هذه الضروريات التي لا مفر منها، هناك ضروريات في المرتبة الثانية، كشراء الملابس على سبيل المثال، أو بعض مستلزمات البيت التي تسهِّل أمور العيش فيه وعلى ربة المنزل بشكل خاص. إنه المجال الذي تمتحن فيه صدقية الثقة والأهلية لها. وعلى الرجل أن يعرف أنه في هذا المجال عليه أن يثق بزوجته، فيترك لها حرية التصرف بمبلغ معين وفق ما ترتأيه وحسب أولوياتها. وعلى الزوجة أن تثبت من دون براهين صارخة أنها تتقن ترتيب هذه الأولويات.

وبعد فئتي الضروريات هاتين، تأتي دائرة الكماليات مثل الترفيه، والتزين، والسياحة وغير ذلك الكثير، وهنا يجب أن يتشارك الزوجان في اتخاذ القرارات بشأنها. كي لا يرى أحدهما هدراً حيث يرى الآخر ضرورة.

كل هذا يجب تدبيره بعد أن يكون الزوجان العاقلان متفقان على ادخار جزء من المرتب الشهري. وادخار جزء من المرتب ليس مفهوماً أو سلوكاً اقتصادياً سليماً وحكيماً فحسب، بل ينزع فتيل أي خلاف حول «حسن التدبير» يمكن أن يبرز أمام أزمة طارئة تعجز الأسرة عن مواجهتها بالمتوافر لديها من المصروف الشهري. إذ إنه في هذا الظرف الطارئ بالذات يستفيق كل من الزوجين على «سوء التدبير» عند زوجه، وتبدأ المشاحنات..

ومن حق الزوج تماماً أن يحتفظ بمدخراته في حساب مصرفي باسمه وحده. ولكن من واجبه أن يبقي زوجته مطلعة عليه. أولاً لأن اطلاعها عليه يمكنه أن يطمئنها إلى قدرة العائلة على اجتياز المحن الطارئة. وإذا كان هذا المبلغ المتوافر غير كبير، يكون بمثابة تنبيه غير مباشر إلى وجوب توخي الحذر في موازنة المصروف الشهري.

وفي حال كان الزوجان يعملان، يصبح من حق الزوجة أن تحتفظ بمدخراتها في حساب مصرفي منفصل، كما يوفر للزوجين في هذه الحالة أن يتعاونا في مجال المصاريف المشتركة.

إن هذه الحالة النموذجية البسيطة تصبح أكثر تعقيداً بتعقد أحوال الزوجين. فماذا لو افترضنا أن أحد الزوجين ثري والآخر يأتي من أسرة فقيرة؟ وماذا لو قرر الثاني مساعدة أهله بشيء من المال؟ وبأي مبلغ ممكن؟

ماذا لو كان لأحدهم اهتمام خاص أو هواية خاصة، مثل اقتناء السيارة الجديدة أو شراء أعمال فنية، وكان الآخر لا يشاركه هذا الاهتمام؟

والأخطر من كل هذه الحالات هو إذا كانت الزوجة تعمل وزوجها أصبح لسبب ما عاطلاً من العمل. ففي هذه الحالة يصبح أدنى تصرف أو أصغر كلمة تتعلق بالمال سبباً في حساسية الأجواء وتوترها.

والاختلاف شرقاً وغرباً
مما لا شك فيه أن الروابط الأسرية في البلاد العربية لا تزال أقوى بكثير مما آلت إليه في المجتمعات الغربية.

ففي أمريكا، غالباً ما يدار مال العائلة كما تدار أسهم الشركات. لكل من الزوجين حسابه المصرفي الخاص، وغالباً ما يكون هناك حساب مصرفي ثالث مشترك للمصروف المشترك على البيت. ويؤكد محامو الطلاق أن إعلان إفلاس المؤسسات المتوسطة والصغيرة، غالباً ما يتم لتسوية حالات الطلاق.

أما عندنا، فللروابط الأسرية المتينة حسناتها و.. سيئاتها. فمن حسناتها المشاركة من دون محاسبة بفواتير، والاستعداد النفسي الدائم لبذل التضحيات في سبيل المحافظة على الأسرة، بما في ذلك التضحيات المالية.. ولكن «سيئات» الروابط الأسرية المتينة هي في تداخل الأمور ببعضها، وفي اعتبار كل فرد من الأسرة نفسه معيناً بأي شيء يخص أي فرد آخر من أفرادها. وعندما يكون التشابك في مجال الاستفادة من المال المشترك، لا نجد مرجعية صالحة يمكن الاحتكام إليها، فنسلك مسلك المتعامل مع الأزمة بأقل قدر ممكن من الخسائر بدلاً من مواجهتها وحلها من أساسها مرة واحدة ونهائياً.

فعلى الزوج العامل أن يكون على قناعة تامة بأن المال الذي يجنيه ليس ملكاً له وحده، وإن كان قد جناه بمفرده، طالما أنه ارتضى أن يأخذ على عاتقه مسؤولية الزواج وإنجاب الأولاد. وفي المقابل، على الزوجة أن تعي في أعماقها أن مال العائلة، أو أي مبلغ تأخذه من زوجها، ليس مكافأة ولا مرتباً، وأن حريتها في استخدامه محددة بمدى وعيها لمسؤولياتها، ومقيدة بظروف العائلة وحاجاتها أولاً بأول.

ففي الغرب، باتت هناك برامج كمبيوتر خاصة بتنظيم موازنات العائلات وفق المداخيل المختلفة والمتطلبات الخاصة بكل عائلة. وما على مستخدم هذه البرامج إلا أن يلقِّم الكمبيوتر معلومات حول مدخول العائلة وبعض المعلومات عنها، حتى يحدد له البرنامج ما يستطيع صرفه هذا الشهر على الطعام والشراب والملابس والأحذية والترفيه وغير ذلك..

غير أن ثمة ما هو غامض وإنساني في العلاقات الأسرية، لا تستطيع برامج الكمبيوتر التعامل معه. إنه البعد الأخلاقي والنفسي المتمثل بالثقة عندما يعهد زوج إلى زوجته بالمال لتديره وفق ما تراه مناسباً. واستطراداً، نشير إلى أن من حق كل أفراد العائة الحصول بانتظام على مبالغ معينة من مال العائلة لإنفاقها على ما يرتأونه مناسباً، طبعاً مع تحديد المبالغ التي تكون صغيرة جداً في أيام الطفولة، وتكبر كلما تقدَّم الأولاد بالعمر. فالمال في أيدي الأولاد (عندما يكون مراقباً من الأهل) يشكِّل تمريناً ضرورياً على كيفية التعامل معه عندما يكبرون.

وفي عودة إلى المال بين الرجل وزوجته نقول بكلمة مختصرة إنه لا قاعدة عامة يمكن تطبيقها أو فرضها بشكل عام. غير أن النصيحة التي يعطيها الحقوقيون وعلماء الاجتماع وتنطبق على الأسر الغربية كما تنطبق على أسرنا العربية، هي في الحوار الصريح والمباشر لإيجاد مسافة مشتركة في نظرة كل منهما إلى مال العائلة وسبل إنفاقه أولاً بأول.

وهذا الحوار يجب أن يبدأ باكراً جداً في فترة الخطوبة، أو في الأيام الأولى من الزواج. وعلى الزوجين أن يكونا صريحين تماماً مع بعضهما، وعلى الزوجة أن تبلغ زوجها أنها مصرة على مساعدة والدتها العجوز، على سبيل المثال، وعلى الزوج أن يبلغ زوجته أنه يفضِّل تغيير السيارة كل سنتين على رحلة سياحية إلى أوروبا، على سبيل المثال الآخر.. وبوجود هذا التفاهم الأساسي، وبشكل واضح، يمكن تلافي الكثير من المطبات التي قد تعترض لاحقاً المرتب الذي يفترض أن يكون مصدر حبور في البيت. أما الاعتقاد بأن المال ليس إلا جانباً ثانوياً في علاقة إنسانية سامية مثل الزواج، فهو تصور مثالي وشاعري سريع العطب أمام صدمات الواقع اليومي بحلوه ومره.

أضف تعليق

التعليقات