شهد العمل المصرفي تحولات وتطورات عديدة خلال السنوات الأخيرة حادت به كثيراً عن الصورة التقليدية لهذه الصناعة بوصفها تجمع المال من جهة لتستثمره في جهة أخرى. وبشكل عام, يمكن القول أن الصناعة المصرفية باتت تلعب دوراً اجتماعياً حاضراً في الحياة اليومية أكثر من أي وقت مضى, من خلال تنوع برامجها وخدماتها المختلفة، والتي باتت تتوجه إلى المستهلكين بالاهتمام نفسه الذي تتوجه به إلى المدخرين والباحثين عن تمويل للاستثمارات.
حول هذا الدور الجديد للمصرفية العربية الذي بات، كما هو حال معظم المصارف في العالم, يتعدى دور المصرفية التقليدية, نعرض هنا مساهمة الباحثة الاقتصادية بهاء الرملي التي تتناول المستجدات التي طرأت على سياسات التمويل ونوعية الخدمات بشكل عام. على أن نتناول في العدد المقبل واقع الحال في البنوك السعودية لجهة الدور المتوقع منها في تحقيق التوازن بين الإنتاج والاستهلاك.
منذ نشأتها لعبت المصارف دوراً أساساً في حياة الناس. فحفظت مدخراتهم، وأمدّتهم بالفوائد، وموّلت مشروعاتهم، دون إغفال دورها المؤثر في الحياة الاقتصادية لبلدانها.
لم تكف صناعة الصيرفة عن التطور مع مرور الوقت؛ فأوجدت أحياناً حاجات جديدة في المجتمع ولحقت أحياناً حاجات الناس تبعاً لتطور حياتهم الاقتصادية والاجتماعية ومتطلباتهم الاستهلاكية وتغير نمط حياتهم العملية اليومية. وتحوّل المصرف تدريجياً من مستودع لمدخرات الناس وممول لاستثماراتهم إلى لاعبٍ أساسٍ في مدهم بالسيولة وفي وضع أساليب دفع متنوعة في تصرفهم، اتخذت أشكالاً مختلفة مع مرور الزمن، إلى أن بات يتدخل، إذا جاز التعبير، في حياتهم اليومية. وإذا كانت مصارف أمريكا والعالم الغربي عموماً سباقة في إحداث هذه النقلة النوعية في أسلوب العمل المصرفي وغاياته، فإن مصارف العالم كله بما فيها مصارف العالم العربي تسير في الاتجاه نفسه إنما مع فارق أساس يتمثل في اختلاف سرعة مسيرة التغيير بين نظام مصرفي وآخر.
تجارب عربية متفاوتة التقدم
منذ تسعينيات القرن العشرين، عملت المصارف العربية على مواكبة التطور الذي أحرزته وعممته الصناعة المصرفية في العالم المتقدم، وسعت على غرار مصارف الغرب، إلى الانتقال من الصيرفة الشاملة إلى صيرفة التجزئة ومن التعامل مع رءوس الأموال الكبيرة إلى خدمة الأفراد والتأمين والتأجير التمويلي وإصدار بطاقات الائتمان وتقديم الخدمات المصرفية عبر الإنترنت وغيرها الكثير من الخدمات المنوَّعة المرفقة بتسهيلات وإغراءات وإعفاءات. وبدأت هذه المصارف تضع سياسات محددة لمنتجاتها الجديدة وتنشىء أقساماً خاصة لإدارتها وتسويقها لتحفيز الناس على استخدامها، ذلك أن ردة الفعل الشعبية تجاهها ما زالت فاترة عموماً، وإن كان الإقبال عليها يتزايد باستمرار في بعض الدول العربية، في حين أنها باتت معممة في دول الغرب إلى حد قارب التخلي عن العملة الورقية.
وإذا كان الغرب قد اجتاز كل الحواجز النفسية والتقنية والعملية في تعميم صيرفة التجزئة على نحو طال كل تفاصيل الحياة اليومية، فإن منطقتنا العربية ما زالت في بداية المشوار وما زالت تطرح أسئلة كثيرة عن هذا الدور الجديد للمصارف وتأثيره في حياة الناس العاديين والتقديمات التي توفرها لهم، حسناتها وسيئاتها، مستقبلها والخوف من أن تؤثر سلباً في سلوك بعض الفئات.
بعض الدول العربية تخطى هذه الحواجز وأحرز انطلاقة واسعة النطاق على صعيد صيرفة التجزئة لا سيما المملكة العربية السعودية ودبي اللتين أمّنتا بنية تحتية قانونية مواتية لتطور العمل المصرفي في أنماطه الحديثة، وتمكن القطاع المصرفي فيهما بإمكاناته المادية الكبيرة من تأمين متطلباته من التكنولوجيا وتوظيف الكوادر البشرية المؤهلة. كذلك تمكن القطاع المصرفي في لبنان وإن كان بنسبة أقل من المضي قدماً في مسيرة تطوير خدماته بما يتماشى مع تطورات العصر، رغم أن البنية القانونية في هذا البلد ما زالت قاصرة عن مواكبة التقدم التكنولوجي.
دور جديد للمصارف
يكمن الدور الجديد للمصارف في علاقتها مع الناس، وفقاً لأهل الاختصاص، في تحولها إلى ما يشبه بائع سلعة أو بضاعة بعيداً من أية علاقة شخصية مع الزبون كما هي الحال في الصيرفة التجارية التقليدية، مع فارق بينها يتمثل في أدائها لجهة السرعة والفوائد التي تقدمها. وتقدم الخدمة – السلعة على شكل بطاقة ائتمان تتضمن كل التسهيلات في الدفع والتسليف خلافاً لما كان عليه الوضع قبلها، إذ كانت عملية التسليف مركبة وصعبة. ويعزى الفضل في هذه السهولة إلى توطين الرواتب وإلى اعتماد المكننة، إذ بات قرار السلفة يمر عبر الكومبيوتر وفقاً للبرامج المعتمدة ولمعايير التسليف الموحدة كون السلفات الصغيرة الحجم لا تحتاج إلى دراسة ملف الزبون.
ومع هذه الخدمات دخلت المصارف مرحلة الاختصاص وكذلك الشركات المصرفية الكبيرة. فبدلاً من أن يكون المصرف هو من يقدم الخدمات، فقد أنشأ وحدات متخصصة داخله أو وحدات مستقلة، تقدم باسمه او باسم آخر خدمات منوعة من التمويل إلى الدفع والتسليف، وهذه عمليات تتطلب اختصاصات مختلفة، لأن اختصاص التمويل يختلف عن اختصاص الودائع وكذلك القروض والتجزئة، ومع هذا الواقع تتجه المصارف إلى أن تكون اختصاصية أكثر. في الغرب باتت الخدمات تُقدَم خارج حدود المصرف. ففي فرنسا مثلاً، تؤمّن شركات البريد خدمات مصرفية من فتح حساب وتحويل. أما السؤال الذي ما زال يطرح في عالمنا العربي فهو لماذا وكيف حصل هذا التحول؟. إلا أن جوابه بسيط في رأي الاختصاصيين. فهؤلاء يرون أن تطور الحياة والمنافسة لجهة تقديم أفضل الخدمات في أسرع وقت ممكن وبأفضل الأسعار، عوامل فرضت هذا التحول الذي لا يمكن في أية حال فصله عن رواج أية سلعة. ففي أمريكا وفرنسا مثلاً، بدأ بعض الشركات يعطي بطاقات ائتمان باسمه وبات الشخص يحصل على حساب من الشركة التي تصدر البطاقة بدلاً من أن يحصل عليها من البنك. هكذا فعلت شركة كارفور العملاقة في فرنسا، وهكذا تراجعت حركة السحب من الصراف الآلي في بريطانيا. فالمنافسة تخلق بالضرورة أدواراً وأدوات جديدة. ومن هذا الباب دخلت المصارف عملية تمويل المواطنين العاديين ودخلت تالياً في تفاصيل حياتهم اليومية. لكن الأمر يختلف مع الزبائن الكبار، إذ بات المصرف يخفف من دوره المباشر ويتوجه نحو أدوار غير مباشرة، وهنا يكون دوره على نوعين: دور بنك استثمار يساعد الشركات على إيجاد طريقة لدخول أسواق المال، أو دور المساعد لزبائنه في شراء سندات أو أسهم من الشركة التي تصدرها.
وهكذا يبدو وكأنه فقد دوره المباشر في التمويل وبات يلعب دور الوسيط والاستشاري ويتعاطى صيرفة التجزئة باسم واحد في مكان واحد وبوحدات مختلفة.
المصرف لم يعد في مكان محدد
إلا أن هذا الوضع مرشح أيضاً للتغيير والتحول إلى شيء آخر مع تطور التكنولوجيا التي ساعدت حتى الآن في وصول المصارف إلى عدد أكبر من الزبائن بسرعة أكبر. فقبل هذا التطور كانت الشركات المصرفية مكاناً يتوجه إليه الزبائن، أما اليوم فلم يعد المصرف مكاناً. فبفضل التكنولوجيا يمكن للزبون أن ينجز عملية عبر الإنترنت ويشتري أسهماً ويدفع بالبطاقة ويسحب المال من الصراف الآلي، وبعد عشرين سنة ومع سرعة تطور التكنولوجيا قد يصير المصرف خطاً هاتفياً مثلاً أو إنترنت وهذه بوادر بدأت تظهر لا سيما في دول العالم المتقدم الذي استغنى بالبطاقة أو يكاد عن العملة الورقية في معاملاته التجارية مهما كان المبلغ زهيداً، والوضع سائر في هذا الاتجاه في الدول العربية. وبسبب سرعة تطور المكننة ومن ورائها تكنولوجيا الاتصالات لا يمكن توقع ما ستكون عليه الأوضاع في المستقبل كما كان يصعب في السابق توقع ما وصلت إليه الحال اليوم. إلا أن العمل الأكثر أهمية اليوم يكمن في توافر عنصر الأمان في العمل المصرفي الحديث، علماً بأن الخطر الذي تتعرض له البطاقات من غش لا يتخطى ذلك الذي تتعرض له مراكز المصارف من سطو وسرقة. إلا أن المعالجات تتطور في سياق منسجم مع تطور الخدمات ووفقاً للحاجة وللتجربة، ومن الأمثلة على ذلك اختراع مضادات فيروسات الكومبيوتر.
هذا في السياق العام لتطور العمل المصرفي والذي لا تشذ عنه المصارف العربية مع فارق نضوج التجربة ودرجة تقبلها في المجتمعات العربية. في لبنان مثلاً سبقت الإشارة إلى أن القوانين ما زالت قاصرة عن مواكبة التطور التقني ورغم ذلك حققت صيرفة التجزئة انطلاقة جيدة نسبياً معتمدة على الممارسات العالمية في حالات كثيرة لا تلحظها القوانين المحلية. وكانت نقطة التحول في انطلاق صيرفة التجزئة عام 2003م مع توطين رواتب القطاع العام، وبعدما بات الناس ملزمين في الحصول على بطاقات لسحب رواتبهم من المصارف. وما عزز هذا النوع من الصيرفة مكننة الفواتير لأكثر من مرفق عام، وبدأت الأرقام تتغير بسرعة. إذ زاد حجم العمليات في هذا الإطار من 686 مليون دولار عام 2002م إلى 782 مليوناً عام 2003م وإلى 881 مليوناً في 2004م ليصل إلى 932 مليوناً في الفصل الثالث من 2005م. وتلعب المصارف دوراً كبيراً في التوعية بأهمية البطاقة في ضوء الاعتقاد الشعبي الذي ما زال سائداً إلى الآن بعدم الحاجة إليها وبتفضيل الناس استخدام السيولة النقدية والتوجه شخصياً إلى المصرف لإتمام معاملاتهم. ويقول مصرفيون إن البطاقة لم تسهِّل فقط حياة الناس بل أسهمت في تحسين وضعهم الاجتماعي إذ سمحت لهم بشراء حاجات أساسية، بضمانات قليلة، لم يكونوا قادرين على تأمينها من دون تسهيلات مصرفية مثل شراء منزل أو سيارة أو الحصول على تأمينات اجتماعية منوعة منها تأمين دراسة أولادهم في كل المراحل. وتميل المصارف إلى التقليل من الضمانات باستمرار رغم افتقارها إلى مركز معلومات عن الأفراد على غرار ما هو معمول به في دول الغرب وفي بعض الدول العربية. ومن شأن هذا المركز أن يعطي معلومات مفصلة عن قيمة ديون أي شخص ونسبة أقساطها من دخله الشهري وقدرته على الدفع بانتظام. ومع توافر هذه المعلومات تخف الضمانات تلقائياً ومن ضمنها ضمانة توطين الراتب غير المعتمدة في الغرب.
بطاقة الائتمان.. ما لها وما عليها
ومما لا شك فيه أن البطاقات غيرت حياة الأفراد بأن أمدتهم بالسيولة في أي وقت وبأسرع وقت، وهي اليوم مرفقة إجمالاً ببرامج مكافآت وهدايا وجمع نقاط على الإنفاق، رغم أن المواطن حذر تجاهها عموماً كونه يعتبرها مدفوعة الثمن مسبقاً. أما المآخذ على هذه البطاقات فهي أنها تحرِّض الناس على الإنفاق وتخطي قدراتهم المادية الحقيقية مما يورطهم في ديون لا قدرة لهم على سدادها ويعرضهم للإفلاس وللملاحقة القانونية. وسرعان ما يأتي الجواب بدحض صارم لهذه المقولة على أساس أن البطاقة ليست سوى شكل آخر من أشكال النقد مع فارق في طريقة الدفع، وسيتصرف الناس بها كما يتصرفون بمبلغ نقدي. ويرى أصحاب هذا الرأي أن البطاقة تتفوق على الدفع نقداً لجهة سقفها المحدد الذي لا يمكن تخطيه. ويبقى المهم في الحالتين سلوك الشخص وقدرته على ضبط إنفاقه وعلى وضع موازنة يتقيد بها وفقاً لإمكاناته، من دون إغفال واقع أن الإفلاسات كانت دائماً موجودة حتى قبل البطاقات. وهذا ما يدحض أيضاً بنظرهم فكرة أن البطاقة تُفقِد الشخص القدرة على أن يدرك بسرعة مدى إنفاقه كونه لا يتعامل مباشرة مع أوراق مالية. فالمهم توعية الأشخاص بعدم وضع سقوف عالية لبطاقاتهم لتبقى تحت السيطرة.
ثقافة الدَيْن
ومن المآخذ على صيرفة التجزئة أن أحد عناصرها وهي بطاقة الدَيْن تعوّد الناس على الاستدانة وعلى استسهال الفكرة. وهنا أيضاً يأتي الرد انطلاقاً من المفهوم الغربي وهو أنه على الناس أن يقبلوا فكرة أنهم مدينون لطالما أنهم قادرون على سداد ديونهم وأن المجتمعات تطورت على مفهوم الدَيْن. فالمشكلة ليست في الدَيْن بل في إدارته بذكاء وفي الالتزام بألاَّ تتخطى قيمة الدفعات الشهرية ما يوازي ثلث الراتب، وهذا هو الحد الأقصى المعمول به في لبنان، والمصارف ترفض أن تعطي بطاقات تفوق قيمة أقساطها الشهرية هذه النسبة. ويبقى هذا الهامش أقل بكثير مما هو معمول في الأردن مثلاً حيث تصل النسبة إلى 56 أو 60 في المئة من الراتب. ويؤكد مصرفيون أن للمصرف مصلحة في أن يكون دَيْن الزبون تحت السيطرة بما يضمن مصلحة الطرفين. فالمصرف لا يريد تكبير إنفاق الزبون بل تغيير سلوكه الإنفاقي. فهو يريد زبوناً يدفع، وليس السيطرة على رهونات إدارتها مكلفة ومعقدة.
ومن أهداف المصارف في اعتماد صيرفة التجزئة تخفيف أعبائها وزيادة ربحيتها كون الزبون الصغير قليل المخاطر والكلفة مقارنة مع الزبون الكبير، وكذلك شروطه ومتطلباته، رغم أن إدارة هذا النوع من الخدمات المصرفية تتطلب جهازاً بشرياً أكبر.
بطاقات للمراهقين موضع جدل
وعلى تعدد أنواع بطاقات الدفع، ثمة بطاقة أثارت نوعاً من الجدل في لبنان ولا يصدرها إلا عدد قليل من المصارف، خلافاً لمعظم المصارف التي لا تصدر بطاقات إلا لمن بلغوا الثامنة عشرة من عمرهم. إنها البطاقة الخاصة بالمراهقين التي يرفضها عدد كبير من الناس لاعتقادهم أنها تنمي في هؤلاء المراهقين الميل إلى الإنفاق بعيداً من رقابة الأهل. أما المصارف التي تصدرها فلا ترى فيها سوى وسيلة دفع إلكترونية مثل باقي البطاقات وهي لا تختلف من حيث مفهوم الإنفاق عن المصروف الشخصي النقدي. فضلاً عن أنها تخضع لسلطة الأهل كونهم هم من يشتريها ويمولها ويبرمجها ويحدد سقفها. أما الهدف منها فهو تربية الولد أو تعويده على وضع موازنة والالتزام بها وإعطائه حيزاً من الاستقلال المنظم. تعطى هذه البطاقة لمن هم فوق الثانية عشرة من عمرهم، العمر الذي يعتبر فيه الولد قادراً على استعمال الصراف الآلي أو يعرف كيفية الدفع من خلالها لجهة الآلية والتوقيع، وهو الذي تعود استعمال تقنيات أكثر تعقيداً من خلال الكومبيوتر. وأُرفقت هذه البطاقة بعروض وحسومات في المحال والأماكن التي يرتادها المراهقون. المصارف التي تصدر هذه البطاقات لا تعتمد سياسة ترويجية ويطلع عليها الأهل من خلال المصرف، ويقبل عليها عادة الأهل الذين يقبلون أصلاً فكرة إعطاء الولد مصروفاً شخصياً، وكذلك الأهل المنفتحون على التكنولوجيا، الذين يستوعبون طريقة عملها والتحكم بها ويقتنعون بضرورة أن يواكب أولادهم التطور التقني. يذكر أن عدداً من الدول العربية كان سبّاقاً في إصدار هذا النوع من البطاقات.
متخصصون في علم النفس الاجتماعي يرون وجهين لبطاقة المراهقين، واحداً سلبياً يتمثل في السؤال عن قدرة الأولاد عن الاستقلال في أعمار مبكرة وفي قدرتهم على تحديد خياراتهم. وقد يكون لها جانب سلبي آخر يتمثل في علاقتهم مع رفاقهم كأن يشعروا بتميز ما تجاههم وهذا ما سيفقدونه إذا سحبت منهم البطاقة في حال أساءوا استعمالها. أما الجانب الإيجابي فيتمثل في تعويد المراهقين على تحمل مسؤولية تصرفهم وفي منحهم شعوراً بالاستقلال يساعدهم على اتخاذ القرارات في حياتهم. وأياً تكن السلبيات أو الإيجابيات فلا يمكن في المطلق الوقوف في وجه أي تطور حضاري وتكنولوجي، إنما يقع على عاتق الأهل تنمية شخصية الولد وتعويده على الاستقلال في قراراته وعلى وضع ميزانية لمصروفه تجنبه سوء التقدير.
بداية المسيرة العكسية في أمريكا
بينما تروج وسائل الإعلام (والبنوك) لبرامج إقراض المستهلكين وتشجع استخدام بطاقات الاعتماد, ويرى البعض أننا لا نزال متخلفين عن الغرب في ميدان ثقافة الدَيْن لأن الديون حسب رأيهم ليست مشكلة طالما يتمتع صاحبها بعمل ثابت ويستطيع تسديدها, يبدو أن أمريكا بدأت تسلك الاتجاه المعاكس.
فقد حملت إحدى حلقات برنامج أوبرا وينفري الشهير (MBC4) عنوان حمية الديون في أمريكا . وعرضت المقدمة الأمريكية المعروفة سلسلة من المآسي الاجتماعية المتمثلة في غرق عائلات الطبقة المتوسطة في ديون تعجز عن تسديدها. حتى بات من الرائج جداً استدعاء خبراء متخصصين إلى البيوت لوضع نظام حمية للتخلص من الديون.
وأكثر من ذلك، فقد كشف البرنامج البنود المستترة في شروط الحصول على بطاقة اقتراض. وقابلية الشركات والبنوك التي تصدرها للتفاوض لتخفيض الديون والرسوم والعوائد التي يمكن أن تصل على المدين إلى آلاف الدولارات من دون أن يشعر بتراكمها. إضافة إلى التبذير في الاستهلاك الذي يبدو أنه جزء من نسيج التعامل مع البطاقة، وليس مجرد استهتار فردي من حاملها.
وللمزيد يمكن تفقد الموقع: http://www.oprah.com