ديوان اليوم

المثقــــــف في عزلته

شعر: مؤمن محمد عكل

منْ هُنا مرّتِ الدنيا. ربما تزاحمَ البعضُ للحظةٍ على الشرفةِ لرؤيتها، لكنهم عادوا إلى كراسيهم قبلَ أن تختفي عن الأنظار. وهناكَ من علمَ بمرورها متأخراً، فجلسَ ينتظرْ

لا شيءَ يحدثُ هاهنا
بهتَ الزمانُ
وليسَ كالصورِ القديمةِ
أو كصحيفةٍ في الشمسِ
أو كحبيبةٍ ما عدتُ أذكرُ كيفَ 
طيفُ عبيرها لكنّما
زمنٌ هُلاميٌّ بلا صفةٍ
غدٌ يأتي كطبقِ الأمسِ
أو ما قبلُ أو ما بعدُ أو ما الآنَ
إيقاعٌ وحيدٌ
إنّما صمتٌ
حفظتُ دوزنةَ المسيرِ
وليسَ من لحنٍ جديدٍ
فالعناصرُ في صناديقٍ معنونةٍ
(وبائعُ الحلوى على طرفِ الزّقاقِ
يبيعُ نصفَ الأمسِ صُبحَ اليومِ،

والمُتبضّعونَ يقلّبونَ بضاعةً بالأمسِ باعوها ويأكلُ من حديثهمُ الذبابُ
وينتشي طفلٌ على طرفٍ إذا مدّتْ إليهِ الكفُّ بعضَ بقيّةٍ محفوظةٍ)
وأنا أراقبهم وأعلمُ أنهمْ قالوا
الحديثَ جميعهُ
وتكرّروا في صورةِ النقشِ القديمِ
ويعلمونَ بأنّهم بعضُ الهوامشِ
فالنصوصُ تكاملتْ
والمستحيلُ هوَ ارتجالٌ خارجٌ عن
لعبةِ المألوفِ

ملحمةٌ تُمزّقُ دورةَ المُعتادِ
بدءٌ منْ سديمٍ حائرٍ
والمستحيلُ هو النشازُ
ودهشةٌ بكرٌ تُضيءُ لمرّةٍ
ونضيعُ خلفَ سرابها دهراً نُطاردُ
لحظةً عبرتْ
لعلَّ القبلةَ الأولى تعودُ
لعلَّ قافيَةً بلا شَبَهٍ
لعلَّ العينَ تنسى اللونَ
ثمَّ تعيدهُ
كشْفاً مثيراً طازجاً
ولعلّنا ننْسى
ونُنْسى..

لا شيءَ يحدثُ هاهنا
وأنا أراقبهمْ وأعلمُ أنني منهمْ
ولكنّي أرى..

أضف تعليق

التعليقات