تاريخ القهوة حول العالم حافل بالحكايا والابتكارات. لكن علاقتنا اليوم بالمشروب الساخن تكاد ترتهن بآلة التقطير الحاضرة في منازل كثيرين، والتي ظهرت لأول مرة تحت مسمى «مستر كوفي» (Mr. Coffee) عام 1972م، بفضل المبتكر الأمريكي صاموئيل غليزر وزميله فنسنت ماروتا.
ولد صمويل لويس غليزر في كليفلاند بولاية أوهايو الأمريكية في 24 فبراير 1923م. توفي والده وهو في السادسة ليبدأ الطفل رحلة طويلة بين مهن متعددة كمُعيل لأسرته. فعمل موزعاً للصحف وبائعاً لطعام الكلاب الأليفة وأحذية السلامة لعمال مصانع الصُلب.
وبعدما خدم في الجيش الأمريكي خلال الحرب العالمية الثانية، أسس غليزر شركة مع فنسنت ماروتا لتصنيع أبواب مرائب السيارات وبيعها. وما لبثت هذه الشركة أن اتجهت إلى العقارات لبعض الوقت.
في أواخر الستينيات، قرر الشريكان الاستثمار في مجال توريد القهوة للمطاعم والمقاهي حول كليفلاند. هكذا وجد الاثنان نفسيهما يمتلكان موزعات ضخمة من الفولاذ المقاوم للصدأ يتم إعداد القهوة داخلها وتنقلها شاحنات إلى مواقع التوريد. وفي أحد الأيام سأل أحد الزبائن إن كان يمكن أن تصنع موزعات مماثلة إنما أصغر حجماً، يمكن للواحد أن يحتفظ بها في منزله. وقد كان ذلك السؤال الأقرب إلى الدعابة مصدر إلهام لغليزر ورفيقه ماروتا اللذين قررا تصفية أعمالهما العقارية والاستثمار بكل ما يمتلكان لتحقيق هذه الفكرة: إنتاج آلة لإعداد القهوة بالتقطير يمكن لأي أحد أن يشتريها ويستخدمها في مطبخ منزله آنياً. فظهرت الآلة التي حملت اسم «Mr. Coffee» وباعت مليون وحدة خلال السنوات الثلاث الأولى من ظهورها قبل أن تظهر مئات النسخ المتنوعة منها تحت مختلف الأسماء التجارية معتمدة جميعها المبدأ نفسه، والقائم على تسخين الماء إلى درجة 200 فهرنهايت (93 درجة مئوية) وتنقيط القهوة المحمصة في وعاء زجاجي، مثلما بات الملايين يفعلون يومياً، منذ تاريخ ظهور ذلك الجهاز الذي أعاد تعريف علاقتنا بالقهوة كمشروب رائج سهل التحضير.