سينما سعودية

الفِلم السعودي ومرحلة جديدة

12577186471عند رصدنا لتاريخ الفِلم السعودي الذي يمتد لأربعين سنة تقريباً، قسَّمنا هذه المسيرة التاريخية حضوراً وإنجازاً إلى ثلاث مراحل. المرحلة الأولى، وهي مرحلة «المخرج الوحيد»، ونعني به المخرج عبدالله المحيسن، الذي يمكن اعتباره أول مخرج سعودي، وكان من أهم أعماله في أواسط السبعينيات من القرن الماضي: «اغتيال مدينة»، وهو فِلم وثائقي يتناول ما ألحقته الحرب الأهلية اللبنانية من دمار في بيروت، وعُرض في مهرجان القاهرة السينمائي عام 1977م، وحاز جائزة نفرتيتي لأفضل فِلم قصير.

والمرحلة الثانية هي الأهم، لأن عجلتها لا تزال تدور حتى الآن، وهي مرحلة «المهرجانات السينمائية»، لأن المهرجانات شكَّلت حافزاً أساسياً لصُنَّاع الأفلام السعودية، الذين حققوا إنجازات مهمة، ربما كان أشهرها النجاح الكبير الذي حققه الفِلم الروائي الطويل «وجدة» للمخرجة هيفاء المنصور.
Screen shot 2012-01-26 at 10.09.37 PMأما المرحلة الثالثة، فهي امتداد طبيعي للمرحلة الثانية على مستوى الإنتاج، ولكنها تتمثَّل فيما شهدته الفترة الزمنية الأخيرة من تطور تقني ووسائل الاتصال على الشبكة العنكبوتية، ونعني بذلك مرحلة «الإعلام الجديد» التي يجسِّد فِلم المخرج بدر الحمود «مونوبولي» أبرز أفلامها. لما حظي به من مشاهدة كبيرة، وللنقاش الكبير الذي أثاره. وإذا كان لنا الآن أن نتحدث عن مرحلة رابعة، لأمكننا تسميتها مرحلة «القنوات الفضائية»، التي تشكِّل منعطفاً مهماً في هذه المسيرة من خلال أمرين: الأول وهو إتاحة الفرصة للمشاهدين، والسعوديين خاصة، لرؤية هذه الأفلام والحديث عنها، عند تقديمها من قبل نقاد وفنانين ومحكمين في سابقة لم تحدث من قبل. أما الأمر الثاني، الذي تبدو أهميته متجهة بشكل مباشر لصانع الفِلم نفسه، فيتمثَّل في دعم مجموعة من المخرجين بمبالغ مالية، تُعد كافية إلى حد كبير، من أجل إنجاز فِلم قصير بمستوى جيد تقنياً ومن ثم عرض الفِلم لاحقاً للمشاهدة الجماهيرية.
1023في الأمر الأول قامت شركة «روتانا» بتولي زمام هذه المهمة بشكل جيد، من خلال إقامة مهرجان للفِلم السعودي يُعرض عبر القناة الفضائية، باعتبار أن المهرجانات السينمائية بصيغتها التقليدية توقفت منذ إلغاء مهرجان جدة للأفلام عام 2009م. ولذا، تبدو هذه الطريقة هي الأنسب حالياً، حيث يقوم المخرجون بتقديم أفلامهم للمهرجان. وبعد اتفاق لجنة متخصصة على عدد الأفلام التي يتم قبولها للدخول في مسابقة هذا المهرجان، قامت القناة بعرض برنامج المهرجان بشكل يومي في دورته الأولى عام 2012م، وأسبوعي في دورته الثانية عام 2013م. وتقوم فكرة البرنامج / المهرجان على تقديم أكثر من عشر حلقات، لمدة تقارب الساعتين للحلقة الواحدة، يتم فيها عرض مجموعة معينة من الأفلام المشاركة مع تعليق لجنة التحكيم بعد عرض كل فِلم. ومن ثم في نهاية المهرجان يتم توزيع الجوائز على الفائزين بناء على اختيار لجنة التحكيم وتصويت المشاهدين. وبالتأكيد شكَّل هذا المهرجان، بصيغته الفضائية هذه، حافزاً جيداً لعدد من المخرجين لتحسين مستوى أفلامهم وتشجيعهم أيضاً على سماع آراء الآخرين في أعمالهم وتقييمها، وهو ماينعكس في النهاية إيجابياً على الصناعة ككل.
أما الأمر الثاني الذي تمثَّل بالدعم المالي المباشر، فقد تولته شركة «الهدف» كمنتج لقناة «ام بي سي»، ممثلة برئيسها الفنان ناصر القصبي الذي استعان بالخبير في مسيرة الفِلم السعودي الأستاذ رجاء المطيري ليشرف على هذا المشروع الضخم وغير المسبوق، فتم اختيار خمسة عشر مخرجاً سعودياً من أجل تنفيذ ثلاثين فِلماً قصيراً، بمعدل فِلمين لكل مخرج، وبتكلفة مادية تتجاوز مليونين ومائتي ألف ريال. وهذا ما أثمر في النهاية ثلاثين فِلماً تقريباً، يمكننا أن نقول إن عشرة أفلام منها قد تكون من أفضل الأفلام السعودية القصيرة بشكل مطلق. وفي غيرها من الأفلام يمكننا ملاحظة مستوى من الجودة العالية تقنياً وبصرياً والجهد المبذول من المخرجين حينما يتوافر مثل هذا الدعم المادي في الإنتاج.
071182242213الخطوة الأخرى التي تشارك فيها «ام بي سي» «روتانا» في هذه المرحلة، كانت في تقديم هذه الأفلام للعرض الفضائي أمام الجماهير. فتم مؤخراً تسجيل برنامج «بعيون سعودية»، المؤلف من خمس وعشرين حلقة، ويعرض فِلماً في كل حلقة، بحضور المخرج أمام لجنة تحكيم مكوَّنة من عدد من كبار السينمائيين والنقَّاد العرب. ومن المتوقع أن يُعرض البرنامج على قناة «ام بي سي» قريباً.

أضف تعليق

التعليقات