قصة مبتكر
قصة ابتكار
ستيفاني كوالِك
الباركود
ولدت ستيفاني كوالِك في العام 1923م في ولاية بنسلفانيا الأمريكية. وكان حلمها الكبير أن تصبح طبيبة، لكن التكاليف الباهظة لدراسة الطب، أجبرتها على تأجيل ذلك الحلم. فالتحقت بجامعة كارنيجي ميلون لتدرس الكيمياء، وحصلت على درجة البكالوريوس في العام 1946م. وراحت تخطط لأن تعمل لفترة مؤقتة تستطيع خلالها أن توفر نفقات دراسة الطب.
بدأت ستيفاني عملها ككيميائية في معامل أبحاث شركة دوبون ، في ولاية نيويورك الأمريكية، في بداية العصر الذهبي لكيمياء البوليمرات.. بعد ثماني سنوات فقط على ظهور النايلون، أول مادة للألياف الصناعية تبصر النور، والتي عرف العالم معها ذلك النوع الجديد من المواد، والمجالات الهائلة والمتعددة التي يمكن استخدامها فيها بدءاً بصناعة الأقمشة والملابس وانتهاءً بسفن الفضاء.
كان عمل ستيفاني في دوبون ، يتركز حول تصميم تفاعلات كيميائية لتوليد بوليمرات جديدة، بخواص معينة. وكانت إحدى أهم المهام التي أوكلت لها، هي مهمة ابتكار نوع جديد من البوليمرات تتميز أليافه بالصلابة والوزن الخفيف، ويمكن استخدامه في تصنيع إطارات للسيارات تستهلك كميات أقل من الوقود. جربت ستيفاني أنواعاً عديدة من الجزيئات، لكن أحداً منها لم يحقق النتائج المطلوبة. ولذلك قررت أن تدخل إلى تجاربها جزيئات جديدة، وظروفاً جديدة للتفاعلات، وكانت المادة التي حصلت عليها مختلفة في مظهرها عن النواتج الأخرى المعروفة، فأرسلت عينات منها للمختبر المتخصص في دوبون ، لفحصها بدقة. وجاءت النتائج لتؤكد حدسها، وتثير دهشة زملائها، فالمادة الجديدة كانت أكثر صلابة بتسع مرات من أقوى مادة تم اختبارها من قبل.
بعد مرور سنوات قضتها ستيفاني كوالِك وفريق عملها في تطوير تلك المادة وتحسين خواصها، أعلنت معامل شركة دوبون عن توصلها إلى صناعة مادة بوليمرية جديدة تصلح للأغراض الصناعية، أطلقوا عليها اسم كفلار Kevlar . وسريعاً ما وجدت هذه المادة، طريقها إلى عالم الصناعة، فبدأ استخدامها في صناعة أجزاء الطائرات، ومركبات الفضاء، والجسور، وفي صناعة خوذات الأمان، وملابس رجال الإطفاء. لكن القدر الأكبر من الشهرة التي اكتسبها الكفلار، ترجع إلى استخدامه في صناعة السترات الواقية من الرصاص. إذ إن خواص تلك المادة جعلتها الخامة المثالية لتلك الصناعة.
أمضت ستيفاني كوالِك حياتها المهنية في معمل أبحاث البوليمرات في دوبون ، حتى تقاعدها في العام 1986م، بعد أن تولت منصب رئاسته. ولم يدع لها شغفها بعملها وتفوقها فيه، فرصة لتحقيق حلمها القديم بدراسة الطب. وعن شعورها بأنها أسهمت بعلمها في إنقاذ حياة كثيرين تقول ستيفاني: أشعر بأنني محظوظة.. فكثير من الناس يعملون طوال حياتهم، لكن لا تتاح لهم الفرصة لكي يكتشفوا شيئاً ينقذ حياة غيرهم من البشر .
هل تصورت يوماً أن تلك الخطوط السوداء والأرقام التي تراها على كل منتج تشتريه أياً كان نوعه لها مدلولات ومعانٍ؟!
تعتبر عملية تسجيل المواصفات لآلاف البضائع التي يتم بيعها يومياً على مختلف أنواعها من العمليات التجارية التي تتطلب الكثير من الجهد والوقت. لذلك كان لا بد من وجود طريقة تسهِّل عملية الكشف الآلي عن المنتج لمعرفة سعره واسم الشركة الممولة وغيرها من المعلومات التي تعرِّف به.
وكان أول الابتكارات في هذا المجال عام 1932م، عندما اخترع والاس فليت نظاماً يعرف بالكشف الآلي . ولكن، لم تكن تلك العملية كافية لإعطاء معلومات وافية عن منتج ما، الأمر الذي دفع كلاً من المخترِعَين نورمان جوزيف وورلاند وبيرنارد سيلفر عام 1949م إلى وضع طريقة أوتوماتيكية لجمع معلومات كافية أطلقوا عليها البار-كود . وقد كان شكلها عبارة عن سلسلة من الدوائر المركزية ثم تطورت لتصبح مجموعة من الخطوط العمودية. حتى أصبحت هذه الطريقة وسيلة مهمة في تسريع عملية الكشف على البضائع في محلات البيع في جميع أنحاء العالم، ثم تطورت في عام 1973م من قبل جورج لاورير. وكان متجر مارش في شروي أوهايو بأمريكا أول متجر يصدِّر منتجاً يحتوي على البار-كود ، وكان عبارة عن علكة بنكهة العرقسوس، وكان ذلك عام 1974م، ولأهمية هذا الاختراع فإن هذه العلكة معروضة في متحف أمريكا التاريخي سميثونيان .
يتكون البار-كود من جزءين، كل جزء يحتوي على 6 أرقام مصنَّفة كالتالي: في أغلب الأحيان يكون الصفر في الجزء الأول بشكل دائم حيث يرمز إلى المنتجات ذات الأوزان المختلفة كاللحوم مثلاً. أما الأرقام الخمسة التالية فترمز إلى المصنع المأخوذ منه. أما الخمسة أرقام الأخرى في الجزء الثاني فهي ترمز إلى المنتج والرقم السادس الأخير في هذا الجزء يفيد في التحقق من أن الأرقام السابقة قد تم نسخها بشكل صحيح. وبذلك أصبحت عملية تسجيل البضائع أسهل من أي وقت مضى.
ولكن كيف تتم عمليتا الكشف والتسجيل؟!.. عندما يتم الكشف على بضاعة معيَّنة عن طريق قارئ البار-كود فإن المعلومات المقروءة ترسل إلى الكمبيوتر الذي بدوره يقوم بالبحث في ملفاته عن الملف الخاص بهذا النوع من البضائع، حيث يحتوي هذا الملف على سعر المنتج، واسم الشركة المصنعة، ونوعية المنتج ووصفه، وكم بقي منه في المتجر أو المستودع... الخ.
وكما أن أنظمة الكمبيوتر في تطور سريع فإن البار-كود أصبح أمراً مهماً وضرورياً في مجال التطور الصناعي والتجاري في عصرنا الحالي، حتى إنه يستخدم أيضاً في الكثير من الوثائق العسكرية. ومع كثرة استخدام البار-كود يكثر تطور البرامج التي تخدم الكثير من الشركات ومتاجر التسوق في هذا المجال.
|