لا أعتقد أن ثمة تساؤل يمكن أن يحلق بالمبدع في سماوات الألق ما لم يكن سؤالاً ذاتياً ووجودياً بالدرجة الأولى. وماهية الوجود ليست قيمة عالية في فضاءات الشاعر ما لم تكن الفرادة والخصوصية بصمتها الفارقة في أفق الإبداع والتجلي والتحليق. ومن هنا ينطلق الشاعر بنصه في رحلة بحث طويلة،ليست رحلة بحث عن المعنى بقدر ماهي رحلة بحث عن ملامح الشاعر في معناه الذي أراده وبنى فكرته سؤال. السؤال ثيمة تجدد لا تنتهي، فهي مفتاح لعوالم شتى لا تكترث بالسائد والمهادن إجابة باردة في ضمير العالم
سأسألُ قلبيَ وليرتجلْ
لغةَ البوحِ وحدهْ.
سأسألهُ حالما تطفرُ الروحُ رغبتها
حالما تتباسقُ –في بهجةٍ –
من فضاء التجلي
سأخلي لها
نزعةً
نزعتينِ
وأربكها حالما يصهلُ اللونُ فيها
وأخليْ لها كلَّ ما عزفَ
الشعراءُ على وترِ الحسِ
دونَ اقتفاءِ براءاتهمْ
إن لي كلَّ عدليْ وميليْ.
أنا طائرٌ في سماواتِ ظليَ
أسألُ عن لغةٍ
لا يجرجرُها الشعراءُ
وعن مبدأٍ واضحٍ في التخليْ
أنا صورةٌ غربتها الأناملُ
عن لوحةٍ أشعلتها السنابلُ
آنَ تصليْ
أنا حين قلتُ
أنا كنتُ أشعرُ أنَّ البياضَ
يبلِّلُ أحزانَهُ
والنوارسُ تطفئُ أفراحَها
والمدى لا يهادنُ – في رعشةٍ-
من غيابِ الحقيقةِ ظليْ.
أنا كنتُ أغنيةً رددتها المصابيحُ
حينَ دخلتُ إلى وردةٍ
من بنفسجَ أقطفُها
ثم غابَ السؤالُ على شفتيَّ
وقلتُ لعليْ
فأيُّ سؤالٍ سنحملُهُ
في صقيعِ الإجاباتِ يقتلنا؟
فليكنْ
لا سؤالَ لنا
لا فضاءَ لنا
والإجاباتُ مأخوذةٌ
بالشكوكِ الكثيفةِ
والألقِ العذبِ
دافئةً كعيونِ الغريبةِ
يشرقُها الدمعُ
دمعُ التسليْ
إذنْ فلتكنْ للسؤالِ
شظاياه ساخنةً
ولتكنْ لي أنا بعضها
فأنا بتُ نافذةَ الآخرينَ
أطلُّ على صورتيْ
والنوافذُ يغلقُها
الآخرونَ لِذَلِيْ.