بيئة الإنسان تبدأ من بيته. ولأن نظافة البيت تبقى اهتماماً رئيساً لساكنه، فإن طائفة متعاظمة من مواد التنظيف المضادة للبكتيريا بدأت تغزو بيوتنا، وتزيد الإعلانات الترويجية لها من إغرائنا على استخدامها.
الأستاذة في علم الأحياء والجراثيم سمر خازندار توضح النصاب الصحيح الذي يجب أن توضع فيه هذه المنتجات، وتحذر من مخاطر الإفراط في استعمالها.
بما أن جميع الناس يودون أن تكون بيوتهم وأبدانهم نظيفة، فإنهم يستخدمون مختلف أنواع المنتجات المضادة للجراثيم، مثل الصابون والملطفات وسوائل غسل الأطباق ومنظفات الحمامات. وخلال السبع سنوات الماضية، وصل عدد المنتجات المحتوية على مواد مضادة للجراثيم والمصممة للاستخدام المنزلي إلى أكثر من 700 منتج. ومن المنتجات الجديدة التي اقتحمت هذا المجال منظفات النوافذ، والحاويات البلاستيكية لحفظ الطعام، والمراتب، والوسائد، والشراشف، والمناشف، والصنادل وأعواد تناول الطعام (لجميع محبي الأطعمة الصينية).
وانتشرت الإعلانات عن هذه المواد بشكل واسع. وأصبحت الكلمات مثل البكتيريا و”البقات الخطرة” والفيروسات القاتلة شائعة الاستعمال وتدل على خطر يود الناس استئصاله من محيطهم. واستجابة لهذه الإعلانات، تضاعف عدد الأشخاص الذين يشترون هذه المنتجات لأنهم يعتقدون أنها تمنح الوقاية الصحية لهم ولعائلاتهم.
ما هو رأي العلماء
1 – عندما يتم استخدام المواد المضادة للجراثيم المضافة إلى مواد التنظيف المنزلية المختلفة بطريقة صحيحة، فهي تماثل المضادات الحيوية. وقد تم تصميم هاتين المادتين للقضاء على البكتيريا وليس الفيروسات.
2 – عندما تستخدم هاتان المادتان بطريقة غير صحيحة أو بصورة مفرطة لفترات طويلة، فإنهما قد تؤديان إلى ظهور سلالات جراثيم مقاومة. ولا تتعلق هذه المشكلة بالمواد التي لا تترك بقايا (مثلاً الكحول والمبيضات والبيروكسيدات).
3 – لا توجد بيانات في الوقت الحالي تبين أن هناك أية فوائد صحية لاستخدام المنظفات المضادة للبكتيريا في المنازل. وقد نصحت المنظمات الدولية، مثل منظمة الصحة العالمية، والمراكز الأمريكية لمراقبة ومنع الأمراض والجمعية الطبية الأمريكية، المستهلكين بتفادي الاستخدام الزائد “لأنواع الصابون والملطفات والمنتجات المنزلية الأخرى المضادة للجراثيم”.
فمن المستحيل أن نعيش حياة تخلو من الجراثيم. وترك بوصة مربعة واحدة على منضدة المطبخ دون رشها بالبخاخ المضاد للبكتيريا يجعلها، دون مبالغة، تحتوي على ملايين البكتيريا. وثمة نقطة أخرى ينبغي أخذها في الاعتبار هي أن معظم الناس لا يدركون أنه لكي يتسنى لهم القضاء على الجراثيم لا بد لهم أن يتركوا المادة المضادة للبكتيريا على السطح دون مسح لأكثر من عشر دقائق. ومن الناحية العملية، فإن معظم المنتجات المضادة للجراثيم لا تستخدم بطريقة صحيحة لتحقيق أهدافها.
ولذا، فإن بالنسبة إلى ملايين الأشخاص الذين يسعون إلى البقاء نظيفين، تظل مسألة استخدام مواد التنظيف المضادة للجراثيم قراراً مربكاً. فمن جهة، نجد أن إعلانات مواد التنظيف المضادة للجراثيم تخبرنا بأن القضاء على %99.9 من الجراثيم في منازلنا أمر جيد. ومن جهة أخرى، نجد العلماء يخبروننا بأن استخدام مضادات البكتيريا قد لا يكون شيئاً جيداً. وفي دراسة عن الميكروبات الدقيقة أجرتها كلية الطب في “جامعة تفتس” بالولايات المتحدة الأمريكية، حيث فحصت فيها المطابخ والحمامات في 38 منزلاً، تبين لها وجود اختلاف بسيط في مستويات البكتيريا أو مستويات مقاومة المضادات الحيوية، بين المنازل التي استخدمت المنتجات المضادة للجراثيم والتي لم تستخدم (تم العثور على معظم البكتيريا في إسفنج التنظيف المستخدم في المطبخ).
السبل المأمونة
ووفقاً لتيري توماس، محلل مواد بيئية في الولايات المتحدة الأمريكية، فإن هناك طرقاً للمحافظة على منزلك نظيفاً وعائلتك مأمونة بخفض استخدام المنظفات المضادة للجراثيم، ومنها:
غسل اليدين تماماً ودائماً، وهو أمر بالغ الأهمية.
إبعاد اليدين عن الوجه، لأنهما تجمعان وتنقلان معظم البكتيريا.
الصابون القديم العادي والماء الساخن أفضل مادتين لغسل اليدين والجسم والأطباق.
استخدام ألواح تقطيع منفصلة للحم والأطعمة غير المطهية، مثل الفواكه والخضروات التي قد لا تُطهى قبل تناولها.
غسل جميع الفواكه والخضروات وتجفيفها تماماً. وغسل جميع أسطح المطبخ والأطباق والأواني في ماء ساخن وصابون، والتأكد من تجفيفها تماماً. ووضع كل شيء، إن أمكن، في ماكينة غسل الأطباق (بما في ذلك ألواح التقطيع).
عدم مسح المناضد بقطعة الإسفنج المبللة في الحوض، لأنها قد ترسب مزيداً من البكتيريا على سطح المناضد. وتشكل قطع الإسفنج الرطبة أرضية مواتية جداً لتوالد البكتيريا. لذا ينبغي في كل مرة تشغل فيها ماكينة غسل الأطباق، غسل قطعة الإسفنج المستخدمة في المطبخ مع الأواني الأخرى أو تغيير خرقة غسل الأطباق كل يوم بأخرى نظيفة.
إذا تقرر استخدام المنظفات المضادة للجراثيم، فيجب استخدامها باعتدال.
وأخيراً يجدر القول: “يجب أن نتذكر أننا نعيش في عالم البكتيريا، وليس العكس”. واستخدام المنتجات المضادة للبكتيريا بصورة جيدة، واستخدام المضادات الحيوية الجيدة، واستعمال المعالجات لفترات قصيرة وتجنب الاستخدام غير الجيد، يؤدي إلى عودة البكتيريا سريعة التأثر بالمضادات الحيوية ومن ثم إيجاد بيئة أكثر أماناً.