اطلب العلم

الأخطاء المخبرية الطبية

اكتسبت أخطاء المختبرات الطبية في الآونة الأخيرة زخماً كبيراً من الاهتمام وذلك لأهمية الدور المخبري في التشخيص الطبي، الأخطاء المخبرية الطبية تقع بصمت قبل إجراء التحليل وخلال إجرائه أو بعد ذلك، وقد رُسّخت أسس ضبط الجودة الداخلية والخارجية لضمان صحة سير العمل التشخيصي من ألفه إلى يائه ليحصل المريض والطبيب على خدمة ذات مستوى عالٍ من الدقة تساعد في إيضاح الطريق للعلاج. وقد أشارت الإحصاءات أن 13 – %32 من الأخطاء المخبرية تحصل خلال التحليل المعملي والباقي قبل التحليل أو بعده، وأكثر الأخطاء ما يحصل قبل التحليل.
ويُقصد بمرحلة ما قبل التحليل المرحلة التي تُؤخذ فيها العينات من المريض وتُكتب تفاصيل الاسم وغيرها على الأوعية التي تحتوي على العينات.. وفي هذه المرحلة أيضاً تُفصل الخلايا عن المصل الدموي للفحوصات التي تتم على المصل. وفي هذه المرحلة أيضاً يتم اختيار الأنابيب المناسبة للفحوصات بما تحتويه من مضادات للتجلط.. وفيها أيضاً يستخدم الرباط الضاغط لتسهيل سحب الدم، ومعروف أن الرباط الضاغط يؤثر على بعض النتائج المخبرية، وفي هذه المرحلة أيضاً قد يحدث تكسر للخلايا الدموية الحمراء مما سينعكس لاحقاً على نتائج مخبرية كثيرة.
ومن الأمثلة الشائعة على أخطاء ما قبل التحليل عدم تطابق الاسم المسجل على العينة مع المريض الذي أُخذت منه تلك العينة، وقد جاءت أنظمة الرموز المحوسبة وقارئاتها الضوئية لتقليل هذه الأخطاء ولكنها ما زالت في العالم العربي عالية التكلفة قليلة الانتشار. لقد جاءت التكنولوجيا الحديثة خادمة لكل جوانب الأعمال المخبرية مما قلل من الخطأ المخبري في المختبر الطبي.
إن العاملين في المختبرات الطبية يسعون بكل جهد لتقليل الخطأ مهما كان مصدره ولكن هذه حالة مثالية من الصعب الوصول إليها وإنما يمكن الاقتراب من القيمة الدقيقة للنتيجة المخبرية أكثر ما يمكن.
أما الأخطاء التي تحصل خلال التحليل المعملي فقد تكون ناتجة عن خلل في المحاليل المستعملة أو خلل في الأجهزة، أما الأخطاء التي تحصل بعد التحليل فقد تكون كخطأ في كتابة النتائج الرقمية أو تبديل بيانات متشابهة إلى حد كبير… وثمة أخطاء عشوائية تقع بالصدفة ولكن على المؤسسة الطبية والمختبر الطبيي اتخاذ كافة الإجراءات الكفيلة بعدم حدوث مثل هذه الأخطاء وكمثال على ذلك تسمية غير دقيقة للفحص المطلوب للمريض. وإجمالاً قد تحدث أخطاء مخبرية جذورها خارج المختبر.. فالمختبرات في المراكز الشفائية الكبيرة تستقبل العينات من مختلف الأقسام.. حيث يقوم بجمع العينات ممرضون مؤهلون.
أما داخل المختبر فمسموح فرق منطقي في نتيجة فحص لنفس العينة عند تكراره في نفس الوقت وفي نفس المختبر.. ومسموح فرق عند الإعادة لنفس العينة في مختبر آخر وقد حددت المصادر العلمية هذه الفروقات المسموحة لكل فحص ولكل حالة.
بعض الفحوصات لها نتائج ثابتة عموماً وبعضها تتغير نتائجها تبعاً لحالة المريض وتطور المرض لديه وما يتناوله من علاجات وأغذية.. وهناك فحوصات لها نافذة تشخيصية، أي يجب عملها في زمن معين بعد العرَض الذي يصيب المريض لتظهر النتيجة الصحيحة.. وأي أعمال مخبرية قبل ذلك ستعطي نتائج خطأ. وتضيف تكنولوجيا اليوم خطأ مخبرياً جديداً هو زمن الانتظار، فالأطباء والمرضى وصالات العمليات كلهم حاكمهم الوقت ولوائح الانتظار الطويلة مما يجعل المختبرات في بحث دائم عن تكنولوجيا سريعة بالنظر إلى الدقة.
إن قياس مشكلة أخطاء التحاليل المخبرية مسألة ليست بالسهلة، ومن هنا جاءت ضرورة إلزامية مراقبة الجودة وهي مقياس لدقة أو مدى جودة نظام القياس ليعيد إظهار نفس النتيجة تقريباً مع مرور الوقت وتحت ظروف التشغيل المختلفة. وجاءت شهادات الاعتمادية لتوحيد إجراءت وسياسات العمل المخبري مما ساعد على تقليل الأخطاء ورفع مستوى التوثيق ودقته وصارت المختبرات بمجملها تعمل بلغة واحدة تقريباً. وعلى إدارة المختبر أن تتمتع بالتواصل الجيد ما بين المختبر وبقية العاملين في المؤسسة الطبية وخصوصاً الأطباء وبقاء الخطوط مفتوحة لتسهيل وصول المعلومة بكلا الاتجاهين مما يساعد على تقليل الوقوع في الأخطاء المخبرية.
إن %75 من الأخطاء التحليلية يكون أثرها قليل على القيمة المخبرية واسعة الفترة المرجعية الطبيعية للمريض مما يجعل نسبة قليلة فقط من الأخطاء المخبرية تؤثر فعلياً على صحة المريض.. وهذا ليس لتقليل الاهتمام بالنتيجة المخبرية والمريض وإنما هو ناتج عن كون النتيجة المخبرية جزء من سلسلة من المعلومات يجمعها الطبيب المعالج عن المريض ويقف مليّاً قبل اتخاذ القرار التشخيصي والعلاجي.. هذا الوقوف فيه دائماً فرصة للتركيز أكثر ومراجعة حثيثة للنتيجة المخبرية.
ومما لا شك فيه أن التدريب الجيد وبرامج الجودة الداخلية والخارجية والتكنولوجيا الحديثة تقلل من الأخطاء المخبرية.. وهذا لا يعفي المختبرات من جمع المعلومات وكتابة تقارير الحوادث للمساعدة في تحليل الأخطاء ووضع الحلول للأخطاء المخبرية.

أضف تعليق

التعليقات

Deraria hassan

كيف اتأكد من صحة نتائجي