ديوان اليوم

أحمد علي المنعي

يستضيف هذا الباب المكرّس للشعر قديمه وحديثه في حلته الجديدة شعراء أو أدباء أو متذوقي شعر. وينقسم إلى قسمين، في قسمه الأول يختار ضيف العدد أبياتاً من عيون الشعر مع شروح مختصرة عن أسباب اختياراته ووجه الجمال والفرادة فيها، أما الثاني فينتقي فيه الضيف مقطعاً طويلاً أو قصيدة كاملة من أجمل ما قرأ من الشعر.. وقد يخص الضيف الشاعر القافلة بقصيدة من آخر ما كتب.

ضيف العدد
الشاعر أحمد علي المنعي
مهندس كهربائي من مواليد تبوك 1402هـ. حاصل على عدد من الجوائز الأدبية.
شارك ضيفاً في إحدى أمسيات نادي المنطقة الشرقية الأدبي سنة 1425هـ، وفي الأحساء 1426هـ، وفي أمسية قصور الثقافة بكفر الشيخ بمصر عام 1428هـ. نشر في بعض الصحف المحلية.

ويسألونك عن روح الشعر
كلما أفقت من نشوة قصيدة، سألتُ سؤال المفتون الجاهل، أي شيء في الشعر يأخذ باللب فيأسره، ويعزف على وتر الروح فتخف وتتعب؟ ففي الشعر أسرار لم يكشف أستارها أحد، ولم يعرف كنهها أحد، وبعد كل سؤال، أجدني هارباً إلى حقيقة لا تجيبه لكنها تسكته عني.. فهل لي أنا أحاول الإجابة هنا؟

الشعر الحياة والموت.. وتعلق الكلمة بروح قائلها مسيراً ومصيراً، مات ابن زريق غماً -في قصته المعروفة- وترك بجانبه روحَه مكتوبة في قصيدة، يناجي فيها زوجته التي أحب، وقد منعته من السفر فلم يطعها، يتيمة ابن زريق هذه كأنها السفود وكأن روحه القطن، تجد في طرف كل بيت منها علائق من روحه الممزقة:
لا تَعذَلِيــــه فَإِنَّ العَـــــذلَ يُـــــولِعُهُ قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
جاوَزتِ فِي لومه حَـــــداً أَضَـــرَّبِهِ مِن حَيثُ قَدرتِ أَنَّ اللوم يَنفَعُهُ
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ الدهرِ أَضلُعُهُ
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ
ما آبَ مِن سَـــــفـــــَرٍ إِلّا وَأَزعَــــــجَهُ رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ
كَأَنَّــــما هُوَ فِي حِـــــلِّ وَمُــــرتـحــــلٍ مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ

****
والشعر الغضب.. وأشد الغضب ما كان مزاجه القهر، انفجر به شاعر العرب الجواهري، راثياً أخاه جعفر إثر مقتله:
أتـعــــــــــــلَــــــمُ أمْ أنـــــــــتَ لا تَــعْــــــــــلَـــمُ بأنَّ جِرَاحَ الضَّحَايَا فَمُ
فــــــمٌ ليْــــــسَ كالمُــــــــدَّعِيْ قَــــــــوْلَةً ولَيْسَ كآخَرَ يَسْتَرْحِمُ
يَصيحُ على المُدْقعينَ الجِــــــيَاعِ أرِيْقُوا دمَاءَكُمُ تطْعَمُوا
ويهــــتـــــفُ بالنَّـــفَــرِ المُهـــطِـــعِين أهِينُوا لئامَكُمُ تكرمُوا

****
الشعر العراق.. تعانَقَا معاً قبل أن يعرف التاريخ نفسه، فثَمَّ حضارة الكلمة التي لا تموت، ولقد تفنن فيها أهل العراق فصاروا في ذلك قِبْلة، حتى كأن كلَّ عراقي شاعرٌ طبعاً، ليحيى السماوي في إطلالته على السماوة بعد عقدين من اغترابه، من قصيدته (يا صابراً عقدين):
لا يُخطئُ القلبُ الترابَ.. شَمَمْتُه فتَعَطَّرَتْ بطيوبِه نَبضاِتي
وهناك بُسْتانِ «الإمامِي» والذي عَشِقَتْ نُعُومَةَ طِيْنِه خطواتِي
النَّخْـــــلُ نَفْـــــسُ النَّــــخْلَِ..إلا أنَّه مُسْتَوحِشُ الأعْذاقِ والسَّعفاتِ
لكَأنَّ سَعْفَ النَّخْلِ حَبْلُ مَشِيْمَةٍ شُدَّتْ بِهِ رُوحِي لطِيْنِ فُراتِ

****
والشعر الصورة.. أبصرها البردوني وهو الكفيف فكأنه بها أبصر العالمين :
وكأنّ رُوحِــــــي شُعْـــــلةٌ مجنـــــونةٌ تَطْغَى فتُضْرِمُني بما تتَضَرّم
وكأنّ قلبي في الضـــــلوعِ جَنَازةٌ أمْشِي بها وَحْدِي و كلّي مَأتَمُ
أبْكِي فتبْتَسِمُ الجِرَاحُ مِنَ البُكَا فكأنّها في كلِّ جَارِحَةٍ فَمُ

****
وفي ذلك أيضاً، بيت بشار بن برد الأعمى كذلك، وهو يصور مشهده الخالد بـ «كاميرته»، ويرسمها بكلمته:
كأنَّ مثـــــارَ النَّقْــعِ فوقَ رُؤوســــِنَا وأسيافَنا لَيْلٌ تهاوى كَواكِبُهْ

****
والشعر الإحساس بالأرواح، عذاباتِها وسرورِها، تلبّس هاشم الرفاعي -وهو اليافع العبقري- روح اللاجيء الهرم، وهو يوصي ابنه:
أنا يا بُنيَّ غداً سيطوِينِـي الغَسَـقْ لمْ يَبْقَ مِنْ ظِلِّّ الحياةِ سِوى رَمَـقْ
فإذا نَفَضْتَ غُبارَ قبْرِي عَـْن يَـِدكْ ومَضيتَ تلتَمِسُ الطريقَ إلى غـَدِكْ
فاذكرْ وصيةَ والدٍ تَحْـتَ التُّـرَابْ سلبـُوهُ آمـالَ الكهولـةِ والشبـابْ

****
والشعر إحياءٌ بعد موت، وانتصار بعد هزيمة، صُلِب الوزير ابن بقية ميتاً، فكانت قصيدة الأنباري في رثائه حياة له بعد هلاك، وخلوداً بعد فناء، وما ذلك لولا عبقرية الأنباري، وهو يجعل لكل صورة معنى ممجداً، وقيمة كريمة:
عُلُوٌّ في الحــياةِ وفي المماتِ؟! لحَقّاً أنتَ إحْدَى المُعجزاتِ
كأنَّ الناسَ حَوْلــــكَ حِينَ قامُوا وفُودُ نَداك أيَّامَ الصِّلاتِ
كأنَّـــكَ قــــائمٌ فيــــهمْ خَـــــــطـــــــيباً وكلُّهُمُ قِيَامٌ للصَّلاةِ
مَدَدْتَ يَدَيْـــــكَ نَحْوَهُمُ احْـــتفـاءً كمَدِّهِمَا إليهمْ بالهِبَاتِ
ولما ضاقَ بَطْنُ الأرْضِ عنْ أنْ يَضُمَّ عُلاك مِنْ بَعْدَ الوَفاة
أصاروا الجَوَّ قبْرَكَ واستعاضُوا عَنِ الأكفانِ ثوْبَ السَّافياتِ

****
والشعر الفكرة.. لا شيء إلا الدهشة بين يدي ابتكارٍ مُحدث، كالإلهام يلقيه الله في الشاعر فيخرج على الدنيا بما لم تسمع به من قبل من ظريف القول وجديده، وللعشاق في ذلك فن، من ذلك:
بَكـــــَتْ عَيْـــنِي غَــداة البَيْنِ دَمْــعاً وأخْرَى بالبُكَا بَخِلتْ عَلينَا
فعـــاقبْـــتُ التي بالدمْـــعِ ضَــــنَّتْ بأنْ أغمَضْتُها يَوْمَ التَقيْنَا

****
والشعر ذكرى من التاريخ.. وأنسام الفراديس المفقودة، يقرأ القارئ من قصائد الأيام ودوائرها ما يأخذه إلى هناك، فهو من السيارة في سكك المدن، أو من الندماء في قصور الخلافة، يشهد ويسمع، لعمر أبي ريشة (غادة من الأندلس) فيه من نجواها:
وأجَــــــــابتْ: أنــــــــا مِنْ أنـــــــــــدلسٍ جنَّةِ الدنيا سهولاً وجبالا
وجُــــدودِي، ألمـــح الدهــــــر على ذكرِهِمْ يطوِيْ جَناحَيْه جَلالا
هؤلاء الصِّـــيد قَـــوْمي فانتسِبْ إنْ تجِدْ أكرمَ مِنْ قَوْمِي رِجَالا
أطْــرَقَ الطَّــرْفُ، وغَامَتْ أعْيُني بِرُؤاها، وتَجَاهَلْتُ السُّؤَالا

****
وأحسب أن نزار -وإن بدت ذات الفكرة والمشهد- كان أجمل وأبلغ:
ومَشَيْتُ مثل الطفلِ خلفَ دليلتي وورائِيَ التاريـخُ كومُ رَمَـادِ
الزَّخـرفاتُ.. أكادُ أسمعُ نبْـضَها والزركشاتُ على السقوفِ تُنَادِي
قالتْ: هنا «الحمراء» زَهْوُ جُدُودنا فاقْـَرأْ على جُـدْرانِها أمْجَادِي
أمجادُها؟ ومَسَحْتُ جُرْحاً نـازِفاً ومَسَحْتُ جُرْحاً ثَانِيَاً بِفُـؤَادِي
يا لَيْتَ وارِثَتِي الجمـيلةَ أدْرَكـَتْ أنَّ الـذينَ عَنَتْـهُمُ أجْـدَادِي
عانَــــــقْتُ فيهـا عنـدما ودَّعْــــــــتُها رَجُلاً يُسَمَّى: «طارقَ بنَ زيادِ»

****
والشعر الكبرياء.. أنفت به روح أبي فراس فكان مِنْ أنَفَه سنةً لأهل الهوى:
أرَاكَ عَصِيَّ الدّمعِ شِيمَتُكَ الصّبرُ، أما للهوى نهيٌّ عليكَ ولا أمرُ؟
نعـــم أنا مشـــتاقٌ وعنديَ لوعةٌ، ولكنَّ مثلي لا يذاعُ لهُ سرُّ!
إذا الليلُ أضواني بسطتُ يدَ الهوى وأذللتُ دمعاً منْ خلائقهُ الكبرُ
تَكادُ تُضِيءُ النّارُ بينَ جَوَانِحِي إذا هيَ أذْكَتْهَا الصّبَابَةُ والفِكْرُ
معللتي بالوصلِ، والموتُ دونهُ، إذا مِتّ ظَمْآناً فَلا نَزَل القَطْرُ!

****
والشعر الوفاء.. بلغ المتنبي منتهاه -وكم من منتهى بلغه أبو الطيب- إذ يقول:
خُلِقْتُ ألَُوفاً لو رَجعْتُ إلى الصِّبَا لفارقْتُ شَيْبِي مُوجَعَ القلْبِ بَاكِيا

****
والشعر الفقد.. ينساب من قلب التهامي لوعة وحكمة في رثائه لابنه المتوفى شاباً:
أبكيـــهِ ثم أقـــــولُ معتــــــــذراً لـــــه وُفِّقتَ حين تركتَ ألأَمَ دارِ
جــــاورتُ أعــدائي وجــــــــاورَ ربّــــهُ شتّان بين جوارهِ وجواري
أشـــكو بُعادك لي وأنـت بموضعٍ لولا الرّدى لسمعتَ فيه سراري
والشرقُ نحو الغرب أقربُ شُقَّة من بُعدِ تلك الخمسة ِ الأشبارِ
هيهاتَ قد علقتك أشراكُ الردى واعتاقَ عمركَ عائقُ الأعمارِ
ولقد جريتَ كما جـــريتُ لغايةِ فبلغتها وأبوك في المضمارِ

****
ومن ذلك أيضاً مرثية ابن الرومي الشهيرة في ابنه:
بكاؤكُما يشفي وإنْ كانَ لا يُجْدِي فجُودَا فقدْ أودْى نظيركمُا عندِي
بُنَيَّ الذي أهــدَتْهُ كفَّـــايَ للثَّرَى فيا عِزَّةَ المُهدَى ويا حسرة المُهدِي
ألا قاتَــــلَ اللَّهُ المنـــــــايَا ورَمْيَهــا مِنَ القومِ حَبّات القلوبِ على عَمدِ
توخَّى حِمَامُ الموت أوسَطَ صِبْيَتي فلله كيف اختارَ واسطةَ العقدِ

****
وبعد..
هل في ذلك سعة من جواب لسؤال سألتُه؟

ذكريات على جدار الحي

الشارع

وفِي الشارعِ النائِمِ المستفيقْ ..
أحِسُّ برُوحِي كإسْفِلْتِهِ ..
نَدَاها تَسَرَّبَ بينَ الشُّقوقْ !
ولمْ يَكُ هذا الطريقُ كهذا ؛
لقد كانَ يحْمِل رُوحاً وقلباً ..
نُحسّ به ويُحسّ بنا ..
فنمشِيْ الهوينَا حَناناً عَلَيْهْ ..
ويَحْمِلُ خُطْوَتَنا بيَدَيْه!
وما زلتُ أذكُرُ..
حينَ أمَازحُهُ: «يا صَدِيقْ»..
نَموت ُوتَبقَى ..
تُحَدِّث أحفَادنا عن خُطانا..
وهمْ يُنْصِتون..
كإنْصَاتنا حين حَدَّثتَنا عَنْ جُدُودٍ
حَفِظْتَ مَواطئَ أقدامِهِمْ ..
حين كانوا يَعسُّون في ظلماتِ
الدُّجَى لأداءِ الصلاةْ..
«نموتُ وتَبْقى»..!
كذلك مازَحْتُه، لَيْتَ شِعْريْ..
فأينَ صديقي الرحيمُ الرفيقْ..
وليس أمامي سوى قَطِرَانٍ وزَيْتٍ وقَارْ..
تغَيَّر هذا الزمانُ علينا
وماتَ الطريقْ..!

البيوت

على الجَانِبَينِ ..
تُرَصُّ البيوتُ..
كما رُصِفَتْ في العزاءِ الصُّفُوفْ ..
فيا للبيوتْ ..
تَمُرُّ بأبوابها الرِّيْحُ عَجْلَى ..
فتجْمَع منها غبَاراً قليلاً ..
وتذرو عليها غبَاراً قليلاً ..
وبينهما لُغَةٌ مِنْ سُكُوتْ ..!
أُسَائِلُ أبوابَها المْغلقَاتْ ..
وهُنَّ الأنيقات ..
في حُلّة مِنْ نقُوُش ..
لماذا التزَيُّنُ للناظرينَ ..
إذا كانَتِ الرُّوحُ رُوحاً قبيحَةْ ..؟!
لِمَ الضِّيقُ يخنُقُ في كلِّ يَومٍ نُفُوساً ..
مَسَاكنِهُا في البيُوُتِ الفَسِيحَةْ ..؟
وبالأمْسِ ..
كلُّ المَصَاريعِ مُشْرَعَةٌ للضيوفْ ..
وكل المَجالسِ مشروحَةٌ كاْنِشَراحِ الصدورْ ..
تُحبُّ اجتماعَ الرِّجَالِ لدَيها ..
ودِفْءُ المَوَدةِ يِطْغَى عَليها ..
تُعَطِّرُه قهوةٌ وبخُورْ ..
وما عاد مِنْ صِلَةِِ الأمْسِ إلا ..
غَليلُ النُّفوسِ ..
وشُحُّ الكفوفْ .. !

الشبابيك

سُجونٌ ..
سُجونْ ..
وفي كُلِّ زِنزانةٍ ثَمَّ رُوحٌ ..
يُعَذِّبُها الصَّمْتُ حَدَّ الجنونْ ..
ويمتَصُّ منها رَحيقَ الحَياةِ ..
إلى أن تَجِفَّ ..
وتذوي كَمَا يَابِسَاتِ الغُصُونْ .. !
تُطِلُّ الشَّبِابيكُ صَامتةً ..
فأقْرَأُ فيها كَلاماً أليماً ..
عَمِيقَ الشُّجُونْ ..
لأنّ الشبابيكَ مثلُ العُيُونْ ..!
وحِينَ تفيضُ الدموع بِها ..
وتهْمِيْ .. تَئِنُّ بأوصَابِها ..
إذا بالستائر تُرْخِي عليها قِماشاً غَليظاً ..
لئلا تبَوُح ..
لأنَّ الستائر مِثلُ الجفونْ ..!

المسجد

وبينَ يَدَيْكَ وَقَفْتُ بشِعري ..
وكلُّ الزمانِ بداركَ واقِفْ ..
مهِيبٌ وَقارُك يا شَيْخَنَا ..
إذا ما أصَخْتُ السَّمَاعَ له ..
سَِمعتُ صدىً فِيْ أقاصي كياني ..
له لحْنُ جُرْحٍ ..
وغُربَةُ رُوحٍ ..
وزَفرةُ نَازِفْ ..!
تُراكَ تَحِنُّ لأصْحَابِكَ الأقْدَمِينَ ..
شُيُوخٌ قد اشْتَعَلَ الشَّيْبُ مِنْهُمْ ..
مَجَالِسُهُمْ في الصُّفُوفِ الأوَائلِ ..
تَسْبِيْحُهُمْ كهَدِيلِ الحَمَامْ ..
وفي كُلِّ عامْ ..
يَمُرُّ الفَنَاءُ ..
ويأخُذُ شَيْخاً نَقياً تَقياً ..
كثيرَ الدعاءِ قليلَ الكلامْ ..
لقد مَاتَ جَدِّي ..
وصَاحبُ جدي ..
وإذ بالمَصَاحِفِ تسألُني عَنْ أخِلاّئِها ..
«أما عَادَ فيكمْ خَليلُ المَصَاحِفْ ؟! «
لقد سَرَق الوَقتُ أخيَارَنا ..
وإذ بهديلِ الحَمَائِمْ يَخْفُتُ ..
شَيئاً فشَيئاً ..
ويعلُو عليهِ رَنينُ الهَوَاتِفْ ..!
أشَيْخِي الجَلِيل ..
أما زِلْتَ تذْكُرُ ذاك الحَصِيرْ ..
وقْد كَانَ يَرْفَعُنا للعُلَى ..
لأنَّ الحَصِيرَ غنيٌّ فَقِيرْ ..
ويَمْضِي الزمانُ ..
وتغْدُو المَسَاجِدُ مثلَ المَتَاحِفْ ..
ثُرَيَّا ..
مَحَارِيبُ مَبنيَّةٌ مِنْ رُخَامْ ..
يُلَوِّنُها صَخَبٌ وزَخَارِفْ ..
وما كُنْتُ أعْرِفُ في مَسْجِدِ الأمْسِ ..
إلا الحَصِيرَ ..
وعُنْقُودَ نُورٍ يُدَلَّى مِنَ الخُلْدِ حِينَ نُصَلِّي ..
فتَمْتَدُّ تَأخُذُه كَفُّ قَاطِفْ ..!

أضف تعليق

التعليقات